Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة معاهدة الأمن الجماعي تبحث تداعيات واحتمالات "إرهاب طالبان"

توقيع 20 وثيقة وبدء المناورات الثنائية والمتعددة الأطراف مواكبةً لبدء القمة المشتركة

الرؤساء المشاركين في قمة الأمن الجماعي في العاصمة الطاجيكية دوشنبه الخميس 16 سبتمبر الحالي (أ ب)

بعد سلسلةٍ من التصريحات المهادِنة والطمأنة المفعمة بقدر من "الغزل" و"المسايرة"، عادت موسكو إلى مواقف الترقب المشوبة بكثير من الحذر، لتدعو إلى قمة مع حلفائها في "منظمة بلدان الأمن الجماعي" في دوشنبه عاصمة طاجيكستان، التي تمتد حدودها المتاخِمة لأفغانستان لما يزيد عن 1300 كيلومتراً. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن مسبقاً عن مشاركته في قمة دوشنبه عبر الفيديوكونفرنس، نظراً لوجوده في "العزل الذاتي" تحسباً لاحتمالات تبعات العدوى من أحد موظفي إدارته، ممَن تعامل معهم خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي الاجتماع المشترك الذي استهلت به القمة أعمالها شارك وزراء الدفاع والخارجية وأمناء مجالس الأمن القومي في البلدان الستة الأعضاء في المنظمة وهي روسيا، وبلدان آسيا الوسطي كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، إلى جانب كل من أرمينيا وبيلاروس، ناقش المجتمعون قضايا الأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب والتعاون الدولي، على ضوء تزايد التوتر في المناطق المتاخمة للحدود الجنوبية لبلدان معاهدة الأمن الجماعي والتي تمتد عبر حدود كل من طاجيكستان وأوزبكستان. وكانت طاجيكستان طلبت مساعدة "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" في ضمان أمن حدودها التي يتعذر الوصول إليها لما تتسم به من سلاسل جبلية تزخر بالممرات السرية. وتقول المصادر العسكرية الروسية أن طاجيكستان كانت طلبت مساعدة روسيا لبناء نقاط حدودية جديدة، فيما أجرى البلدان مناورات عسكرية مشتركة، ثنائية ومتعددة الأطراف مع منظمة بلدان معاهدة الامن الجماعي، إلى جانب ما تقدمه القاعدة العسكرية الروسية رقم 201 الموجودة على الأراضي الطاجيكية من مساعدات عسكرية ولوجستية في هذا الشأن. وأضافت المصادر أن روسيا وطاجيكستان، بحثا أيضاً مزيداً من قضايا التعاون العسكري التقني، وما يتعلق بإمداد الأخيرة بالمعدات العسكرية، إلى جانب تدريب وتأهيل العسكريين لا سيما من الكوادر الشبابية. وتطرق المجتمعون في اجتماعات دوشنبه إلى قضايا الرد السريع تحسباً لاحتمالات التعرض لتهديدات إرهابية، وخلص وزراء دفاع البلدان الستة إلى اتخاذ قرار بإجراء مناورات جديدة في روسيا في ميدان "دونغوز" للمناورات العسكرية في عام 2021، وهي المناورات التي سيُطلَق عليها اسم "مهمة السلام 2021"، وسيجرى تخصيصها لمواجهة أساليب العمليات التخريبية التي عادةً ما يستخدمها الإرهابيون، الى جانب التدريب على أساليب مواجهة الطائرات بدون طيار، والتصدي لاحتمالات الهجمات باستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. ومن المقرر أيضاً اجراء المناورات التي ستشارك فيها القوات المسلحة لدول منظمة معاهدة الأمن الجماعي على أراضي طاجيكستان.


لا شروط

وتعليقاً على أعمال قمة دوشنبه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لا تفرض أي شروط على حركة "طالبان"، لكنها تراقب كيف تنفذ الحركة وعودها. وعلى الرغم من تأكيده أنه "لم يمضِ ما يكفي من الزمن للتوصل إلى استنتاجات محددة بشأن حكومة أفغانستان الجديدة"، لكنه أعرب عما هو أقرب إلى الارتياح تجاه ما أعلنته طالبان عن أنها ستبذل جهداً من أجل مكافحة الإرهاب، ومن أجل الحيلولة دون تهريب المخدرات، فضلاً عن العمل على درء انطلاق أي أعمال إرهابية من أراضي أفغانستان إلى الحدود المجاورة. وأضاف لافروف أن "بلدان منظمة معاهدة الأمن الجماعي لا تتعجل الاعتراف بحكومة طالبان، وأنها تظل معارضة لأي محاولات تستهدف إقامة أي قواعد عسكرية اجنبية في مناطق آسيا الوسطى، الى جانب معارضتها أيضاً لإقامة أي معسكرات لإيواء النازحين من أفغانستان في أراضي البلدان المجاورة". وأضاف أن بلاده "لن تتحمل مسؤولية أزمات الهجرة المحتملة الناجمة عن تصرفات الغرب". وكشف الوزير الروسي عن أن بلاده تواصل اتصالاتها مع حركة طالبان بشأن القضايا المتعلقة بإزالة الأخطار التي تهدد جيرانها في آسيا الوسطى. وكان زامير كابولوف، الممثل الشخصي للرئيس الروسي للعلاقات مع أفغانستان، أكد أن موسكو "تخطط لتحسين العلاقات مع طالبان التي تظل روسيا تصنفها كحركة إرهابية محظور نشاطها على الأراضي الروسية". وأضاف المسؤول الروسي أن بلاده "بحاجة إلى الحفاظ على اتصالات بناءة مع أي حكومة في أفغانستان"، فيما أعرب عن أمله في ألا يستخدم طالبان والمدنيون في أفغانستان الأسلحة التي خلفها الجيش الأميركي لشن حرب أهلية".

ومع بدء انعقاد جلسات القمة المشتركة لمنظمتي "بلدان معاهدة الأمن الجماعي"، و"شنغهاي للتعاون" خلال 16 و17 سبتمبر (أيلول) الحالي، عكف خبراء الشؤون السياسية والعسكرية في بلدان الفضاء السوفياتي السابق على دراسة تبعات وصول حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان. وفي هذا الصدد، تناولت صحيفة "ازفيستيا"، التحديات الأمنية التي يفرضها وصول طالبان إلى الحكم. وفي مقال نُشر في هذا الشأن، أشار معلق الصحيفة إلى أن "بلدان منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، مدعوةً إلى اتخاذ موقف مشترك بشأن الوضع في أفغانستان خلال قمتَي 16 و17 سبتمبر". ونقلت "ازفيستيا" عن فيكتور فودولاتسكي، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون منظومة بلدان الكومنولث (السوفيتية السابقة) والتكامل الأوراسي والعلاقات مع المواطنين الروس فيها، ما قاله حول أن "منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة بلدان معاهدة الأمن الجماعي، تضم إلى جانب روسيا، البلدان التي تحد أفغانستان مباشرةً، ولذا من الطبيعي أن تهتم روسيا بأمن هذه البلدان. ومن الواجب خلال الاجتماعات وضع نظام موحّد ومقاربة موحّدة لما يحدث في أفغانستان من أجل منع تنامي عدم الاستقرار وتقوية الجماعات المتطرفة في دول الجوار، إلى جانب بحث السبل المناسبة لتأمين أمن واستقرار الأوضاع على الحدود مع أفغانستان". وحول القضية نفسها، قال كبير الباحثين في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير سوتنيكوف، في تصريحاته إلى صحيفة "ازفيستيا"، إن "عدم مشاركة موسكو وبكين في اجتماع مجموعة السبع يرجع أيضاً إلى حقيقة أن هذه المجموعة لا تعترف ولا تنوي الاعتراف بالنظام في كابول، بينما تعده روسيا والصين سلطة واقعية، مع عدم الاعتراف رسمياً به".

متابعة الوضع في أفغانستان

وفي هذا الصدد كتب ستانيسلاف إيفانوف، في مجلة "كوريير" للصناعات العسكرية، أن روسيا وخمس جمهوريات سوفيتية سابقة في آسيا الوسطى (بلدان منظمة معاهدة الأمن الجماعي) تواصل متابعة الأحداث المصيرية في أفغانستان والمنطقة باهتمام وقلق كبيرين. وأشار ايفانوف إلى أن "الشعب الأفغاني متعدد القوميات، وحسب تقديرات بعض الخبراء أُتيحت له أخيراً، فرصةً لاتخاذ قرار بشأن بنية الدولة ونظام السلطة". وأضاف أن هؤلاء الخبراء "يتوقعون أن تكون طالبان أخذت في الاعتبار أخطاء ونواقص فترة حكمها في عام 1996 وحتى عام 2001، وأن تحاول الحكم بطريقة أكثر حضارية". وقال إنه لا يستبعد في الوقت نفسه أن تكون طالبان قادرة على الالتزام الكامل بالوعود التي قطعتها في الدوحة، لمنع تنظيم القاعدة وداعش والجماعات الإرهابية المماثلة من العمل في البلاد". ومضى الكاتب الروسي في تفاؤلاته إلى الحد الذي قال فيه إن "مخاوف الخبراء من وصول طالبان إلى السلطة في كابول تبدو وكأن لا أساس لها". وبرر ما خلص إليه قائلاً إن "حركة طالبان المتطرفة والجماعات الإسلامية المرتبطة بها، مثل دولة خراسان الإسلامية، والحركة الإسلامية في أوزبكستان، ناهيكم عن تنظيم داعش أو القاعدة، بطريقة أو بأخرى، ستسعى إلى التوسع عقائدياً وبصورة مباشرة في آسيا الوسطى". وأكد ستانيسلاف ايفانوف انه "يمكن لطالبان وببساطة، طرد هذه الجماعات من أفغانستان كمنافسين وخصوم لها في الصراع على السلطة. وقد تفرض نفسها، قضية إعادة توحيد الشعوب التي تفصل بينها حدود الدولة على جدول الأعمال. فقد لجأ آلاف الطاجيك والأوزبك من أفغانستان إلى طاجيكستان وأوزبكستان".

تأمين الاستقرار

وفيما تواصل روسيا والصين محاولات حشد الجهود اللازمة لتأمين استقرار الأوضاع في المنطقة، انطلاقاً من اعتبار وصول حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان أمراً واقعاً، نقلت وسائل الإعلام الروسية عن الرئيس الأميركي جو بايدن تعليقاته التي قال فيها إن موسكو وبكين ومعهما إيران وباكستان ستعمل من أجل التوصل إلى اتفاق مع السلطة الجديدة في أفغانستان". أما عن احتمالات تمويل الصين لحركة طالبان، قال بايدن إنه يستبعد ذلك "نظراً لوجود مشاكل حقيقية مانعة"، وإن أشار إلى أن "الصين ستحاول التوصل إلى نوع من الاتفاق مع المسلحين". وتقول المصادر الروسية إن المشاورات ستتواصل بين موسكو وشركائها في المنظمات الإقليمية والدولية من أجل تنسيق الجهود الرامية إلى احتواء كل احتمالات الاخطار التي قد تنجم عن عدم الاستقرار في أفغانستان، فيما قالت الحكومة الروسية إن الاعتراف بهذه الحركة المحظور نشاطها في موسكو يتوقف بالدرجة الأولى على ما ستتخذه من إجراءات وقرارات تتسق مع ثوابت الأمن والاستقرار في المنطقة وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب والحيلولة دون تهريب المخدرات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان المجاورة، وإن أكدت أنها "لا تتعجل ذلك"، وأن "هذا الموضوع لا يزال سابقاً لأوانه". وفي هذا الصدد، نقلت وسائل الإعلام الروسية ما أعلنته الإدارة الأميركية حول أنها تناقش مسألة الاعتراف بطالبان مع حلفائها وشركائها حول العالم، من منظور ما أشار إليه أنتوني بلينكين وزير الخارجية، حول أن طالبان يجب أن "تكتسب" الشرعية، انطلاقاً من "ضرورة احترام الحقوق الأساسية للشعب الأفغاني، بما في ذلك حقوق المرأة، وكذلك محاربة الإرهاب والتخلي عن القمع وتشكيل حكومة شاملة"، في الوقت الذي نقلت فيه عن بايدن قوله إن "طالبان" ما زالت "بعيدة جداً".

المزيد من متابعات