Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيضانات نيويورك تؤكد أن الأفقر هم الأشد تضررا من التغير المناخي

كان أحد عشر من أصل الاثني عشر شخصاً الذين قضوا في مدينة نيويورك يعيشون في شقق كائنة في أقبية يتم تأجيرها عادةً لذوي المداخيل الهزيلة

إريك كليننبرغ: "لطالما حددت الطبقة الاجتماعية من يعيش ومن يموت أثناء الكوارث. كانت هذه هي الحال عندما غرقت الباخرة تيتانيك..." (غيتي)

سمعت إحدى الجارات في حي وودسايد في منطقة كوينز، عائلة تطلب المساعدة من شقتها الكائنة في القبو، بينما راحت المياه المتدفقة تغمر المبنى. لم يستطع أحد اختراق السيل والوصول إلى العائلة. مات أفراد العائلة الثلاثة ومن بينهم طفل صغير. وحدثت قصة مماثلة في سايبرس هيل في بروكلين. حاول روبرتو برافو، البالغ من العمر ستة وستين سنة، الفرار بكل ما أوتي من قوة بينما كانت المياه تتدفق عبر النوافذ، لكن لم يتمكن أحد من الوصول إليه في الوقت المناسب.

تسببت تبعات الإعصار "أيدا" بدمار في مدينة نيويورك مساء الأربعاء، ما نتج منه فيضانات مفاجئة أغلقت شبكة مترو الأنفاق، وتركت الناس عالقين في سياراتهم ودمرت منازلهم. لكن كانت هناك فئة واحدة هي الأكثر بروزاً بين الضحايا، فمن بين 12شخصاً من سكان المدينة الذين فقدوا حياتهم في العاصفة، توفي 11 في شقق كائنة في الأقبية.

غالباً ما تكون الشقق المجهزة في الأقبية أو الحدائق (وهي مساحات للعيش تكون تحت مستوى الأرض) خياراً ذا كلفة ميسرة في مدينة يصعب فيها الحصول على سكن بالنسبة إلى الفئات ذات الدخل المنخفض. يمكن العثور على تلك المساكن في الأبنية الحجرية المنتشرة في المناطق الغنية، لكن تلك الموجودة في بعض الأحياء التي تقطنها الطبقة العاملة، غالباً ما تتكون من مساحات ضيقة، وأحياناً يتم تأجيرها بشكل غير قانوني من قبل أصحاب العقارات على أمل كسب أقصى قدر من الأرباح من مبانيهم.

كان سكان نيويورك يلجأون طوال الليل إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة صور شققهم الموجودة في الأقبية وهي تغرق في المياه. بالنسبة إلى البعض، كان هذا مجرد مثال آخر على كيف أن نصيب الفقراء من تأثير التغير المناخي والكوارث التي تصاحبه غير عادل.

يقول إريك كليننبرغ، أستاذ علم الاجتماع في جامعة نيويورك ومؤلف يكتب حول التغير المناخي وعدم المساواة، "لطالما حددت الطبقة الاجتماعية من يعيش ومن يموت أثناء الكوارث. كانت هذه هي الحال عندما غرقت الباخرة تيتانيك، وأغرقت الركاب الفقراء معها بينما كان الأثرياء يعومون على قوارب الإنقاذ ... ينطبق هذا الأمر على أزمة المناخ أيضاً".

ووصف البروفيسور كليننبرغ تأثير الإعصار "أيدا" في شقق الأقبية بأنه "ما يحدث عندما تجتمع أزمة الإسكان وأزمة المناخ معاً".

وقال لــ"اندبندنت"، "في مدينة نيويورك، تعيش آلاف العائلات الفقيرة تحت الأرض، حيث تكتظ بهم الشقق المعروفة باسم مساكن "الحدائق" التي هي في الواقع أقبية، حيث تكون دائماً عرضة للفيضانات، ومجموعة من المشكلات الأخرى أيضاً".

وفقاً لدراسة أجراها مركز برات لتنمية المجتمع، يعيش ما لا يقل عن 114000 من سكان نيويورك في هذه المباني غير القانونية، ويوجد معظمها في أحياء تضم أعداداً كبيرة من المهاجرين مثل كوينز.

وعلى الرغم من أن هذه الشقق غير القانونية قد تكون أقل كلفة، فإنها تجلب المخاطر غالباً. لا يفي كثير منها بقوانين البناء، ولا تحتوي على مخارج الطوارئ الضرورية. يذكر أنه من غير المعروف ما إذا كان أولئك الذين لقوا حتفهم يوم الأربعاء يقيمون في شقق غير قانونية.

يصف جيران العائلة التي لقت حتفها في وودسايد أثناء عاصفة يوم الأربعاء بشكل مرعب هطول الأمطار الغزيرة التي غمرت المبنى خلال لحظات. قالت اتشُوي سليدج، التي تعيش في الطابق الثالث من البناء، لصحيفة "نيويورك تايمز "، إنها تلقت اتصالاً هاتفياً من المرأة التي تعيش في شقة القبو.

روت السيدة سليدج للصحيفة، قالت لي الجارة "الماء يتدفق الآن"، فأجبتها، "اخرجوا!" "اصعدوا إلى الطابق الثالث!".... لكن آخر جملة سمعتها منهم هي "الماء يدخل من النافذة"، وكان هذا كل شيء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وورد أن الضحايا هم أنغ لاما (50 سنة) ومينغما شيربا (48 سنة) وابنهما لوبسانغ لاما البالغ من العمر 14 شهراً.

وتلقت شرطة نيويورك مزيداً من المكالمات من سكان الأقبية على مدار الأربع والعشرين ساعة التالية. عثرت الشرطة على دارلين هسو، 48 سنة، فاقدة للوعي في شقتها التي غمرتها المياه في حي كورونا في كوينز، حوالى الساعة 10.45 مساءً، وفقاً لصحيفة "نيويورك ديلي نيوز". توفيت السيدة بعد فترة وجيزة.

كما انتشل غواصو شرطة نيويورك ثلاث جثث تعود لامرأتين ورجل من قبو لا يزال مغموراً بالمياه في حي كيسينا في كوينز. وعُثر على رجل يبلغ من العمر 66 سنة، ميتاً في شقته التي غمرتها المياه في قبو يقع في حي ريدجوود آفنيو في شرق نيويورك.

تتجاوز تأثيرات الكوارث المناخية في المجتمعات الفقيرة مسألة السكن. كانت علي دييني، وهي شخصية مجتمعية فاعلة مترشحة لعضوية مجلس الشيوخ في منطقة هارلم مسقط رأسها، من بين أولئك الذين غمرت المياه شققهم يوم الأربعاء. تدفقت المياه إلى غرفة نومها في شقتها الكائنة في قبو وتتشاركها مع ساكن آخر.

وقالت لـ"اندبندنت"، إن الأحياء التي تسكنها الطبقة العاملة في نيويورك تفتقر إلى البنية التحتية الضرورية لمواجهة الأحداث المناخية القاسية، ونتيجة لذلك، فإنها أكثر تأثراً بالتغير المناخي.

مضيفة، "يمتلك الناس في الأحياء الأكثر ثراء بنية تحتية أقدر على الحؤول دون ذلك. أعتقد أن هناك عنصرية بيئية داخل المدينة ... هناك ارتباط أيضاً بين طريقة تخطيط المساحات الخضراء في المدينة والقضايا العنصرية و الطبقية".

وأشارت دييني إلى تقرير حديث لصحيفة "نيويورك تايمز" وجد أن درجات الحرارة في هارلم تزيد بـ31 درجة فهرنهايت (حوالى درجتين مئويتين) على الأحياء الأكثر ثراءً ذات الشوارع المحاطة بالأشجار، فضلاً عن وجود تباين في عدد حاويات القمامة ومعدل إفراغها.

هناك أيضاً التأثير الرهيب للعاصفة في نظام مترو الأنفاق، الذي يستخدمه في الغالب سكان نيويورك من ذوي الدخل المنخفض. حيث انتشرت مقاطع فيديو تظهر قطارات الأنفاق مغمورة بالمياه، بينما تنهمر المياه المتدفقة من مصارف المياه فوق الأرض، على وسائل التواصل الاجتماعي طوال الليل.

وتابعت السيدة دييني قائلة، "كثير من الأشخاص المتضررين من ذلك هم أشخاص علقوا أثناء عودتهم إلى منازلهم بعد العمل، ووسيلة النقل الوحيدة لديهم هي مترو الأنفاق. أنت ترى كثيراً من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تقول "أوه، لماذا لا تستقلون سيارة أجرة فحسب"، ويمكنك ملاحظة ارتفاع أجور خدمات "أوبر" للنقل بالأجرة من 100  إلى 200 دولار أميركي للانتقال من منطقة إلى أخرى. لذلك من الواضح أنها قضية طبقية".

وأضافت أن الاعتراف بهذا التفاوت هو الخطوة الأولى نحو إصلاح المشكلة.

موضحة، "علينا ضمان أننا ندرك وجود ظلم بيئي يحدث في أحيائنا وداخل المدينة، وأن نضع تشريعات لإصلاح الأمر من خلال التأكد من استيفاء الأبنية للقوانين، و أن المباني أكثر مقاومة للعواصف الاستوائية و الأعاصير".

يعد عدم المساواة المناخية قضية عالمية. إذ حذر تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2019 من أن العالم سيتجه نحو حالة "فصل عنصري مناخي" إذا بقيت الاتجاهات الحالية مستمرة، "حيث ينفق الأثرياء الأموال هرباً من ارتفاع درجات الحرارة والجوع والصراع، بينما يترك بقية العالم لتعاني ... تكشف الأحداث الشديدة المستور، وتظهر مدى قسوة المدن الغنية وعدم التكافؤ فيها هذه الأيام ... في الحقيقة لا أحد في مأمن من الأذى هذه الأيام. لكن البعض معرضون للخطر أكثر بكثير من البعض الآخر، والطبقة الاجتماعية هي التي تحدد إلى حد كبير من سينجو ".

لكن عدم المساواة المناخية ليست أفضل حالاً في بريطانيا.

قال البروفيسور كليننبرغ، إن عدم المساواة المناخية "واضحة بشكل خاص على المستوى الدولي. إذ تمتلك الولايات المتحدة وأوروبا أموالاً لتنفقها على التكيف وأمن المناخ. أما العالم النامي فيمتلك أقل من ذلك بكثير".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات