في دراسة حديثة تناولت حفرية من النبات عمرها 400 مليون عام أُكتشفت في تكوين جيولوجي في اسكتلندا، ألقت مجموعة من العلماء الضوء على الكيفية التي تطور بها الشكل الأقدم المعروف لجذور النباتات.
ورد في البحث، الذي نُشر الأسبوع الماضي في مجلة "إي لايف" eLife، أن نشأة جذور النباتات الأولى ترك تأثيراً دراماتيكياً في الأرض وغلافها الجوي، ما أفضى إلى تغير نوعي في النظام الإيكولوجي لكوكبنا ومناخه.
في الدراسة، أجرى العلماء، ومن بينهم فريق من "جامعة أكسفورد" University of Oxford، إعادة تركيب ثلاثية الأبعاد لنبات يسمى "أستيروكسيلون ماكيي" Asteroxylon mackiei عاش في "العصر الديفوني" Devonian era (رابع العصور الستة من حقبة الحياة القديمة)، أي منذ نحو 400 مليون سنة مضت، استناداً إلى أدلة حفرية.
أشار الباحثون إلى أن الحفرية النباتية، المحفوظة في نوع من حجر الصوان قرب قرية رايني في مقاطعة أبردينشير، شمال شرقي اسكتلندا، تمثل النبتة القديمة الأكثر تعقيداً من ناحية تركيب بنيتها المأخوذة من المنطقة، وقد طورت جذوراً وأنواعاً أخرى من محاور، تتفرع من خلالها الجذور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كشفت إعادة تركيب بنية النبتة عن التنسيق الذي كانت عليه الأنواع الثلاثة من المحاور المتفرعة المتميزة، ألا وهي محاور الأوراق المورقة، والمحاور الحاملة للجذور، ومحاور التجذير- في بنية جسم النبتة.
عبر إعادة التركيب الثلاثية الأبعاد، درس العلماء الخصائص التشريحية والتطورية على حد سواء لهذه الحفرية الغامضة، ووجدوا في النتيجة أن الجذور في هذه النباتات قد تطورت بطريقة مختلفة تماماً مقارنة مع كيفية تطورها في النباتات المعاصرة.
"نحن إزاء البنى الأقدم المعروفة التي تشبه الجذور الحديثة، وصرنا نعرف الآن كيف تشكلت. لقد تطورت عندما شكل محور يشبه البرعم شوكة، حيث حافظ واحد من شعب الأخيرة على هويته كبرعم فيما طور الثاني هوية الجذر"، بحسب ما صرح ليام دولان، الباحث الرئيس في الدراسة من "معهد غريغور مندل".
وأضاف الدكتور دولان أن "النباتات الحية لا تشتمل على جذور تتطور بهذه الطريقة، ما يدل على أن هذه الآلية لتكوين الجذور قد انقرضت الآن".
وفق الباحثين الذين نهضوا بالدراسة، يوفر فهم بنية نبتة من نبات "ماكيي" وتطورها معلومات متعمقة حول حوادث شهدها زمن مهم في تاريخ كوكب الأرض بعدما استوطنت النباتات الأسطح الجافة للقارات وراحت تنتشر عبر الأراضي.
وهكذا، "ترك تطور النباتات وإشعاعها وانتشارها في مختلف القارات تأثيراً مهولاً على نظام الأرض. فقد أدت جذور النباتات إلى خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون CO2 في الغلاف الجوي، وجعلت التربة مستقرة، وغيرت جذرياً الدورة المائية عبر أسطح القارات"، بحسب ما ذكر ألكسندر جي هيثرنغتون، باحث مشارك في الدراسة من "جامعة إدنبرة" الاسكتلندية.
وأضاف الدكتور هيثرنغتون أنه "باستخدام التقنيات الرقمية الثلاثية الأبعاد، في المستطاع للمرة الأولى وضع تصور لبنية الجسم المعقد لواحدة من نبات "ماكيي"، ما يسمح لنا باكتشاف الكيفية التي تطورت بها تلك النباتات الغامضة. كان رائعاً أن نرى أخيراً تفاصيل كانت مجهولة سابقاً".
© The Independent