بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على توليها السلطة في أفغانستان، كشفت "طالبان" مساء الثلاثاء 7 سبتمبر (أيلول) عن حكومتها الموقتة، لكن برنامجها السياسي يبقى غامضاً إلى حد كبير.
وأعلن زعيمها الأعلى هيبة الله أخوند زاده في خطاب علني نادر جداً الثلاثاء، أن "الحكومة ستكون مهمتها فرض احترام الشريعة".
هذا هو أهم مجال منتظر من "طالبان"، ويمكن أن يؤثر في اعتراف المجموعة الدولية بها، الذي يعتبر أمراً أساساً لاستئناف المساعدات الاقتصادية التي تعتمد عليها البلاد بشدة.
وتميز حكمها الأول بين 1996 و2001 بغياب النساء عن الفضاء العام، وكثفت الحركة المبادرات والتصريحات منذ 15 أغسطس (آب) الماضي، لمحاولة الطمأنة حول هذه النقطة، مؤكدة أن حقوق المرأة ستحترم وفق الشريعة الإسلامية.
وأعلنت أنه بإمكان المرأة الأفغانية الدراسة في الجامعة لكن في صفوف غير مختلطة مع ارتداء العباءة والنقاب بشكل إلزامي، وستتمكن النساء من العمل في ظل "احترام مبادئ الإسلام".
في ظل نظامهم السابق، لم يكن يسمح للمرأة لا بالعمل ولا بالدراسة مع استثناءات نادرة، لكن غياب المرأة عن الحكومة الموقتة يشكل إشارة سيئة.
وضع النساء
كما تبقى هناك عناصر غير معروفة بالنسبة إلى حق المرأة في الخروج إلى الشارع من دون ولاية رجل، وهو ما كانت "طالبان" حظرته في التسعينيات أو بالنسبة إلى وجوب ارتداء البرقع.
وأكدت "طالبان" أن الصحافيين بمن فيهم النساء، سيتمكنون من مواصلة العمل بحرية ولن تتم مضايقتهم.
وقال المتحدث باسمهم ذبيح الله مجاهد لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، "سنحترم حرية الإعلام لأن الأخبار ستكون مفيدة للمجتمع، وفي الوقت نفسه ستسمح بتصحيح أخطاء القادة".
لكن هذه التصريحات لم تقنع كثيراً، فقد غادر العديد من الصحافيين البلاد فيما يبقى آخرون مختبئين في منازلهم خوفاً من أعمال انتقامية، وتم توقيف البعض فترة وجيزة على هامش تظاهرات نظمت خلال الآونة الأخيرة ضد النظام.
ودعا مجاهد وسائل الإعلام إلى "عدم تغطية" هذه التظاهرات التي تعتبر "غير قانونية طالما لم تصدر القوانين"، وخلال تجربتها الأولى في السلطة، طبقت "طالبان" نسخة صارمة من الشريعة، وحظرت الألعاب والموسيقى والتصوير وحتى التلفزيون.
وقال ذبيح الله مجاهد لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن "الموسيقى يحرمها الإسلام لكننا نأمل بإقناع الأفغان بعدم القيام بهذه الأشياء بدلاً من إجبارهم".
لكن بعض السكان وأعضاء في الحكومة المخلوعة اتهموا "طالبان" بقتل مطرب شعبي في أندراب (شمال شرق) نهاية أغسطس، وهي معلومة لم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من تأكيدها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الموارد الطبيعية
وبالنسبة إلى التراث، وهو مصدر قلق منذ أن قام هؤلاء بتدمير تمثالي بوذا في باميان عام 2001، لم تصدر الحركة أي بيان رسمي منذ فبراير (شباط) حين أبدت رغبتها في الحفاظ عليه، هو أكثر التحديات إلحاحاً والتي سيتعين على النظام الجديد مواجهتها. ويخرج الاقتصاد الأفغاني منهكاً بعد عقود من الحرب وتعليق المساعدات الدولية، مما يهدد بإغراق البلاد في كارثة اقتصادية وإنسانية.
ويبقى برنامج "طالبان" في هذه المرحلة غامضاً جداً، إذ اكتفى المتحدث باسمها بالقول إن "التفاعل مع المجموعة الدولية ودول أخرى سيتواصل".
وأضاف، "سنعمل على مواردنا الطبيعية لإعادة تنشيط اقتصادنا وإعادة الإعمار ومن أجل ازدهارنا".
ولا يزال من غير الواضح في هذه المرحلة كيف ستتمكن "طالبان" من إيجاد أموال لدفع رواتب الموظفين الحكوميين وإبقاء البنى التحتية الحيوية من مياه وكهرباء واتصالات قيد العمل.
وتقدر الأمم المتحدة الدخل الحالي لـ "طالبان" الآتي بشكل أساس من الأنشطة الإجرامية، بما بين 300 مليون دولار وأكثر من 1.5 مليار دولار في السنة، وهي مكاسب مالية غير كافية على الاطلاق لتلبية الحاجات الحالية لأفغانستان، كما يقول الخبراء.
الرياضة محظورة على النساء
وحذرت الحركة من أن أي تمرد سيتم "قمعه بشدة" في رسالة موجهة إلى "قوات المقاومة في بنجشير، كما أكدت أيضاً أنها ستقضي على الفرع المحلي لتنظيم "داعش"، الذي لا يزال يشكل تهديداً خطيراً من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وبالنسبة إلى المخدرات، قال ذبيح الله مجاهد إن السلطات الجديدة لن تحول أكبر منتج للأفيون في العالم إلى دولة مخدرات فعلية. وأضاف، "نؤكد لمواطنينا وللمجموعة الدولية أننا لن ننتج المخدرات".
وفي ظل حكومتها الأولى كانت "طالبان" تسمح ببعض الرياضات لكنها كانت تخضع لرقابة صارمة، فوحدهم الرجال من كان يمكنهم المشاركة في اللعب أو حضور المباريات، وبحسب آخر تصريحات "طالبان" فإن النساء لن يسمح لهن بممارسة الرياضة.
وقال أحمد الله واثق المسؤول في الحركة لشبكة "أس بي أس نيوز" الأسترالية رداً على سؤال حول "الكريكت"، "قد يواجهن وضعاً لا تكون فيه وجوههن وأجسادهن مغطاة". مضيفاً، "الإسلام لا يسمح برؤية المرأة على هذا النحو".