Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا ستكون “الإقامة المميزة” في السعودية مصدر دخل للدولة ومعززة للاستثمار

عوائد متوقعة تصل إلى 10 مليارات دولار من النظام الجديد وتنشيط التدفقات

نظام الإقامة المميزة رافد من روافد الاستثمار في السعودية سيطبق خلال الخمس سنوات المقبلة ضمن استراتيجية "رؤية 2030" (رويترز)

في خضم منافسة كبيرة بين دول مجلس التعاون الخليجي من أجل الحصول على الحصة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية الوافدة، قررت السعودية- أكبر اقتصاد بالمنطقة- إقرار نظام إقامة جديد، هو الأول من نوعه ليحلّ محل نظام الكفيل المتعارف عليه بالسعودية.

قرر مجلس الوزراء السعودي الموافقة على نظام الإقامة المميزة وإنشاء مركز لتنظيم وإدارة كل ما يتعلق بهذه الإقامة، على أن يستكمل المركز إعداد اللائحة التنفيذية للنظام خلال 90 يوماً لتحديد شروط وإجراءات التقدم لحصول غير السعودي، سواء كان مقيماً داخل السعودية أو قادما من الخارج، على إقامة مميزة تتضمن المزايا التي حددها النظام لمدة سنة قابلة للتجديد أو لمدة غير محددة.

ويأتي نظام "الإقامة المميزة" ليتماشى مع ما كان قد أعلنه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن مشروع "جرين كارد"، في عام 2016، والذي سيمكّن العرب والمسلمين من العيش طويلاً في السعودية، وأنه سيكون رافداً من روافد الاستثمار في السعودية، وأنه سيطبق خلال الخمس سنوات المقبلة، ضمن استراتيجية السعودية الاقتصادية "رؤية 2030".

وفي هذا الصدد، قال خبراء ومختصون إن النظام الجديد يهدف إلى استقطاب أصحاب رؤوس الأموال ويتضمن دفع رسوم سيتم تحديدها، مما يجعلها إحدى أدوات جذب الاستثمارات وتعزيز الإيرادات العامة ومعالجة مشكلات اقتصادية مؤثرة كالتستر وتهريب الأموال خارج البلاد.

وبلغت تحويلات غير السعوديين للخارج في العام المنصرم 2018 نحو 136 مليار ريال (36.2 مليار دولار)، وتحتل السعودية المرتبة الثانية عالميا في حجم الحوالات المالية بعد الولايات المتحدة الأميركية.

إضافة نوعية إلى الاقتصاد المحلي

وقال الخبير الاقتصادي السعودي رئيس الأبحاث في شركة الراجحي المالية، مازن السديري، إن نظام الإقامة المميزة يعتبر إضافة نوعية إلى الاقتصاد المحلي في السعودية، حيث يساعد على بناء اقتصاد حقيقي واقعي، ويسهم في تقليص الاقتصاد الخفي (اقتصاد الظل)، ويمثل هذا النوع من الاقتصاد نسباً عالية من الناتج المحلي في الدول النامية، حيث يقدر بما يقارب 25% من الناتج المحلي الإجمالي بناء على تقديرات عالمية، وأخرى صادرة عن صندوق النقد الدولي.

وأضاف أن "نظام الإقامة المميزة سيمكّن السعودية من استقطاب أصحاب رؤوس الأموال، حيث يعطي الحق لفئة من المستثمرين الذين تتوافق عليهم الشروط في الاستثمار بالسعودية من دون الحاجة إلى شريك محلي"، مشيراً إلى "أن بعض المستثمرين كانوا يلجأون إلى تسجيل شركاتهم أو مشاريعهم التجارية بأسماء غيرهم من المواطنين، ما كان يشعرهم بعدم الأمان ويضطرهم إلى تحويل أموالهم أولاً بأول إلى الخارج".

وأوضح أن "النظام لا يلغي الكفيل إلا في الحالات التي تتوافق وفق ضوابط محددة، كما سيؤدي إلى تحرير جزء من الأموال لتشارك في الناتج المحلي الإجمالي والاستهلاك وتعزيز القوى الشرائية إلى جانب استقطاب الكفاءات"، لافتاً إلى أن "من بين المزايا الخاصة بالإقامة المميزة تقليص التحويلات للخارج ورفع التحويلات القادمة من الخارج".

ونوّه مازن السديري بتقارير محلية تتحدث عن عوائد قدرها عشرة مليارات دولار سنوياً ستجنيها السعودية من النظام الجديد، مما يسهم بشكل فعال في مكافحة التستر بالعمل الذي يلجأ إليه الوافدون الأجانب، وبالتالي تشجيعهم على العمل وفق القوانين ودفع الضرائب التي تعود للميزانية العامة وتوظيف السعوديين في مشروعاتهم وفق القوانين المتبعة.

توفير مورد مالي للخزينة العامة وجذب الاستثمارات

وقال المحلل والخبير الاقتصادي، فضل البوعينين إن "الإقامة المميزة تقدم فرصة لغير السعوديين للحصول على إقامة دائمة دون الحاجة لكفيل سعودي، وفق أنظمة ستحددها اللائحة لاحقا؛ وبالتالي تلغي هذه الإقامة عن طالبها شرط الكفيل السعودي؛ وبمجرد الحصول عليها فسيكون لحاملها حق التملك العقاري والاستثمار والتجارة والاستقدام لتلبية احتياج الأنشطة التجارية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "من أهم الآثار الاقتصادية للنظام الجديد توفير مورد مالي للخزينة العامة وجذب الاستثمارات وتعزيز الأنشطة التجارية والاقتصادية واستقطاب ذوي الكفاءات والمبتكرين وتحسين أنظمة التعاقد العمالية وتلبية بعض متطلبات المنظمات العمالية العالمية فيما يتعلق بحرية العمالة ومعالجة مشكلات الكفيل. كما أنها ستسهم في توطين الاستثمارات التي تدار من وافدين والتي تتسرب عوائدها إلى الخارج بسبب خشيتهم من الملاحقة القانونية؛ وستسهم أيضا في دعم الجهود الرامية لمكافحة التستر".

وبحسب البوعينين "ستعطي الإقامة المميزة حامليها الحق في الاستثمار وممارسة الأنشطة التجارية، وهذا سيزيد من تنافسية السوق بخاصة في قطاعات التجزئة والخدمات والسياحة، ومن الطبيعي أن ترتفع المنافسة بين الأنشطة الاقتصادية لتحقيق الأهداف الربحية، وهذا سينعكس على تنافسية السوق".

وقال البوعينين إن "النظام بحدّ ذاته سيرفع من تنافسية السعودية في بعض المؤشرات العمالية والاستثمارية الدولية، عملية استقطاب الكفاءات وذوي الملاءة تحتاج عمليات استقطاب منظمة من مركز الإقامة أو الحكومة بشكل عام كما يحدث في الدول المتقدمة. الانتقائية والاقتناص مهمان لتحقيق هذا الهدف. فلا بدّ من الانعكاس الإيجابي لطالبي الإقامة على السوق والاستثمار والنمو والإبداع والابتكار".

وعلى صعيد تأثير نظام الإقامة المميزة على سوق العمل، بيّن البوعينين أن "هذا النظام سيعطي المُتستَّر عليهم الحق في تصحيح أوضاعهم، وبالتالي الاستغناء عن الكفيل وممارسة نشاطهم التجاري تحت مظلة النظام.  لم يعد هناك حاجة للتستر مع إلغاء شرط الكفيل للإقامة أو ممارسة النشاط التجاري".

وينص نظام مكافحة التستر التجاري في السعودية على أنه لا يجوز لغير السعودي في جميع الأحوال أن يمارس أو يستثمر في أي نشاط غير مرخص له بممارسته أو الاستثمار فيه بموجب نظام الاستثمار الأجنبي أو غيره من الأنظمة واللوائح والقرارات.

ويعاقب المخالف لنظام مكافحة التستر التجاري بالسجن مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مليون ريال (267 ألف دولار) أو بإحدى العقوبتين.

وأضاف البوعينين "ستكون لائحة النظام الإطار القانوني للإقامة المميزة، لذا يجب التأكد من استكمالها والأخذ في الاعتبار المخاطر التي يمكن أن تنشأ مستقبلا، وأن تكون هناك فترة حضانة للدراسة الواقعية والمراجعة للتأكد من تطابق الأهداف مع المخرجات، وأن تتضمن اللائحة شرط المراجعة والقيود الواجب الالتزام بها وطريقة التخارج القانوني منها".

وبحسب بيانات هيئة الإحصاء السعودية، فإن عدد السكان غير السعوديين بلغ 12.2 مليون نسمة، وهو ما يمثل نحو 37% من إجمالي عدد السكان.

وفي مارس (آذار) الماضي، صنف تقرير نشره المنتدى الاقتصادي العالمي- ومقره سويسرا- السعودية في المركز الثالث عالميا، من حيث عدد الأجانب المقيمين فيها نسبة لعدد السكان.

العائد الاقتصادي كبير

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي السعودي، علي الجعفري، إن "العائد الاقتصادي المتوقع كبير في ظل الميزات الممنوحة لكل الجنسيات مع تقديم الإمكانيات والحوافز الضريبية ورسوم أقل من الدول الأخرى، مما يرفع درجة التنافسية التي تدعم جذب المستثمرين وأصحاب الصناعات والمهارات".

وأفاد الجعفري بأن "النظام الجديد يعطي أشخاصا معينة إقامة مميزة بغرض التملك العقاري أو المشاريع الصناعية، ويمكّن الأجانب من ممارسة كل الأنشطة التجارية داخل البلاد كالمواطنين الأصليين دون تفرقة".

وأشار إلى أن "النظام الجديد يهدف إلى محاربة التستر بأشكاله المتعددة، سواء العمالة غير المهارة أو على مستوى الصناعات الماهرة، ومحاربة الآثار السلبية على الاقتصاد في التهرب من الرسوم المفروضة أو الضرائب، لأن كلاهما لديه تخوفات من التوسع الذي في الغالب لا يتجاوز سقفا معينا مخافة كشف أمره غير القانوني".

وتوقع الجعفري نجاح النظام السعودي الجديد، "فهي إقامة محددة المدة أو غير محددة المدة يمكن تجديدها سنوياً حسب استمرار النشاط التجاري للأجنبي، وقد يساعد النظام في تأسيس ثقافة جديدة بالسعودية وظهور شراكات جديدة بين الأجانب والمواطنين، إلا أنه من الصعب القياس لأن السعودية في عملية جديدة تقاس نتائجها أولا بأول من حيث الإيرادات أو الوفر المحقق، لأنها خاضعة لظروف متغيرة سواء النمو الاقتصادي والوقت المطلوب لنشر الثقافة داخلياً وخارجيا".

رسوم واشتراطات يجب توفّرها

والنظام الجديد لا يعني حصول صاحبها على الجنسية، ولا تُمنح مباشرة إلى المواليد الأجانب في السعودية، وستمنح مقابل رسوم واشتراطات يجب توفرها.

وتتضمن شروط الحصول على الإقامة وجود جواز ساري المفعول مع وجود الملاءة المادية مع تقرير صحي وسجل جنائي نظيف، وألا يقل عمره عن 21 عاما، وأن يكون حاصلا على إقامة نظامية في السعودية، وفي حال استكمال المتطلبات الواردة يحصل على موافقة رئيس المركز على المتقدم خلال 30 يوماً بعد إبلاغه بصدور الموافقة وسداد المقابل المالي الذي تحدده اللائحة.

كما يتمتع حامل الإقامة المميزة بعدد من الحقوق وعليه عدد من الواجبات، أهمها إلغاء نظام "الكفيل"، كما أن منها الإقامة في السعودية مع أسرته وتأشيرات زيارة للأقارب واستقدام العمالة المنزلية بحسب احتياجاته وحرية الخروج من السعودية والعودة إليها ذاتياً، كما أن له الانتفاع بالعقارات الواقعة في مدينتي مكة والمدينة لمدة لا تتجاوز 99 سنة.

كما أن له العمل في منشآت القطاع الخاص فيما عدا المهن والأعمال التي يحظر على غير السعودي الاشتغال بها، ودون إخلال بالرسوم المقررة على غير السعودي، ولحامل الإقامة المميزة مزاولة الأعمال التجارية وفقاً لنظام الاستثمار الأجنبي وله امتلاك العقارات للأغراض السكنية والتجارية والصناعية فيما عدا مدينتي مكة والمدينة والمناطق الحدودية وفقاً لما تحدده اللائحة.

ويمنح النظام الجديد للمقيم مزايا الإقامة مع أسرته واستصدار أذون زيارة للأقارب واستقدام العمالة وامتلاك العقار وامتلاك وسائل النقل، كما يمنح حرية الخروج من السعودية والعودة إليها من دون إذن مسبق.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد