بعد انتهاء المدة المقررة لعمليات إجلاء اللاجئين من مترجمين وصحافيين ونشطاء ومتعاونين أفغان من كابول بعد انسحاب القوات الأجنبية منها، بانقضاء تاريخ الـ 31 أغسطس (آب) 2021، يبدأ الحديث عن مصير هؤلاء الذين تم إجلاؤهم إلى دول ثالثة لتدقيق وضعهم قبل السماح لهم بالهجرة إلى أميركا.
واختارت واشنطن أربعاً من دول الخليج بجانب دول أخرى، والتي تضم قواعد أميركية مقار لاستضافة اللاجئين "بشكل مؤقت" إلى أن تستقر الأوضاع في أفغانستان، أو نقلهم إلى الولايات المتحدة في وقت لاحق، إلا أن مدة توطينهم فيها لا تزال ضبابية، ومما زاد ضبابيتها هو ما بدأت تلمح إليه له وسائل إعلام أميركية عن احتمالية توطينهم في الدول التي كان يفترض بها أن تكون محطة عبور، بسبب عدم وضوح الرؤية حول برنامج الإجلاء.
وذكر تقرير موقع "اكسيوس" الأميركي أن الأفغان في قطر يعيشون داخل قاعدة "لا تلبي أدنى معايير الرعاية، حيث تمتلئ بالفضلات البشرية والفئران"، مطالبة دول الخليج برعاية الأفغان وإسكانهم ورعايتهم دائماً وليس بشكل مؤقت، وهو ما يأتي مناقضاً لما ذكرته المؤسسة الأميركية الرسمية في وقت سابق، بأن إيواء بعض اللاجئين في قواعد الدول سيكون مؤقتاً، وأن هناك منظمات متخصصة بإعادة توطين اللاجئين، ولكن العملية بطيئة وقد تحتاج وقتاً طويلاً لإنجاز هذه المهمة.
إجلاء الأفغان من دول الخليج صعب
غير أن الوضع في دول الخليج والتي بادرت بالمساعدة في إجلاء الآلاف المواطنين الأفغان، وهي الكويت والإمارات وقطر والبحرين، لا يزال مشوشاً عندما أبلغت مصادر للحكومة الفيدرالية وبعض عناصر الإدارة الأميركية، أنها وصلت لليأس في التعامل مع الانسحاب من أفغانستان، فبحسب شبكة "سي إن إن" التي أوردت على لسان المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية ويليام أوربان، "نحن ندرك أن وضع اللاجئين الأفغان في تلك الدول صعب، ولكن ما زلنا ملتزمين بتوفير بيئة آمنة وصحية في تلك الدول في حال عدم القدرة على إجلائهم في الوقت القريب".
قد يمكثون 20 عاماً
دور "الدولة الثالثة" ليس جديداً على دول الخليج بخاصة في ما يتعلق بالمهاجرين والنازحين، فبعد حرب تحرير الكويت مرت السعودية بحال مشابهة يحكي تفاصيلها اللواء الركن فيصل بن جلوي الذي قال، "فترة الغزو حرضت أميركا مواطني جنوب العراق على الثورة ضد نظام صدام حسين ووفرت لهم حظراً للطيران إلا أنها لم تلتزم به، مما سمح للقوات العراقية بالطيران المروحي في فترة لاحقة، لتستخدم في قمع الثورة بشراسة، وهو ما أتبع بموجة نزوح وصلت إلى 40 ألف شخص صوب الحدود السعودية، وأقيم معسكر رفحا 1 ثم رفحا 2". ويضيف، "قدمت التعهدات حينها بأن بقائهم لن يزيد على خمس سنوات، لكن آخر عراقي في هذه المعسكرات غادر بعد 20 عاماً عائداً إلى بلاده بعد أن تكلفت الدولة الحاضنة للمخيم مليارات الريالات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "المسؤول عن أزمة أفغانستان هو نفسه من غزا البلاد في 2001 وجمع حلفاءه وقاتل لمدة 20 عاماً، لذا فإن المسؤولية حول أوضاعهم المعيشية ملقاة عليه"، مشدداً على أن "عدداً ليس بالقليل من هؤلاء الذين باتوا في دول خليجية هم لاجئون اقتصاديون، مما يعني احتمال بقائهم فترة طويلة فيها".
وأشار العسكري المتقاعد إلى أن على دول الخليج التي وافقت على استقبالهم أن تتحضر لمسؤولية أكبر، فأمام الرأي العام الدولي باتت أوضاعهم الإنسانية مشكلتهم هم وليس مشكلة من جلبهم.
دول الخليج تتمسك باستضافة مؤقتة
وقد وجهت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الشكر إلى قطر والإمارات والبحرين والكويت على مساعداتهم في إجلاء آلاف من أفغانستان مع انسحاب القوات الأميركية وسيطرة حركة طالبان على البلاد.
إلا أن قطر أكدت عبر بيان من وزارة خارجيتها أن "معظم من تم إجلاؤهم يمرون عبر قطر، وتتم استضافتهم بشكل مؤقت لبضعة أيام قبل مغادرتهم في رحلات إلى وجهاتهم التالية".
وقال البيان إن الدوحة تقوم بجهود الإجلاء هذه بناء على طلب مجموعات دولية، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمنظمات الإعلامية والمؤسسات التعليمية، مضيفة أنها "قامت بإجلاء آلاف الموظفين الأفغان وعائلاتهم بأمان، فضلاً عن استقبالها طلبات من جميع أنحاء أفغانستان".
أما الكويت فقد ابتدأت الخارجية بيانها قائلة، "بشكل مؤقت وافقت الكويت على عبور 5 آلاف أفغاني فقط، وسيتم إجلاؤهم إلى الولايات المتحدة"، ولكن في وقت غير معلوم.
وفي الإمارات التي أعلنت استقبال الرئيس الأفغاني أشرف غني مع عائلته بعد أن فر من بلاده إثر سيطرة حركة طالبان على مداخل العاصمة كابول لأسباب إنسانية بحسب بيانها، قال مسؤول إماراتي لوكالات أنباء إن الإجلاء سيكون بشكل مؤقت، وتسعى إلى أن توجه غالبيتهم إلى الولايات المتحدة في الأيام المقبلة.
وهو الحال المشابهة للوضع في البحرين، التي قالت إنها "ستسمح باستخدام مطاراتها كنقطة عبور فقط".
وبحسب الأرقام التي تنقلها المنظمات الدولية المختصة بشؤون اللاجئين فإنه حوالى 2.2 مليون لاجئ أفغاني في الدول المجاورة لأفغانستان، بحسب تقرير نشرته لـ "سكاي نيوز" أخيراً، في حين أن القواعد العسكرية والمراكز التي خصصها الجيش الأميركي مع نظرائه في دول المنطقة قد امتلأت تماماً، وأصبحوا حالياً في أوضاع إنسانية سيئة ونقلهم للولايات الأميركية سيكون بصعوبة إجلائهم من كابول، فهل يتكرر المنظر المأساوي لإجلاء الأفغان من دول الخليج ولكن بصورة مختلفة؟