Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دول الجوار أمام تحدي طرد المرتزقة وتنظيم الانتخابات الليبية بموعدها

عليها اعتماد ضغط سياسي على كل الأطراف الدولية واعتبار الموضوع قضية أمنها القومي

تحقيق أهداف مؤتمر دول جوار ليبيا الذي انعقد في الجزائر يبقى صعبا على الرغم من نجاح انعقاده (التلفزيون الجزائري)

أعاد مؤتمر دول جوار ليبيا المنعقد في الجزائر، طرح التساؤل حول قدرة هذه البلدان على لعب دور في ظل سيطرة اللاعبين الدوليين الكبار على الوضع، على الرغم من الحضور اللافت لمختلف الأطراف المعنية إقليمياً ودولياً، ما منح تفاؤلاً كبيراً، إلا أن التمسك بـ"طرد" المرتزقة والقوات الأجنبية وتنظيم الانتخابات في موعدها يضعان نجاح المؤتمر على المحك.

الدور المحوري

وأجمعت تصريحات وزراء خارجية الدول المشاركة في المؤتمر الذي استمر يومين، وهو الثاني الذي تحتضنه الجزائر في 2021، حول الدور المحوري لدول جوار ليبيا في تعزيز الجهود الرامية لإيجاد حل دائم للأزمة الليبية، وشدد المجتمعون على الالتزام بمخرجات مؤتمري برلين الأول والثاني، وجددوا رفضهم كل أشكال التدخلات الأجنبية، ودانوا في البيان الختامي، استمرار توريد الأسلحة والمرتزقة، والمحاولات المتعمدة لبث الفرقة بين الليبيين لتقويض الجهود الهادفة لحل الأزمة، وشددوا أيضاً على ضرورة التشاور في ملتقى الحوار السياسي والعمل على التنسيق بين اللجنة العسكرية المشتركة "5+5"، ودول الجوار بشأن سحب القوات الأجنبية والمرتزقة.

كما أوضح الوزراء أهمية تعزيز تدابير بناء الثقة من أجل تهيئة المناخ لإنجاح الانتخابات، وتنفيذ أولويات خريطة الطريق من حيث إجراء هذه الانتخابات في موعدها على أن تقوم المؤسسات الليبية المختصة بتمهيد الأرضية القانونية والدستورية لذلك، داعين إلى تفعيل الاتفاقية الرباعية بين ليبيا ودول الجوار لتأمين الحدود المشتركة، كما اتفقوا على تنسيق جهودهم إزاء الأطراف الليبية كافة لوضع حد للأزمة وفقاً للمسار الأممي.

نقطتان مهمتان

وعلى الرغم من أن البيان الختامي شمل مختلف النقاط التي تشغل دول جوار ليبيا، غير أن خروج المرتزقة والقوات الأجنبية كان على رأس الأولويات، ومن أهم المطالب التي من شأن تحقيقها فتح الأبواب نحو الاستقرار، كما أخذت الانتخابات حيزاً مهماً من الاهتمام والنقاش، سواء قبل المؤتمر أو خلال الجلسات المغلقة، ما يكشف عن وجود عراقيل تمنع تقدم الأمور نحو الأمام، وتؤكد مخاوف دول الجوار من عودة الأوضاع إلى نقطة الصفر، كما تطرح تساؤلات حول قدرة هذه الدول على تحقيق هذه الانشغالات، في ظل فشل كل المحاولات السابقة التي رعتها أطراف دولية بما فيها الأمم المتحدة التي تدعو في كل مرة إلى خروج القوات الأجنبية والمرتزقة لفسح المجال أمام تنظيم الانتخابات.

وقالت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، إن اجتماع الجزائر كان ناجحاً، وحمل رسالة واضحة تؤكد دعم الجهود الليبية في تحقيق استقرار ليبيا، مشيرة إلى وجود مساعٍ لإجراء الانتخابات في وقتها في انتظار موقف البرلمان من القاعدة الدستورية، ولفتت إلى أن الوزراء أكدوا التنسيق مع لجنة "5+5"، بشأن موضوع انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه، دعا وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، الجهات التي قامت بنقل المرتزقة والقوات الأجنبية إلى ليبيا، بإعادة هؤلاء إلى الأماكن التي قدموا منها، وقال إنه "ليس واضحاً أين ستذهب القوات الموجودة في ليبيا، ومن أحضرها يجب أن ينقلها ويعيدها إلى المناطق التي جاءت منها، حتى لا تكون دول الجوار ضحية لخروجها غير المنظم وغير المدروس وغير المراقب".

صعوبة المهمة واعتماد الضغط

وفي السياق، أكد الناشط السياسي الجزائري، صادق أمين، أنه من الصعب طرد كل المرتزقة الموجودين على الأراضي الليبية في غياب سلطة مركزية قوية، بخاصة أن بعض المرتزقة معارضون مسلحون لحكومات بلدانهم الأصلية وجعلوا من الأراضي الليبية ملاذاً آمناً لهم وقاعدة خلفية يطلقون منها هجوماتهم على بلدانهم، مثل المعارضة المسلحة التشادية، وفي هذه الحالة تصبح الأمور أكثر تعقيداً، وأشار إلى معوقات أخرى مثل استغلال واستعمال بعض أجنحة الصراع المسلح للمرتزقة وجعلهم قوتها الضاربة في عملية الاستحواذ على السلطة بالقوة، كما أن ارتباط مرتزقة بمصالح دول عظمى مؤثرة في المشهد الليبي يعرقل مسار الحوار والمصالحة الليبية، لكن هذا لا يمنع دول الجوار من المساهمة الفعالة في تذليل العقبات ومساعدة الليبيين على تحقيق تسوية ترضي كل الأطراف.

من جانبه، قال رئيس كتلة "المسار الوطني" في البرلمان الليبي، علي أحمد التكالي، إننا "نتمنى أن تتمكن دول الجوار الليبي من طرد المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا وتنظيم الانتخابات في وقتها، وهو أمر يمثل أهمية قصوى لليبيا وكذلك دول الجوار"، موضحاً أنه لتحقيق ذلك أمام فشل كل المحاولات السابقة، يجب اعتماد الضغط السياسي على كل الأطراف الدولية، وأخد الموضوع على أنه قضية أمن قومي لدول الجوار الليبي، وأن هذا الملف لا يقبل متدخلين ما عدا من أراد المساعدة في لم شمل الليبيين وتحقيق المصالحة بينهم.

مخاوف من الفشل

وما يبرز التخوفات من فشل الوصول إلى انتخابات 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تصريح وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، في ندوة صحافية مشتركة مع نظيرها الجزائري رمطان لعمامرة، عقب اختتام المؤتمر، من أن تأخر البرلمان الليبي في التصديق على الإطار التشريعي قد يعرقل إجراء الانتخابات، وقالت، "نسعى جميعاً إلى أن تكون الانتخابات في ديسمبر، ونحن كحكومة وحدة وطنية قمنا بكل ما يلزم للدفع بعجلة الانتخابات من حيث التمويل ومد يد العون اللوجيستي والمادي لمفوضية الانتخابات"، مضيفة رداً عن سؤال حول احتمال تأجيل الموعد، "لا أعلم، لكن نحن نسعى إلى أن تكون الانتخابات في وقتها"، ولفتت إلى أن "الانتخابات يجب ألا تكون أولوية على حساب الاستقرار، لأن ذلك سيخلق مشاكل أمنية لا تحمد عقباها، ولا نريد لليبيا أن تدخل في حرب أهلية أو مشاكل سياسية أخرى".

وسار المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش تجاه المخاوف نفسها، إذ دعا في بداية الاجتماع إلى الإسراع في تحضير الإطار القانوني للانتخابات، موضحاً أن "الحكومة الليبية اتخذت الإجراءات اللازمة لتنظيم الانتخابات، والنواب حالياً بصدد الانتهاء من قانون الانتخابات، ولا يزال لدينا القليل من الوقت، لقد دعوتهم إلى تحمل مسؤولياتهم وعدم إضاعة الوقت".

بدوره، أعلن وزير الخارجية الجزائرية لعمامرة أنه من المقرر أن تستقبل ليبيا مراقبين دوليين يشرفون على مراقبة الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر، لافتاً إلى أن الجزائر مهتمة بالحضور من خلال مجموعة من المراقبين والتأكد من أنها نزيهة، واعتبر أن مصداقية الانتخابات وشرعية المؤسسات مفتاح لاسترجاع ليبيا سيادتها، وعودة انخراطها في المجتمع الدولي.

الأمل في إجراء انتخابات الرئاسة والبرلمان في موعدها

واعتبر القيادي السابق بتحالف "القوى الوطنية" والحقوقي الليبي، خالد بوزنين، أن دول الجوار عليها  دور لا بد من أن تفعّله لأجل تحسين وتطوير علاقتها بالليبيين، "لكنني أظن أن الأمر تجاوزهم بعد أن أصبحت اللعبة بأيدي دول عظمى"، مضيفاً أن "السبيل الوحيد وباب النجاة لما تبقى لنا من أمل هو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها"، وهو ما يجب دعمه لإنجاح العملية السياسية في ليبيا، وذلك يعتمد على الليبيين أنفسهم من خلال الحد من التدخلات الأجنبية، وأشار إلى أن سلطة القرار سواء البرلمان أو مجلس الدولة أو المجلس الرئاسي أو الحكومة واضح جداً، إذ ليس لديهم الحماس المطلوب ولا النوايا الخاصة للوصول إلى هذا  الاستحقاق.

وشدد على أن استمرار هذه الفوضى يخدم مصالحهم الخاصة، ويضمن بقاءهم، وأضاف، "دول الجوار لا أظن أن دورها كبير على الرغم من أهميته، على اعتبار أن كل هذه الدول لديها ما يكفي من مشاكل داخلية"، وختم أن مؤتمر الجزائر لم يأت بجديد يمكن الاعتماد عليه لإحداث التغيير لكنه يبقى عاملاً مساعداً للاستقرار.

المزيد من متابعات