Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصريحات دبيبة بشأن الإرهاب قد تهدد العلاقات بين تونس وليبيا

رأى مراقبون أن الرفض التونسي لفتح الحدود فاقم الضغوط على رئيس الحكومة المؤقتة

وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي مستقبلاً نظيرته الليبية نجلاء المنقوش (صفحة وزارة الخارجية التونسية)

على الرغم من تكذيب وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، الأخبار التي تم تداولها عن دخول إرهابيين من ليبيا إلى الأراضي التونسية من أجل تنفيذ عمليات إرهابية، صرح رئيس حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، عبدالحميد الدبيبة، بأن "تونس هي مصدر الإرهاب"، مثيراً غضب وحفيظة قسم كبير من التونسيين الذين رأوا أن تصريحاته قد تفسد العلاقات التاريخية بين الشعبين، في حين رأى آخرون أن تصريحاته ناتجة عن تعرضه لضغط داخلي.

وكان الدبيبة قد ذكر في خطاب وجّهه إلى الشعب الليبي رداً على الإجراء التونسي بغلق الحدود، أن "الإرهاب قادم إلى ليبيا من الخارج". وأضاف أنه أرسل وفداً إلى تونس لتوضيح الموقف الليبي، مشدداً على أن الحكومة الليبية تسعى إلى بناء علاقات طيبة مع دول الجوار. وتابع مخاطباً الجانب التونسي، "لن نقبل باتهامنا بالإرهاب... أنتم من جلب لنا الإرهابيين، وحاسبوا أنفسكم قبل الاتهام".
وكان وفد ليبي تترأسه وزيرة خارجية ليبيا، نجلاء المنقوش، قد زار تونس منذ أيام، لبحث إمكانية فتح الحدود بين البلدين التي أغلقتها تونس بسبب تفشي وباء كورونا في ليبيا، بينما قيل إن السبب الحقيقي أمني، لا سيما بعد تصريح الرئيس التونسي قيس سعيد بأنه يتعرض لتهديدات بتصفيته جسدياً.

تنقية الأجواء

ولقراءة تصريح رئيس حكومة الوحدة الليبية تجاه تونس من الجانب الدبلوماسي، رأى وزير الخارجية التونسي الأسبق، أحمد ونيس، أنه "لو أراد دبيبة اتخاذ إجراءات تصعيدية لفعل ذلك، لكن ردة فعل حكومة ليبيا لن تتعدى حدود التصريح".

وتابع ونيس، "في مارس (آذار) الماضي، عبرت حكومة دبيبة عن رغبة جدية بالتعاون مع تونس وتعميق العلاقات، وهذا فعلاً ما تريده إلى اليوم". وأضاف أن "تصريحات قيس سعيد بأنه مهدد بالقتل، حصرت الأنظار تجاه ليبيا، وبالتحديد قاعدة الوطية التي تسيطر عليها تركيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى ونيس، أن "تصريحات رئيس الجمهورية التونسية هي التي أثارت حفيظة رئيس حكومة ليبيا، خاصة أن تونس رفضت فتح حدودها حتى بعد زيارة وفد ليبي رفيع إلى تونس، بالتالي كلام الدبيبة أتى بمثابة ردة فعل على عدم القبول بفتح الحدود، لا سيما أن الحدود الجنوبية مع تونس تعد المتنفس الوحيد اقتصادياً وصحياً بالنسبة إلى الليبيين، ما وضع دبيبة تحت الضغط".
من جهة أخرى، اعتبر ونيس أن "الحكومة الليبية المؤقتة فوق الأحزاب، وفوق محاور الصراع الداخلي، فهي تسعى إلى وحدة ليبيا وامتصاص جبهات المعارضة ما بين الليبيين أنفسهم، فغايتها تحقيق الوحدة الضرورية وتسليم الحكم البرلمان المنتخب المقبل. وتالياً، لا يمكن لحكومة دبيبة أن تتخندق وراء أي محور".
لكن ونيس لم ينكر أن "الحكومة الليبية، وإن نجحت في مجالات عدة، فإنها فشلت في أخرى، وأهمها قضية السلاح المنتشر في ليبيا، وتسيطر عليه ميليشيات غير نظامية، خاصة الإسلامية منها"، موضحاً أن "الميليشيات تستغل قوتها، وقد تكون هي مصدر المؤامرة، أو تحاول تسميم الأجواء التونسية - الليبية، من خلال تسريب أخبار وإشاعات في ما يخص تهديد أمن تونس ورئيسها".
 

ابتزاز سياسي

من جهة أخرى، رأى الصحافي التونسي المتخصص في الشأن الليبي، نزار مقني، أن "الوضع الداخلي في ليبيا يلعب دوراً كبيراً في المواقف التي يتخذها رئيس الحكومة الليبية، وخاصة أن ما حصل في تونس تسبب في حصار جيوسياسي لطرف في المعادلة السياسية للصراع في ليبيا، وهم الإسلاميون".
وفسر مقني أن "الدبيبة في خلاف علني اليوم مع مجلس النواب الليبي على خلفية معركة تسمية وزير الدفاع في الحكومة، والذي ظل شاغراً بعد تشكيلها، وخاصة أن هذا المنصب ومنصب رئيس أركان الجيش الليبي الموحد يطالب بهما طرفي الصراع، بالتالي حصل خلاف بين الدبيبة الذي يمثل الغرب في السلطة الجديدة ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الذي يمثل الشرق، على تسميته".
وقال مقني، إن "الحصار الجيوسياسي للإخوان يؤثر بطبيعة الحال على استقرار الدبيبة الذي أصبح في موقع ابتزاز سياسي من الطرفين، بالتالي يذهب للتماهي معهم في الخطاب، وفي المقابل يبعث بوزيرة الخارجية إلى تونس لمحاولة تهدئة العلاقات، وخاصة أن تونس والجزائر باتتا تنسقان مواقفهما تجاه ما يحصل في ليبيا، وخاصة في ما يتعلق بالتطورات الميدانية، والتي قد تشتعل أكثر بين الميليشيات والجماعات المسلحة في المنطقة الغربية من ليبيا". وأضاف مقني أن "هذا الوضع الجيوسياسي المتوتر لا يسهل تموضع تركيا الجديد في المنطقة، وخاصة في ليبيا خصوصاً، مع المطالبات الدولية بسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وهو ما يُلقي ضغطاً على أنقرة، إضافة إلى الحصار الجيوسياسي الجديد، خصوصاً مع سقوط حلفائها في تونس، والذي يبدو أنه أثر على علاقاتها الجديدة مع الجزائر، وهو وضع قد يدفع تركيا إلى تحريك الأوضاع الميدانية عن طريق الميليشيات الإسلامية، لتعطيها حجة للبقاء في ليبيا".
من جانب آخر، اعتبر الصحافي التونسي، أن "العلاقات بين تونس وليبيا قد تتأثر على المدى البعيد إذا ما واصلت السلطات الليبية استعمال ذات الخطاب مع الجانب التونسي".

المزيد من العالم العربي