Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشاهد الإجلاء تبرهن على أزمة ثقة في الحكام الجدد

الملف الأفغاني يتأرجح بين قدرة الحركة على ضمان أمن البلاد واحتمال اندلاع حرب أهلية

غادر أفغانستان عشرات الآلاف من الذين عملوا لقوات الناتو، والذين يواجهون خطر انتقام طالبان (غيتي)

رفعت عوامل عدة منسوب القلق والمخاوف لدى كثيرين في العالم، من أن تصبح أفغانستان مجدداً موطناً للإرهاب وملاذاً لعناصر "داعش" و"القاعدة"، وربما لتفريخ جماعات أخرى أكثر فتكاً وخطورة، بعد عودة حركة "طالبان" إلى الحكم في ذلك البلد، فالحاضنة الشعبية التي ظهرت في منتديات الدردشة الخاصة بالمتشددين على الإنترنت والابتهاج الواضح بذلك الحدث، الذي يعتبره أنصار "القاعدة" "انتصاراً تاريخياً"، يرجح كفة أن تصبح الأراضي الأفغانية مكاناً آمناً لهؤلاء.

العمود الفقري لـ"طالبان"

في هذا الصدد، قال أستاذ العلوم الجيوسياسية والعلاقات الدولية في جامعة منوبة بتونس، الدكتور رافع الطبيب، إنه "لم تمض ساعات على دخول طلائع طالبان إلى كابول حتى طُرحت أسئلة حول مدى قدرة هذا التنظيم على بسط سيطرته وتحكمه بالمجال الترابي لأفغانستان، هذا البلد الذي يتوسط أخطر تقاطعات المناطق التي تقع تحت نفوذ القوى الدولية الفاعلة والإقليمية". وأضاف أن "أبرز تساؤل يذهب إلى إمكانية إعادة تجربة التحالف مع تنظيم القاعدة"، معتقداً أنه "سابق لأوانه الجزم في الموضوع الذي جاءت التصريحات والتقديرات متضاربة بشأنه، فالوضع الحالي لموازين القوى على الأرض ينبئ بعدم قدرة طالبان على ضمان أمن البلاد داخلياً وعدم تفجّر الأوضاع على الحدود الأفغانية المتشعبة".
ورأى الأستاذ الجامعي التونسي أنه "في هذه المساحات الفارغة بخاصة في المجالات التي لا تقطنها إثنية البشتون التي تمثل العمود الفقري لطالبان، فإن المجموعات الإرهابية التي تواجه الضغط العسكري في مناطق أخرى من العالم ستعمل على زرع عناصرها وبناء معسكرات خارج نطاق التدخل والملاحقة من طرف القوى التي تحارب الإرهاب". وتابع "كما أن اندلاع حرب أهلية بين مكونات الطيف الميليشياوي الأفغاني الذي تغيرت خارطته عن مشهد عام 1995، قد تشكل فرصة للمنظمات الإرهابية القديمة كالقاعدة وداعش أو المستجدة كجيش خراسان لعقد تحالفات مع أحد الأطراف والتموقع ميدانياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت الطبيب إلى أنه "يجب تأكيد دخول الكتائب الشيعية على مسرح الفعل العسكري في أفغانستان، خلافاً لما كان عليه الحال عند دخول طالبان إلى كابول في أواسط تسعينيات القرن الماضي"، مضيفاً أن "الوعود التي قدمتها طالبان تغلب عليها المواقف المتضاربة، وبعض التحاليل تشير إلى بدء الدول المؤثرة دولياً وإقليمياً في نشر بيادقها على رقعة الشطرنج في البلاد. وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى إعادة تحريك جماعة بنجشير لآل مسعود، أو القوى المرتبطة بالإثنيات التي تقطن مناطق الحدود الشمالية كالأوزبك والطاجيك"، مفسراً أن "هذه المبادرات تؤشر بكل وضوح إلى عدم الثقة بكلام طالبان ووعودها أو بحيادية القوى المتحفزة للتأثير في الوضع المتشكل في أفغانستان".
هذه المخاوف الجدية من تحول أفغانستان إلى معقل الإرهاب تجسدت بوضوح أيضاً في تصريحات بعض كبار المسؤولين في العالم، إذ دعا رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في حديثه بعد اجتماع طارئ بشأن أفغانستان، إلى "ضرورة اتحاد الدول الغربية لمنع تحول هذا البلد إلى ملاذ للجماعات الإرهابية الدولية مجدداً".
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل أيام، مجلس الأمن الدولي إلى "استخدام كل الوسائل المتوفرة لقمع التهديد الإرهابي العالمي في أفغانستان".

تغير نحو الأسوأ

في السياق، اعتبرت الصحافية التونسية، آسيا العتروس، أن "حركة طالبان هي حركة إرهابية بالأساس، ولن تتوقف عند هذا الحد وستفاجئ العالم بأنها تغيرت ولكن نحو الأسوأ". وأوضحت العتروس أن "هذا التوقع ناجم عن حقائق. نحن إزاء حركة عنيفة فكراً وممارسةً، وهو ما يفسر محاولات هرب آلاف الأفغان من مختلف الأجناس والانتماءات على الرغم من كل المخاطر التي رأيناها جميعاً". وأضافت "الأكيد أن ذلك الجيل الذي لم يعرف طالبان خلال العقدين الماضيين والجيل الذي قبله قد سمع الكثير عن المحاكم والمشانق التي نُصبت في الساحات العامة لجلد النساء أو رجمهن حتى الموت بسبب اتهامات تنم عن حقد وعداء للنساء والحياة والفن والعلم".

ومع تصنيف الأمم المتحدة وأميركا حتى الآن الحركة منظمة إرهابية إلا أنها ترفض منذ البداية تلك التهم، وتقول إنها مثل أي منظمة تحررية تدافع عن نفسها وتسعى لطرد المحتل من أرضها، مؤكدة أن النموذج الإسلامي في الحكم الذي قاتلك من أجله، هو محل اتفاق بين معظم الشعب الأفغاني، حسب رؤيتها.
ورأت العتروس أن "عودة طالبان اليوم بعد 20 عاماً في المغاور والجبال، تعني عودة حركة أكثر تشدداً وأكثر توحشاً وأكثر استعداداً للانتقام، لا سيما أنها تمكنت من وضع يدها على جل الأسلحة التي كانت بين أيدي الجيش الأفغاني الذي تبخر بين عشية وضحاها".
وبخصوص وعود "طالبان" وتوجس الغرب منهم، قالت العتروس إن "حملات لإجلاء آلاف الناس دليل على عدم ثقة الغرب بهذه الحركة"، معتقدةً أنه "عندما تنتهي عمليات الإجلاء ستعود طالبان إلى كشف وجهها القديم الجديد".

وختمت العتروس بالقول إن "طالبان وبعد عودتها إلى المشهد الأفغاني، صادمةً الرأي العام المحلي والدولي، تعود إلى جذورها الأصلية في إعلان إمارة إسلامية وبدأت بتغيير راية أفغانستان الوطنية تمهيداً لما هو قادم".

المزيد من متابعات