Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس "مستقبل الاستثمار": الشرق وجهة الاقتصاد الجديدة وهدفنا تغيير قواعد اللعبة

ريتشارد أتياس في حوار مع "اندبندنت عربية": سنتوسع خارج السعودية وسنعيد صوغ المعايير التي تناسب الغرب ولا تراعي الاقتصادات الناشئة

في عام 2017، كانت العاصمة السعودية الرياض في أوج انتعاشها، بينما تستضيف النسخة الأولى من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي جمع تحت سقف قاعة فندقية، قادةً في عالم الأعمال ورؤساء شركات يمثلون أكثر من 33 تريليون دولار. بعث الحدث حينها رسالةً إلى العالم بأن السعودية ماضية في إصلاحاتها الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار ما عُرف بـ "رؤية 2030".

اليوم تفصلنا أقل من شهرين عن مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" أو "دافوس الصحراء"، كما أطلقت عليه الصحافة العالمية، والترقب هو سيد الموقف للحدث الاقتصادي الذي تستغله القيادة السعودية للكشف عن أكبر مشاريعها بدءاً من نيوم، مدينة الـ 500 مليار دولار، ووصولاً إلى رؤية العاصمة السعودية التي تريد الارتقاء بمكانتها ومضاعفة عدد سكانها لتصبح من أكبر 10 مدن اقتصادية في العالم.

إلا أن "مبادرة مستقبل الاستثمار" التي بدأت كمؤتمر ينظمه صندوق الثروة السيادي السعودي مرت بتحولات عاصفة خلال العامين الماضيين، من أهمها أنها أصبحت في عام 2019 مؤسسةً مستقلةً وغير ربحية تركز على الرعاية الصحية والاستدامة والذكاء الاصطناعي وعلوم الروبوت، وتضطلع بمهام البحث والابتكار والشراكات الفكرية وإصدار المنشورات العلمية، إضافة إلى الاستثمار في مشاريع ناشئة تخدم الإنسانية بجانب تنظيم عدة ملتقيات ومؤتمرات وقمم تجمع السياسيين والقادة ورواد الأعمال والمفكرين والأكاديميين على مدار العام.

للتعرف إلى آخر تطورات "مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار"، ومفاجآت النسخة الخامسة من المؤتمر التي تنطلق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، أجرت "اندبندنت عربية" حواراً مع الرئيس التنفيذي للمؤسسة، ريتشارد أتياس، الذي تحدث عن أهداف المبادرة في المستقبل ومشاريعها، وتطرق إلى تأثيرات جائحة "كوفيد-19" في سير العمل داخل المنظومة التي يقودها، وقطاع صناعة الفعاليات البالغ 2 تريليون دولار.

هذه وجهة الاقتصاد الجديد

انطلق المؤتمر الضخم تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي بات صداه يتردد في السعودية وخارجها بعد إطلاق البلاد لاستراتيجيتها الوطنية، لكن ولأن مهمة الصناديق السيادية وفق أتياس لا تتمثل في تأسيس حدث أو تنظيمه، كان من المهم إنشاء مظلة غير هادفة للربح هي "مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار"، وهذا التحول نابع من رغبة لتحقيق الاستدامة عبر بناء إطار عمل يشمل مبادرات المؤسسة ومشاريعها المتنوعة.

أتياس الذي يقود "مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار" منذ تأسيسها عام 2019، يؤكد أنها تتطلع لدور عالمي عبر إعادة صوغ نماذج الأعمال التجارية وضخ استثمارات في مشاريع واعدة يحتاجها إنسان المستقبل، إلا أنه يشير في الوقت نفسه إلى أن انطلاق منظمة دولية ترغب بالتأثير عالمياً من السعودية، لم يكن مستغرباً لأسباب منها رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي، إضافة إلى تحول العالم من الغرب إلى الشرق على عدة أصعد.

ويؤكد الرئيس التنفيذي أن فريقه يعمل بصورة يومية لإيجاد الأفكار التي بوسعها تغيير قواعد اللعبة، ويقول إن "للمؤسسة أجندة واحدة وهي الإنسانية والتأثير في العالم بشكل إيجابي من خلال أفكارنا ومشاريعنا"، مشيراً إلى أن أكبر تحد يواجهه كرئيس تنفيذي هو "العثور على أشخاص على أهبة الاستعداد لإحداث تأثير في المنظمات الدولية والتضحية بوقتهم وطاقتهم من أجل قضية غير ربحية".

الجائحة لم توقفنا

على مدار الـ 18 شهراً الماضية المحفوفة بتحديات وباء كورونا الذي اجتاح العالم، عملت "مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار" على عدد من المشاريع بالتزامن مع تنظيم النسخة الخامسة من المؤتمر، وأطلقت مجموعة من المؤشرات التي تهدف لمعرفة حالة العالم، وما الذي يمكن إنجازه بفضل علوم الذكاء الاصطناعي والروبوت في مجالات الرعاية الصحية والتعليم إضافة إلى الاستدامة.

واستثمرت المؤسسة، وفق رئيسها التنفيذي، في شركة "ليليوم" (Lilium)، المتخصصة في صناعة الطائرات النفاثة الكهربائية، أخذاً بعين الاعتبار التأثير الإيجابي الذي ستمثله السيارات والطائرات الكهربائية على مستقبل البيئة". كما استثمرت في شركة مزارع البحر الأحمر التي تهتم بتقنيات الطاقة الشمسية والمياه النظيفة، في إطار شراكة مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" في مدينة جدة غرب السعودية، إضافة إلى مشاريع أخرى تتعلق بالرعاية الصحية والتكنولوجيا، سيُعلن عنها في غضون أسابيع قليلة.

وعن تأثير الوباء في خطط المؤسسة التي ولدت قبل شهرين تقريباً من تفشي فيروس كورونا، قال أتياس بكل ثقة، إن "الجائحة لم تجبرنا على تغيير أولوياتنا، بل دفعتنا نحو تسريع العمل على مبادراتنا"، مشيراً إلى أن هذه الأزمة فرصة ويجب عدم إهدار الفرص التي تمنحنا إياها كل أزمة. وأضاف "أنا أبلغ من العمر 62 سنة، وقد عايشت حروباً وأزمات سياسية واقتصادية متعددة، ولذلك أعرف كيف بإمكان المرء أن يخرج أقوى من أي أزمة، إذا تعلم من دروسها، وكان متواضعاً، وأنصت إلى الآخرين وتعاون معهم".

ويمتدح أتياس فريق عمله ويصفه بـ "المذهل"، لكنه يعترف بأنه يجعل حياتهم صعبة كل يوم مدفوعاً بالرغبة في إنجاز كل شيء في موعده. وعن كيفية تعامله مع تحدي الجائحة التي أربكت مزاج العالم، قال، "كان بالإمكان تحويل كل شيء إلى وضع الإيقاف المؤقت"، إلا أن "فريق العمل كان نشيطاً وبالغ في رد فعله، وتمكن من إجراء تقارير استطلاعية وتنظيم مؤتمرات وفعاليات افتراضية في محاولة للحفاظ على استمرارية الحوار بين أصحاب المصلحة".

إعادة تعريف عالم الأعمال

لكن دور المؤسسة التي تقف وراء المؤتمر الذي يُعرف بـ"دافوس الصحراء"، لم يعد مقتصراً على تنظيم الفعاليات في السعودية أو الشرق الأوسط فقط، فهي اليوم تتطلع لأن يكون لها تأثير عالمي في رحلة التحول إلى الاقتصاد الجديد الذي سيكون مركزه الشرق لا الغرب، ومن ضمن مساعيها في هذا الإطار، تحاول الإسهام في إعادة صوغ عدد من نماذج الأعمال التجارية بما في ذلك معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG).

إذ يتفق أتياس مع محافظ الصندوق السيادي السعودي، ياسر الرميان، الذي يرى بأن معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ليست عادلة في وضعها الحالي، كونها تطورت كإطار يتناسب مع العالم الغربي، ولا يأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجه الاقتصادات الناشئة، ولذلك تعتزم "مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار"، تنظيم قمة عالمية في هذا الشأن تستضيف نخبة من المستثمرين في أسواق الأوراق المالية والرؤساء التنفيذيين وصناع السياسات والشخصيات العامة".

ويدافع الرئيس التنفيذي عن رؤيته قائلاً، "الأسواق الناشئة لا تملك المستوى نفسه من التقدم والكفاءة على صعيد القضايا البيئية والحوكمة كما هي الحال في الولايات المتحدة أو في أوروبا، لذلك نحن ندعو ونسعى إلى تشكيل إطار عمل جديد لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وفتح حوار مع وكالات التصنيف حول كيفية اعتماد ذلك".

مكاتب في أميركا وآسيا

وإضافة إلى مساعيها للإسهام في إعادة تعريف عالم الأعمال، وجذب الاستثمارات التي تحسن حياة البشر في جميع أنحاء العالم، تستعد "مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار" لافتتاح مكتبها في العاصمة الأميركية واشنطن بحلول سبتمبر (أيلول)، وتدشين مكتب آخر في آسيا قبل نهاية العام طالما كان الوضع الوبائي مستقراً.

ومن أهم تحديات المؤسسة في الفترة المقبلة سعيها لتنظيم فعاليات خارج السعودية، إذ كشف أتياس عن اعتزامهم إقامة مؤتمر بعنوان "الصحة هي الثروة" في نيويورك، بالتزامن مع اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر. وستستضيف الجلسة قادة من مختلف أنحاء العالم للحديث عن تأثير الوضع الذي يعيشه قطاع الرعاية الصحية في الثروة والاقتصاد، وسيكون هذا هو الحدث الأول الذي تنظمه المؤسسة خارج السعودية ولن يكون الأخير.

وعلى الرغم من أن هذه الرؤية التوسعية التي تهدف إلى تعديل نماذج الأعمال التجارية وفق احتياجات الاقتصادات الناشئة، وعقد مؤتمرات دولية خارج السعودية، قد تضع المظلة التي تحتضن مؤتمر "دافوس الصحراء" على خط المنافسة مع ملتقيات ومنتديات مثل "دافوس" و"بلومبيرغ"، فإن أتياس يؤكد أن "مبادرة مستقبل الاستثمار"، ستظل مؤسسة غير ربحية لا تخوض أي منافسة مع أحد.

ويشدد قائلاً، "العالم بحاجة إلى مشاريع مماثلة، لمواجهة عدد من التحديات على صعيد التعليم والفقر والإدارة والمساواة بين الجنسين، إضافة إلى تمكين المرأة وريادة الأعمال، لذا فإذا كان هناك ملايين المؤسسات والمبادرات الأخرى مثل مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار فسنكون سعداء. أضاف، "أنا لا أنظر لأحد كمنافس، بل أعتبر كل من يحاول القيام بما نفعله منظمة شقيقة، وكما نقول بالفرنسي "متحدون أقوى".


الأفكار وحدها لا تكفي

وعما تحتاجه المؤسسة الناشئة للنجاح في خططها المستقبلية، يشير الرئيس التنفيذي إلى الحاجة إلى الأفكار التحولية، ويقول إن هذا النوع من الأفكار "يُولد عند بناء محتوى متميز، وعقد حوار استثنائي مع الأشخاص المناسبين"، لافتاً إلى أن التنوع يبقى عنصراً مهماً في النقاشات العالمية، التي يجب أن تضم الشباب والمجتمع المدني المكون من الشخصيات العامة والقادة السياسيين.  ويضيف، "إطلاق منصة ما يتواكب مع الجهل بأمور منها اهتمام المشاركين والتزامهم، وما إذا كانت المنصة ستنجح في التوصل لنتائج مثمرة".

أتياس الذي عمل منتجاً تنفيذياً لمنتدى "دافوس" الاقتصادي قرابة 15 عاماً، يقول إنه تعلم من خبراته السابقة "ما يجب فعله، وما لا يجب فعله"، ومن الدروس التي اكتسبها أيضاً هو أن ابتكار الأفكار الواعدة لا يكفي، بل على المرء أن يأتي بالأفعال، ولهذا حددت "مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار"، وفق رئيسها التنفيذي، ثلاث ركائز لتنفيذ رؤيتها وهي التفكير والتبادل والفعل، إذ تعتني المؤسسة بكل فكرة واعدة منذ نبتها الأول وحتى تصير واقعاً ملموساً من خلال تقديم الدعم اللازم لتجاوز المثبطات التي قد تبدد فرص تلك الفكرة في التحول إلى حقيقة.

وعن دعم أصحاب المشاريع من الشباب، لفت أتياس، إلى سعي المؤسسة إلى تنظيم حوار مع رواد الأعمال والمبتكرين الشباب" مؤكداً أنها تتابع "الأفكار الجديدة وإنتاجات رواد الأعمال والمبدعين الشباب، وفيما إذا كانت هذه الأفكار تتوافق مع أهدافها وقطاعاتها التي تهتم بالاستدامة والذكاء الاصطناعي والتعليم، فإنها ستنظر لها بجدية لمساعدة رواد الأعمال لتحويل أحلامهم إلى واقع".

كواليس النسخة المؤجلة

خلقت جائحة كورونا تحديات جديدة لقطاع صناعة الفعاليات، إذ اتجهت معظم المؤتمرات العالمية إلى تنظيم أنشطتها عن بعد، وأُجبرت مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار على عقد النسخة الرابعة من مؤتمرها في يناير (كانون الثاني) 2021 بدلاً من أكتوبر 2020، إلا أن عقبة الأوضاع الصحية العالمية لم تُفقد الحدث مرونته وحيويته، إذ تمكن منظمو المؤتمر من عقده بشكل حضوري وافتراضي، بفضل تقنية "الواقع الممتد (XR Studio) التي عززت التواصل بين المتحدثين عبر البث المباشر من عدة دول متزامنة.

والمثير أنه عندما نُقل حوار ولي العهد السعودي مع رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماتيو رينزي على شاشات التلفزيون، توقع كثر أنهما يتحدثان وجهاً لوجه في مكان واحد، إلا أن الأمير محمد بن سلمان كان يتحدث من خيمة في العلا، بينما كان رينزي يدير الحوار من استديو لـ "الواقع الممتد" في العاصمة الرياض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يعلق أتياس على مجريات النسخة الماضية قائلاً، "أنا مهندس مدني، وأعرف كيف يمكن أن تكون التكنولوجيا أداة مؤثرة في التقدم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية ولا يجب النظر إلى التكنولوجيا كمجرد غاية، ولكن كوسيلة مساعدة على تحقيقها. وتابع، "لقد استخدمنا تقنية دقيقة تسمى (الواقع الممتد)، وكنا أول مؤتمر دولي يستخدم هذه التكنولوجيا لمساعدة المتحدثين المشاركين على إجراء حوار مثمر في بيئة جيدة".

لكن أتياس لا يخفي موقفه المضاد لاعتبار الفعاليات الافتراضية بديلاً للحضورية، فهو يقول، "في عصر زووم، وويبيكس، والمنصات الافتراضية يمكن أن تصبح الفعاليات غير الحضورية مملة"، لافتاً إلى الحاجة إلى بذل جهد أكبر على الوسيلة بقدر المحتوى، وذلك للتأكد من وصول الرسالة بشكل جاذب، وهذا ليس بقصد التفاخر، ولكن لأن نوع الوسيلة وقوتها يصنعان الفارق في دعم محتوى الرسالة ووصوله.

"نريد تغيير قواعد اللعبة"

 

وبينما تعود دول كثيرة تدريجاً إلى الحياة الطبيعية ما قبل وباء كورونا، أكد الرئيس التنفيذي أن النسخة الخامسة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار ستُعقد حضورياً في الرياض في الفترة بين 26 و28 أكتوبر، وأعلن عن مشاركة 200 متحدث دولي، وتسجيل أكثر من 1200 موفد دولي حتى هذه اللحظة، وكلهم متحمسون للقدوم إلى العاصمة السعودية، ومناقشة موضوعات الاستثمار في قطاعات متنوعة، لافتاً إلى وجود تنسيق مع وزارتي الصحة الداخلية وجميع الأجهزة السعودية لتطبيق الإجراءات الاحترازية، وتنظيم مؤتمر آمن على غرار النسخة السابقة في يناير الماضي.

وكشف أتياس عن أن المؤتمر المقبل سينطلق تحت شعار "الاستثمار في الإنسانية"، مشيراً إلى أنه وفريق عمله أدركا أثناء الجائحة الحاجة إلى النظر إلى نصف الكوب الممتلئ بدلاً من النصف الفارغ. وأضاف، "بتفاؤلنا كنا نقول في عام 2021 سنشهد انتعاش قطاعات متعددة، وكنا محقين، لأننا نرى اليوم بعد أشهر من النسخة الماضية انتعاش قطاعات تجارة التجزئة والسياحة، والعالم يتعافى، كما ترى في عدة مدن، نيويورك، والرياض، وبكين وغيرها".

ولدى سؤاله عن المشاريع التي ستزيح النسخة المقبلة الستار عنها، فضل أتياس ترك ذلك ليتم الإعلان عنه من قبل القيادة السعودية وفق المعمول فيه سابقاً، لكنه أكد وجود عدد من المشاريع الكبيرة والشراكات الواعدة التي سيعلن عنها على منصة المبادرة في أكتوبر المقبل، وقال، "سنبذل قصارى جهدنا لتغيير قواعد اللعبة، فهذا ما نسعى له في المؤسسة، نحن نحاول أن نكون مجددين وألا نكون في منطقة الراحة، ومن المهم تنظيم حوار استثنائي وجديد لأن عالم الغد مختلف تماماً عن السابق".

وشدد الرئيس التنفيذي على ضرورة الاستثمار في كل ما يخدم البشرية لجعل هذا الانتعاش مستداماً، مشيراً إلى مجالات بعينها هي الرعاية الصحية والمياه النظيفة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا وتمكين المرأة. وقال، "الجائحة علمتنا مواطن الضعف في العالم، وما الذي يحتاجه 7.8 مليار إنسان. رأينا في أفريقيا على سبيل المثال أن عدداً من المستشفيات لم تكن قادرة على تقديم الخدمات لمرضى كورونا بسبب الافتقار للمياه النظيفة".

واعتبر أتياس أن فقدان الطاقة أثناء مواجهة تحديات تغير المناخ مثل الحرائق والفيضانات مؤشر إلى الحاجة إلى الاستثمار في الأساسيات ومنها مصادر الطاقة البديلة، للتأكد من أن الناس سيكونون قادرين على الحصول على الغذاء وعيش حياة كريمة، وقال "هذه هي أجندتنا، إذا أمكنني الإسهام في تحقيقها فهذا هو إرثي". وأضاف، "الثراء لا يتعلق بالمال، الثراء هو ما تفعله بقلبك للآخرين. عندما تكبر فتقول حسناً ما هو إرثي؟ إرثي ليس أنني شيدت مبان ولدي أراض وخمس سيارات. لا، إرثي هو ما فعلته من أجل الآخرين".

العالم ما بعد كورونا

وعما إذا كانت الفعاليات المقامة عن بعد ستهيمن على واقع ما بعد كورونا، قال أتياس "العالم عرف الأحداث الافتراضية، منذ ما يقرب من 15 عاماً، لكننا هذه المرة كنا مضطرين لها، ولا أعتقد أن الاجتماعات الافتراضية سوف تحل محل المحادثة وجهاً لوجه لأنه في المحادثة الافتراضية نفتقد العاطفة والمصافحة والتواصل البصري. إذا نظرت إلى الكاميرا، فأنا لا أنظر إليك وإذا أنا أنظر إليك، فأنا أتفقد الكاميرا".

وتابع، "ستقدم الأدوات الافتراضية المساعدة والدعم، ولكنها ستظل مجرد أداة. توقعي الشخصي هو أنه من المحتمل أن نسبة 25 أو 30 في المئة من الفعاليات ستكون افتراضية و70 في المئة حضورية. وسنرى عدداً من المؤتمرات الهجينة التي تجمع بين الافتراضي والحضوري".

ويرى الخبير في عالم صناعة الفعاليات الذي يمثل ما يقرب من 2 تريليون دولار، أن القطاع سيستمر في النمو بشكل كبير نظراً إلى حاجة العالم إلى تجمعات دولية، وقال، "نتوقع نمواً هائلاً بحلول عام 2028، فالناس ما زالوا يرغبون في التواصل مع غيرهم، واكتشاف الفرص والأفكار الجديدة، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال التجمعات الحضورية".

السعودية بين الماضي والحاضر

وعن تجربة العمل في دولة خليجية، قال الرئيس التنفيذي إنه "بدأ العمل في السعودية قبل 20 عاماً عندما كانت المملكة هادئة جداً ومحافظة"، لكن ما اكتشفه بعد وصوله هو أن ثروة السعودية الأساسية ليست النفط وإنما أبناؤها، منوهاً بالقيم التي يتحلى بها الناس هناك، وهو ما يجعل النجاح حتمياً.

ويؤكد أتياس أن من الأسباب التي تجعله دائما منجذباً ومتحمساً للعمل في السعودية "هو حضارتها المدهشة التي كانت وستظل دائماً منارة للأفكار". وتابع "أتأمل دائما كيف سيكون المستقبل هنا مع نيوم والمشاريع العملاقة الأخرى، فأندهش كاندهاشي عندما أتوقف في منطقة عمرها أكثر من 5000 سنة كالعلا مثلاً، حيث تدرك معنى الإنسانية والجذور، لهذا لا يمكنك إلا إن تكون متحمساً للعمل في هذا البلد".

وعن فلسفته في تحويل التحديات التي تواجهه إلى فرص، يقول أتياس إذا كنت فضولياً، إذا كنت سريعاً، ومتواضعاً، ستنجح. وأضاف، "عندما أقوم بتوظيف الشباب، أنا لا أنظر أبداً إلى سيرهم الذاتية، بل أسأل حول ما إذا كان يملك المتقدم ثقافة عالمية. يجب أن تكون مواطناً عالمياً، يجب أن تكون فضولياً ومنظماً وقادراً على العمل بشكل جماعي وعليك أن تتحرك بسرعة، لأننا نعيش في عالم يتحرك بسرعة الإنترنت والضوء".

واختتم الرئيس التنفيذي حديثه بتوجيه رسالة إلى وسائل الإعلام، قائلاً "أنا أحترم وسائل الإعلام كثيراً، لأنكم تتعرضون للهجوم الآن من قبل ما نسميه "الأخبار المزيفة. نحن بحاجة إليكم، نحتاجكم لتواصلوا أداء عملكم بطريقة أخلاقية واحترافية، لأنكم تقومون بواحدة من أهم الوظائف في العالم وهي إيصال المعلومة. كل ما نقوم به يجب إيضاحه بواسطة وسائل الإعلام. نحن بحاجة إليكم بقدر ما آمل أنكم تحتاجون إلينا".

المزيد من حوارات