Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العسكر والمعارضة السودانية… خلاف غير مبرر

على الرغم من التوافق على غالبية النقاط الخلافية إلا أن المجلس علق التفاوض لأسباب لم تكن متوقعة للمراقبين

متظاهرون سودانيون في العاصمة الخرطوم في 17 مايو (أ.ف.ب)

على الرغم من تعليق المجلس العسكري الانتقالي في السودان، فجر الخميس الماضي، التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير، نتيجة للنهج التصعيدي الذي تبنته الأخيرة، إلا أن غالبية النقاط الخلافية بين الطرفين تم الاتفاق عليها في اجتماعات سابقة. إذ اتفق الطرفان على كامل هياكل المجلس السيادي ومجلس الوزراء، والمجلس التشريعي وصلاحيتها.

وبموجب ذلك الاتفاق، سيُشكل المجلس التشريعي من 300 عضو، 67 في المئة منه لقوى الحرية والتغيير، و33 في المئة للأحزاب والقوى الأخرى، على أن يتم التعيين بالتشاور بين أعضاء المجلس السيادي وقوى الحرية، على أن يكون مجلس الوزراء مشكلاً من قبل قوى الحرية والتغيير.

تصعيد الاحتجاج

على الرغم من التوافق على غالبية تلك النقاط الخلافية، إلا أن المجلس علق التفاوض لأسباب لم تكن متوقعة للمراقبين. إذ أعلن أنه لمس حالة من التصعيد انتهجه أحد مكونات الحرية والتغيير، وهو تجمع المهنيين السودانيين، الذي أعلن عن جدول احتجاجي غطى أيام الأسبوع الماضي كافة. كما أشار رئيس المجلس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى أن الثورة ابتعدت عن السلمية، وشهدت حالات من التعدي على قوات الجيش والدعم السريع.

وعلى إثر ذلك، شهد الأسبوع الماضي حالة من الاحتقان في الشارع السوداني تسبب فيها محتجون بإغلاقهم طرقاً وجسوراً خارج نطاق الاعتصام أمام مقر الجيش السوداني. ما تسبب في تعطيل الحركة المرورية في وسط العاصمة. بيد أن تلك الوجهة التصعيدية شهدت تراجعاً منذ أمس الخميس، بإقدام المحتجين على فتح الطرق التي أغلقوها.

معوقات الاتفاق

منذ إعلان الاتفاق راجت أنباء تشير إلى أن تنفيذ ما تم إقراره سيواجه عقبات مستقبلية مرتبطة بالتنفيذ واختيار الشخصيات، سواء كان ذلك بين قوى الحرية والتغيير، أو مع المجلس العسكري.

ويقول القيادي في قوى الحرية والتغيير بابكر فيصل إن "الطرفين توافقا فعلياً على ما نسبته 95 في المئة من نقاط الخلاف. إذ تم الاتفاق على سلطات المجلس السيادي التي حصرت على نطاق ضيق، إضافة إلى صلاحيات البرلمان الانتقالي ودوره في تحقيق الديمقراطية والسلام في فترة الأشهر الستة الأولى من إعلان توقيع الاتفاق. كما أنه تم تحديد سلطات مجلس الوزراء ودوره في المرحلة المقبلة".

وينوه فيصل إلى أن "أكبر عقبة كانت تعيق مسار التفاوض ارتبطت بأمد الفترة الانتقالية. إذ كان المجلس يصر على حصرها في عامين، فيما كانت المعارضة تطالب بأن تكون أربع سنوات. وبموجب الاتفاق الأخير ستكون ثلاث سنوات".

ويوضح أن "ما تبقى للتشاور حوله يرتبط بنسب مشاركة العسكر والمدنيين في مجلس السيادة". ويرى فيصل إنها "لن تشكل عقبة كبيرة بعد تحديد صلاحيات المجلس".

وحول ظهور عقبات مستقبلية في المفاوضات يؤكد أن "المعارضة تسعى بأسرع وقت إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وأنه لا توجد نقاط خلاف يصعب تجاوزها، لأن كل مكاسب الثورة باتت محققة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن مسار تكوين الجهازين التنفيذي والتشريعي، يفيد فيصل "بأنها ستسير بكل سلاسة". ويعلق على تصريحات بعض منتسبي التيارات الإسلامية القائلة بسعي المجلس العسكري والمعارضة إلى إقصائها بأنه "لا مانع من وجود إسلاميين في برلمان الفترة الانتقالية، لكن بشرط أن لا يكونوا متورطين في النظام السابق".

ومنذ يوم الاثنين الماضي، باتت نظرة التشكيك تحوم حول المجلس العسكري، في أنه يعمل على المماطلة حتى يتسنى للعناصر الرافضة للحراك الأخير إفشاله، حتى تنقلب الأوضاع على الجميع. وشهد الاثنين أحداثاً وقعت في محيط مقر الاعتصام أمام قيادة الجيش السوداني بالخرطوم، أدت إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة حوالى 200. وعلى الرغم من إعلان المجلس العسكري تشكيل لجنة للتقصي والتحقيق، إلا أن تلك النظرة التشكيكية من غالبية المشاركين في الاعتصام تجاه المجلس لم تتغير.

انتهاء المهلة

تنتهي المهلة التي أعلنها المجلس العسكري لتعليق التفاوض فجر الأحد المقبل. ومع اقتراب موعدها يبدأ التساؤل عن احتمالات إقبال الطرفين على التفاوض المباشر، أم أنهما سيقدمان قبل ذلك على وضع شروط مسبقة.

ويلاحظ خلال اليومين الماضيين اتجاه المعارضة إلى التأكيد أنها قادرة على السيطرة على الشارع وضبطه، خلافاً للاتهامات المبطنة التي قدمها المجلس العسكري في تبريره تعليق التفاوض، والتي ألمحت إلى أن المحتجين باتوا يتحركون بمفردهم. إذ عملت المعارضة على إقناع المحتجين بفتح المسارات التي أغلقت، وعلى إصلاح الأرصفة وحواف الطرقات التي تضررت نتيجة وضع المتاريس الجديدة. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للقيادي بتجمع المهنيين، محمد ناجي الأصم، والقيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، وهما يحثان المحتجين على التراجع إلى حدود مقر الاعتصام المحددة منذ 6 أبريل (نيسان) الماضي.

كما نشر تجمع المهنيين خرائط أوضح فيها حدود مقر الاعتصام، ونشر بيانات تطالب المحتجين بعدم الانجرار خلف دعوات جديدة غير معلومة المصدر تطالب بالتمدد.

وفي جولة لـ "اندبندنت عربية" داخل مقر الاعتصام، اتفقت غالبية من تم استطلاعهم أن طرفاً ثالثاً يدفع المجلس العسكري والمعارضة على السواء إلى افتعال الأزمات التي تعيق تحقيق مطالب المحتجين. ويرون أن خطة تمدد ساحة الاعتصام لم تكن صادرة من المعارضة على الرغم من أنها وجدت استجابة كبيرة عند المحتجين، وأن المجلس تعامل برد فعل غير منطقي بتعليقه التفاوض، وهو يعلم أن طرفاً استهدف الجميع بعمليات العنف الأخيرة، كأنه "توافق واقعي وخلاف غير مبرر".

المجتمع الدولي يطالب باستئناف المحادثات

حضّ المجتمع الدولي، الجمعة، على "استئناف فوري للمحادثات" في السودان بين المجلس العسكري والمعارضة بهدف التوصل إلى انتقال سياسي "يقوده مدنيّون بشكل فعلي"، وفق ما أعلن مسؤول أميركي في ختام اجتماع عُقِد في واشنطن.

واجتمع مساعد وزير الخارجيّة الأميركي للشؤون الأفريقية تيبور ناجي مع ممثلين عن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والنرويج "لتنسيق الجهود بهدف حضّ" الأطراف "على إيجاد اتفاق بأسرع وقت ممكن حول حكومة انتقالية" تكون "انعكاساً لإرادة السودانيين".

وكتب ناجي في تويتر "رحّبنا مع شركائنا بالاتفاقات الأخيرة" بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة المدنية "في ما يتعلق بالمؤسسات الجديدة".

وأضاف "عبّرنا أيضاً عن قلقنا حيال أعمال العنف الأخيرة من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين"، داعياً القادة العسكريين إلى "السماح بالتظاهرات السلمية وإلى محاسبة المسؤولين عن العنف".

وأكّد أيضاً أن ممثلي البلدان الذين حضروا إلى واشنطن ناقشوا أيضاً الدعم الذي سيُقَدّم إلى الحكومة المستقبلية بقيادة مدنيّة في السودان.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي