Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسير العارضة يروي تفاصيل اعتقاله ومعاناته خلال 5 أيام من الحرية

أمل بلقاء والدته وتعرض للحرمان من النوم والتعذيب والإهانات والشتائم في غرف التحقيق الإسرائيلية

شقيق الأسير محمد العارضة واقفاً أمام صورة لأخيه في بلدته عرابة قرب جنين شمال الضفة الغربية (أ ف ب)

"مُنهك، غير قادر على المشي، مُكبّل اليدين والرجلين، مُحاط بعشرات الحراس، وقد بدت آثار التعذيب والاعتداء على رأسه وجبينه"، بهذه الكلمات وصف خالد محاجنة، محامي الأسير الفلسطيني محمد العارضة في حديث مع "اندبندنت عربية"، اللحظات الأولى من وصول الأسير إلى الغرفة المخصصة للقائه بعد منتصف ليلة الثلاثاء – الأربعاء، 15 سبتمبر (أيلول) الحالي، بعد محاولات عديدة للاطلاع على وضعه واللقاء به وببقية الأسرى الذين هربوا من سجن جلبوع عبر النفق، وألقي القبض عليهم.

في غاية الإرهاق

كان العارضة قد ضبط مع الأسير زكريا الزبيدي، في حقول زيتون في منطقة أم الغنم بالقرب من جبل الطور في الشمال، حيث كانا مُرهقين ونائمين. وبحسب ما روى العارضة لمحاميه، فإنهما كانا في غاية الإرهاق عند ضبطهما، بعد أن بقيا يومين من دون ماء في حقول الزيتون. وقال، "وصلت قوة كبيرة جداً من الجيش والشرطة، وكنت مختبئاً خلف سيارة شحن، ولم يرنا أي منهم، ولكن لسوء الحظ مد أحد رجال الشرطة يده من خلف سيارة الشحن لإجراء بحث اعتيادي فأمسك يدي، حاولت الهرب، لكني لم أقدر". هكذا روى العارضة لحظات اعتقاله، مضيفاً أنه على الرغم من أنه لم يقاوم، فإن أحد رجال الجيش أمسك رأسه، ورطمه بالصخر، ثم واصل ضربه بشكل مبرح.


فصل العارضة عن زبيدي

نُقل العارضة وزكريا الزبيدي، فور ضبطهما، إلى مركز التحقيق في مدينة الناصرة. وذكر العارضة، "فور وصولنا إلى هناك انفصلنا عن بعض، ولم أعد أعلم شيئاً عن زكريا. أحاط بي العشرات من عناصر الأمن والمحققين، وانهال بعضهم بالضرب المبرح عليّ، ثم قاموا بتعريتي كلياً وتركوني بهذا الوضع لساعات عدّة، حتى حان وقت نقلي إلى هنا، فأحضروا إلى شالاً بدل ملابسي الداخلية، واقتادوني بقوة، وسحبوني بسرعة من دون أن أكون قادراً على المشي بسبب التكبيل".


تحقيق مُضنٍ

لساعتين فقط قبل لقاء محاميه، سُمح لمحمد العارضة بالنوم داخل زنزانة بمساحة مترين في متر، حيث لا ضوء ولا شمس، ولا حتى مجال للاستلقاء. وبحسب ما روى العارضة، فمنذ اعتقاله لم ينم سوى عشر ساعات كحد أقصى، إذ تعرض للتحقيق لساعات متواصلة في الصباح والظهر، وبعد منتصف الليل. ورفضوا تقديم العلاج له على الرغم من إصابته في رأسه وجبينه.
عشرات المحققين يتناوبون على التحقيق معه، ويحاولون مساومته بتهم أمنية، مثل التخطيط لعملية عسكرية بعد خروجه مع الآخرين من النفق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


نريد الحرية

قال العارضة، "خمسة أيام ونحن نتجول في شوارع بلدات فلسطينيي 48، وحقول وبساتين مرج بن عامر، لو أردنا تنفيذ عملية لكانت مسألة سهلة جداً، لكننا هربنا من السجن لأننا نريد الحرية والتجول أينما نريد بحرية بعيداً عن الزنازين والسجون". ويقول المحامي خالد محاجنة، إن العارضة حدّثه حول مشاعره هذه، وهو يعيش على أمل أنه سيتحرر يوماً ما. وروى العارضة، "خمسة أيام من الحرية تجولنا خلالها من دون قيود، وتناولنا الصبير، الذي لم أتذوقه منذ 20 سنة. خلال فترة وجودنا داخل الحقول كان طعامنا ما عثرنا عليه هناك، حتى إننا تناولنا الزيتون الأخضر، ولم يكن أمامنا أي مجال للحصول على طعام". وأضاف، "في اليومين الأخيرين، وخشية ضبطنا، بقينا في كروم الزيتون، ولم نخرج إلى منطقة مفتوحة. لم نجد الطعام والماء، وهذا ما أرهقنا جداً، ولم يمكننا من الاستمرار بالمشي والتوجه إلى أماكن آمنة لنا".
وعلى الرغم من عدم سماح محكمة الصلح في الناصرة لمحامي العارضة بلقائه والتحدث إليه، فإن الأسير المُعاد إلى الزنزانة بعد حرية خمسة أيام التزم الصمت، وفي ما عدا أجوبة سطحية وقليلة، لم يتجاوب مع المحققين، وهذا ما كان يثير غضبهم.
وأفاد العارضة بأن المحققين حاولوا معرفة تفاصيل، ولو قليلة، عن حفر النفق، لكنهم لم يحصلوا على كلمة واحدة، وهذا يغضبهم.

راديو صغير لتتبع الاخبار

ونقل محاجنة في بيان لهيئة (شؤون الأسرى والمحررين) التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، نقلته رويترز عن العارضة قوله "لم يكن هناك مساعدة من أسرى آخرين داخل السجن، وأنا المسؤول الأول عن التخطيط والتنفيذ لهذه العملية".
ويضيف العارضة (46 عاما) المعتقل منذ عام 1996 والمحكوم عليه بالسجن المؤبد "كان لدينا خلال عملية الهرب راديو صغير وكنا نتابع ما يحصل في الخارج".
واستعرض العارضة بحسب البيان مراحل عملية الهروب قائلاً "حاولنا قدر الإمكان عدم الدخول للقرى الفلسطينية في مناطق 48 (إسرائيل) حتى لا نعرض أي شخص لمسائلة".
وأضاف "كنا الأسرى الستة مع بعضنا حتى وصلنا قرية الناعورة (في إسرائيل) ودخلنا المسجد، ومن هناك تفرقنا كل اثنين... حاولنا الدخول لمناطق الضفة ولكن كانت هناك تعزيزات وتشديدات أمنية كبيرة".
وأضاف "تم اعتقالنا (مع زميله يعقوب قادري) صدفة ولم يبلغ عنا أي شخص من الناصرة، حيث مرت دورية شرطة وعندما رأتنا توقفت وتم الاعتقال".
وقال "أطمئن والدتي عن صحتي، ومعنوياتي عالية، وأوجه التحية لأختي في غزة"، واصفاً ما حدث بأنه "إنجاز كبير" رغم القبض عليه وعلى ثلاثة من زملائه بينما تواصل قوات الأمن الإسرائيلية البحث عن الإثنين المتبقبين.
وذكرت الحكومة الإسرائيلية أن القبض علي الهاربين جاء بعد إبلاغ مواطنين عن أماكنهم.

الأمل بلقاء الوالدة

كان أمل العارضة أن يلتقي والدته، هكذا قال لمحاميه، خالد محاجنة، لكن أمله كبير في عدم القبض على زميليه مناضل نفيعات وأيهم كممجي، وفي الوقت ذاته يمني النفس بأن تتدخل الهيئات الحقوقية وكل الجمعيات ذات الشأن لوضع حد لفترة التعذيب التي يمر بها. ويتوقع أن الأسرى الثلاثة الآخرين يواجهون ذات أساليب التحقيق والتعذيب.

يشار هنا إلى أن المحامي أفيغدور فيلدمان سيزور خلال يوم الأربعاء (15 سبتمبر)، كما هو متفق عليه مع مصلحة السجون، الأسير زكريا الزبيدي على أن يتم ترتيب زيارات للأسيرين محمود العارضة ويعقوب قادري.

ومنذ الثلاثاء 14 سبتمبر، وحتى فجر الأربعاء، أجرت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية معززة بعناصر أمنية وطائرة عمودية وطائرة من دون طيار، أعمال تمشيط وبحث عن الأسيرين كممجي ونفيعات في مرج بن عامر. وتم اقتحام مبانٍ وأحياء في الناصرة ويافة الناصرة وبلدات عربية أخرى بحثاً عنهما، دون جدوى.
ويفترض مع دخول اليهود إلى ما هو معروف بـ"يوم الغفران"، مساء الأربعاء، التوقف عن البحث، حيث إن من طقوس هذا اليوم عدم الخروج من البيت والعمل، ولن تكون هناك إمكانية لأي شخص لتنفيذ أي مهمة متوجبة عليه.

المزيد من متابعات