توقع تقرير حديث أن ترتد توزيعات أرباح الشركات على مستوى العالم لتقترب من مستويات ما قبل الجائحة عندما بلغ إجمالها 1.39 تريليون دولار.
ووفق مؤشر توزيعات الأرباح العالمي الصادر عن المجموعة البريطانية "جينوس هاندرسون" للاستثمارات وإدارة الأصول، فقد قامت الشركة في مؤشرها للربع الثاني من عام 2021 بزيادة توقعاتها لتوزيعات الأرباح العالمية خلال عام 2021 لتصل إلى 10.7 في المئة، بارتفاع قدره 2.2 في المئة عن توقعاتها في شهر مايو (أيار) الماضي، كما أبقت على توقعاتها لتوزيعات الأرباح للعام بأكمله أقل بنسبة ثلاثة في المئة فقط من مستويات ما قبل الجائحة.
وسجلت توزيعات الأرباح العالمية نمواً قدره 26.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من 2021 لتصل إلى 471.1 مليار دولار، بانخفاض قدره 6.8 في المئة عن مستوياتها في الربع الثاني من 2019، بحسب ما جاء في المؤشر.
وبلغ إجمالي توزيعات أرباح الشركات التي استأنفت تلك التوزيعات خلال الربع الثاني من العام الحالي 33.3 مليار دولار.
الأسواق الناشئة في ذيل القائمة
وكشف التقرير أن توزيعات أرباح الشركات في أميركا الشمالية بلغت نحو 140.7 مليار دولار خلال الربع الثاني من 2021، متفوقة بذلك على كافة مناطق العالم الأخرى بالمؤشر.
وبالنظر إلى تلك التوزيعات مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، يتضح أنها سجلت نمواً قدره خمسة في المئة فقط، فيما بلغت توزيعات أرباح الشركات في أوروبا نحو 130.8 مليار دولار بزيادة بلغت نسبتها 66.4 في المئة على أساس سنوي، لتصبح بذلك أكبر مساهم في النمو العالمي. ونمت توزيعات الأرباح في بريطانيا بنسبة 60.9 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 26.4 مليار دولار.
في المقابل، جاءت الأسواق الناشئة واليابان في ذيل القائمة من حيث التوزيعات الإجمالية للمناطق حول العالم، وقامت الشركات بالأسواق الناشئة بتوزيع أرباح بقيمة إجمالية 38.7 مليار دولار خلال الربع الحالي، بزيادة بلغت نسبتها 12.5 في المئة على أساس سنوي.
وكان المستثمرون في روسيا والبرازيل الأكثر حظاً على مستوى الأسواق الناشئة، إذ قفزت توزيعات أرباح الشركات في روسيا خمسة أضعاف ما كانت عليه في الربع الثاني من 2020، وزادت ثلاثة أضعاف بالنسبة للشركات البرازيلية.
أما بالنسبة للأسواق الناشئة التي لم تسجل توزيعات أرباح قوية، فشملت تايلاند وماليزيا والسعودية، حيث ألزمت الشركات بتوجيه الأرباح لخطط الاستثمار الوطنية. أما فيما يخص الشركات اليابانية التي سجلت أقل زيادة سنوية لها في قيمة التوزيعات خلال الربع الثاني بنسبة 0.4 في المئة، فبلغ إجمالي توزيعاتها 37.8 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن توزيعات الأرباح للربع الحالي جاءت غير متساوية على نحو كبير عبر القطاعات، إذ تجاوزت توزيعات الأرباح بشركات التعدين بالفعل مستويات ما قبل الجائحة على خلفية انتعاش أسعار السلع، مسجلة زيادة بنسبة 69 في المئة خلال الربع الثاني من 2021 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وسجلت توزيعات قوية أيضاً في القطاعات الصناعية والاستهلاكية والمالية. وفي غضون ذلك، سجلت القطاعات الدفاعية مثل الاتصالات والأغذية والمنتجات المنزلية والسجائر والأدوية نمواً ضعيفاً في توزيعات الأرباح، إذ تمكنت تلك القطاعات من إثبات مرونتها وحافظت على سياسة توزيعاتها خلال الجائحة.
ثلثا الشركات زادت حصص أرباحها في 2020
وكانت دراسة سابقة قد أجرتها المجموعة البريطانية أشارت إلى أن ثلثي الشركات في العالم نجحت في زيادة حصص أرباحها أو المحافظة عليها خلال 2020، وذكرت أن تداعيات جائحة كورونا كانت أقل حدة من تداعيات الأزمة المالية التي شهدها العالم في 2008.
وأشارت إلى انخفض إجمالي توزيع الأرباح العالمية بنسبة 12 في المئة خلال العام 2020، ليصل مجموعها إلى 1.2 تريليون دولار، ويعد هذا الانخفاض أقل بكثير مما كان متوقعاً بفضل الأداء الجيد الذي سُجل خلال الربع الأخير من السنة الماضية.
وعلى الرغم من الأزمة الصحية فقد نجح ثلثا الشركات بالعالم في الزيادة أو الحفاظ على توزيع الأرباح. وأوضحت الدراسة أن شركة من أصل ثماني شركات على الأقل ألغت توزيع الأرباح بشكل كامل، في حين خفضت شركة من أصل خمس شركات، قيمة هذه الحصص من الأرباح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفتت إلى أن تأثير الوباء في توزيع الأرباح تماشى مع التوجه العام وهو الركود الكلاسيكي، لكن انتشاره على الصعيد الدولي كان أقل حدة من الأزمة المالية لعام 2008. وقالت إنه خلال الربع الأخير من العام الماضي انخفضت توزيعات الأرباح العالمية بنسبة 9.4 في المئة، وبشكل أقل حدة مما كان متوقعاً، وقد استعادت كثير من الشركات مدفوعاتها بالكامل أو جزئياً، لكن تمت ملاحظة فوارق ذات دلالة إحصائية من منطقة إلى أخرى، وبين قطاعات النشاط المختلفة.
ففي أميركا الشمالية على سبيل المثال ارتفعت توزيعات الأرباح بنسبة 2.6 في المئة لتصل إلى 546 مليار دولار، أي ما يقرب من نصف الإجمالي العالمي في عام 2020، خصوصاً أن الشركات هناك تحمي أرباحها من خلال تعليق أو تقليل عمليات إعادة شراء الأسهم. وذكرت الدراسة أن أداء الصين وهونغ كونغ وسويسرا كان جيداً، في حين وقع أكثر من نصف عمليات خفض حصص الأرباح بأوروبا في 2020.
وتعد فرنسا وإسبانيا أكثر الدول التي ألغت توزيع الأرباح خلال العام الماضي بسبب البنوك بشكل أساس. وبالنسبة لـ 2021 توقعت المجموعة البريطانية أن تعود توزيعات الأرباح ابتداء من شهر أبريل (نيسان)، ولفتت إلى أن السيناريو الأكثر تفاؤلاً يشير إلى ارتفاع توزيعات الأرباح العالمية بنسبة تصل إلى خمسة في المئة، ليصل الإجمالي إلى 1.3 تريليون دولار، في حين يتوقع السيناريو الأكثر سوءاً انخفاضاً بنسبة اثنين في المئة.
توصية بوقف قرار منع توزيعات الأرباح
ونهاية يونيو (حزيران) الماضي قرر البنك المركزي الأوروبي عدم تمديد توصيته الخاصة بأن تحد جميع البنوك من توزيعات الأرباح إلى ما بعد سبتمبر (أيلول) 2021، وبدلاً من ذلك سيقوم المشرفون بتقييم رأس المال وخطط التوزيع لكل بنك كجزء من عملية الإشراف المنتظمة.
وقال إنه سيرفع سقف ما يمكن للبنوك إعادته إلى المساهمين من خلال أرباح الأسهم وإعادة شراء الأسهم، في الوقت الذي يحثهم فيه على توخي الحذر نظراً إلى حال عدم اليقين مع استمرار جائحة كورونا وظهور عدد من المتحورات التي تنتشر حول العالم في الوقت الحالي.
وأرجع "المركزي الأوروبي" توصيته إلى حال الانتعاش التي يشهدها الاقتصاد الأوروبي والتي جاءت مع التوسع في توزيع لقاحات فيروس كورونا، مما دفع إلى استقرار حالات الإصابة وإمكان تجاوز الأزمة خلال موسم الشتاء المقبل.
وكان البنك المركزي الأوروبي أصدر حظراً فعلياً على المدفوعات في مارس (آذار) من العام الماضي، تزامن مع انتشار عنيف لحالات الإصابة بفيروس كورونا على مستوى العالم.
وفي ديسمبر (كانون الأول) قرر البنك تحديد توزيعات الأرباح وإعادة الشراء للأشهر التسعة الأولى من عام 2020 بنسبة 15 في المئة من أرباح العامين الماضيين، أو 20 نقطة أساس من نسبة رأس المال الرئيسة للبنك، أيهما أقل.
وكان من المتوقع أن يرفع الحد الأقصى بعد أن قال إنه سيفعل ذلك "في حال عدم وجود تطورات معاكسة مادياً". ووفق حسابات وكالة "بلومبيرغ" فإن أكبر 10 بنوك في منطقة اليورو لديها أكثر من 22 مليار يورو (26 مليار دولار) مخصصة لتوزيعات الأرباح على المساهمين.
وعلى الرغم من التوصية بعدم تمديد قرار حظر توزيع الأرباح لكن "المركزي الأوروبي" عاد ليشدد على البنوك بضرورة توخي الحذر عند اتخاذ أي قرار بشأن المكافآت، إذ طالب بأن تقوم البنوك بما فيها "دويتشه بنك" و "يوني كريديت" و "بي إن بي باريبا" بخفض مجموعات المكافآت الخاصة بها لعام 2020 إذ اعتبرها سخية للغاية.