Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المخاوف الدولية بشأن لبنان بعد اعتذار ميقاتي تلجم قراره

الأمم المتحدة تتهيأ لتوزيع مساعدات والسفيرة الأميركية في بيروت تلوم عون على عرقلة التشكيل

ستتصاعد الأزمات الحياتية في لبنان في ظل استمرار غياب حكومة (أ ف ب)

حفلت الأيام الماضية بالمناشدات الدولية للمسؤولين اللبنانيين وبالضغوط عليهم تستعجلهم تأليف الحكومة الجديدة بعد مضي الشهر الأول على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيلها من دون أن تثمر هذه الضغوط نتيجة إيجابية. 

وجاءت هذه الضغوط بعد تلقي هذه الدول التقارير منذ مطلع الأسبوع الفائت، عن أن المداولات بين رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي تراوح مكانها. وعاد ميقاتي وعكس الانسداد السياسي الذي يحول دون ولادة الحكومة التي تفيد الأنباء أن العقد التي تعترضها هي ذاتها، أي مسألة الثلث المعطل للفريق الرئاسي عن طريق مطلبه بتسمية وزيرين مسيحيين إضافيين على حصته من ثمانية وزراء، وتبديل الأسماء والمطالب في كل مرة يلتقي الرئيسان. 

ميقاتي: الحكومة تعود إلى المربع الأول

وقال ميقاتي، ليل الجمعة 27 أغسطس (آب)، في حديث لقناة "الحدث" إن "في كل اجتماع مع رئيس الجمهورية نبدأ وكأننا في المربع الأول لكنني لا أقول كل شيء على الإعلام كي لا أنشر الإحباط". وحذر من أن "لبنان يواجه خطر الزوال"، لكنه قال "أنا أعطي أملاً للبنانيين للبقاء في وطنهم والسعي لوقف الانهيار الحاصل".

سبق كلام ميقاتي صدور مواقف دولية متلاحقة تحذر من مزيد من التأخير في تشكيل الحكومة يبدو أنها جاءت نتيجة معطيات بأن ميقاتي قد يتجه إلى الاعتذار عن عدم مواصلة مهمة التأليف، ليلحق بسلفيه زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري، وقبله السفير مصطفى أديب اللذين اعتذرا عن المهمة.

إلا أن ميقاتي أكد في حديثه التلفزيوني أن "الاعتذار ليس على مفكرتي وغير وارد في ذهني والبلد يحتاج إلى حكومة للإنقاذ". فالدول التي تتابع الوضع اللبناني، لا سيما فرنسا تدخلت لدى الرئيس المكلف لتطالبه بالتريث لأنها تخشى من أن يؤدي اعتذار ميقاتي إلى مزيد من التعقيدات في إيجاد خرق في الانسداد السياسي، نظراً إلى صعوبة إيجاد بديل له قادر على التأليف، ولأن الاعتذار سيزيد الاحتقان الطائفي في البلد وخصوصاً الماروني السني. فقادة الطائفة السنية يتهمون الرئيس عون بالاستخفاف بموقع رئيس الحكومة.

تحذير أوروبي وأممي من تأخير الحكومة

ولذلك صدرت خلال 48 ساعة مواقف دولية داعية إلى إنجاز الحكومة، على الرغم من أن بعض العواصم الغربية أخذت تهيئ لاحتمال تصاعد الأزمات الحياتية في لبنان جراء غياب حكومة تدير الأزمة وتخفف من أضرارها على اللبنانيين. فأزمات نقص المحروقات، والأدوية والكهرباء والمستلزمات الطبية جعلت من لبنان دولة فاشلة يعاني مواطنوها الذل للوصول إلى الخدمات الأساسية واليومية، فضلاً عن تصاعد الفقر جراء ارتفاع سعر الدولار الأميركي وغياب أي تمويل لهذه الخدمات، في ظل اكتشاف يومي لتخزينها من تجار ومحتكرين، إضافة إلى تهريبها إلى سوريا.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا في 26 أغسطس "كل القادة السياسيين في لبنان إلى تشكيل حكومة فاعلة بشكل عاجل". وأعرب عن "قلقه العميق إزاء تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي السريع في لبنان".

سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف حمل في اليوم نفسه رسالة عاجلة من الممثل الأعلى للاتحاد جوزيب بوريل، إلى رئيسي الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري وميقاتي. الرسالة قصيرة جداً "مرة أخرى أدعو أصحاب القرار إلى تشكيل حكومة واتخاذ الإجراءات والإصلاحات الضرورية لإخراج لبنان من أزمته الحالية. وبمجرد تشكيل الحكومة سننظر في حزمة مساعدات مالية، إذا تم وضع برنامج عمل مع صندوق النقد الدولي". وختم قائلاً "ما عاد في وقت".

لوم عون والتباس حيال الباخرة الإيرانية

تزامن ذلك مع تحرك قامت به السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا باجتماعها مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، الأربعاء 25 أغسطس، ثم لقائها في اليوم التالي مع الرئيس بري جاء في سياق الحث على تسريع تشكيل الحكومة. وفي وقت أُعلن رسمياً أنها مهدت لزيارة وفد من الكونغرس الأميركي إلى بيروت لمناقشة المساعدات الأميركية للبنان لا سيما للجيش، فإن مصادر كشفت عن أن من المواضيع التي تناولتها تتلخص في الآتي: 

- أكدت رفضها استقبال لبنان باخرة المازوت الإيراني التي أعلن عنها الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الل،ه مؤكداً أنها أبحرت من إيران، لأنها خرق للعقوبات على تصدير طهران للنفط الذي تنتجه. إلا أن المصادر نفسها قالت إن السفيرة شيا لم توضح ماهية الإجراء الذي ستتخذه بلادها في حال وصلت الباخرة إلى لبنان أو إلى سوريا وأن الموقف الأميركي في هذا الصدد "ملتبس". هذا مع العلم أن ميقاتي حرص على القول في حديثه لمحطة "الحدث" إنه "لن نسمح بتعريض بلدنا للعقوبات".

- أن السفيرة شيا أنحت باللائمة على عون في التسبب بعرقلة تأليف الحكومة بشكل واضح.

- أنها لاحظت أن الوضع في البلد سيتجه إلى أسوأ مما هو عليه في حال عدم تشكيل الحكومة، في وقت شددت على أن الأفق مفتوح للحلول في حال تأليفها وأن بلادها والمجتمع الدولي مستعدان لمساعدة لبنان عندها.

هناك من اعتبر من المراقبين أن التحرك الدولي يعود إلى الخشية من الاندفاع الإيراني لتعبئة الفراغ الحكومي عبر استقدام بواخر النفط الإيراني إلى لبنان والتي أهدافها سياسية لمزيد من الإمساك بالقرار السياسي في السلطة، إضافة إلى القلق من تداعيات اعتذار ميقاتي. فنصر الله عاد وأعلن عن أنه سيستقدم باخرة ثانية وثالثة في كلمة له في 27 أغسطس.

وتشير معطيات أكثر من جهة سياسية إلى أن بعض الدول الغربية المعنية تخشى الأسوأ في البلد وسط العجز عن إيجاد أي ثغرة في الأزمة السياسية التي تزيد من استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية وبالتالي الحياتية، وهي أخذت تهيئ نفسها لذروة جديدة من التردي في الأوضاع المعيشية، وأنها تخطط لصرف المزيد من المساعدات الإنسانية للبنان، باعتبار أن المساعدات لإنهاض الاقتصاد مشروطة بالإصلاحات المرتبطة بوجود حكومة مكتملة الصلاحيات.

حزمة المساعدات الإنسانية من الأمم المتحدة

وفي هذا السياق، ينتظر أن تبدأ الأمم المتحدة برنامجاً لمساعدة الأسر المحتاجة والشديدة الفقر قريباً جداً، يقوم على إنفاق أكثر من 300 مليون دولار أميركي لمدة سنة، ويستهدف 1.1 مليون لبناني يضاف إليهم زهاء 210 آلاف عامل وعاملة أجانب (العاملات والعاملون في المنازل وبعض قطاعات الخدمات...) من الذين تراجعت مداخيلهم الزهيدة أصلاً في شكل دراماتيكي بفعل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأميركي وتراجع قيمة الليرة اللبنانية، ويعيشون حالياً في ظروف مزرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مصدر دبلوماسي لـ"اندبندنت عربية" إن تمويل برنامج المساعدات هذا سيكون من الأمم المتحدة مباشرة وهو غير برنامج المساعدات الإنسانية الذي أقر في مؤتمر دعم لبنان والشعب اللبناني الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 4 أغسطس، والذي جمع قرابة 390 مليون دولار وتبرعت فيه فرنسا بـ100 مليون يورو وأعلن خلاله الرئيس الأميركي جو بايدن عن تقديم مئة مليون دولار أميركي سينفق معظمه عن طريق "يو أس أيد"، إضافة إلى أنه غير المبلغ الذي خصصه البنك الدولي قبل أشهر بقيمة 246 مليون دولار لتوزيعها على الأسر الأكثر فقراً وفق لوائح مدققة بينه وبين وزارة الشؤون الاجتماعية.

وأوضح المصدر الدبلوماسي أن تمويل المساعدات التي ترعاها الأمم المتحدة سيتوزع بين برنامج الأغذية العالمي و"يونيسيف" ووكالات أخرى تابعة للمنظمة الدولية. وسيتم تسليم المساعدات خارج إطار الحكومة اللبنانية والمؤسسات اللبنانية الرسمية مثل سائر برامج المساعدات الإنسانية الأخرى التي قررتها الدول التي تساعد اللبنانيين على تجاوز المحنة التي يمرون فيها، لا سيما بعد انفجار 4 أغسطس 2020 المأساوي في مرفأ بيروت. وهو إجراء دأبت عليه هذه الدول لعدم ثقتها بالمؤسسات السياسية اللبنانية ولانتشار الفساد، خصوصاً أن بعض الجهات يمكن أن تتحكم في هذه المساعدات لأهداف انتخابية باعتبار أن استحقاق الانتخابات النيابية هو في مايو (أيار) 2022.

وذكر المصدر الدبلوماسي لـ"اندبندنت عربية" أن الأمم المتحدة حددت لوائح المستفيدين من برنامج المساعدات هذا بالاستناد إلى معطيات وإحصاءات لديها، بحيث يكون من حق من يرد اسمه فيها الحصول على بطاقة مسبقة الدفع قيمتها حوالى 100 دولار شهرياً (أو ما يساويها بالعملة المحلية)، لشراء الحاجات الأساسية إذ تسببت الأزمة الخانقة وغير المسبوقة والبطالة المتفشية، في عجز أسر كثيرة عن الحصول إليها. 

وشملت الدراسة التي سيرتكز توزيع تلك المساعدات على أساسها الأخذ في الاعتبار أوضاع الأطفال في الأسر المحتاجة بحيث يحصل كل طفل على قرابة 40 دولار أميركي لتمويل احتياجات دراسته وتحسين ظروف عيشه من الناحية الغذائية والصحية والتعليمية. 

وأشار المصدر نفسه إلى أن المساعدات للعمال والعاملات الأجانب ستكون على شكل مواد غذائية وخدمات صحية وضمان النظافة والوقاية، ودعم للتعليم أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير