Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقعات باحتفاظ القوى الكردية التقليدية بثقلها النيابي في بغداد رغم الإخفاقات

مؤشرات أولية تؤكد نسبة مشاركة ضعيفة لمواطني كردستان قد لا تتجاوز 30 في المئة

برلمان إقليم كردستان في أربيل (رويترز)

انطلقت الحملات الدعائية في إقليم كردستان لخوض الانتخابات النيابية المبكرة في البرلمان الاتحادي، في ظل توقعات بإعادة هيمنة القوى الرئيسة على أغلبية المقاعد المخصصة لمحافظات الإقليم، بينما تذهب الترجيحات الأولية إلى تدني نسبة مشاركة الناخبين "المُحبطين" من عجز الأحزاب الحاكمة على حل الأزمات المتراكمة.

ويتنافس 146 مرشحاً من مختلف القوى الكردية على 46 مقعداً من مجموع عدد مقاعد البرلمان العراقي البالغة 329 مقعداً، ضمن 12 دائرة، في الانتخابات النيابية الاتحادية، المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفقاً لقانون الانتخابات الجديد الذي يقسم لأول مرة المحافظات إلى دوائر انتخابية متعددة، بعد أن كان القانون السابق يعتمد نظام التمثيل النسبي، وجعل كل محافظة دائرة انتخابية واحدة.

وكان الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني قد حصد 25 مقعداً في انتخابات 2018، مقابل 18 لمنافسه "الاتحاد الوطني" الذي كان يتزعمه الراحل جلال طالباني، مع هبوط حاد في عدد مقاعد قوى المعارضة، آنذاك، حركة "التغيير" والقوى الإسلامية التي اتهمت الحزبين بارتكاب عمليات تزوير واسعة النطاق.

وعلى الرغم من التفاهمات السياسية المبدئية القائمة داخل البيت الكردي حول توحيد الموقف في بغداد بعد كل جولة انتخابية استناداً إلى مبدأ "المصلحة القومية العليا"، فإن أطرافه غالباً ما تدخل في تقاطعات حول الاتفاق على توزيع المناصب ضمن الحكومة الاتحادية، وأبرزها منصب رئاسة الجمهورية، ومن المتوقع أن يخوض الحزبان الرئيسان جولة جديدة من النزاع على المنصب الذي يحدده العرف السياسي القائم في بغداد، الذي يذهب بموجبه منصب رئاسة الوزراء إلى الشيعة، ورئاسة البرلمان للسنة.

نسبة مشاركة متدنية

ويسود جو من التشاؤم إزاء تدني نسبة المشاركة على غرار الانتخابات السابقة على مستوى بغداد والإقليم، وإزاء الأخير، قال مدير منظمة "شمس" لمراقبة الانتخابات هوكر جتو، "مبدئياً، لا توجد مؤشرات إلى أن تزداد النسبة لأكثر من 25 أو 30 في المئة وفقاً للمعطيات الآنية، وأسباب التدني مرتبط بعوامل عدة، منها تنصل القوى الفائزة والحاكمة في الانتخابات السابقة بتنفيذ وعودها الانتخابية، وكذلك عدم وجود حافز في حصول تغييرات في الموازين على الرغم من تشريع قانون جديد مستحدث للانتخابات".

وعلى الرغم من أن الإقليم الكردي شبه المستقل، يتمتع باستقرار اقتصادي وسياسي بالمقارنة مع بقية المناطق العراقية، فإنه واجه أزمات متتالية، خصوصاً عقب اجتياح تنظيم "داعش" مناطق شاسعة من المناطق العراقية المحاذية لحدود الإقليم، إلى جانب الخلافات المتراكمة مع بغداد، وأبرزها قطع الأخيرة رواتب موظفي الإقليم، ناهيك بأزمات داخلية متفاقمة على وقع الصراعات على السلطة والموارد بين القوى الكردية وسوء الإدارة، وانعكاسها على فشل الحزبين الكرديين الحاكمين استكمال خطة توحيد آثار إدارتي أربيل والسليمانية، مع تراجع في الملف الخدمي، ما أفرز نقمة شعبية متزايدة خلال الربع الأخير من التجربة الكردية التي ظهرت منذ انتفاضة مارس (آذار) عام 1991 ضد نظام صدام حسين.

ورأى جتو أن التنافس بين القوى الكردية في هذه الجولة من الانتخابات سيكون أكثر حدية بخلاف الجولات السابقة، مستشهداً "بإعلان ائتلاف بين حزب الاتحاد والتغيير، الذي بدوره أبرم تفاهمات مع القوى الإسلامية، (الاتحاد الإسلامي وجماعة العدل)، حول آلية معينة لتوزيع المرشحين على الدوائر الانتخابية، للتنافس ضد الحزب الديمقراطي، وهذا ربما يولد بعض التغيير الجزئي في قوام الثقل النيابي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستبعد جتو حصول تغيير جوهري في الموازين، عازياً ذلك إلى "مؤشرات تدني نسبة المشاركة التي قد لا تتجاوز ربما 25 في المئة، وهذه النسبة هي بالأساس تعود للمنتمين إلى القوى السياسية، وهؤلاء حسموا أمرهم بالتصويت لصالح الحزب الذي ينتمون إليه، لكن في حال صعود نسبة المشاركة إلى أكثر من 40 أو 50 في المئة، فإن الأمر قد يختلف".

مخاوف من التزوير

تزامن انطلاق الحملات الدعائية مع توترات أمنية، إذ تعرض مطار أربيل الدولي الذي يضم قاعدة لقوات التحالف الدولي، ليل السبت الماضي، 11 سبتمبر (أيلول)، إلى هجوم جديد عبر طائرتين مسيّرتين مفخختين من دون وقوع خسائر، وسبق أن أعلنت ميليشيات شيعية موالية لإيران تبنيها هجمات مماثلة خلال الأشهر الماضية، بعد أيام من سلسلة هجمات شنّها مسلحو تنظيم "داعش" في مناطق موضع خلاف بين أربيل وبغداد، في كركوك وقضاء مخمور التابع لمحافظة نينوى، لكن مراقبين يستبعدون أن يكون للتصعيد الأمني الأخير انعكاس مؤثر على سير العملية الانتخابية، ومن المتوقع أن تكون التداعيات محدودة، لـ"انحسارها ضمن دائرة ضيقة".

وإزاء المخاوف من ارتكاب مخالفات وحالات تزوير قال جتو، "هذا يتوقف على ما سيتم رصده بعد عملية المراقبة، ونقاط الخلل والقصور التي شهدتها انتخابات عام 2018 تمت معالجتها وفقاً لتعديلات في قانون الانتخابات، وكذلك في إجراءات المفوضية"، إلا أنه لم يُخفِ وجود نقاط خلل قائمة، "مثل شراء الأصوات، أو استغلال المال العام وإمكانات الدولة من قبل بعض الأحزاب لصالحها، أو ما يتعلق بمدى الحيادية المطلقة في عمل مفوضية الانتخابات، كلها ستعتمد على عمليات الرصد والمراقبة في ما إذا كانت ستتكرر أم لا، هذه هي أهم المخاوف".

غياب استطلاعات مهنية

وأظهر استطلاع للرأي أجراه "برنامج البحوث الاستراتيجية في القضايا الوطنية الكردي المستقل" في محافظات الإقليم، إضافة إلى محافظة كركوك المتنازع عليها، احتفاظ حزب بارزاني بالمرتبة الأولى، نحو 23 في المئة، وجاء بالمرتبة الثانية تحالف حزب طالباني مع حركة "التغيير" نحو 15 في المئة، وحلت حركة "الجيل الجديد" المعارضة التي يتزعمها رجل الأعمال شاسوار عبدالواحد ثالثة، بحصولها على أكثر من 13 في المئة، وحصلت القوى الإسلامية على نسب متدنية، ثلاثة في المئة لحزب "الاتحاد الإسلامي"، وأقل منه لحزب "جماعة العدل"، بينما أظهر الاستطلاع نسبة مقاطعة بلغت أقل من 19 في المئة.

وأشار الاستطلاع الذي شارك فيه 4285 شخصاً، إلى تذبذب نسب المشاركة في التصويت بين المحافظات، إذ أكد نحو نصف المشاركين في الاستطلاع بمحافظة السليمانية رغبتهم بالمشاركة في التصويت مقابل، 28 في المئة أكدوا نيتهم إبطال بطاقاتهم، وكانت نسبة المقاطعين بنحو 18 في المئة.

ويفتقر العراق إلى مؤسسات "علمية أكاديمية متخصصة" في مجال استطلاع المؤشرات واتجاهات السياسة العامة، إذ في الغالب تفتقر إلى الشروط والضوابط والمصداقية، على صعيد آلية إجراء الاستفتاءات واختيار العينات والشرائح خلال عملية إجراء المسح.

وبلغت نسبة المؤيدين للمشاركة في أربيل نحو 64 في المئة، مقابل 21 في المئة قرروا المقاطعة، بينما لم يحسم نحو 13 في المئة قرارهم بعد.

ووفقاً للاستطلاع فإن نسبة الراغبين بالتصويت في كركوك تجاوزت 55 في المئة مقابل 24 في المئة كانوا مع المقاطعة، ونحو 20 في المئة لم يحسموا قرارهم بعد، وكانت هذه النسب متقاربة مع المشاركين من محافظة حلبجة. وأكد 20 في المئة من المشاركين أنهم سيتخذون الاتجاه الحزبي بنظر الاعتبار خلال التصويت، في حين أكد 50 في المئة على التصويت وفق سيرة واستحقاق المرشح.

وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن "عدد المقاطعين الذين قرروا إبطال أوراقهم يماثل عدد المصوتين لصالح الأحزاب الثلاثة الرئيسة في الإقليم".

وعود على الورق

وعلق النائب عن حركة "التغيير" في البرلمان الاتحادي هوشيار عبدالله قائلاً إن "قوى السلطة قبل شهر من الانتخابات تطلق وعوداً كاذبة بالجملة للمواطنين، بينما تدير لهم ظهرها طوال ثلاث سنوات و11 شهراً". وأضاف، "كان على هذه القوى أن تتوقع أن يطلب الشعب منها الرحيل، إذ لا يمكن أن يذهب المواطن للتصويت وينسى أزمة الرواتب".

وتصطدم مساعي الحزبين الرئيسين في الحفاظ على سُمعتهما الانتخابية بجملة من الملفات الشائكة، ويواجه حزب بارزاني النصيب الأكبر من انتقادات سوء الإدارة بشكل عام، باعتباره أكبر الأحزاب الحاكمة، لكنه يتمتع بثبات واستقرار أكبر على مستوى الخلافات داخل هيكلة الحزب وعلى المستوى الخدمي ضمن نطاق دائرته المعروفة باسم "الصفراء"، إذا ما قُورنت بالنطاق "الأخضر" الذي يستحوذ على إدارته حزب طالباني، حيث واجه على مدى الشهرين الأخيرين صراعاً على زعامة الحزب بين بافل، نجل طالباني، وابنه عمه لاهور شيخ جنكي، الذي اضطر أخيراً إلى التخلي عن صلاحياته كرئيس مشترك لرئاسة الحزب.

دعوات لوحدة الصف

وخاطب زعيم الحزب "الديمقراطي"، مسعود بارزاني، جماهيره في حفل انطلاق حملته الدعائية، بأنه "على الرغم من تحفظاتنا على قانون الانتخابات وآلية توزيع المقاعد الخاطئة وغير العادلة بسبب غياب إحصاء سكاني دقيق، قررنا خوض المنافسة من أجل المصلحة العامة". وأكد "أهمية معالجة الخلافات مع بغداد عبر التفاهم على أسس الشراكة والتوازن والتوافق، مشكلة شعب كردستان لا تقتصر على الرواتب، بل إنه صاحب قضية سياسية، وحان الوقت للتفكير بمعالجات جدية وجذرية بعيدة عن العاطفة والتعصب".

ودعا رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، وهو نائب لبارزاني، القوى الكردية إلى "العمل معاً في بغداد بعد الانتخابات، من أجل مصلحة البلاد عامة، وتحقيق حقوقنا الدستورية الخاصة، ويجب ألا تشهد الحملات الانتخابية تصرفات تجعل التنسيق والتعاون أمرين أكثر صعوبة".

في المقابل، شدد رئيس قائمة "التحالف الكردستاني" التي تضم حزب طالباني وحركة "التغيير"، قباد طالباني، الذي يتولى منصب نائب رئيس حكومة الإقليم، في حفل مماثل على أن "التنافس بين الاتحاد والتغيير في الانتخابات السابقة لم يصُب في مصلحة أي منهما، بل تضررت منه محافظة السليمانية، وبوحدتنا، فإن الاستقرار سيعود إليها".

المزيد من متابعات