Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الظواهري يذكر "طالبان" بدور "القاعدة" في تحرير بلادهم!

زعيم التنظيم المتطرف يجدد مزاعم سلفه بأن "الطريق إلى فلسطين يمر عبر أفغانستان" وأن الأميركيين لن ينعموا بالأمان

أيمن الظواهري في الفيديو الذي بثته القاعدة على الإنترنت (مواقع تابعة للتنظيم)

عاد زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري إلى مخاطبة الجماهير المتطرفة مجدداً في شريط أشبه بنشرة أخبار، تضمنت التعريف بنشاط فروع حركته في بلدان عدة، ولكن في سياق ما قال إنه دفاع عن فلسطين التي حمل التسجيل عنواناً رمزياً لها، وهو "القدس لن تهوّد".

وحاول الرجل الذي اعتقد كثيرون أنه لقي حتفه أو أقعده المرض أن يركب موجة المواجهات التي شهدتها القدس قبل أشهر، لاستقطاب الجماهير المتعاطفة مع القضية، مدعياً أن جميع قتال حركته منذ نشأتها إنما كان من أجل تحرير فلسطين، بما في ذلك مواجهة ملهم التنظيم الأول عبدالله عزام الاتحاد السوفياتي في أفغانستان.

"ها هي أميركا تخرج منكسرة"

ومع أن الفيديو الذي اجتهدت "القاعدة" في جودة إنتاجه وترجمته إلى اللغة الإنجليزية جاء فيه ذكر أفغانستان عابراً، إلا أنه حمل دلالات كافية لمغازلة عاطفة الأفغانيين، الذين اشتهروا باحترامهم المشاركين في طرد المحتل السوفياتي، إذ ظلوا يقدمونهم على غيرهم حتى اليوم، فأشار المتكلم في سياق حديثه عن القتال من أجل فلسطين، إلى أنه كان طريق الأفغان في الخلاص من المحتلين السابقين السوفيات والأميركيين الذين تمكنوا من إخراجهم من بلادهم بعد احتلالها، من دون الاستفاضة في مزيد تفاصيل الانسحاب الأميركي الأخير من أفغانستان، مما رجح الاعتقاد بأن الخطاب جرى تسجيله في وقت مبكر من مفاوضات "طالبان" مع الأميركيين، قبل الشروع في الانسحاب النهائي في يوليو (تموز) الماضي.

وقال "جاء تسعة عشر مجاهداً من أسود الإسلام فطعنوا أميركا في قلبها طعنةً لم تذقْ مثلها، وها هي تخرج من أفغانستان منكسرة بعد حرب 20 سنة، بفضل الله ومنته"، قبل أن يأخذ رئيس فرع "القاعدة في المغرب الإسلامي" يوسف العنابي دوره في التعليق، مضيفاً أن في "الأفغان أسوة حسنة، لما نبذوا الخلافات والنزاعات، واجتمعوا تحت راية واحدة، وقيادة واحدة... نصرهم الله وهزم عدوّهم، حتى نزل على شروطهم صاغراً، وها هو ..."ترمب" الذي طرح مشروع صفقة القرن في فلسطين يحني جبهته ليأخذ صفعة القرن في أفغانستان لأنّ الأفغان عرفوا الأميركان واللغة التى يفهمونها".

أين يوجد الظواهري؟

لكن العارفين بمكر الظواهري يستطيعون تلمس خيوط مآربه، فالتسجيل الذي اعتاد أن يبثه في حلقة واحدة لضخ الدماء في أتباع التنظيم؛ قال هذه المرة إنه يتضمن جزءاً أول فقط، بينما الجزء الثاني سيتم بثه لاحقاً، مما يرجح أنه أراد تخصيص الجزء التالي لأحداث الانسحاب الأميركي بعد وقوعه، من دون قول ذلك بصراحة، لإيهام الجماهير بأن تسجيله أحدث مما هو عليه في الواقع.

وفي هذا السياق يمكن أيضاً فهم استعادته لما يشبه تاريخ التنظيم ابتداء بعزام مروراً ببن لادن وقسمه الشهير ضد الأميركيين، وتأكيد عزام أن طريق فلسطين يمر عبر أفغانستان، مما قد يعني أن التنظيم لا يزال معنياً بالمنطقة الأفغانية ومحيطها وأنه شريك في النصر الذي أحرزته، على الرغم من نفي حركة "طالبان" على لسان المتحدث باسمها سهيل شاهين أن يكون الظواهري موجوداً في أفغانستان بعد خروجه في التسجيل الأخير. وبحسب التكهنات فإن الظواهري لا يزال يتردد بين الحدود الأفغانية والباكستانية، هذا إن لم يكن في ضيافة النظام الإيراني مع بقية قيادات التنظيم الكبار مثل سيف العدل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان المسؤول الأول في "القاعدة"، قال إن عبدالله عزام كان أعرف الناس بعلاقة أفغانستان بفلسطين عندما قال "إن منهجنا هو تحرير أفغانستان، نعم لا بد من تحرير أفغانستان، لأنه جزء من ديننا وفرض لازم في أعناقنا، وأن نحرر بيت المقدس... إن الذين يظنون أن الجهاد في أفغانستان هو إغفال للقضية الإسلامية في فلسطين، هؤلاء واهمون غافلون، لا يدركون كيف تعد القيادات وكيف تبنى الحركات، وكيف تؤسس النواة ليتجمع حولها الجيش الإسلامي الكبير".

وأورد استطراد عزام بالقول "نحن مشغولون بأفغانستان، ويجب علينا أن نساعد الشعب المسلم المجاهد في أفغانستان، ويجب علينا أن نطهر أرض أفغانستان... إن أفغانستان هي فلسطين وفلسطين هي أفغانستان والشجى يبعث الشجى".

انتقاد حمد بن جاسم

وفي خطوة بدت نادرة من التنظيم تناولت أحد المسؤولين القطريين السابقين بالنقد وهو الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في سياق الاستشهاد على مزاعمها بأن العرب فرطوا في قضيتهم الأولى من أجل السلام مع إسرائيل، ونقلت مضامين حوار لآل ثاني مع إحدى وسائل الإعلام الأجنبية، جاء فيه قوله "ليس بيننا أي خلاف في محاربة الإرهاب، وليس بيننا أي خلاف في مواجهة أي تحد يهدد استقرار المنطقة، بخاصة بين إسرائيل وجيرانها، وأتمنى رؤية الإسرائيليين، في قطر وفي السعودية وفي مصر وفي كل مكان، كما أتمنى رؤية القطريين أو العرب في إسرائيل، أظن أن هذا هو الهدف النهائي، الذي نسعى له جميعاً".

وعلى الرغم من أن الشيخ حمد لا يمثل منصباً رسمياً في الدولة القطرية حالياً، إلا أن انتقاده الصريح، ربما يعني أن "القاعدة" بدأت تضيق بموقف الدوحة في تقريب "طالبان" على حساب التنظيم الذي يرى الكثيرون أنه استفاد من منابر الإمارة الخليجية في توسيع دائرة خطابه أثناء مطاردته بعد 11 سبتمبر (أيلول).  

وبين الانتقادات التي وجهت إلى "القاعدة" في السابق، أنها ظلت تستخدم قضية القدس وفلسطين، إلا أنها بدلاً من مواجهة الإسرائيليين وجهت سلاحها إلى الدول الإسلامية والغربية التي يتواجد فيها مسلمون، مما ألحق بالمدنيين من المسلمين وغيرهم أضراراً كبيرة، أكثر من التي لحقت بالقوى العسكرية.

أهم الأهداف التي يرى المحللون أن التسجيل الجديد للظواهري حاول التأكيد عليها، إبراز أن التنظيم لا يزال حياً وقادراً على تنفيذ العمليات، إذ استعرض الفيديو نشاط "القاعدة" في كل الفروع، بالمغرب الإسلامي، والجزيرة العربية، وأفريقيا السمراء، خصوصاً في الصومال التي حيّا جماعتها على هجومها على قاعدة أميركية في خليج "ماندا" في كينيا، وبث مشهداً للعناصر المهاجمة وهي تعتمر عصابة رأس مكتوب عليها "القدس لن تهود".

لكن أيمن تحاشى الإشارة إلى فرعه في شبه القارة الهندية، وإن لفت في إشاراته الخطابية إلى "كشمير"، مما قد يفهم منه محاولة إبعاد الأضواء عن تلك المنطقة، حيث تواجه "طالبان" حليفته ضغوطاً دولية متزايدة للبراءة من "القاعدة" وطردها من أفغانستان، إلا أن الظواهري لم يغفل التنويه بالمقاتلين في وزيرستان الحدودية بين أفغانستان وباكستان في السياق التاريخي.

11 سبتمبر قد تتكرر

وكان الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد لفت في معرض حديثه عن ذكرى "11 سبتمبر" العشرين، إلى أن "القاعدة" لا تزال قادرة على القيام بتكرار الهجوم الإرهابي، طالما بقيت فكرتها حية، قبل أن يخرج الظواهري ليحاول التأكيد على الأمر نفسه.
ولفت الراشد في مقالة له في صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، بعنوان "11 سبتمبر قد تتكرر"، إلى أن "القاعدة" بعد عقدين من مواجهتها ازداد عدد مقاتليها ومساحات انتشارهم توسعت، والتجنيد مستمر، وأسلحتهم تطورت. موجودون في معسكرات تدريب وقتال في أفغانستان وسوريا والعراق واليمن والصومال وآسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا وأوروبا، وشبكتهم توسعت، هناك "القاعدة في المغرب"، و"القاعدة في جزيرة العرب"، وتنظيم "الشباب"، و"أنصار الشريعة"، و"القاعدة في سيناء"، و"القاعدة في شبه القارة الهندية"، و"هيئة تحرير الشام"، وتنظيم "حراس الدين"، إضافةً إلى حركة أوزبكستان، و"الحزب الإسلامي التركستاني"، و"لشكر طيبة"، و"إمارة القوقاز الإسلامية"، و"شبكة حقاني"، و"الجهاد المصرية" و"جيش محمد" جنوب شرقي آسيا، بحسب الراشد.

واعتبر أن ذلك يعود إلى كون الحرب اقتصرت على القوة العسكرية، فيما "القاعدة" فكرة وليست قوة. تستطيع أن تزدهر في أي صحراء أو "غيتو"، وبين أي فئة من الناس. القضاء على هتلر لم يكن بالسلاح فقط، بل شنت الحكومات الغربية حروباً فكرية ضد النازية وسنّت قوانين للحد من انتشارها. ولو سمح لها بأن تنشط ستعود خطراً، وستجد شعبية عند المغرر بهم من المحبطين والغاضبين في أوروبا وأميركا.

وخلص إلى أن "القاعدة" الفكرة بقيت حية وفاعلة وخطرة بعد مقتل بن لادن والبغدادي والبقية من قادتها. وككل الأفكار الشريرة لا تموت ما دام هناك شخص واحد مستعد أن يدافع عنها. وبعد أن منعوا من الدعوة على منابر المساجد اتجهوا إلى منابر "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، مؤكداً أنه من دون محاربة الأفكار المتطرفة والتضييق عليها، وعلى منصاتها، ستزداد انتشاراً وخطراً.

ويعتبر الباحث السعودي الآخر مشاري الذايدي أن "القاعدة" أخطر من "داعش" الذي تدفع دمويته الطاغية إلى النفور منه، فيما تحاول جماعة الظواهري التسلل ضمن نسيج المجتمعات والدول وتمرير أجندتها، لدرجة أنها عملت وفق وثائق آبوت آباد على استثمار فوضى "الربيع العربي" لتوجيهها لصالحها.

المزيد من تقارير