Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التسهيلات الإسرائيلية في ظل الاشتباك الحدودي تثير توجس الغزيين

يرجح مراقبون احتمال تعرض تل أبيب لضغوط أميركية لإرساء الهدوء

لا تشمل التسهيلات الإسرائيلية ملف إعادة إعمار غزة ولا صفقة التبادل المرتقبة (اندبندنت عربية – مريم أبو دقة)

على الرغم من استعداد إسرائيل لشنّ عملية عسكرية ضد غزة، رداً على استمرار الفصائل الفلسطينية في ممارسات الإرباك الليلي وإطلاق البالونات الحارقة والمتفجّرة صوب التجمعات السكانية الإسرائيلية المحاذية للقطاع، إلى جانب مواصلة حركة "حماس" خطاب التهديد بانفجار أمني في غزة، إلا أن تل أبيب أقرّت رزمة تسهيلات للقطاع أثارت توجس السكان وتساؤلاتهم عن سببها.
وصرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي أنهم لن يترددوا في خوض معركة جديدة إذا لم يستمر الهدوء على حدود قطاع غزة، وبالفعل بدأ الجيش استعداداته لخوض مثل هذه المواجهة. وأضاف أن "واقع حياة سكان غزة، يمكن أن يتحسن بشكل ملحوظ، ولكن ذلك لن يحدث طالما استمرت العمليات الإرهابية على اختلاف أنواعها".

تهديد وتسهيلات

لكن على عكس حديث كوخافي، أقرّت تل أبيب تسهيلات كبيرة لسكان غزة، أعادت من خلالها أوضاع القطاع ومعابره المرتبطة بإسرائيل إلى ما كانت عليه قبل القتال العسكري الذي نشب في مايو (أيار) الماضي، مع إضافة تحسينات جديدة على آليات إدخال مواد البناء. وبحسب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق غسان عليان، فإن تل أبيب وافقت على توسيع مساحة الصيد في بحر غزة إلى 15 ميلاً بحرياً، ورفع كمية المياه المُباعة للقطاع بخمسة ملايين متر مكعب، تُضاف إلى 10 ملايين متر مكعب من المياه سنوياً، فضلاً عن زيادة عدد التجار والعمال الراغبين بالعمل داخل إسرائيل إلى 7 آلاف وتوسيع العمل في معبر كرم أبو سالم المخصص لنقل المعدات والبضائع إلى غزة.
كما وافقت تل أبيب على إعادة فتح المعبر التجاري بشكل كامل لإدخال كل ما يلزم، بما في ذلك حديد البناء والإسمنت وتوريد السيارات الجديدة، وكذلك سمحت بتجارة الذهب بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
 


ويبدو أن إسرائيل تعمل على حلحلة الوضع الاقتصادي في غزة بعد وصوله إلى أدنى مستوياته، فيما لا تزال تعرقل عملية إعادة الإعمار. وقال أمين سر اتحاد الصناعات الإنشائية محمد العصار إن "تل أبيب وافقت على دخول الإسمنت للقطاع الخاص، بينما لم تسمح بدخول الحديد إلا للمؤسسات والمشاريع الدولية، وهذا يعني مزيداً من عرقلة إعادة الإعمار. بالتالي، فإن هذه الخطوات منقوصة".
في الواقع، لم تأتِ التسهيلات الإسرائيلية رزمة واحدة، بل جاءت بتتابع سريع جداً، ووفق بيانات متعددة، كما تعمل تل أبيب على النظر في إمكانية منح تسهيلات إضافية لغزة مع الوقت. وقال عليان إن "بقاء هذه الخطوات مشروط بمواصلة الحفاظ على استقرار أمني طويل الأمد وجاء تطبيقها وفقاً لتقييم الوضع الميداني".

حقيقة الوضع الأمني

لكن في الحقيقة، الوضع الأمني غير مستقر، بخاصة أن الفصائل ما زالت تواصل عمليتَي تسخين الحدود وتهديد إسرائيل التي تردّ بالمثل. بالتالي، فإن الوضع في غزة متوتر للغاية وربما ينتج منه انفجار سريع يدفع إلى شنّ عملية عسكرية جديدة.
ويعود سبب تصعيد الفصائل للتحركات الشعبية الخشنة على الحدود مع إسرائيل، إلى تباطؤ تل أبيب في تنفيذ تفاهمات وقف إطلاق النار التي جرت في مايو (أيار) المنصرم، فعادت نشاطات الإرباك الليلي (عمليات إطلاق مفرقعات وإشعال نيران على حدود إسرائيل تهدف إلى إزعاج الجيش) ونشطت وحدة البالونات المتفجّرة التي تُلقى قرب التجمعات السكانية الإسرائيلية القريبة من القطاع.
وما زالت هذه التحركات مستمرة، ووصلت إلى ذروتها بين الطرفين بعد إشعال شبان فلسطينيين النار في إطارات السيارات وعمدوا إلى توجيه أشعة الليزر صوب الثكنات العسكرية، حينها أطلق الجنود النار وقنابل الغاز المسيل للدموع ومصابيح الإنارة باتجاه المتظاهرين، ما أدى إلى مقتل شاب وإصابة ثلاثة آخرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب حركة "حماس"، فإن "الفعاليات الشعبية على الحدود ستستمر، ولن يتم التراجع عن ذلك حتى كسر الحصار بالكامل، وليس تقديم تسهيلات تُعدّ مجرد ألاعيب".
وعن سبب التسهيلات للقطاع على الرغم من توتر الوضع الأمني، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أن لا رغبة لدى تل أبيب بخنق غزة، وإنما تريد فقط وقف الصواريخ، مضيفاً أن "الهدف من التسهيلات هو تحقيق السلام، بخاصة أن إسرائيل غير مهتمة بالعودة إلى غزة ولا باستمرار الحصار. والسماح بوصول المساعدات والنشاط الاقتصادي للقطاع، مرتبط بتحقيق التهدئة على الحدود".

في المقابل، ردّ قائد "حماس" في القطاع يحيى السنوار أن "أمام غزة طريق مفتوح لمواجهة عسكرية جديدة، وستكون آخر خطوة إذا لم تنجح خطوات الوسطاء في تحقيق كسر كامل للحصار".

لماذا يتوجس السكان؟
على الرغم من الارتياح العام في غزة للتسهيلات الإسرائيلية الأخيرة، إلا أنها أثارت تساؤلات عن الغرض منها، بخاصة أن مباحثات تثبيت الهدوء لم تُنجز بعد، ولم يطرأ أي تطور على ملف إعادة الإعمار.
وتسري في القطاع قراءتان للتسهيلات، الأولى أن الإدارتين الأميركية والإسرائيلية ترغبان بالإبقاء على الوضع هادئاً، وتبحثان عن حلول سياسية أو اقتصادية تحقق السلام، أما الثانية، فترى أن ما يحدث يشبه "كلاكيت إعادة لأحداث عام 2008"، عندما قدمت تل أبيب تسهيلات كثيرة للقطاع، لتعود ومن دون مقدمات إلى شن حرب قاسية عليه.
بحسب المعلومات المنتشرة، فإن "حماس" تتعامل مع كل الاحتمالات، وعمّمت ضرورة أخذ الحيطة والحذر على قياديي الصف الأول، في المستويين السياسي والعسكري، خشية التعرض لـ"غدر إسرائيلي".
وقال الباحث السياسي طلال عوكل إن "تل أبيب ربما تخطط لأمر مباغت للقطاع. القيادة الأمنية الإسرائيلية تقول إنها تتجه نحو تصعيد عسكري، فيما تتجه القيادة السياسية إلى منح تسهيلات. وفق العلوم السياسية والعسكرية، فإن الحرب خدعة ومن المحتمل أن تكون التسهيلات هي الخدعة للمباغتة".
ولفت عوكل إلى أن "تقديم تسهيلات يتزامن مع تصعيد الفعاليات الخشنة ومقتل جندي على الحدود، ما يُعدّ شيئاً غريباً، وربما يشير إلى تدخل واشنطن وطلبها من إسرائيل أن تقدم تسهيلات، وإذا لم تنجح في تحقيق الهدوء تعود إلى الاشتباك".

المزيد من الشرق الأوسط