Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملصقات تحذر النساء من التبرج في المغرب في رمضان

"لتجنب مظاهر الفتنة التي قد تعكر صفو صيام الشباب"

"فكرة الملصقات فرصة مواتية لهن أيضا من أجل ربح الحسنات والتقرب إلى الله" (أ.ف.ب)

قُبيل حلول شهر رمضان، وُضعت جملة "لا للتبرج "على مجموعة من جدران المدينة ولا يزال بعضها موجوداً، وهي تدعو الفتيات والنساء إلى تجنب التبرج خلال هذا الشهر "اتقاء للشبهات ودرءًا لإفساد صيام الشباب"، كما برر الأمر عدد من المعلقين على هذه الحملة. وفي الوقت الذي لا يُعرف من هم وراء هذه الأوراق المُلصقة على الجدران بطرقٍ بسيطة، خلفت الأخيرة جدلاً واسعاً، سواء في طنجة، أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداول عددٌ من نشطاء الفضاء الأزرق، صوراً لهذه الملصقات.

تضييق على الحرية

انقسمت الآراء بين مؤيدٍ ومعارض لهذه الرسائل، فالبعض استنكر بشدة هذه الحملة ومثيلاتها، معتبراً أنها ضرب من الجهل والتخلف الذي يعاني منه كثيرين في المجتمع المغربي. بينما دعم آخرون الفكرة ورأوا أنه من الضروري تعميمها على مختلف أوقات السنة وعدم حصرها في رمضان، معتبرين الأمر شرعاً يحضّ عليه الدين الإسلامي وواجب تطبيقه.

بالنسبة إلى الناشطة الحقوقية، ابتسام لشكر عن حركة "مالي" للحريات الفردية، الأمر يدعو إلى السخرية، وطالبت في تدوينة على حسابها الشخصي على "فايسبوك" مُطلقي هذه الحركة (لا للتبرج) بمنح النساء الحرية في اختيار ما يرغبن فيه، وعدم التضييق عليهن، مشددة بالقول "امنحونا السلام". في السياق نفسه، اعتبر نشطاء أنه لا يحق لأي شخصٍ أن يدعو المرأة إلى عدم التبرج، أو الوصاية على الآخر، وأن اللباس يظل حرية شخصية.

أفكار تطرفية

وبينما وصف البعض محتوى هذه الملصقات بالـ"تضييق على حرية النساء"، يرى سمير وهو طالبٌ جامعي أن هذه التصرفات تحمل "فكراً داعشياً" يعمل على افتعال نقاشات غريبة عن المجتمع والثقافة في المغرب، مضيفاً أنه على السلطات المغربية أن تكشف من وراء هذه الملصقات، خصوصاً أنها تحمل مضامين دينية. في السياق نفسه، قال خالد المصلي، باحث في علم الاجتماع، أن مضمون هذه الملصقات لا يمكن فصله عن مناسبة شهر رمضان، معتبراً أن "هؤلاء الأشخاص يدعون النساء إلى تغيير طريقة لباسهن وعدم التبرج، كأنهم يستغلون هذا الشهر لتمرير أفكارهم الدينية".

"تجنب الفتنة"

مؤيدو هذه الحملة يرون أنها دعوة للنساء "لتجنب مظاهر الفتنة التي قد تعكر صفو صيام الشباب"، وهكذا كتب بعض الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي أن فكرة هذه الملصقات هي فرصة مواتية لهن أيضاً لكسب الحسنات والتقرب إلى الله.

مفاهيم مغلوطة

وتأتي هذه الحملة التي تدعو النساء إلى عدم التبرج خلال رمضان، تزامناً مع تدوينةٍ مثيرة للجدل نشرها الباحث في الشأن الديني محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، الذي استغرب فكرة التخلي عن خطوات النظافة أو التعطر أو التزين بالنسبة إلى النساء في شهر رمضان، اعتقاداً أنها من مفسدات الصوم، مُوضحاً أنه من المفاهيم المرتبطة بالخيال الشعبي في شهر رمضان، التخلي عن أي أمر له علاقة بالأناقة والتجمل، والظهور بمظهر حسن ولائق، وهذه من المفاهيم المغلوطة التي لا علاقة لها برمضان أو الصيام".

أضاف رفيقي "أن النساء في رمضان يَفرض عليهن الشارع عدم التعطر والابتعاد عن عاداتهن الجميلة من تأنق وتجمل ووضع الماكياج"، وهو الكلام الذي عرّض صاحبه للكثير من الانتقاد.

ناقوس الخطر

هذه الحملة التي وُجهت بالأساس إلى النساء المغربيات وشهدت تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي منذ إطلاقها، أعادت إلى الواجهة وقائع حدثت في مدينة طنجة. ففي السنوات الماضية، شهدت طنجة عدداً من الاعتداءات التي تصدّرت المشهد الإعلامي، وكان مُرتكبو هذه الاعتداءات عادة شباباً يعتبرون أنفسهم مدافعين عن "الفضيلة".

مطاردة جماعية لفتاة

ملصقاتُ أو حملة "لا للتبرج" أعادت إلى الأذهان ما حدث الصيف الماضي بعد تعرض فتاة لمطاردةٍ جماعية في كورنيش طنجة، وانتشر آنذاك مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر عدداً من الشبان والفتيان يُلاحقون فتاة ويضايقونها في الشارع، ويُظهر هذا المقطع الذي يمتد لـ 10 ثوان شابة ترتدي قميصاً وسروالاً من الجينز، وهي مصابة بالذعر من ملاحقتهم لها ومحاولتهم تطويقها، وقولهم إنها ترتدي "لباساً غير محتشم".

أرقام صادمة

ظاهرةُ الاعتداء والعنف ضد النساء أو الفتيات خلال شهر رمضان أو بعده سواء بسبب اللباس أو غيره، أصبحت مستشرية جداً في المجتمع المغربي ويصعب السيطرة عليها. وقبل يومين، كشفت دراسة لوزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية عن أرقامٍ صادمة حول العنف ضد النساء في المغرب، حيث تصل نسبة تعرّض المغربيات إلى التعنيف على أيدي الرجال إلى أكثر من 54 في المئة.

نتائج البحث حول انتشار العنف ضد النساء، شمل مختلف محافظات المغرب، وكشف أن نسبة انتشار العنف ضد المغربيات ترتفع في المدن بنسبة 55.8، مقارنة بـ 51.6 في القرى، مشيراً إلى أن الفئات العمرية الشابة والنشيطة (ما بين 25 و29 سنة) هي الأكثر تعرضاً للتعنيف بنسبة قاربت 60 في المئة.

وكشفت الدراسة أن حوالى مليون ونصف مليون مغربية تعرّضن للعنف الإلكتروني، الذي شمل الفئة العمرية ما بين 18 و64 سنة، مشيرةً إلى أن النساء اللواتي تعرضن للتعنيف الإلكتروني أقررن بتعرفهن على معنفيهن عن طريق الإنترنت، أو من خلال علاقات عائلية، أو زمالة في العمل، وقد يبرز التحرش في مقدمة أنواع التعنيف الممارس إلكترونياً بنسبة 71 في المئة.

وبخصوص أنواع العنف الممارس ضد النساء، احتل العنف النفسي الصدارة بنسبة 50 في المئة، وحل التعنيف الاقتصادي والجسدي توالياً بنسبة 17 و16 في المئة، في حين شكل العنف الجنسي 14 في المئة. وتعددت أوساط ممارسة العنف ضد النساء المغربيات، وتكشف الدراسة أن الوسط المهني هو الذي يشهد أكبر نسبة من التعنيف بنسبة تفوق 23 في المئة.

قانون العنف ضد النساء

على الرغم من مصادقة الحكومة المغربية العام الماضي على قانون يُجرم العنف ضد النساء ودخوله حيز التنفيذ، إلا أن الأخير لم يفعّل على أرض الواقع بحسب منظمات حقوقية مغربية، والسبب في ذلك يعود إلى استشراء الخوف وغياب ثقافة التبليغ لدى النساء اللواتي يتعرضن للتعنيف. ويهدف قانون محاربة العنف ضد النساء في الأساس، إلى تأمين الحماية اللازمة للنساء ضحايا العنف ويضع تعريفات محددة للعنف.

يعاقب القانون الجديد بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2000 إلى 10 آلاف درهم (200 إلى 1000 يورو) أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أمعن في مضايقة الآخرين في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية.  كما يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألف درهم (500 إلى 5000 يورو)، إذا ارتكب التحرش من طرف أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية، أو إذا كانت الضحية قاصراً.

ونص القانون كذلك على عقوبة تتراوح بين ستة أشهر وسنة وغرامة من 10 آلاف إلى 30 ألف درهم (1000 إلى 3000 يورو) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط لمن أكره شخصاً على الزواج باستعمال العنف أو التهديد. وفي هذه الحالة، لا تجوز المتابعة إلا بناء على شكوى الشخص المتضرر، بينما يضع التنازل عن الشكوى حداً للمتابعة ولآثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره.

المزيد من تحقيقات ومطولات