Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رواية "الخائفون" لديمة ونوس في ترجمة فرنسية

الحرب السورية في رؤية واقعية وتخييلية

رواية "الخائفون" في ترجمة فرنسية (دار غاليمار) 

عن دار غاليمار الباريسية، صدرت ترجمة فرنسية لرواية "الخائفون" للكاتبة السورية ديمة ونوس. أنجز الترجمة الكاتب الفرنكوفوني فرنسوا زبال، رئيس تحرير مجلة "قنطرة" التي كانت تصدرعن معهد العالم العربي - باريس. وكانت الرواية صدرت بالعربية سنة 2017 عن دار الآداب، واختيرت ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) دورة 2018. والرواية هذه هي الثانية لونوس بعد "كرسي" ومجموعة قصصية بعنوان "تفاصيل". اعتمد زبال في ترجمته لغة جميلة، متينة ومشغولة، وحافظ على الإيقاع الداخلي للرواية وعلى جوها وطبائع شخصياتها، ونجح في بلورة سياقات النص العربي بغية جعله في متناول القارئ الفرنسي. وغدت قراءة الترجمة ممتعة وآسرة. وورد على الغلاف الأخير: "التقت سليمى مع نسيم، حين كانت مراهقة، في صالة انتظار داخل عيادة نفسية كانا يرتادانها في دمشق نهاية القرن العشرين، قبل الحرب. ولا يلبث نسيم أن ينفي نفسه لاحقاً إلى أوروبا، وتبقى سليمى وحيدة في شقتها التي باتت خالية، في قلب مدينة ضربها العنف. نقطة اتصالهما الوحيدة هي الحكاية التي كتبها نسيم وأودعها لديها، مرآة مشوّهة تعكس الخوف الذي ابتُلي به الجميع وبات ينعكس بالتتالي على النفوس. وفي قصة الحبّ والمعاناة هذه، التي تصيب بالدوار، تكشف الروائية الشابة ديمة ونوس اشتباك أسى شعبٍ وجراحه. وفي حبكها الضمائر المعذبة، تتيح لصوت شبابٍ كسير أن يبلغنا...".

كتبت ديمة ونوس في "الخائفون" روايتين، رواية داخل رواية، إحداهما حقيقية بوصفها سيـــرة ذاتية مضمرة أو غير معلنة، والثــانية هي رواية الواقع الأليم والمـــرير، واقع السوريين المصابين بمرض أضحى مزمناً هو "الخوف". وقد وفّقت ديمة في فكرة جعل الكاتب نسيم فاشلاً في كتابة روايته المفترضة وعاجزاً عن إنهائها، مثله مثل سليمى الكاتبة الأخرى، لتكتب هي عوضاً عنهما، رواية سوريّة الثورة والحرب، سوريّة الخوف والاضطراب والانفصام في ظل نظام ديكتاتوري لم يرحم البشر ولا الأرض ولا الذاكرة. إنها إذاً رواية سليمى وأسرتها التي عاشت الخوف منذ مجزرة حماة، وهي رواية نسيم، الكاتب الطبيب الذي فشل في الطب والكتابة، بعدما عاش أقصى حالات الخوف في حمص عندما سقط البيت عليه وعلى عائلته، ولم ينج سوى هو وأبيه الذي شُلّ وجُنّ وحمله معه في الختام إلى ألمانيا. وهي أيضاً رواية الطبيب النفساني كميل الذي غدت عيادته صورة مصغرة عن سوريا الراهنة.

تبدو سُليمى مرتبكة أمام تلك الأوراق التي أرسلها إليها نسيم، الرجل الوسيم صاحب العظام البارزة. وتكتشف، وهي تلتهمها كلمة كلمة، وتلهث وراءها حرفاً حرفاً، أنها رواية ناقصة، أقرب إلى سيرة امرأة مصنوعة من الخوف، مثلها تماماً. ماذا أراد نسيم؟ أن تكتب سُليمى النهاية بعدما استغرقه الخوف ولم يقوَ على إنجازها؟

تقول ونوس في أحد حواراتها عن الرواية: "أعتقد أن الخوف هو الإحساس المشترك الذي جمع بين معظم السوريين. الإحساس الوحيد الذي اختبره الملايين، كلّ في منطقته ومدينته وبيئته. أردت الكتابة عمّا وراء الثورة السورية. عمّا سبقها بسنوات. هل كان النظام السوري يظنّ أن الخوف إحساس مستقرّ وهشّ وعصي على الانفجار؟ الخوف إن تراكم العقود، يفيض، يصل إلى مكان أقصى، فيفقد معناه ويتحوّل إلى لامبالاة. لذلك، خرج السوريون برأيي إلى الشارع ولم يعودوا منه حتى اليوم. هل ثمة أسوأ مما عاشه معظم السوريين خلال عقود؟ هل بمقدور النظام أن يكون أكثر استبداداً وظلماً وقمعاً مما كانه؟".

المزيد من ثقافة