Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المقاومة أو التكيف أو الهرب ولا خيارات أخرى أمام الأفغان مع "طالبان"

ثمة سؤال مطروح عن مدى استعداد الشعب للتحدي والمقاومة والمفاوضة ومداهنة القادة الجدد في البلاد الجدد

حشود أفغانية تدفقت على مطار كابول ساعية إلى الهروب من حكم "طالبان" (أ ف ب)

حاول مسؤول الإغاثة الأفغاني وعائلته الوصول إلى مطار كابول. أرادوا الخروج من البلاد بأي شكل. لكنهم شعروا بالخوف من الحشود الغفيرة واليائسة المتجمعة خارجه، والجنود غير المنضبطين الذين يحمون تلك المنشأة.

واختار الرجل، البالغ من العمر 52 عاماً، الذي يعيش إجمالاً في الخليج، أن يبقى برفقة عائلته في منزلهم في كابول، أقله في الوقت الحالي. وبدلاً من الارتعاش خوفاً، اتصل بأقربائه وبعض أعضاء أسرته الكبيرة الذين لديهم اتصال مع "الجانب الثاني"، بحسب وصفه لحركة "طالبان".

وتوسل ذلك الرجل أقاربه أن يكفلوه وعائلته، ويحصلوا [من "طالبان"] على ضمانات بأن المقاتلين الأصوليين الذين يسيطرون الآن على أفغانستان لن يؤذوه. وقد جسوا النبض بالنيابة عنه، مشيرين إلى أنه بصفته مسؤولاً عن إدارة منظمة إغاثة توزع المساعدات على من هم في أمس الحاجة لها في مناطق نائية كخوست وقندوز وباغلان، سوف يساهم في نجاح البلاد وليس فشلها.

ومنذ ذلك الوقت، بات يخرج وفق ما يشاء ويقود سيارته من طراز "تويوتا كورولا" في شوارع المدينة ويتنزه في الأسواق التي بدأت فتح أبوابها.

وفي مقابلة عبر الهاتف طلب فيها عدم نشر اسمه واسم منظمته، ذكر أنه يعتقد "أنني سأكون بخير. فنحن شعب واحد في النهاية".

مع تولي "طالبان" السلطة في أفغانستان، تجري آلاف المفاوضات المماثلة يومياً. إذ يصارع المواطنون الأفغان العاديون إما من أجل المقاومة أو التكيف مع أسيادهم الجدد في سبيل الاستمرار بحياتهم والسعي إلى تحقيق طموحاتهم الخاصة.

ومثلاً، فيما عمد أشرف غني، الرئيس الأفغاني المدعوم من الولايات المتحدة، إلى الهرب من البلاد قاصداً الإمارات، وقف سلفه، حامد كرزاي، وخصمهما السياسي اللدود، عبد الله عبد الله، جنباً إلى جنب في كابول وأعلنا أنهما لن يتحركا من مكانهما وسيحاولان الحفاظ على السلام [ثم وضعتهما "طالبان" في الإقامة الجبرية].

اندلعت احتجاجات ضد "طالبان" في عدد من المدن. وظهرت فورات من الشجاعة يبدو أن الحركة حائرة بشأن التعامل معها. وفي تلك الأثناء، تعهد ابن أمير الحرب الراحل أحمد شاه مسعود بحشد مقاومة مسلحة ضد الحركة، من "وادي بنجشير" في شمال كابول. 

وعلى نحو مماثل، يتوقع وليد تميم، نائب وزير مالية سابق يعيش حالياً في الخارج، أن عمل "طالبان" في تعزيز سلطتها لن يكون أبداً بالسهولة التي كان عليها سنة 1996. آنذاك، عانى البلد من آثار الحرب الأهلية، واقتصاد منكوب. واعتبر ظهور حركة "طالبان" ووصولها مصدراً للارتياح تقريباً.

في المقابل، تستولي "طالبان" الآن على نظام بني طيلة 20 عاماً تقريباً ووفر، على الرغم من أخطائه وعيوبه الكثيرة، مقداراً من الاستقرار والحقوق للشعب الأفغاني.

وفي المقابلة الهاتفية، أورد ذلك الرجل المذكور آنفاً، "عندما استولوا على السلطة في وقت سابق، لم يكن لدى الشعب طعام أو حقوق مدنية أو وظائف. وتمثل جل ما أراده في السلام، واستطاعت حركة "طالبان" إضفاء شعور بالأمان. في ذلك الوقت، كان الاقتصاد محطماً بالفعل، وعاش الناس حياة مريعة. ولذلك لم يمثل الانتقال من اللاشيء إلى اللاشيء أي مشكلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المقابل، ارتفع مستوى توقعات الشعب الأفغاني الآن. فقد تطور وضع المرأة، لا سيما في المدن حيث تمتلئ قاعات مؤسسات التعليم العالي بالنساء. كذلك تحسن المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأقليات الدينية كقومية الهزارة الشيعية. وأصبح الناس معتادين على قدر معين من الحقوق السياسية.

واستطراداً، فحتى لو نجحت "طالبان" في قمع احتجاجات الشارع، فلسوف تقابل بمطالبات من موظفي الخدمة المدنية والجنود والمتقاعدين في الحصول على أجورهم، فيما حرم "صندوق النقد الدولي" و"ويسترن يونيون" ومنظمات مالية دولية أخرى، حركة "طالبان" من التمويل.

وعن ذلك الأمر، ذكر تميم "لقد تدربوا على زعزعة نظام الحكومة وتدربوا على طريقة هدم النظام، لكنهم لا يألفون طريقة إدارة نظام حكم بهدف تقديم الخدمات والاستقرار المالي بهدف تلبية مطالب الشعب".

واستناداً إلى ذلك، يتنبأ البعض بأن تلك المعطيات ستجبر "طالبان" على التوصل إلى حل وسط مع من سبقهم في السلطة، على غرار كرزاي وعبدلله، والخضوع إلى بعض طلبات المجتمع الدولي والطبقة البرجوازية الأفغانية الناشئة. في المقابل، ثمة آخرون لا يشاركون في هذا الاعتقاد تماماً. إذ ساعد طارق مشرف على إدارة مدرسة رقص للفتيات في كابول إلى أن أرغم على مغادرة البلاد بعد تلقيه اتصالات تهديد من "طالبان" في 12 يوليو (تموز) 2021.

وخلال اجتماع في إسطنبول، ذكر مشرف "لقد أرادوا مني الخروج من كابول ولقاءهم. وأخبروني أنه إن لم أحضر، فإنهم يعرفون كل عناوينك وعناوين أقاربك". 

ويعرب عن إيمانه بأن "طالبان" تخطط لهذه اللحظة منذ سنوات، ولا نية لديها في مساومة أي جهة، وأصبحت قواتها أساساً أقوى من أن تقاوم. ويضيف، "لا وجود لأفغانستان بالنسبة لي بعد اليوم. لا أرى ما يستحق القتال من أجله".

و حتى المتفائلين يشيرون إلى أن عدداً من تصرفات حركة "طالبان" الحالية تشبه تصرفات تلك الحركة التي فرضت نسخة قاسية وعقابية عنيفة من الإسلام على البلد خلال تسعينيات القرن الماضي.

وبحسب تميم، "لا يظهر عليهم الاختلاف. يرتدون الثياب نفسها، ويطلقون اللحى نفسها. إنهم مسلحون لا يحملون بطاقات عسكرية عليها اسمهم، ويشغلون موسيقاهم بصوت عال جداً. لا ترون أي تغيير في سلوكهم. ما زالوا في إطارهم القديم نفسه. يتحلون بعقلية قديمة وبالسلوك نفسه". 

وكخلاصة، ففي الوقت الحالي والمستقبل المنظور، يبقى السؤال مطروحاً عن مدى استعداد الشعب للتحدي، ومساءلة ومقاومة ومداهنة ومفاوضة حركة "طالبان"، وكذلك عما إذا كانت تلك الحركة ستجد أي فائدة في إظهار مقدار من التسامح.

© The Independent

المزيد من آراء