Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أنقذ تعويم الدينار اقتصاد العراق من كورونا وانخفاض أسعار النفط؟

يرى مختصون أن هذه السياسة قد تنجح في بعض الدول لكن ليست ذات فائدة حقيقية في بلاد الرافدين

زاد قرار تعويم الدينار العراقي من معاناة المواطنين وشهدت أسعار السلع زيادة كبيرة (اندبندنت عربية)

عانى العراق العام الماضي من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة تفشي جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط، الذي يشكل العمود الفقري لإيرادات البلد، ولجأت الحكومة إلى تعويم الدينار لإنقاذ الاقتصاد ودفع رواتب موظفيها.

وزاد قرار التعويم من معاناة المواطنين، إذ شهدت أسعار السلع زيادة مضاعفة عن التي كانت عليه سابقاً، خصوصاً وأن معظم المتوفر في الأسواق المحلية مستورد من الخارج ويخضع إلى فرق العملة بالدولار مقابل الدينار العراقي.

وقرر البنك المركزي العراقي، نهاية العام الماضي، رفع سعر بيع الدولار للمصارف وشركات الصرافة إلى 1460 ديناراً.

خلق جو تنافسي في العراق

وكشف وزير المالية علي علاوي نهاية الشهر الماضي في تصريحات صحافية، عن أن عملية تغيير سعر الصرف لم تكن سهلة، مؤكداً أن العراق خرج بسلامة من الوضع الاقتصادي الصعب، وقال إن "سياسة العراق المالية خلال سنة ونصف السنة مرت بخمسة ظروف استثنائية، كما أن الاقتصاد العراقي تغير منذ 2019 والتزامات الحكومة السابقة، وأزمة كورونا أدت إلى انهيار أسعار النفط وزادت من البطالة"، لافتاً إلى أن "سياسة الحكومة عملت على ضبط النفقات، بالتالي انعكست على إيرادات الدولة".

ورأى الوزير العراقي أن "السياسة المالية والنقدية إصلاحية، ولا بد من الاستمرار في العمل بها، وعملية الإصلاح صحيحة، وبدأت من المصارف والجمارك"، مؤكداً أن "السياسة المالية تستهدف التوزان بين النفط وتعظيم الموارد الأخرى"، وشدد على أن "عملية تغيير سعر صرف الدولار كان يجب لها أن تتم قبل سنين ماضية، وهو ما يعكس أمراً مفيداً لإصلاح النظام الاقتصادي، إذ لا يمكن خلق بيئة حاضنة لاقتصاد خاص من دون مقدرة الحكومة على تغيير التشويه في المالية العامة".

وبين علاوي أن سعر الصرف يعكس قضايا عديدة، وهناك فائدة بارتفاعه لبعض القطاعات الاقتصادية، لافتاً إلى أن عملية تغيير سعر الصرف أُريد منها خلق جو تنافسي في العراق، لا سيما أن هناك اليوم توازناً بين الطلب على العملة والعرض، وأكد أن الوزارة تهدف إلى استقرار سعر الصرف وستدافع عنه، والمصارف الحكومية تهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني، وليس السلف بحد ذاتها، مشيراً إلى أن الحكومة ليست ضد هذا الأمر، ولكن يجب تنويع المصادر التي تذهب إليها هذه السلف.

توفير سيولة نقدية للحكومة

ورأى الباحث الاقتصادي حمزة الحردان أن "الغاية الأساس من تعويم الدينار العراقي توفير سيولة نقدية للحكومة من خلال فرق سعر الصرف، ولم يكن الأمر متعلقاً بحلول إنقاذ للاقتصاد العراقي، والدليل لم نشهد أي مؤشرات للنمو الاقتصادي المحلي، كذلك، ادعت الحكومة أنها سوف تقلل من نزيف العملة الصعبة إلى الخارج من خلال مزاد العملة، وفرق السعر سوف يؤدي إلى تراجع كبير في خروج العملة الصعبة من البلاد، ولكن في النتيجة، لم نشهد أي تراجع في معدلات بيع العملة التي وصلت أحياناً إلى مستويات أعلى مما كانت عليه في سعر الصرف القديم"، وأضاف، "ارتفاع أسعار السلع في السوق يقابلها انخفاض في معدل القدرة الشرائية، وكلها انعكاسات سلبية لهذا القرار"، وبحسب الحردان، فإن "الحكومة اتخذت هذا القرار، وكان الأسهل، لتوفير السيولة النقدية لدفع الرواتب والالتزامات التي عليها خلال فترة انخفاض أسعار النفط وأزمة كورونا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر الحردان أن "الاقتصاد العراقي يعاني من استمرار الاعتماد الكلي على بيع النفط، والاقتصاد الريعي يحتاج إلى حلول منها تفعيل دور القطاع الخاص وتوفير بيئة استثمارية آمنة وحلول جذرية في مشكلات الإنفاق الحكومي غير المبرر".

وقال الخبير في الاقتصاد الدولي نوار السعدي إن "سياسة التعويم قد تنجح في بعض الدول، لكن في اقتصاد العراق ليست ذات فائدة حقيقية، لكونه اقتصاداً ريعياً، يعتمد على إيرادات النفط بشكل كبير، لذا، فإن سياسة التعويم تتطلب تنويع الاقتصاد لخلق حالة من التوازن في العرض والطلب، إلا أن هذا يعدّ صعباً في العراق لوجود لاعب واحد فقط في هذه المعادلة وهو البنك المركزي العراقي".

سد العجز مقابل ارتفاع التضخم

وفي ما يخص الفائدة من تعويم تخفيض قيمة الدينار أخيراً، أكد السعدي أن التعويم "نجح فقط في سد العجز في ميزانية 2020، لكن في المقابل أدى إلى ارتفاع مستوى التضخم بشكل تدريجي وسريع، بالتالي تضرر طبقة الدخل المحدود، التي تعدّ الغالبة في المجتمع العراقي، بسبب انعكاس فروقات أسعار الصرف وزيادة تكاليف الواردات التي يتحملها المستهلك النهائي، وارتفع معدل التضخم السنوي في ديسمبر (كانون الأول) 2020، بنسبة 3.2 في المئة على أساس سنوي، متأثراً بتغيير سعر صرف الدولار. ووصل في هذه ألسنه إلى أربعة في المئة".

وتوقع السعدي "استمرار صعود أسعار المستهلك للأشهر اللاحقة، أما عن مستقبل الدينار، فمن المتوقع أن يحافظ على سعره في حدود 1500 كحد أعلى لفترة قد تصل إلى أكثر من سنة، وإذا تحسن الوضع الاقتصادي، فمن الممكن رفع قيمة الدينار مجدداً".

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي إيفان شاكر، أن قرار تخفيض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار لم يكن صائباً ولم ينقذ الاقتصاد العراقي، وبالعكس، فاقم الأزمة الاقتصادية، وتابع، "آلية التخفيض كانت عشوائية، وكذلك نسبة ما يقارب 25 في المئة عالية جداً، وفي الوقت نفسه، لم تكن هناك حزم تحفيزية لامتصاص الصدمة، وإنعاش الاقتصاد، ودعم شرائح محدودي الدخل، وبالعكس، زادت معدلات البطالة، وفشلت الحكومة في خلق بيئة مناسبة لدعم وتطوير الصناعة المحلية، لذلك هذا القرار أضر الاقتصاد العراقي بالمجمل".

وبلغ سعر صرف الدولار 1470 ديناراً إلى الجمهور، و1460 ديناراً للمصارف العاملة في العراق.

اقرأ المزيد