Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطاب بايدن الثاني لم يفلح في إقناع حلفائه بفوضى أفغانستان

خبراء السياسة والإعلام الأميركي: الرئيس أخفق وعليه "تنظيف المنزل"

يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن انتقادات واسعة من حلفائه في الداخل (غيتي)

للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب تلفزيوني، مساء الأحد، حول الوضع في أفغانستان وعمليات الإجلاء الجارية لنقل جميع المواطنين الأميركيين العالقين، وسط فوضى سببتها سيطرة حركة "طالبان" على البلاد في أعقاب انسحاب القوات من البلاد بعدما ظلت هناك طيلة عقدين كاملين. 

وحاول بايدن طمأنة الأميركيين بشأن عمليات الإجلاء وسعى إلى إعادة تقديم المشهد المرتبك والإشارة إلى تطور جهود الإنقاذ، في حين أقر بأن العملية صعبة قائلاً، "لا توجد طريقة لإجلاء هذا العدد الكبير من الناس من دون ألم وخسارة وصور مفجعة تشاهدها على التلفزيون. إنها مجرد حقيقة. أمامنا طريق طويل لنقطعه ولا يزال هناك الكثير من الأخطاء". وسعى مجدداً للدفاع عن قرار الانسحاب بقوله، "أنا مقتنع بأنني محق تماماً في عدم اتخاذ قرار بإرسال المزيد من النساء والرجال من أجل حرب لم يعد لها ما يبررها في الواقع".

وأُجلي نحو 28 ألف شخص منذ سقوط البلاد في أيدي "طالبان"، بما في ذلك 11ألفاً في الساعات الماضية، حسب بايدن، الذي اعترف بأن الوضع لا يزال خطيراً. كما أقر بوجود تهديد إرهابي محتمل من قبل "داعش" ضد المدنيين المحتشدين في مطار كابول، ممن يحاولون الفرار من أفغانستان عبر طائرات الإجلاء.

انتقادات الحلفاء

ويبدو أن الرئيس الأميركي كان يسعى عبر خطابه الثاني لإقناع الأميركيين بأنه مسؤول بشكل كافٍ عن قراره، وأنه يتفهم آلامهم وقلقهم، لكن من المرجح أن بايدن لا يزال أمامه مجهود كبير وتحدٍّ ربما يستغرق معظم سنوات إدارته الأولى، لإصلاح التلف السياسي الذي أسفرت عنه الفوضى المدمرة جراء "خطة الانسحاب الفاشلة من أفغانستان"، بحسب وصف شبكة "سي أن أن"، التي تعد واحدة من وسائل الإعلام الرئيسة أو الليبرالية المؤيدة للحزب الديمقراطي، التي دعمت حملته الرئاسية أمام ترمب. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويواجه بايدن انتقادات واسعة في الداخل الأميركي، ليس فقط من خصومه السياسيين في الحزب الجمهوري، لكن أيضاً من أكثر حلفائه ومؤيديه في الكونغرس أو الإعلام الأميركي الليبرالي. فمنذ توالي تلك المشاهد المأساوية للمواطنين الأفغان الذين حاولوا التعلق بطائرات الإجلاء في مطار حامد كرزاي بالعاصمة الأفغانية، نشرت شبكة "سي أن أن" عدة مقالات تنتقد تلك الطريقة التي نُفذ الانسحاب الأميركي بها. فالسؤال الذي يطرحه العديد من المسؤولين المنتخبين وخبراء السياسة والاستراتيجيين السياسيين هو ما إذا كان يمكن تنفيذ العملية بمهارة أكبر. وطالب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، مارك وورنر، ديمقراطي من ولاية فرجينيا، بمعرفة، "سبب عدم استعدادنا بشكل أفضل لأسوأ سيناريو محتمل ينطوي على مثل هذا الانهيار السريع والكامل للحكومة الأفغانية وقوات الأمن". 

تنظيف المنزل

وبحسب شبكة "أن بي سي نيوز" قال الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، كريس كوفينيس، الذي زار أفغانستان كمساعد في مجلس الشيوخ عام 2011، إن على بايدن تنظيف المنزل، وأضاف "فريق بايدن خذله في جميع المجالات. لا ينبغي فقط فصل مستشاره للأمن القومي ووزير خارجيته على الفور، ولكن يجب طرد أي شخص سمح بحدوث هذا العار القومي. إما أن يجري الرئيس تغييرات فورية وإما قد لا يتبقى له الكثير من الرئاسة بعد ذلك".

وتعليقاً على خطاب بايدن، أمس، كتب محرر شؤون البيت الأبيض لدى "سي أن أن"، ستيفن كولينسون، يقول، "إن الرئيس الأميركي سعى إلى استعادة زمام المبادرة ورسم صورة لقائد عام على رأس أزمة، بعد أيام بدا فيها متجاهلاً الأحداث الأليمة والانتقادات لقراراته، وغير مبالٍ بمعاناة المدنيين الأفغان، وأكثر من ذلك أنه يميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين بدلاً من تحمل المسؤولية". 

 

وقال بايدن، "إن تصميمنا على إعادة كل مواطن أميركي إلى الوطن وإجلاء حلفائنا الأفغان لا يتزعزع". وفي حين يرى كولينسون أن خطاب بايدن لا يزال يثير المزيد من التساؤلات، فإنه يشير إلى أنه "حمل إحساساً قوياً بإعادة ضبط الوضع السياسي بعد أسبوع كانت فيه صور طائرات الهليكوبتر، التي تقلع من السفارة الأميركية في كابول، تقدم انطباعاً عن انسحاب مذلٍّ بعد حرب استمرت 20 عاماً وانتهت بالهزيمة".

الخطر العميق للفوضى في أفغانستان والتأثير الذي يمكن أن يحدثه في بايدن سياسياً، تمثل على الأكثر عندما حذر من أن الفرع الأفغاني لتنظيم "داعش" يشكل تهديداً للقوات الأميركية والمدنيين الذين يريدون الفرار من البلاد. يعكس هذا الواقع نقطة ضعف كبيرة ليس فقط للقوات الأميركية ولكنه يشير أيضاً إلى أن الموقف السياسي للرئيس يعتمد على أحداث خارجة عن سيطرته في أفغانستان.

مصداقية بايدن

وتقول "سي أن أن" إنه لعدة مرات الأسبوع الماضي تناقضت الصورة الوردية للأحداث التي قدمها البيت الأبيض مع تقارير شهود عيان في العاصمة الأفغانية، مما أثار شكوكاً بشأن مصداقية بايدن أو قيادته الوضع الفوضوي. وأثار خطاب الأحد شكوكاً جديدة؛ ففي حين أشار الرئيس إلى أن القوات الأميركية وسعت المنطقة الآمنة حول المطار، وأعطى انطباعاً بأنها تجري الآن عمليات غير محددة لإخراج المواطنين الذين لا يستطيعون الوصول إلى نقاط الدخول هناك، فإن مسؤولاً كبيراً في الإدارة الأميركية أوضح لاحقاً أن "طالبان" هي التي ستفتح نقاط دخول جديدة وأن العمليات الأميركية في المطار لم تتغير أو تتوسع.

انتقادات الجمهوريين

ومن المثير أن صحيفة "واشنطن بوست"، إحدى أكثر الصحف الليبرالية تأييداً للرئيس الحالي، نشرت أمس الأحد بالتزامن مع خطاب بايدن، مقالاً لقيادية بارزة في الحزب الجمهوري ومسؤولة رفيعة سابقة في إدارة دونالد ترمب، الذي ارتبط بعلاقة عداء مع وسائل الإعلام الأميركية الليبرالية، تنتقد فيه بايدن.

وكتبت السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، في مقال تصدر الصفحة الرئيسة لموقع "واشنطن بوست" تقول، إن "الرئيس بايدن أخطأ بشدة في الانسحاب من أفغانستان، مما جعل الولايات المتحدة أضعف وأقل أماناً، بينما ترك أكثر من عشرة آلاف أميركي و38 مليون أفغاني تحت رحمة طالبان الوحشية". وحذرت من إقدامه على مزيد من الأخطاء مثل أن يعترف بحركة "طالبان"، التي استولت على الحكم في البلاد، قائلة "يجب ألا يخطئ أيضاً في القرار المقبل بالاعتراف بهؤلاء البرابرة كحكومة شرعية لأفغانستان". مشيرة إلى أن من شأن ذلك أن يزيد الضرر بصورة واشنطن، إذ سيُقام "نظام لا يستحق سوى الازدراء والعزلة".

ولم تستبعد إدارة بايدن الحوار مع "طالبان"، أو الاعتراف بها، بحسب هالي، إذ تقوم الإدارة بـ"تقييم" الوضع، بينما تدعو الحركة المتطرفة إلى حماية حقوق الشعب الأفغاني. وتقول السفيرة الأميركية السابقة، "نأمل أن يكون الأمر مجرد موقف حتى نُخرج كل الأميركيين. إذا لم يكن الأمر كذلك، فهذا تحول محرج عن وعد الإدارة السابق بمعارضة طالبان إذا استولوا على السلطة تحت تهديد السلاح، وهو ما فعلوه. هذا ليس انتقالاً عادياً للسلطة. إنه انقلاب عنيف ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً". وحذرت من أن اعتراف الولايات المتحدة بـ"طالبان" من شأنه أن يكافئ ويشجع مثل هذه الأعمال الشريرة. والأسوأ من ذلك، أنه سيشجع متمردين وراديكاليين آخرين في دول أخرى على اتباع نهج "طالبان". "لماذا لا تطيح الحكومة الشرعية عندما ستعطيك الولايات المتحدة ختم موافقتها؟". 

المزيد من سياسة