Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أخنوش يتجه نحو إرساء ائتلاف حكومي مع "الأصالة والمعاصرة" في المغرب

"العدالة والتنمية" يعتذر عن المشاركة في المشاورات و"الاشتراكي" متجه نحو المعارضة

أخنوش (يسار) مستقبلا وهبي قبيل اجتماعهما في الرباط في 13 سبتمبر الحالي (أ ف ب)

بعد أسبوع على إجراء الانتخابات العامة في المغرب، واصل زعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار" عزيز أخنوش مشاوراته مع الأحزاب في سبيل تشكيل ائتلاف حكومي، وكانت تلك الانتخابات عصفت بحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي بعد قيادته الحكومة عشر سنوات، فواجه سخطاً شعبياً بسبب سوء تدبير المرحلة التي زادت جائحة كورونا من شدة تحدياتها.

مشاورات مكثفة

وبعد أن أسفرت نتائج الانتخابات العامة التي جرت في 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن تصدر حزب "التجمع الوطني للأحرار" النتائج بحصوله على 102 مقعد في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، تلاه حزب "الأصالة والمعاصرة" بـ86 مقعداً، بينما حلّ "حزب الاستقلال" ثالثاً بحصوله على 81 مقعداً، وحزب "الاتحاد الاشتراكي" رابعاً بـ35 مقعداً، يحاول زعيم الحزب المتصدر عزيز أخنوش، تشكيل حكومة جديدة عبر إجرائه جولة مكثفة من المشاورات مع مختلف الأحزاب، وذلك في سبيل الوصول إلى اتفاق مع بعضها يضمن إقامة ائتلاف حكومي منسجم.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس كلّف أخنوش، الجمعة الماضي، بتشكيل الحكومة وفق الدستور الذي ينص على تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر الانتخابات.
وأعلن أخنوش عقب سلسلة مشاورات أجراها مع زعماء بعض الأحزاب، الأربعاء 15 سبتمبر(أيلول) الحالي، أنه وبعد استقباله مباشرة من قبل الملك محمد السادس وتكليفه تشكيل الحكومة، بدأ بالتحاور مع الأحزاب، مشيراً إلى اعتذار حزب العدالة والتنمية في شخص أمينه العام، رئيس الوزراء السابق سعد الدين العثماني عن المشاركة في تلك المشاورات، كما أن "الحزب الاشتراكي الموحد" أبلغه بشخص أمينته العامة نبيلة منيب، أن موقعه هو في المعارضة.
وأكد أخنوش أن المشاورات التي أجراها كانت "مهمة ومثمرة"، قدم خلالها قادة الأحزاب تصورهم وتقديرهم لهذه المرحلة، معلناً انتهاء الجولة الأولى من تلك الاجتماعات، ومشيراً في الوقت ذاته إلى استمرارها حتى التوصل إلى ملامح أغلبية حكومية خلال الأسبوع المقبل.

ملامح الائتلاف

من جانبه، أوضح عضو المكتب السياسي لحزب "التجمع الوطني للأحرار"، رشيد الطالبي العلمي، أن "مشاورات تشكيل الحكومة ستضم مختلف الأحزاب التي حصلت على مقاعد في البرلمان"، وأن "البرنامج الحكومي المقبل سيكون جلّه مستمداً من برنامج الحزب وبرامج الأحزاب التي تتقاطع معه في الرؤى والأفكار".

من جانبه، اعتبر الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة"، عبد اللطيف وهبي، عقب اجتماعه بأخنوش، أن "الانتخابات الأخيرة لم تشكل نقلة نوعية في ترسيخ المسار الديمقراطي للبلاد وحسب، بل وجهت كذلك رسائل ديمقراطية داخلية، واختارت بوضوح أغلبية سياسية مكونة من ثلاثة أحزاب فقط، قد تشكل في حالة نجاح المشاورات، أرضية مواتية وغير مسبوقة لتشكيل تحالف سياسي مشروع ومنسجم، اختارته الصناديق بكل ديمقراطية وحرية وشفافية"، مؤكداً أن "العملية الانتخابية الأخيرة فرضت ضرورة احترام اختيارات الشعب المغربي وضرورة التحلي بالحس الديمقراطي، والعمل على تدشين مرحلة سياسية جديدة تخضع للنتائج الانتخابية". ورأى وهبي أنه "مع إعلان نتائج الانتخابات تكون المواقع داخل المؤسسات المنتخَبة للولاية السابقة قد انتهت، وانطلقنا في تأسيس مرحلة جديدة، بمواقع جديدة، وخريطة سياسية جديدة، حددها الناخب المغربي"، مضيفاً "نؤكد أننا تجاوزنا صراع المواقع مع حزب التجمع الوطني للأحرار، ودشنا مرحلة جديدة برسائل إيجابية جيدة من هذا الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات والمكلف بتشكيل الحكومة، ونعمل حالياً على دراستها والتفاعل معها بإيجابية أكبر، خدمة للصالح العام وترسيخاً للاختيار الديمقراطي في بلادنا".

حزب السلطة

وينتمي حزب "التجمع الوطني للأحرار" إلى دائرة "الأحزاب الإدارية" التي أسهمت الدولة في إنشائها، وخصوصاً خلال فترة السبعينيات والثمانينيات، من أجل إحكام قبضتها على الحياة السياسية المغربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأنشئ ذلك الحزب في عام 1978، على يد أحمد عصمان، صهر الملك الراحل الحسن الثاني، والذي شغل منصب رئيس الوزراء بين عامَي 1972 و1979، مستقطباً الطبقة البرجوازية والأعيان ورجال الأعمال. وتم في عام 2010 انتخاب السياسي المغمور، صلاح الدين مزوار، أميناً عاماً لـ"التجمع الوطني للأحرار" بعد إطاحة سلفه مصطفى المنصوري. وإثر اندلاع احتجاجات حركة 20 فبراير (شباط) في عام 2011، تزعم مزوار "مجموعة الثمانية" التي ضمت 8 أحزاب، وكان الهدف منها قطع الطريق على الإسلاميين وتصدر المشهد السياسي في البلاد، إلا أن رياح ما عُرف بـ"الربيع العربي" جاءت بما لا تشتهيه سفن تلك المجموعة، حيث حملت صناديق الاقتراع خلال الانتخابات المبكرة لعام 2011 حزب "العدالة والتنمية" إلى الصدارة وتزعم الحكومة، فيما تراجع "حزب التجمع الوطني للأحرار" بحصوله على 25 مقعداً في البرلمان، فقرر بذلك الانضمام للمعارضة، إلا أنه عاد إلى الحكومة في عام 2013 إثر انسحاب "حزب الاستقلال" من الائتلاف الحكومي. وفي عام 2016 انتُخب عزيز أخنوش أميناً عاماً للحزب.
وتعهد "حزب التجمع الوطني للأحرار" في برنامجه للانتخابات العامة الأخيرة، بخلق مليون فرصة عمل بهدف دعم المجال الاقتصادي المتضرر من جائحة كورونا، إضافة إلى توسيع مجال التأمين الصحي ليشمل كل المواطنين، إضافة إلى تحسين وضعية المعلمين، وتقديم دعم مالي للمتقاعدين والمسنين.

 تعطيل تشكيل الحكومة

إثر الانتخابات التشريعية لعام 2016، واصل حزب "العدالة والتنمية" تصدر المشهد السياسي في المغرب، بينما كان حزب التجمع عمل على خلق تحالف يضم خمسة أحزاب، شكل منطلقاً لإصرار أخنوش على إقصاء حزب الاستقلال من عملية تشكيل الائتلاف الحكومي، ما تسبب في تعطيل التشكيل (ما سُمي محلياً البلوكاج)، إذ تمسك رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بنكيران برأيه الرافض لشروط أخنوش.
وبعد تعطيل دام خمسة أشهر، أعفى ملك المغرب، رئيس الحكومة من مهمة التشكيل، وعيّن الرجل الثاني في "العدالة والتنمية" سعد الدين العثماني بدلاً منه، وتمكن الأخير بعد الرضوخ لشروط زعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار"، من تشكيل الائتلاف الحكومي، الذي استمر فيه أخنوش في منصب وزير الفلاحة والصيد البحري الذي عُين فيه منذ عام 2007.

المال والسلطة

ويمتلك عزيز أخنوش، المقرب من القصر، مجموعة "أكوا" القابضة التي تضم أكثر من 40 شركة عاملة في مجالات الوقود والغاز والعقار والأوكسجين الطبي وتشغل حوالى 10 آلاف عامل. صنفته مجلة "فوربس" خلال عام 2021 في المرتبة 13 في لائحة المليارديرات العرب، بثروة قُدرت بـ1.9 مليار دولار، وفي المرتبة 1664 على مستوى العالم.
يسوق أخنوش لنفسه على أنه رجل المرحلة القادر على إيصال البلاد إلى بر الأمان، إلا أن منتقديه يتهمونه بكونه رجل الأعمال الذي تنقصه الحنكة السياسية.
عمل منذ توليه زعامة "التجمع" على إعادة هيكلة الحزب، ما أسهم بفوزه في الانتخابات الأخيرة، وعانت شركته العاملة في مجال الوقود "أفريقيا" من حملة مقاطعة شعبية في عام 2018، وجهت لثلاث شركات بسبب غلاء الأسعار. كما تعرض أخنوش لموجة انتقادات بسبب ما سُمي محلياً "زواج المال والسلطة"، على اعتبار وضعية تضارب المصالح التي وجِد فيها، إذ يجمع بين العمل في المجال التجاري وتولي عضوية الحكومة. كما تم اتهامه بالربح غير الأخلاقي بسبب عدم تخفيضه أسعار الوقود، وذلك في أعقاب قرار المغرب تحرير أسعار المحروقات في عام 2015. وقدر تقرير برلماني أرباح شركات الوقود العاملة في المغرب بـ1.8 مليار دولار منذ تحرير الأسعار.  

المزيد من العالم العربي