Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أولاد الحلال" ينقذ الدراما الجزائرية في رمضان من "الانقسامات"

تكيّفت البرامج الفكاهية مع الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ 22 فبراير (شباط)

لقطة من مسلسل "أولاد الحلال" الجزائري (قناة الشروق الجزائرية)

أحدثت الأعمال الدرامية والبرامج الرمضانية المعروضة في الجزائر انقساماً بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بسبب محتواها، في وقت بلغت المنافسة بين القنوات التلفزيونية الخاصة التي تعرض الأعمال الفنية أشدها، من خلال محاولة كل واحدة منها بسط سيطرتها والتباهي بأعلى نسب مشاهدة في شهر يزداد فيه اهتمام العائلات الجزائرية بالأعمال الفنية.

الفن بطعم الحراك

ما يلفت الانتباه في الأعمال الرمضانية لهذا العام، تكيّف البرامج الفكاهية مع الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ 22 فبراير (شباط) الماضي ضد رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، على غرار برنامج الكاميرا الخفية الذي تعرضه قناة "الشروق" الخاصة، وتدور أحداثه داخل سيارة أجرة، ويتطرق إلى خبر مزيف يُذاع عبر راديو السيارة عن عودة الرئيس بوتفليقة، الذي قدم استقالته في أبريل (نيسان) الماضي. ما يخلق صدمة تتخللها الطرافة والغضب بين الركاب، الذين يحاولون التأكد من الخبر ليكتشفوا في النهاية أنه مجرد مقلب ليس إلا.

وبطعم السياسة دائماً، تعرض القناة نفسها برنامجاً سياسياً واجتماعياً ساخراً بعنوان "ناس السطح"، يحاكي الوضع العام في البلاد بطريقة هزلية تحمل العديد من الرسائل المشفرة. وهو البرنامج الذي حظرته السلطات خلال السنوات الماضية، على خلفية تناول بعض حلقاته شخصيات سياسية نافذة، في مقدمها شقيق الرئيس بوتفليقة الأصغر السعيد، الذي كان الحديث عنه قبل 22 فبراير من الممنوعات.

كما عرضت قناة "النهار" الخاصة، سلسلة تلفزيونية كوميدية بعنوان "دقيوس ومقيوس"، وهما شخصان يتقمصان أدوار صديقين كبيرين في السن، يديران مقهى شعبياً. وفي كل مرة يتناولان موضوعاً عن الأحداث التي تشهدها البلاد بطابع هزلي. ويحاكي العمل في بعض حلقاته التظاهرات السلمية المطالبة بتغيير النظام.

واختلفت وجهات نظر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول الأعمال الفنية المعروضة، بين من استحسن فكرة أن تعكس البرامج الفكاهية الواقع المعاش والحياة السياسية في البلاد، وبين من يعتقد أن القنوات التلفزيونية وظفت الحراك الشعبي في أعمال فارغة المضمون وتتسم بالسطحية بغية تحقيق الشهرة.

موجة استنكار

خلف برنامج الكاميرا الخفية، الذي يعرض على قناة "نيوميديا" الجزائرية، ردود فعل غاضبة ومستنكرة من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب محتواه الذي "طغت عليه البذاءة والتفاهة تحت غطاء ترفيهي".

ويتناول البرنامج موضوع خطر شبكات التواصل الاجتماعي على المراهقين، ويتفق مقدّم البرنامج، وهو شاب يدعى إسلام عريس، مع أولياء فتيات قاصرات على استدراج بناتهم عبر "فيسبوك" ليلتقي بهنّ في سيارته. وأثناء اللقاء يكون أولياؤهن جالسين في مقعد السيارة الخلفي، في ما يشبه كميناً منصوباً للمراهقات. وفي هذه اللحظة تتعرض الفتاة لهجوم حاد من الأولياء الغاضبين.

وشن عدد من النشطاء حملة على معد البرنامج، وعلت أصوات تطالب بتدخل سلطة ضبط السمعي البصري، تجاه الخروق المسجلة في البرامج الرمضانية، وهي هيئة حكومية تُراقب عمل القنوات الخاصة، غير أن معد البرنامج قدم اعتذاراً للمشاهدين في مقابلة تلفزيونية، قائلاً إنه "لم نقصد المساس بالعائلات، وأعتذر لكم لأن ما فهمه الغاضبون لم يكن رسالتنا".

وفي كل سنة، تُثير برامج الكاميرا الخفية ردود فعل غاضبة ومستنكرة، تماماً كما حصل العام الماضي، عندما وجهت الحكومة الجزائرية إنذارات لمالكي القنوات التلفزيونية الخاصة على خلفية انتهاكها حرمة المشاهدين في أعمال رمضانية بسبب "مضامين عنيفة ومشاهد منافية للتقاليد وقيم المجتمع الجزائري".

ويعيش قطاع السمعي البصري في الجزائر، على وقع فوضى عارمة، بسبب تأخر صدور مراسيم تطبيقية تُوضح كيفية تنفيذ مواد قانون الإعلام الصادر عام 2012، المقدم على أنه "بداية عهد إصلاح السلطة الرابعة".

ولم تفرج الحكومة حتى الآن عن دفتر الشروط الذي سيشرعن الفضائيات كقنوات جزائرية. إذ إن مجمل الفضائيات التي يتابعها الجزائريون حالياً، لا تخضع للقانون الجزائري، لكونها تبث انطلاقاً من أقمار أجنبية، مسجلة في دول عربية أو غربية مثل مصر والأردن وسويسرا وفرنسا، على الرغم من أن مالكيها جزائريون ولها مكاتب بالجزائر فحسب.

أولاد الحلال

من بين سلسلة الأعمال الدرامية المعروضة في شهر رمضان، صنع المسلسل الجزائري "أولاد الحلال" الحدث ولاقى رواجاً كبيراً بين المشاهدين، الذين رأوا فيه عملاً فنياً ناجحاً يُعبّر عن الواقع المعاش، وأول تجربة تلفزيونية تجاوزت المألوف في الدراما.

ويروي المسلسل، الذي يبث مباشرة عقب الإفطار على قناة "الشروق" الجزائرية، قصة أخوين، هما "زينو" و"مرزاق"، عاشا في دار للأيتام، قبل أن يكتشفا أن والدهما قتل أمهما بسبب الشك. والعمل جرى تصوير أحداثه في مدينة وهران، غرب الجزائر، وهو من إخراج نصر الدين السهيلي، وسيناريو رفيقة بوجدي، وبطولة عبد القادر جريو ويوسف سحيري ومليكة بلباي وسهيلة معلم وأحمد بن عيسى وعزيز بوكروني ومصطفى لعريبي وإيمان نوال ومحمد خساني وعاطف بن حسين.

ووفق ما نقلت القناة التي تعرض العمل، فإن "أولاد الحلال" تربّع على عرش الأعمال الدرامية الأكثر مشاهدة لدى الجزائريين في رمضان عبر "يوتيوب". إذ بلغت نسبة مشاهدته أكثر من 12 مليون متابع بعد بث خمس حلقات فقط.

وأدى المسلسل إلى اندلاع "حرب باردة" بين قناتي "الشروق" التي تعرض المسلسل و"النهار" المنافسة لها، التي عرضت بياناً قالت إنه صادر عن سكان وهران يتحدث عن انزعاجهم من العمل الفني، الذي "يسيء إلى المدينة لأنه يصور بعض الأحياء الشعبية كوكر للجريمة والظواهر السلبية في المجتمع". لكن أبطال المسلسل فندوا ذلك من خلال نشر فيديو مع سكان المدينة وهم يرحبون بهم ويشيدون بالمسلسل.

التجربة المغاربية- التركية

في خضم المنافسة بين قناتي "الشروق" و"النهار"، أعلنت الأخيرة أن المسلسل التونسي الجزائري "مشاعر"، الذي تبثه يحظى بمتابعة واهتمام كبيرين من المشاهدين. إذ يحكي قصة اجتماعية عاطفية، على طريقة المسلسلات التركية، عن فتاة جزائرية تدعى زهرة أجبرتها عائلتها على الزواج من شاب لا تحبه يدعى عمار، لتهرب البطلة من الجزائر باتجاه تونس، حيث ستتعرف إلى طاهر في حادث سير.

ويشارك في المسلسل، الذي يمتد إلى 100 حلقة، فنانون جزائريون في مقدمهم حسّان كشّاش ونبيل عسلي وسارة لعلامة وعادل الشيخ، وتونسيون، على غرار هشام رستم وسامية رحيّم ومريم بن شعبان وأحمد الأندلسي وريم بن مسعود ومحمد بن مراد وسلمى محجوبي ومعزّ القديري، بينما تمتزج فيه الروح المغاربية بالخبرات التركية في الإدارة الفنية والسيناريو والإخراج.

المزيد من فنون