Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاستخبارات المركزية الأميركية في أفغانستان... جانية أم ضحية؟

هناك من يشكك في تعمد الاستخبارات المركزية تقديم معلومات وتقييمات مغلوطة للرئيس بايدن لكي تكون أزمته أكبر من أن يخرج منها

هل كانت الاستخبارات المركزية على علم بالفعل بما يجري في أفغانستان قبل قرار الانسحاب؟ (غيتي)

في مؤلفه الشهير "إرث من الرماد"، ينقل لنا الكاتب الأميركي تيم واينر، صورة عن الاستخبارات المركزية الأميركية، وكيف أن إرثها بات كالرماد من جراء الكثير من الإخفاقات التي مرت بها منذ تأسيسها في شكلها الحديث أوائل الخمسينيات من القرن الماضي.

لكن ذلك لا يعني أنه لم تكن لها عملياتها الناجحة، منها ما أدركه العوام من الأميركيين، والبعض الآخر توقفت أخباره عند النخبة من كبار المسؤولين.

والثابت أنه على الرغم من وجود نحو سبعة عشر جهازاً استخبارياً أميركياً فإن الاستخبارات المركزية تبقى هي صاحبة أكبر بريق بين قريناتها، ويرتبط عملها بما هو خارج الأراضي الأميركية، وتقوم غالبية إن لم تكن كل عملياتها على العنصر البشري، فهي على خلاف وكالة الأمن القومي التي تعتمد بالأكثر على الأجهزة الإلكترونية.

هذه الأيام يرتفع في الداخل الأميركي تساؤل عميق ومثير حول هذه الجماعة الاستخبارية وهل هي جانية أم ضحية؟ ما السبب وراء هذا الحديث الدائر بقوة ويحمل شكوكاً واسعة تجاه ذلك الجهاز الكبير والخطير، الذي تبلغ ميزانيته العلنية نحو مئة مليار دولار في العام، هذا بخلاف حساب العمليات السرية؟

في إشكالية التحذير بشأن أفغانستان

شيء ما يشعر المواطن الأميركي بالقلق تجاه الجهاز الاستخباري الأهم في توفير الحماية للأميركيين في الخارج، وفي الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في كل بقاع الأرض.

هل كانت الاستخبارات المركزية على علم بالفعل بما يجري في أفغانستان؟

تقول "نيويورك تايمز" إن الاستخبارات المركزية حذرت من "انهيار وشيك للجيش الأفغاني، فيما شكك الرئيس جو بايدن ومستشاروه في إمكانية حدوث ذلك".

الصحيفة الأميركية الشهيرة كشفت نقلاً عن مصادر خاصة بها، وعادة ما تكون تسريبات من رجال قريبين من البيت الأبيض، عن أنه بحلول شهر يوليو (تموز) الماضي، ازدادت التقارير الاستخبارية المتشائمة القادمة من أفغانستان بشأن الوضع هناك، وبخاصة لجهة قدرة قوات الجيش الأفغاني على التصدي لزحف "طالبان" وفرصة الحكومة في الحفاظ على سلطتها ومنع سقوط كابول.

هنا يبدو الغموض محلقاً بموقف الرئيس بايدن، فهل استمع الرجل لهذه التقييمات، أم أنه ضرب بها عرض الحائط؟

حسب الصحيفة الأميركية، فإن الرئيس بايدن قلل في 8 يوليو من خطورة سقوط الحكومة الأفغانية، كما أنه استبعد أي إجلاء فوضوي للأميركيين من أفغانستان على غرار ما حدث في نهاية حرب فيتنام عام 1975.

تقييمات استخبارية مثيرة للشكوك

حتى الساعة يبدو الغموض سيد الموقف بشأن دقة التقييمات الاستخبارية التي عرضت على الرئيس بايدن، لا سيما أن أفغانستان تفككت بسرعة أكبر بكثير عما ألمحت إليه المعلومات التي قدمت للرئيس، وهو الأمر الذي اعترف به بايدن نفسه، ما يعني أن هناك عطباً جسيماً في هيكل الاستخبارات المركزية الأميركية.

في هذا السياق جاء اتهام رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، المسؤولين الذين قللوا من شأن الوتيرة التي يمكن أن يتغلب بها مقاتلو "طالبان" على الحكومة الأفغانية، وهو اعتراف غير عادي من المرجح أن يفرض مزيداً من التدقيق على التقييمات الاستخبارية.

ولعل ما زاد الأمر سوءاً في حقيقة الحال هو أن الاستخبارات المركزية تحدثت بشأن العاصمة كابول، وأنه يمكن أن تسقط في خلال 90 يوماً.

غير أن العالم استيقظ على واقع يهرب فيه الرئيس أشرف غني إلى خارج البلاد، وتتداعى أسوار كابول إن جاز التعبير، وتجتاح جحافل "طالبان" البلاد كافة ما عدا إقليم بنجشير في أقل من 11 يوماً.

الجنرال ميلي عينه في تصريحاته للصحفيين يقول "لم يكن هناك شيء شهدته أنا أو أي شخص آخر يشير إلى انهيار هذا الجيش وتلك الحكومة في غضون أيام معدودات".

ما الذي وفرته الاستخبارات المركزية الأميركية لإدارة بايدن، وهل كانت هناك نيات ما غير واضحة في تلك التوقعات؟

شكوك في نيات الاستخبارات المركزية

من الواضح أننا أمام حالة تضاد مثيرة للشك، تبدأ من عند حقيقة المعلومات على الأرض في أفغانستان، وواقع الصراع السياسي الدائر في الداخل الأميركي، وبخاصة في ظل التنازع في الروح الأميركية، بعد معركة الرئاسة الفائتة... ماذا نعني بذلك؟

باختصار مفيد نقول إن المعلومات الاستخبارية التي توافرت لإدارة الرئيس بايدن أظهرت أن ثمة "سيناريوهات متعددة ممكنة"، بما فيها استيلاء "طالبان" السريع على السلطة على مدى أسابيع أو شهور أو سنوات، لكن لا يمكن أن تسقط أفغانستان برمتها خلال بضعة أيام، فهذا لم يكن شيئاً متوقعاً.

يصف السيناتور بوب مينينديز، الديمقراطي من ولاية نيوجيرسي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ تطورات المشهد الاستخباراتي الأميركي بأنها "نتائج مروعة لسنوات عديدة من فشل السياسة والاستخبارات".

هل في الأمر خدعة ما أو فخ كبير وقع فيه بايدن؟

ليس سراً نذيعه القول إن في الأعوام الأخيرة الماضية ارتفعت أصوات تنذر وتحذر من تدخل القوات المسلحة الأميركية، عطفاً على مجمع الاستخبارات في أعمال السياسة، بل بلغ الأمر في حالة بايدن وما يحيط بشؤونه الصحية والمخاوف من وقوع الدولة في براثن اليسار، حد التفكير في عمل عسكري مباشر، ما يعني انقلاباً على الديمقراطية الأميركية بصورة واضحة.

خلال الأسبوعين المنصرمين، بدا كأن هناك من يشكك في تعمد الاستخبارات المركزية تقديم معلومات وتقييمات مغلوطة للرئيس بايدن، لتكون أزمته أكبر من أن يخرج منها، وهذا ما حدث بالفعل، وما يلقي بظلال كثيفة على إعادة انتخابه رئيساً للبلاد مرة جديدة بعد ثلاث سنوات، وبالقدر عينه يختصم من فرص الديمقراطيين في الاحتفاظ بأغلبية كبيرة في مجلس النواب، أو السيطرة على مجلس الشيوخ.

هل جرت عملية تضليل ممنهجة؟

ولعل الشكوك التي نتحدث عنها ليست من عندياتنا، فالمراقب لوسائل الإعلام الأميركية خلال الأسبوعين الفائتين، عطفاً على وسائط التواصل الاجتماعي، يدرك أن هناك خللاً عميقاً بين ما كانت واشنطن تراه وتثق به، ومصير أفغانستان الآني.

خذ إليك على سبيل المثال اللقاء الذي جمع الرئيس الأفغاني أشرف غني في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي مع بايدن، والتأكيدات التي قطعها الأول للثاني حول قدرة الجيش الأفغاني على الصمود والتحدي، وعدم السماح لـ"طالبان" بأن تملأ مربعات النفوذ التي ستخليها أمريكا بعد انسحابها.

خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو ظهر بايدن في أكثر من مقطع مصور بحالة تفاؤل شديدة بشأن مستقبل الجيش والإدارة الحكومية في أفغانستان على العكس تماماً مما جرى على الأرض بعد أسابيع.

يتساءل الأميركيون عما إذا كان الرئيس بايدن قد تعرض لتضليل من قبل الأجهزة الاستخبارية الأميركية، أم أن هذه الأخيرة لم تكن ذات مهنية وكفاءة مناسبة لتقدر الوضع داخل أفغانستان بشكل صحيح.

على أنه مهما يكن من شأن الاتهام الموجه إلى الاستخبارات المركزية بتضليل الرئيس وإدارته، وهو بلا شك اتهام خطير وسيكون موضع التحقيق المطول من قبل لجان الكونغرس في القريب العاجل، فإن سهام النقد القاتل تتوجه إلى الاستخبارات المركزية، منها اتهامات داخلية، وبعضها الآخر خارجية، وكلتاهما تشير إلى أن "إرث الرماد"، يكاد يكون هو المهيمن على المشهد الأميركي... ماذا عن تلك الاتهامات؟

"فولفغانغ" وفشل الاستخبارات المركزية

خلال الأيام الأولى لتدهور المشهد في أفغانستان، اعتبر فولفغانغ إيشنغر، رئيس مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن، أن الوضع في أفغانستان يدل على فشل تام لأجهزة الاستخبارات الأميركية.

وفي تصريحات لقناة "24" التلفزيونية قال إيشنغر "مثلي مثل الجميع تقريباً أشعر بالصدمة والامتعاض لأننا جميعاً، أي كل من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، ابتعدنا عن الحقيقة إلى هذا الحد، فكنا واثقين أشد الثقة بأن هناك في أفغانستان قوات مسلحة ومدربة جيداً، وقبل أيام فقط كانت تصل إليَّ تقارير من الأميركيين تؤكد أن في مقدور هذه القوات الدفاع عن كابول على مدى أشهر".

في حديثه عينه يرى الدبلوماسي الألماني الشهير أن ما جرى هو انهيار لبيت الورق، وهذا يدل على فشل تام وهزيمة تامة في تقديرات الوضع العسكري، ويحمل المسؤولية للاستخبارات المركزية الأميركية.

هل من أصوات أميركية في الداخل تتفق مع ما ذهب إليه المسؤول الألماني الكبير؟

المؤكد أن صوت الجنرال ميلي يقطع بأن التقييمات الخاطئة للجيش الأميركي على الأرض سببها الرئيس هو إخفاقات أجهزة الاستخبارات الأميركية.

غير أن الرجل يضيف عبارة تفتح الباب واسعاً لما أشرنا إليه مسبقاً من توتر واضح وملحوظ بين البنتاغون وجنرالات الحرب الكبار، وبجانبهم مجمع الاستخبارات بأجهزته المختلفة، والرئيس وإدارته. يقول الجنرال ميلي "إن إخفاقات تلك الاستخبارات قد التقت مع إخفاقات صناع القرار في البلاد"... أي الإدارة السياسية الحاكمة في الوقت الراهن، وتوقع أن يكون لهذا الإخفاق الاستخباري تأثير كبير بعيد المدى في الاستراتيجيات الأميركية، وفي ثقة مختلف مؤسسات الدولة الأميركية بتقييمات أجهزة الاستخبارات.

لم تكن صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية بعيدة عن المشهد، فقد أجرت مقابلة مع مسؤول كبير في الاستخبارات الأميركية، الذي رفض الكشف عن اسمه، وسألته عن أسباب هذه المفاجأة التي حدثت في أفغانستان.

الضابط الاستخباري أجاب بأن أجهزته كانت ترسل على الدوام تقارير تفيد بإمكانية "استيلاء طالبان على السلطة في البلاد"، لكنها كانت تعتقد بأن الجيش وأجهزة الأمن المحلية الأفغانية أكثر ترابطاً وتماسكاً على الأرض.

الذكاء الصناعي وقدرات التحليل البشري

والشاهد أنه إذا استبعدنا سيناريو التآمر على بايدن، فإن هناك أسئلة أكثر إثارة ترتبط بعمل الاستخبارات المركزية، فقد كان من المثير أن تنطلق الأحاديث المرتبطة بقدرات الولايات المتحدة الخاصة بالذكاء الصناعي وقدرته على التنبؤ بالأحداث المستقبلية، في توقيت مواكب للانسحاب الأميركي المرتبك من أفغانستان.

قصة هذا الذكاء تقول إن البنتاغون وما نحوه من أجهزة استخبارية قد حصل على أدوات تكنولوجية أقرب ما تكون إلى أفلام الخيال العلمي.

باتت الكرة البللورية عند السحرة والعرافين في الماضي تترجم اليوم من خلال ما يطلق عليه "فكر الهيمنة المعلوماتية العالمية"، ذلك الذي يسهل من ويسرع في عملية اتخاذ القرار.

تبدو مشكلة أجهزة الاستخبارات الأميركية متمثلة في الكثير جداً من المعلومات، والقليل من القدرة على التحليل.

على سبيل المثال توفر الأقمار الصناعية الأميركية طوال 24 ساعة ما يحتاج إلى ثمانية ملايين محلل بشري، غير أنه وفي حال تسخير أدوات الذكاء الصناعي يمكن تحليل كل ما يرد من معلومات، عبر الأقمار الصناعية، والرادارات، والقدرات العسكرية تحت سطح البحر، والإنترنت المعاصر، والأجهزة الاستخبارية المختلفة، خلال ساعة أو أقل على أقصى تقدير.

هنا يحق لنا التساؤل: هل حدث بالفعل ارتباك معلوماتي قاد الاستخبارات المركزية الأميركية إلى هذا الإخفاق الكبير والمخيف، الذي ستكون له تداعيات قريبة وبعيدة الأثر دفعة واحدة على مستقبل الإمبراطورية الأميركية؟

الجواب نجده عند دانيش روبار، الباحث الأميركي المتخصص بالشؤون الأمنية، الذي يخبرنا بأنه في بلد مثل أفغانستان كانت خاضعة عسكرياً وإدارياً للولايات المتحدة، فإن أجهزة الاستخبارات لا تمارس جهداً استخبارياً وتجسسياً بقدر سعيها لتحليل الكم الهائل من المعطيات المتوفرة بين يديها، وهي غالباً ما تكون مؤلفة من أرقام، أي مجرد معطيات كمية. ولأجل ذلك ظنت الاستخبارات الأميركية استحالة سقوط 300 ألف جندي ورجل أمن أفغاني أمام 60 ألف مقاتل من "طالبان" بمثل هذه السرعة.

هل من تحليل أعمق للتفاصيل العسكرية؟

يبدو أن هناك ثغرة قاتلة في هيكل مجموعات الاستخبارات الأميركية العاملة في أفغانستان، ذلك أنها كانت تعتمد على ما يصدر من نظيرتها الأفغانية، وهذه الأخيرة كانت تتصرف كمؤسسة رسمية، وغالباً تعطي تقارير مطمئنة للرئيس وشركائه الأميركيين.

وفي كل الأحوال تبقى قضايا الفساد داخل تلك المؤسسة الاستخبارية حديث الأميركيين، فيما يبدو أن الأهم من الارتباك والفساد في العلاقة بين الاستخبارات والمؤسسات السياسية في البلاد هو عدم وجود استراتيجية طويلة الأجل لها، على الرغم من مليارات الدولارات التي تنفق على قططها السمان كل عام.

الاستخبارات الألمانية تفشل بدورها

وفيما الجميع في الداخل الأميركي يصب جام غضبه على الاستخبارات المركزية العاملة على الأرض هناك، فإن أحداً لم يلتفت إلى إخفاقات أخرى مساوية لأجهزة استخبارية معروفة بمهارتها، وتشارك جيوشها ضمن صفوف "الناتو" العاملة في أفغانستان منذ ما يربو على عقدين.

هنا يبدو جهاز الاستخبارات الألماني بدوره قد أخفق في إدراك قدرة "طالبان" على إحراز مثل هذا التقدم السريع والمفاجئ.

والمعروف أن هيئة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، وهي جهاز استخباري خارجي للحكومة الألمانية متخصص في الشؤون المدنية والعسكرية، وتتمثل مهمته في جمع وتقييم المعلومات ذات الصلة بالسياسة الخارجية والأمنية وإتاحتها للحكومة الاتحادية في شكل تقارير وتحليلات.

هذا الجهاز الذي يعتبر من أهم الأجهزة الاستخبارية الدولية العاملة في الشرق الأوسط، وكذلك الشرق الأدنى، التي عادة ما تعوض النقص الحادث في معلومات الاستخبارات المركزية الأميركية، نقول إنه بدوره قد تعرض لإخفاق كبير، وضع الحكومة الألمانية في موقف حرج جعلها عاجزة عن تقديم تفسيرات بهذا الشأن.

وعلى الرغم من ذلك تبدو قراءات الألمان الاستخبارية أكثر دقة من نظيرتها الأميركية، ففي شهر يونيو الماضي، اعتبر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في البرلمان أن "طالبان ستمسك الصولجان في يدها في غضون أسابيع قليلة"، وهو ما بدا بأن تشخيصه كان يعتمد أيضاً أو بالأساس على معلومات من هيئة الاستخبارات الاتحادية الألمانية.

هل أخطا الألمان بدورهم في الاعتماد على معلومات الاستخبارات الأميركية؟

هذا ما يلمح إليه غيرهارد كونراد، الموظف السابق بهيئة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، الذي يرى أنه ربما اعتمدت هيئة الاستخبارات الاتحادية الألمانية بالكامل على المعلومات الواردة من الاستخبارات الأميركية.

وخلاصة رؤية كونراد تتمثل في القول بأن استخبارات بلاده لم تكن ترى التطورات الدراماتيكية على الأراضي الأفغانية، ولهذا لم يكن بإمكانهم تقديم أي معلومات استخبارية في هذا الشأن بعد انسحاب الأميركيين من أفغانستان الأيام الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاستخبارات الأميركية ضحية الإرادة السياسية

لم تحرم الاستخبارات المركزية الأميركية من أصوات تدافع عنها، وبخاصة من قبل العديد من المسؤولين والخبراء السابقين من مجتمع الاستخبارات.

من بين تلك الأصوات يبرز عالياً اسم مايكل أوهانلون، الزميل البارز في معهد بروكنغز، الذي صرح أخيراً بأنه "لا ينبغي أن نلقي باللوم على المعلومات الاستخباراتية على الإطلاق"، ويضيف "أعتقد أنه عمل سياسي".

أما ستيفن كاش، المحامي المقيم في واشنطن والمتخصص في شؤون الأمن القومي، فمن جانبه يرى أن "معظم تقييمات الاستخبارات هي نوع من التوصيفات المحتملة للأشياء، التي قد تحدث مع وجهة نظر بشأن احتمالية سريعة لحدوث ذلك".

أما الاتهام الأكبر الذي بلور كثيراً من الحقائق عما يجري في الداخل الأميركي، فموصول بدوغلاس لندن، رئيس مكافحة الإرهاب السابق لوكالة الاستخبارات المركزية في منطقة شرق آسيا، بما في ذلك أفغانستان، الذي يقطع بأن بايدن ضلل الشعب بقوله إن الوضع تطور بسرعة أكبر مما يعتقد المسؤولون أنه ممكن، ويضيف "لقد توقعت الاستخبارات المركزية ذلك كسيناريو محتمل".

وعلى شاشة شبكة "أن بي سي نيوز" الأميركية، يكشف النائب الديمقراطي جاكي شبير، ممثل ولاية مسيسبي في مجلس النواب كيف أن "الادعاء بفشل الاستخبارات في توقع الهزيمة الساحقة على يد طالبان محض زيف، وأن العكس هو الصحيح، فقد قدمت تقارير دقيقة إلى صناع القرار في البيت الأبيض باستمرار، وجميعها كانت تفيد بأن طالبان يمكن أن تحتل البلاد وتسقط العاصمة كابول في غضون أسابيع".

وفي الوقت عينه كان مسؤول استخباري أميركي لم يفصح عن اسمه (لا يزال ضمن صفوف الوكالة)، يصرح لشبكة "أي بي سي نيوز" الأميركية بالقول "أبلغنا إدارة بايدن بأن الأمر لن يستغرق الكثير من الوقت حتى تأخذ طالبان كل شيء". وأضاف "لم يستمع أحد إلى تحذيراتنا المدوية".

وفي الخلاصة، فإنه من المبكر حسم جواب عن علامة الاستفهام المتقدمة، أي: هل الاستخبارات المركزية جانية أم ضحية؟ لكن المؤكد هو أن زلزالاً شديداً ضرب الداخل السياسي الأميركي، ومع كل إخفاق سيحدث في أفغانستان سوف تزداد ارتدادات وتبعات ذلك الزلزال.

وبكل تأكيد سوف يباشر الكونغرس عملية تحقيق واسعة، لن تقل ضراوة عن التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، ولن يألو الجمهوريون جهداً في ضعضعة أركان الحزب الديمقراطي وإدارة بايدن معاً.

ما يحدث في الداخل الأميركي معركة طويلة ومتصلة والأيام والأحداث سوف تكشف عن كثير من مفاجآتها.

المزيد من تقارير