Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة "طالبان" تربك حسابات الطيف الإسلامي في تونس

يعتبر البعض أن "النهضة" محتارة بين الحرص على صورتها كحركة "ديمقراطية وسلمية" وعدم نقد التيار المؤدلج

زعيم حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي ( أ ف ب)

شكّل سقوط العاصمة الأفغانية كابول في أيدي حركة "طالبان" مفاجأةً للجميع. وفي تونس تسبب ذلك بارتباك كثير من القوى السياسية التي لاذت بالصمت. ومن تلك القوى، حركة "النهضة" التي لم يصدر عنها موقف بخصوص عودة "طالبان" إلى الحكم.

وقد خرج عن هذا الصمت القيادي في الحركة، سمير ديلو، الذي اعتبر أن "طالبان" ترفض استعمال لفظ الديمقراطية لأنها "تمنح حق التشريع للشعب، وليس لله"، و"لا ترى أهمية لوضع دستور أو لائحة لتنظيم شؤون الدولة، وتعتبر أمير المؤمنين بمثابة الخليفة ينتخبه أهل الحل والعقد، ولا توجد مدة محددة لتولي المنصب، ويتم عزله في حالة العجز أو الموت أو إذا أتى ما يخالف الدين".

وأضاف ديلو أن "طالبان" تؤمن بأن الشورى "مُعلّمة فقط، وليست ملزمة، وتهتم الحركة اهتماماً كبيراً بالمظهر الإسلامي كما تتصوره، فتأمر الرجال بإطلاق اللحى، ولبس العمامة، وتمنع إطالة الشعر، وتحرم الموسيقى والغناء والصور، وتمنع عمل المرأة، وتشرف على تنفيذ ذلك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي تلك الأثناء يعتبر البعض "طالبان" حركة تحرر وطني".

وقد وصف الصحافي الصغير الحيدري صمت "النهضة" على الأحداث في أفغانستان بـ"المريب"، على الرغم من أن الحركة تقدم نفسها على أنها "سلمية ومدنية"، و"تحاول إقناع التونسيين ودوائر صنع القرار في العالم بأنها تغيرت وقامت بمراجعات، في حين تصمت إزاء استيلاء "طالبان" على الحكم".

الديمقراطية أو الفوضى

وقد نشر القيادي في "النهضة"، رضوان المصمودي، تعليقاً على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، جاء فيه أن "مثل هذه الأفكار المتطرفة ستتمدد... أمام فشل الخيار التوافقي الذي سعى البعض دون طائل زرعه في بيئة متطرفة واستئصالية"، ملمحاً إلى أن ما يصفه بالانقلاب والاعتداء على الديمقراطية (في إشارة إلى قرارات الرئيس قيس سعيد) سيقود إلى تصاعد نهج التطرف لدى الشباب في تونس.

وتوقفت الباحثة السياسية ريم الغيد سويد عند "المفارقات" التي تعيشها تونس، حيث "أنصار الإسلاميين وحلفاؤهم في الداخل والخارج جاهروا بفرحهم واصطفافهم مع "طالبان"، بينما ردود الفعل في صفوفهم معارضة بفتور أو ملوحة بما يمكن أن يشبه الوضع الأفغاني في تونس ما لم ترجع الأمور إلى نصابها".

وسألت سويد، "هل هذه المواقف بسبب الخوف من ردة فعل شعبية، أو أميركية، أم أن الحركة قامت فعلاً بنقد ذاتي ومراجعة جدية لماضيها المليء بالعلاقات الوطيدة مع التيارات الجهادية والإسلام الغاضب".

ولاحظت أن الفتور واضح في العلاقات بين الحركة والولايات المتحدة، على الرغم من محاولاتها تلميع صورتها في الإعلام الأميركي.

حبل رفيع

ويعتقد المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية هشام الحاجي أن هناك ارتباكاً في أداء "النهضة" إزاء الحدث الأفغاني، بسبب الوضع الداخلي في تونس، حيث "تعيش الحركة حالة انكفاء وتحاول امتصاص الصدمة بعد 25 يوليو (تموز) الماضي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول الحاجي، "الوضع التونسي جعل "النهضة" تعتبر أن كل تصريح قد يزيد وضعيتها تعقيداً، على الرغم من الروابط التي تجمعها بالجماعات الإسلامية المنتمية إلى مدرسة الإخوان المسلمين القائمة على منطق الأممية الإسلامية، بالتالي لا يمكن انتقاد حركة تنتمي إلى هذه المنظومة حتى وإن كانت دموية كـ"طالبان".

ويضيف، "مسألة الخلافة وتقسيم الأقطار إلى دار حرب ودار سلم التي تحرك الإسلاميين، ما زالت موجودة لدى حركة النهضة، التي لم تقطع فكرياً مع السلفية، ومن هذا المنطلق لا تريد قطع كل خيوطها مع أفغانستان، إلى جانب أن الحركة تريد المقايضة بورقة "طالبان" وتجعلها شكلاً من أشكال التهديد بأنه نموذج قابل للتصدير في حال تعثر الحل السياسي في تونس، وهذه الأسباب تدفع الحركة إلى اللوذ بالصمت حالياً".

ويلفت الحاجي إلى أن "النهضة تخشى خسارة واشنطن، وتريد تقديم نفسها في صورة الحركة الديمقراطية التي قطعت مع العنف"، ويختم كلامه بالقول إن "النهضة تسير على حبل رفيع، فهي لا تريد خسارة "طالبان" ولا فقدان رضا واشنطن".

خارج السياق

وقد أثار موقف عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، وتأييده انتصار "طالبان" كثيراً من الاستغراب. ومما قال إنه "بعد عشرين عاماً من احتلال الولايات المتحدة أفغانستان، نجحت "طالبان" في دحر الاحتلال إثر انهيار حكم العملاء، وقيام القوات الأميركية بإجلاء رعاياها على عجل أعاد إلى الأذهان مشهد مغادرة الجيش الأميركي العاصمة الفيتنامية بعد تحريرها".

هذا الموقف، بالنسبة إلى الحيدري، "تعبير عن موقف شريحة من السياسيين المقربين والمتحالفين مع الإسلاميين في تونس". ويقول الحيدري، "مباركة عصام الشابي استيلاء "طالبان" على السلطة بالقوة يكشف عن تناقضات الرجل الذي يقدم نفسه على أنه ديمقراطي ووطني، وفي الواقع يواصل عصام الشابي مغازلة التيار الإسلامي محلياً وعربياً وكأنه يحاول استرضاء "النهضة" وأنصارها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي