Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجع أخطار اضطراب الأسواق في حال وقف برامج التحفيز

العالم تعلّم من أزمة 2013 ومشكلة الديون تبدو صدمة محتملة خصوصاً في آسيا

ضخت الحكومات والبنوك المركزية بنهاية العام الماضي 14 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي (أ ب)

مع توقع اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي قرار بدء خفض برنامج شراء الأصول في اجتماعه قرب نهاية الشهر، زاد الحديث عن تكرار أزمة اضطراب الأسواق نتيجة وقف برامج التيسير الكمي التي بدأت العام الماضي لتحفيز الاقتصاد على مواجهة آثار فيروس كورونا، لكن الواضح أن العالم استفاد من تجربة الأزمة المالية العالمية في 2008 - 2009، ومن أزمة وقف الاحتياطي شراء السندات فجأة بعد ذلك بأربع سنوات.

وحسب تحليلات كثير من الاقتصاديين والمستشارين الماليين في المؤسسات الدولية الكبرى، فهناك جانبان لبدء خفض برامج التحفيز الاقتصادي في الدول ذات الاقتصاد المتقدم، وفي مقدمها الولايات المتحدة.

الجانب الأول والأهم هو أن وقف شراء الأصول، أي إنهاء عملية ضخ السيولة في السوق، يؤدي إلى عمليات بيع هائلة للسندات، ويضر ذلك بشدة بوضع الديون السيادية في العالم، بخاصة في الدول النامية والصاعدة مع ارتفاع كلفة الاقتراض وتبعات أعباء الدين.

والجانب الثاني هو أن كثيراً من الدول النامية والاقتصادات الصاعدة لم تطرح برامج تحفيز كبيرة، مثل الاقتصادات المتقدمة، وبالتالي فإن اتباعها خطى الدول المتقدمة في وقف التحفيز قد يسبب صدمة لاقتصاداتها تقضي على فرص التعافي من أزمة كورونا.

مخاوف الاضطراب

وتركز الأسواق اهتمامها على الجانب الأول، وهو خشية تكرار اضطراب الأسواق، بخاصة سوق السندات وتوريق الديون، كما حدث قبل ثماني سنوات، لذا حذرت كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي غيتا غوبيناث من أن "الأسواق الناشئة قد لا تستطيع تحمل تكرار اضطراب السوق الذي جرى في 2013".

وأضافت في مقابلة مع "فايننشال تايمز" أن مخاوف التضخم تزيد احتمالات تضرر الاقتصادات النامية والصاعدة، "وكثير من المشكلات التي نواجهها، حتى في ما يتعلق بالتضخم واختناقات العرض، لها علاقة بحقيقة أن الوباء ينتشر في أجزاء مختلفة من العالم. نحن قلقون بشأن سيناريو يرتفع فيه التضخم أعلى بكثير مما كان متوقعاً، وسيتطلب ذلك تطبيعاً أسرع بكثير للسياسة النقدية في الولايات المتحدة".

ويزيد من قلق البعض أن متوسط الدين الحكومي في الاقتصادات الصاعدة الكبيرة مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ارتفع من 52.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 60.5 في المئة في عام الوباء 2020، بحسب أرقام معهد التمويل الدولي، لكن أغلب الاقتصادات في الدول النامية والصاعدة في وضع أفضل الآن مما كان عليه الحال إبان الأزمة المالية العالمية، وعندما قرر البنك المركزي الأميركي فجأة وقف التحفيز في 2013.

استجابة أفضل

يعود ذلك إلى التعلم من الدروس السابقة التي ترجمت طريقة استجابة العالم، بخاصة البنوك المركزية لأزمة كورونا الاقتصادية العام الماضي. وفي كتابه الذي نشر قبل أيام، يقول أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا آدم توز إن الاستجابة كانت أقوى وأسرع مما حدث في 2009.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسبق أن نشر توز كتاباً حول الأزمة المالية العالمية بعنوان "انهيار"، اتسم بالرصد الدقيق لتفاصيل الأزمة وتبعاتها في تاريخ آن للحدث، وفي كتابه الجديد (الإغلاق: كيف صدم كوفيد الاقتصاد العالمي) يقول البروفيسور توز، "إن أي تردد في استجابة الحكومات والبنوك المركزية في 2009 لم يعد موجوداً في الاستجابة في 2020"، إذ ضخت الحكومات والبنوك المركزية بنهاية العام الماضي 14 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، وهو مبلغ بالتأكيد أكبر حجماً بكثير من كل برامج التحفيز والتيسير الكمي في 2009.

ويخلص توز إلى أنه نتيجة لذلك لم تكن الأضرار على الاقتصاد العالمي من أزمة وباء كورونا بالخطورة ذاتها التي حدثت مع تبعات الأزمة المالية العالمية قبل أكثر من عقد من الزمن، فمع الأزمة المالية في 2009 بلغت الزيادة في الإنفاق الاجتماعي في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي 14.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أما العام الماضي مع أزمة كورونا فبلغ الإنفاق الاجتماعي في تلك الدول نسبة تزيد على 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط.

أسواق السندات

أما الخشية من اضطراب سوق السندات، بخاصة في دول الاقتصادات الصاعدة في آسيا وغيرها، فتبدو أقل بكثير هذه المرة، ويعود الفضل جزئياً إلى سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التي "جهزت" الأسواق حول العالم لبدء خفض برامج التحفيز قبل اتخاذ القرار بفترة معقولة جعلت تلك الأسواق "تهضم" القرار قبل إنفاذه.

ويخلص تقرير لوكالة "بلومبيرغ" إلى أن استجابة الأسواق الآسيوية لقرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض ووقف برامج شراء الأصول ستكون أفضل هذه المرة بسبب الوضع الجيد لتلك الأسواق، وأيضاً تحسبها لهذا الإجراء بشكل كاف مسبقاً.

وتنقل "بلومبيرغ" عن فيشنو فاراتان من "ميزوهو بنك ليمتد" في سنغافورة قوله، "منذ اضطراب السوق في 2013 أصبحت لدى البنوك المركزية الآسيوية ملاءة أمان جيدة من احتياطات العملات الأجنبية، ولا يتوقع هبوط حاد في مؤشر أسواق السندات، كما أن الأسواق الآسيوية قد لا تشهد أي عمليات هرب كبير لرأس المال".

ويقول البروفيسور آدم توز في كتابه إن كثيراً من دول العالم تعلمت من أزمة 2009 واضطراب السوق في 2013 بأن قللت من الاقتراض بالدولار الأميركي، أو فكت ارتباط عملاتها بالدولار، وأن ذلك كاف لتخفيف تبعات أزمة وباء كورونا وأية مضاعفات نتيجة إجراءات البنك المركزي الأميركي، وهو ما يؤكده تقرير "بلومبيرغ" الذي يشير إلى أن أغلب العملات الآسيوية لا يصل سعر صرفها إلى قيمتها الحقيقية، وأن نسبة الخفض في قيمة العملات تتراوح بين خمسة و11 في المئة، وذلك كفيل بالحد من أي عمليات فرار لرؤوس الأموال من الأسواق الآسيوية، كما أن التنوع في سندات الدين في تلك الدول، إضافة إلى التراكم الهائل لاحتياطات العملات الأجنبية لدى بنوكها المركزية، يمثل "حائط صد" جيد أمام أية صدمات خارجية.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة