في زيارته الأولى إلى الكويت، والثالثة إلى دولة خليجية، اختتم رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مساء الأحد، زيارته إلى الكويت، حيث التقى القيادة السياسية، وبحث معهم العلاقات الثنائية، والتحديات التي تواجه المنطقة، ورغبة بغداد مشاركة الكويت على أعلى المستويات في قمة بغداد لدول الجوار المزمع عقدها نهاية الشهر الحالي، فضلاً عن توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين.
وكان الكاظمي قد وصل صباح الأحد إلى الكويت على رأس وفد حكومي رفيع، وقد جرت له مراسم استقبال رسمية، والتقى الكاظمي أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، بحضور ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي.
وذكر البيان، أنه "جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطويرها للوصول إلى مرحلة متقدمة من التكامل، وتعزيز التعاون المشترك، في مجالات الاقتصاد، والاستثمار، والصناعة، والتجارة، وغيرها".
وأعرب رئيس مجلس الوزراء، عن أن "ما تواجهه المنطقة من تحديات، بدءاً من جائحة كورونا، مروراً بالظروف الاقتصادية الصعبة، والتوترات الإقليمية، وغيرها، مما يجعلنا أكثر إيماناً بضرورة أن نتعاضد، وأن نرفع مستوى التنسيق بين بلدينا".
نقطة التقاء
وأكد الكاظمي أن "الحكومة العراقية تعمل من أجل تحول العراق، إلى نقطة التقاء وحوار وتبادل لوجهات النظر بين الأطراف المختلفة، وتكثف الجهود، من أجل تعزيز التعاون الدولي لدعم العراق، وتعزيز العلاقات مع دول الجوار".
وبيّن الكاظمي أن "بغداد تستضيف نهاية الشهر الحالي، قادة دول الجوار العراقي والإقليمي في مؤتمر بغداد"، معرباً عن رغبة "العراق بمشاركة دولة الكويت على أعلى المستويات".
من جهته، أكد أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أن الكويت ستظل مساندة للعراق وحكومته في مواجهة كثير من التحديات، والمشاركة في تذليل العقبات، من أجل تعزيز أفضل العلاقات، وبما يضمن مصالح شعبي البلدين.
وعلى هامش زيارته إلى الكويت التقى الكاظمي، رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم.
وعبّر الكاظمي عن تطلع العراق، حكومة وشعباً، إلى تمتين العلاقات الثنائية مع دولة الكويت في مختلف الصعد والمجالات، مبيناً أن العراق والكويت، بتجاوزهما آثار الماضي، وتطلعهما إلى المستقبل، سيتمكنان من إنجاز كثير على المستويين الوطني والإقليمي، والتأثير الإيجابي في المنطقة.
وشدد رئيس مجلس الوزراء على الاستفادة من الإمكانيات التي يتيحها التواصل الجغرافي، وترابط المصالح الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين، والأواصر الاجتماعية بين الشعبين، لا سيما في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
وأكد الكاظمي خلال حديثه، أن العراق ماضٍ في إجراء الانتخابات بموعدها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وقد تمكنت الحكومة من استكمال المتطلبات القانونية، والانتهاء من قانون الانتخابات، استجابة لإرادة العراقيين، ولأجل أن تكون نتائج الانتخابات المعبر الحقيقي عن إرادتهم.
الخطر مشترك
من جانبه، قال رئيس مجلس الأمة الكويتي، إن مصلحة العراق وقوته هما من مصلحة الكويت، التي ستكون عاملاً مهماً لاستقرار العراق، وإن أي خطر على العراق سيكون خطراً على الكويت في الوقت نفسه، وعبّر أيضاً عن أهمية الدعم المتبادل بين البلدين، ولا سيما في المحافل الدولية.
وكان الكاظمي قد أكد قبل مغادرته إلى الكويت، أن الزيارة تأتي ضمن مساعي الحكومة، لتعزيز التعاون، والعلاقات الثنائية مع مختلف الدول، ومنها دولة الكويت.
تعزيز العلاقات
وتطمح الحكومة العراقية إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وتوسيع التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين الجارين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير مستشار رئيس الوزراء، حسين علاوي، إلى أن زيارة الكاظمي إلى الكويت، تأتي في إطار تطوير العلاقات العراقية - الكويتية، وبشكل خاص في الجانب الاقتصادي، لحث الشركات الكويتية على العمل والاستثمار داخل العراق.
وقال علاوي في تصريح صحافي، إن "زيارة رئيس الوزراء تأتي في إطار تطوير العلاقات العراقية - الكويتية، وتأتي في إطار بناء العلاقات الثنائية بين البلدين في ظل حكومة الكاظمي".
ويلفت إلى أنه "بالمقابل هذه الزيارة تركز على الجوانب الأخرى الخاصة بامتداد العلاقات العراقية - الكويتية التي هي ضمن المنظور الاستراتيجي بين البلدين".
كما علق علاوي حول توقيت هذه الزيارة قبل أيام من قمة دول الجوار في بغداد، قائلاً، "لو نتابع الإرث السياسي لدولة الكويت في إدارة علاقاتها، وهي دولة صغيرة في دول محيطة بها في ظل إرث ولد مشاكل كبيرة في المنطقة، لكنها تمكنت من الصمود وإدارة سياسة خارجية معتدلة ومحايدة"، مبيناً أن "الكاظمي أشاد بهذا النهج، ولذلك فإن هذه الزيارة أيضاً لتبادل وجهات النظر حول حل القضايا الإقليمية".
وأضاف أن "هناك تركيزاً عالياً جداً لدعوة الشركات الكويتية للعمل داخل العراق وتوفير فرص عمل، وأيضاً لتطوير الاقتصاد العراقي وعودته وتعاطيه مع دول الجوار، هذا يعطي أريحية بالدعم والإيمان بأن السياسة الخارجية قد تكون بوابة لحل المشاكل الداخلية".
تجاوز آثار الماضي
تأتي زيارة الكاظمي بعد أيام من إحياء الكويت الذكرى الـ31 للغزو العراقي، حيث في 2 أغسطس (آب) 1990، دخل الجيش العراقي في عهد رئيس النظام السابق صدام حسين الكويت واحتلالها، قبل أن يتمكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بعد شهور قليلة من تحرير الكويت، فيما فرض مجلس الأمن الدولي حظراً على العراق استمر لنحو 13 عاماً، واضطر العراق لدفع تعويضات للكويت، عن طريق الأمم المتحدة، وسلم العراق حتى يومنا هذا أكثر من 50 مليار دولار أميركي للكويت.
وكانت العلاقات الثنائية قد استؤنفت عام 2004 على مستوى قائم بالأعمال، وعيّنت الكويت أول سفير لها في بغداد عام 2008، وفي عام 2010، سمّى العراق سفيراً له لدى دولة الكويت.
ولا تزال الخلافات الحدودية، لا سيما البحرية، قائمة، حيث يرى العراق أن ما بعد النقطة 162، والتي لا تصل إلى أكثر من 35 كم، لا تخضع إلى القرار الأممي. وسعى الوفد العراقي خلال زيارته إلى الكويت لإنهاء جميع الملفات العالقة بين الدولتين وتجاوز آثار الماضي، واهتمت بالجانب الاقتصادي والاستثماري وتشجيع رجال الأعمال في الكويت إلى الاستثمار في العراق.
وكانت الكويت قد استضافت في عام 2018 مؤتمراً للمانحين لإعادة بناء العراق، وتبادل قادة ومسؤولو البلدين خلال السنوات الماضية الزيارات.
ويقول عضو ائتلاف النصر حمزة لؤي الحردان لـ"اندبندنت عربية"، إن "العالم والمنطقة يدركان أهمية العراق الجيوسياسية، وإن الاستقرار السياسي والأمني في العراق له انعكاسات على المنطقة بشكل عام".
وأقر الحردان، "هناك فرصة كبيرة للعراق لأن يستعيد دوره بأن يكون لاعباً حقيقياً في دعم الاستقرار في المنطقة، ولكن يجب أن يضع مصلحة العراق أولاً على جميع الصعد، ومن خلال الانفتاح على الجميع واتباع سياسة المنفعة المشتركة".
ورأى الحردان أن "العالم ينظر للعراق على أهمية موقعة الجغرافي والامتدادات المجتمعية للشعب العراقي وتأثير الاستقرار في العراق على دول الجوار والمنطقة".
ويلفت الحردان إلى أن "العلاقات العراقية - الكويتية شهدت عودة تدريجية ما بعد 2003 لإعادة بناء جسور التواصل الدبلوماسي كانت أولى خطوات استعادة هذه العلاقات والزيارات بين المسؤولين من الدولتين للتباحث حول نقاط الخلافات التي استمرت لفترة طويلة بدأت منذ غزو العراق للكويت، ومن الواضح أن هناك حرصاً من الطرفين على إنهاء جميع المسائل العالقة، وأبرزها ملف الحدود البحرية، والتعويضات، وما إلى ذلك".
تطور العلاقات
وأكد أن "العلاقات شهدت تطوراً ملحوظاً عندما عقد مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق وثمنت الحكومة العراقية آنذاك بدور دولة الكويت الشقيقة ودور الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في قيام المؤتمر حينها، والذي أشاد بدوره بحكومة وشعب العراق في انتصارهم على أعتى التنظيمات الإرهابية".
يوضح عضو ائتلاف النصر الذي يتزعمه رئيس وزراء العراق الأسبق، حيدر العبادي، "نحن مع أن تكون العلاقات على قدر الترابط الذي يجمع البلدين، ويلبي طموحات الشعبين على جميع الأصعدة ويساهم في تعزيز التعاون الثنائي، ونطمح لأن نشهد تطورات في العلاقات في ظل القيادة الجديدة لدولة الكويت، وأن يصل الجانبان إلى حل نهائي حول نقاط الخلاف العالقة بما يراعي مصالح الدولتين الجارتين، وأن تنتقل مرحلة العلاقات الدبلوماسية، وتنعكس على الاقتصادية، والتبادلات التجارية والثقافية والمجتمعية".
لكن، علي البيدر، أكد لـ"اندبندنت عربية"، أن "المتتبع لمواقف مصطفى الكاظمي الخارجية على المستويين الإقليمي والدولي سنجده يحاول التهرب من الوجود تحت عباءة إيران بشكل انسيابي وتدريجي صوب المحيط العربي، وخصوصاً دول الخليج، ومنها الجارة الكويت، التي تعد ثالث دولة خليجية يحج إليها الكاظمي بعد السعودية والإمارات".
وأكد البيدر، أن "الكويت تعد من أفضل الدول التي شكلت علاقتها بعد عام 2003 بناء حسن الجوار والاحترام المتبادل وتنظيم المصالح المشتركة".
ويلفت إلى أن "الزيارة التي تسبق قمة بغداد تهدف إلى إقناع الجانب الكويتي بضرورة وجود الاستثمارات الكويتية في السوق التجارية العراقية، وأداء دور فعال في التنمية المستدامة والاستثمار الصناعي والتجاري، وهذا ما يجعل نتائج تلك الزيارة تصب في مصلحة الطرفين، وتعزيز علاقتهما التي أخذت بالتصاعد مع وصول الشيخ نواف الأحمد الصباح إلى دفة الحكم في الكويت، وهو ما أفسح المجال أمام تطلع العراق لمزيد من التقارب من الجارة الكويت التي عملت على نسيان الماضي الذي خلفه غزو نظام صدام للكويت في العقد الأخير من القرن الماضي".
وأكد، "إضافة إلى دورها الاقتصادي، من الممكن لتلك الزيارة أن تحل عديداً من المشاكل العالقة بين العراق والكويت، وفي مقدمتها الآبار النفطية المشتركة، وملف المفقودين الكويتيين، إلى جانب اتفاقية خور عبدالله الموقعة بين البلدين عام 2012، وهذا ما يقود إلى تصفير كافة الأزمات بين الجارين للمضي قدماً نحو علاقات متينة يتطلع لها شعبا وحكومتا البلدين".
وفي السياق، وصف أمين سر اتحاد الإعلام الإلكتروني الكويتي، محمد ظافر العرادة، في حديث خاص، بأن "العلاقات الكويتية - العراقية علاقات ممتدة لقرون من الزمن، فالجميع من قومية عربية واحدة، وفي العهد الجديد وابتداءً من عام 2003 عادت العلاقات بعد الاحتلال الغاشم الذي كانت تحت قيادة صدام حسين، بل وكانت من أفضل العلاقات العربية - العربية، فالكويت مساهم أساسي لإعادة إعمار العراق، لا سيما بالمناطق الشمالية، وما جاورها، تحت حملة (الكويت بجانبكم)".