Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل لعبت الجزائر دورا في الإفراج عن شخصيات من نظام القذافي؟

لطالما طالبت جهات رسمية في طرابلس السلطات الجزائرية بالمشاركة في المصالحة الوطنية بين الليبيين

تبون مستقبلاً المشاركين في اجتماع دول جوار ليبيا في 30 أغسطس الماضي (موقع التلفزيون الجزائري)

منحت عملية إطلاق سراح شخصيات من النظام الليبي السابق إشارات إيجابية إلى إمكانية تحقيق مصالحة بين الليبيين تنهي الخلافات وتفتح أبواب السير نحو الاستقرار، الأمر الذي جعل الأنظار تتجه إلى الجزائر التي تدفع في مختلف المناسبات باتجاه المصالحة كركيزة مهمة لإنهاء الأزمة بين فرقاء ليبيا.

تحرك المياه الراكدة

وتحركت المياه الراكدة في المشهد الليبي بشكل لافت منذ انعقاد اجتماع دول جوار ليبيا الذي احتضنته الجزائر في 30 أغسطس (آب) الماضي، فعلى الرغم من "الصدام" الذي شهدته العاصمة الليبية طرابلس أخيراً، فإن إطلاق سراح شخصيات رفيعة من نظام الرئيس السابق معمر القذافي وعائلته، غطى على الاشتباكات المسلحة المتفرقة.
وأفرجت السلطات الليبية عن الساعدي أحد أبناء القذافي، الذي كان مسجوناً في طرابلس منذ عام 2014، كما أعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الإفراج عن اللواء ناجي حرير، الذي كان قيادياً بارزاً في النظام السابق، كما أكد إطلاق سراح عدد من المعتقلين الذين قضوا مدة عقوبتهم أو الذين لم يُحكم عليهم من قبل القضاء الليبي، بمن فيهم أحمد رمضان، الذي كان يحمل رتبة عقيد أيام حكم القذافي، وشغل منصب رئيس الأركان والمخابرات.
وأعلن المنفي رسمياً عن انطلاق مشروع المصالحة الوطنية في ليبيا، لافتاً إلى أن "القرارات التي اتُّخذت ما كان لها أن تُتخَذ، لولا الرغبة الحقيقية والجادة لدى الشعب الليبي من أجل طي صفحات الماضي المؤلمة وتجاوز الخلافات ونبذ الفرقة ووقف نزيف الدماء ووضع حد للمعاناة". كما قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إنه "لا يمكن لليبيا التقدم إلى الأمام من دون تحقيق المصالحة، ولا إقامة دولة من دون تحقيق العدل وإنفاذ القانون واحترام مبدأ الفصل بين السلطات واتباع الإجراءات والأحكام القضائية".
وفي حين اختلفت مواقف الأطراف الليبية بخصوص الخطوة، على الرغم من أن الجهات الرسمية عبرت عن ارتياحها وتعهدت بالاستمرار في العملية، وصنفتها في إطار "السعي لتحقيق مصالحة ليبية - ليبية تعيد الاستقرار للبلاد والأمل للعباد"، غير أن غياب موقف جزائري طرح تساؤلات عدة، نظراً إلى اعتبارها أول من دعا إلى المصالحة بين الفرقاء الليبيين، ولا تزال تتمسك بالخطوة وترافع لصالحها في مختلف اللقاءات.

تسويق المقاربة الجزائرية

في السياق، رأى مدير مركز الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، حسني عبيدي، أن "الجزائر مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور محوري في ليبيا، وبدأت تستعيده مع عودة دبلوماسيتها بعد غياب دام عقدين من الزمن". وقال إن "الجزائر احتفظت بعلاقات متكافئة مع كل الأطراف الداخلية وعملت على أولوية الحوار السياسي الداخلي الذي يمر حتماً عبر المصالحة، بما فيها مع قيادات من الصف الأول في نظام القذافي".
وتابع عبيدي قائلاً إن "حدة الخصام السياسي زادت، وهو ما من شأنه خلط الأوراق وإدخال لاعبين جدد يمكن أن يغيروا موازين القوى، الأمر الذي قد يربك العملية الانتخابية في ليبيا"، مضيفاً أن "تزايد الخلافات من دون احتوائها لعدة أسباب سابقة لإطلاق سراح بعض رجالات نظام القذافي، يمكن أن يعرقل المسار السياسي". وشدد على "ضرورة تسويق المقاربة الجزائرية أفريقياً وعربياً وإيجاد دعم أممي لها، لأن الجزائر قادرة على التوفيق بين الدول الفاعلة في ليبيا ذات المصالح المتضاربة".

صفقة سياسية

من جانبه، اعتبر الحقوقي الليبي، خالد بوزنين الساكت، أن "عملية إطلاق سراح شخصيات من النظام السابق من شأنها الدفع نحو مصالحة ليبية حقيقية تنهي الأزمة". وقال "إنها خطوة جيدة، ولكن قد تكون مجرد صفقة سياسية، إذ كان من الأجدى أن تتم تسوية الملف في شكل حزمة واحدة بدل التمييز بين السجناء"، مضيفاً أن "دور الجزائر ليس بالبارز على الرغم من أنها تُعتبر مهمة في الملف الليبي، ولا أعتقد أنها تتدخل في الشأن الليبي كما تفعل دول أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تمسك بالمصالحة

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عبّر في أكثر من مناسبة عن استعداد بلاده لاحتضان لقاءات المصالحة بين الفرقاء الليبيين، لدعم الحل السياسي للأزمة في بلادهم، مؤكداً "دعم الجزائر اللا محدود للإخوة الليبيين في إعادة بناء الدولة الليبية، بما يحفظ سيادتها ووحدتها"، وهو ما كان يرافع لصالحه وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقادوم، والحالي رمطان لعمامرة، الذي صرح في ختام اجتماع دول جوار ليبيا في الجزائر، أن "خروج ليبيا من الأزمة يقتضي تحقيق المصالحة الوطنية التي تعتبَر ركيزة لاستتباب الأمن".
وشدد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، خلال زيارته الجزائر، على أن "ليبيا تتطلع إلى رؤية دور جزائري، يسهم في المصالحة الوطنية في البلاد للوصول للانتخابات"، في حين قال رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، إنه طلب من الرئيس تبون خلال مباحثات بينهما، "المشاركة في المصالحة الوطنية الليبية، لأن الجزائر مؤهلة لقيادة الملف".

تنازلات وضمانات

في السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مبروك كاهي، أن "الجزائر لا تعمل وحدها في الملف الليبي، بل بتضافر جهود مجموعة من الدول لا سيما دول الجوار". وقال إن "الأزمة الليبية ليست معقدة بالقدر الذي يصعب حله، بخاصة أن الشعب الليبي راغب في الخروج من الوضع المتردي الذي يعيشه، لكن تبقى تدخلات القوى الأجنبية المعرقل الأكبر لكل تقدم نحو الأفضل". وأبرز أن "الإفراج عن قيادات النظام السابق لا يدخل ضمن إجراءات المصالحة بقدر ما هو تقديم تنازلات وضمانات لقوى أجنبية وحتى محلية من أجل الوصول إلى حل"، موضحاً أن "المصالحة لها أصولها وقواعدها، وأفريقيا عرفت تجارب ناجحة على غرار جنوب أفريقيا والجزائر وليبيريا".
وشدد كاهي على ضرورة معرفة الأهداف الأساسية للدبلوماسية الجزائرية تجاه ليبيا، وأولها تنظيم الانتخابات، واختيار ممثلين شرعيين عن الشعب الليبي، وبناء مؤسسات الدولة بحيث تكون سلطة مركزية شرعية، ثم لهذه السلطة ومن خلال صلاحياتها، أن تنظم مصالحة حقيقية بين الليبيين، وهو ما يمكن للجزائر المساعدة على تحقيقه والوصول إليه.

المزيد من العالم العربي