Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شمال العراق... سنجار جبهة رئيسة للتنافس التركي الإيراني

رغم تشابه سياسات أنقرة وطهران في الدوافع والمسارات فإن كلتيهما تتحسب لتوسع نفوذ الأخرى

الشرطة العراقية أمام السفارة التركية في بغداد عقب دعوات الاحتجاج أمامها   (أ ف ب)

بؤرة جديدة للمواجهة بين تركيا وإيران، فبينما تستعد الولايات المتحدة لسحب قواتها القتالية من العراق تبرز منطقة كردستان على أنها مسرح لصراع متصاعد من أجل السيطرة بين تركيا وإيران. وعلى الرغم من كون المنطقة شهدت تنسيقاً وتقاسم أدوار بين البلدين، فإنها تمثل إحدى ساحات التنافس بينهما.

تتفق الأهداف الإيرانية والتركية بشأن التعامل مع المسألة الكردية، ورفض إقامة دولة مستقلة للأكراد سواء في سوريا أو العراق، كلتا الدولتين تتحرك في سياستها الخارجية مدفوعة بأحلامها الإمبراطورية، وتعد المنطقة العربية إحدى مناطق مد النفوذ، لا سيما العراق، التي كانت منذ عقدين إحدى القوى الإقليمية في المنطقة.

على الرغم من تشابه السياستين التركية والإيرانية في دوافعهما ومسارات تحركهما، فإن كلتيهما تتحسب لتوسع نفوذ الأخرى. وتعد التطورات التي شهدتها أخيراً منطقة سنجار تجسيداً للتنافس المرجح بين الطرفين، خصوصاً في أعقاب الانسحاب الأميركي من العراق نهاية العام الحالي. فقد أدت العمليات العسكرية التركية التي استهدفت حزب العمال الكردستاني في سنجار، شمال العراق، إلى موجة من نشاط الميليشيات المدعومة من إيران الذي استهدف تركيا. بل إن بعض قيادات الحشد الشعبي والميليشيات المرتبطة بطهران اعتبرت أن أنقرة أخطر من الوجود الأميركي بالعراق. فقد ألمح قيس الخزعلي، زعيم "عصائب أهل الحق"، أبرز الميليشيات المتحالفة مع إيران في العراق، إلى أن تركيز أنشطة مجموعته قد يتحول إلى تركيا بدلاً من الولايات المتحدة، بل إنه حث الحكومة العراقية على النظر في التعاون مع الولايات المتحدة عسكرياً لمواجهة تركيا. أيضاً نشرت حركة "النجباء" مقطع فيديو باللغة التركية على "تويتر" يهدد بنقل الصراع إلى تركيا واستهداف الاقتصاد التركي، ما لم يضع الرئيس رجب طيب أردوغان حداً للتوغلات عبر الحدود.

تبرر تركيا عملياتها العسكرية بأن الغرض هو القضاء على عناصر حزب العمال الكردستاني، وتتوسع عملياتها لتشمل هجمات ضد وحدات مقاومة سنجار، وهي جماعة تشكلت من الأيزيديين أعقاب استيلاء تنظيم "داعش" على المدينة وارتكابه تطهيراً عرقياً بحق سكانها.

 تشكلت وحدات مقاومة سنجار لتنضم بعد ذلك إلى وحدات الحشد الشعبي، في الوقت ذاته تتعامل معها أنقرة باعتبارها جزءاً من حزب العمال الكردستاني. لكن هذه التداخلات بينهما، وهما مدعومتان إيرانياً من جهة، والتدخلات التركية في شمال العراق من جهة أخرى، واستهداف سنجار كلها ترشح المنطقة إلى مزيد من اختراقات السيادة العراقية، وترجيح سيناريو التصادم الإيراني التركي الفترة المقبلة، في ظل انسحاب الولايات المتحدة ورغبة كل من طهران وأنقرة في توسيع نفوذهما شمال العراق، وفي ظل وجود رئيس إيراني جديد مدفوع بعلاقات وارتباطات قوية بالحرس الثوري، الذي سيقود السياسة الإقليمية الإيرانية المقبلة بأدوات عسكرية وميدانية، وبالتالي لن يتخلى عن دور وحدات الحشد الشعبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لذا من المرجح التصعيد العسكري بين إيران وتركيا في شمال العراق، لكن من خلال وحدات الحشد الشعبي. فقد أطلقت أربعة صواريخ على قاعدة بعشيقة بالقرب من الموصل، حيث تتمركز القوات التركية. لم تعلن أي جهة مسؤوليتها. وعلى الرغم من تهديدات الميليشيات المدعومة من إيران تجاه تركيا، فقد توسعت العمليات العسكرية التركية شمال العراق.

في المقابل تعمل وحدات الحشد الشعبي على تعزيز وجودها العسكري في سنجار. وتظل تركيا تسعى لطرد حزب العمال الكردستاني من المنطقة عبر الحملات الجوية والعمليات الخاصة والتشجيع على تنفيذ اتفاق سنجار الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومة إقليم كردستان، الذي يقضي تنفيذه بإخراج كل المجموعات المسلحة بما في ذلك حزب العمال الكردستاني ووحدات الحشد الشعبي من سنجار، وتمكين الحزب الديمقراطي الكردستاني المتحالف مع تركيا من إدارة المنطقة، ومن ثمّ الحد من النفوذ الإيراني. لذا في الوقت ذاته ستعرقل إيران ووكلاؤها وحزب العمال الكردستاني تنفيذ الاتفاقية، مما يؤدي إلى تدهور العلاقات بين البلدين. كما أن انتشار الميليشيات التابعة لطهران في سنجار سيعرقل جهود أنقرة وبغداد أو أربيل لتنفيذ الاتفاقية.

وهنا يتبادر إلى الذهن أهمية سنجار التي تشهد توسيع تركيا هجماتها العسكرية، وتصادماً مع وحدات الحشد الشعبي بالنسبة إلى إيران ووكلائها. سنجار مهمة للميليشيات المدعومة من إيران لسببين؛ الأول هو الحفاظ على نفوذ وحدات الحشد الشعبي عليها، التي توفر نقطة عبور إلى سوريا. والأخير يأتي في إطار التصعيد الإيراني الإسرائيلي، إذ تعتبر الوصول إلى جبال سنجار مهم لأنه يوفر مجالًا للميليشيات لمهاجمة تل أبيب، فقد سبق وأطلق العراق في الماضي صواريخ سكود باتجاه إسرائيل من جبال سنجار في عام 1991. ومن ثمّ تطرح التطورات تلك في شمال العراق، كيف يمكن لإيران وتركيا إدارة تنافسهما وإبقائه تحت السيطرة من دون التصعيد لمواجهة عسكرية مباشرة، لا سيما أن كلتيهما تعتبر المنطقة جزءاً مهماً لمصالحها الاستراتيجية، وبالتالي كيف يمكن إدارة التنافس من دون وصوله للتصعيد، لا سيما أن علاقتهما ترتبط بالتعاون أحياناً في ملفات أخرى أهمها العلاقات الاقتصادية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل