Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى يستأنف البرلمان التونسي نشاطه؟

يرى مراقبون أنه منتهي واقعياً لفقدانه ثقة الشعب ولا بديل عن انتخابات تشريعية مبكرة

قد يكون غياب البرلمان عن المشهد السياسي خلال هذه الفترة عاملاً مريحاً للتونسيين (أ ف ب)

بينما يتريث الرئيس التونسي قيس سعيد، في إعلان اسم رئيس الحكومة المقبل، بعد اتخاذه الإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) الماضي، يترقب التونسيون الكشف عن ملامح المرحلة المقبلة، ومصير البرلمان، بعد مرور نحو شهر على القرارات الاستثنائية.

وبات البرلمان في تونس، تلك البناية مترامية الأطراف وسط مدينة باردو، مطوقاً بالأسلاك الشائكة، ينتظر مصيره الذي ستحدده الأيام المقبلة، إما باستئناف النشاط، وإما بالذهاب إلى انتخابات مبكرة.

ويتوقع متابعون للشأن العام في تونس ألا يعود البرلمان إلى سالف عمله، وأن رئيس الجمهورية سيمدد فترة تجميد البرلمان شهراً إضافياً، خصوصاً أن الوضع السياسي يراوح مكانه. فهل سيمدد قيس سعيد تجميد البرلمان؟ أم أنه سيعود إلى سالف نشاطه في المرحلة المقبلة؟

لن يعود

قد يكون غياب نشاط البرلمان عن المشهد السياسي خلال هذه الفترة عاملاً مريحاً للتونسيين، الذين رسمت لديهم صورة سيئة عن أدائه الذي اتسم بالصراعات والعنف. ويشير الوضع الراهن إلى أن البرلمان "لن يعود إلى نشاطه".

واستبشر التونسيون بالقرارات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية، وجرى بمقتضاها تجميد أشغال البرلمان ورفع الحصانة عن جميع النواب.

من جانبه، يرجح أستاذ القانون والباحث في القانون الدستوري، رابح الخرايفي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، عدم عودة البرلمان إلى النشاط، معتبراً أنه "منتهي واقعياً، لفقدانه ثقة التونسيين، ولأنه يضم نواباً ملاحقين قضائياً بتهم خطيرة، بينها تبييض الأموال والفساد والإرهاب، بينما عبر عدد آخر من النواب عن استعدادهم لتقديم استقالاتهم، كما دعا بعضهم إلى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة".

وحول إمكانية التمديد في الفترة الاستثنائية، أكد الخرايفي، أن العبرة من تفعيل الفصل 80 من الدستور ليست في الفترة الاستثنائية، وإنما في "الأسباب الكامنة وراء الذهاب إلى هذا الفصل"، مشيراً إلى أنه إذا زالت الأسباب "ترفع الحالة الاستثنائية، وإذا ما تواصلت يمكن تمديدها، ويعود تقدير الأمر إلى رئيس الجمهورية".

تنظيم مؤقت للسلطة

ولفت أستاذ القانون إلى إمكانية أن يتخذ قيس سعيد، قبل انقضاء الشهر، إجراءات جديدة لفترة محددة، مرجحاً "إمكانية تعليق العمل بالدستور، أو الجزء المتعلق بالسلطة التنفيذية والتشريعية، والاعتماد على تنظيم مؤقت للسلطة خلال المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى وجود لجنة تشتغل على النص الدستوري الجديد، ومؤكداً أن البلاد في مأزق، ولا بد من حلول، لأن الوضع الاستثنائي طال أمده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت أستاذة القانون هناء بن عبدة، أن رئيس الجمهورية قال إنه "لن يعود إلى الوراء"، بالتالي فإن البرلمان الحالي، "لن يستأنف نشاطه"، معتبرةً أن الهبّة الشعبية المساندة للرئيس "لن تسمح بعودة البرلمان"، لافتةً إلى أنه "سيمدد في الفترة الاستثنائية".

ورأت أن الخيارات المطروحة هي أن يقترح رئيس الجمهورية خطة عمل للفترة المقبلة، مؤكدةً أنه "لا بديل عن انتخابات تشريعية سابقة لأوانها"، ومشددةً "على ضرورة تحديد الفترة الاستثنائية في الزمن، والعمل على العودة الطبيعية إلى سير دواليب الدولة".

عودة مؤسسات الدولة

في المقابل، دعا عدد من أساتذة القانون إلى ضرورة العودة إلى مؤسسات الدولة لتفادي انهيارها. وقال أستاذ القانون الدستوري والناشط السياسي جوهر بن مبارك، إن "البرلمان مؤسسة تشريعية منتخبة، وهو موجود واقعاً وقانوناً وفعلاً، ولا بد أن يعود إلى استئناف نشاطه حالما تنتهي الحالة الاستثنائية". وأضاف، "رئيس الجمهورية يحتفظ لنفسه بكل القرارات، ولم يكشف إلى الآن عن نواياه"، مندهشاً من قوله "إنه لم يخرج عن إطار الدستور".

ورجح بن مبارك أن يتولى الرئيس التمديد في هذه الفترة الاستثنائية، معتبراً أن البلاد في مأزق، لأن قيس سعيد "لا يمكنه حالياً العودة إلى الوراء، وإعادة البرلمان إلى سالف نشاطه، بعد أن ارتفعت نسبة التأييد الشعبي لقراراته الأخيرة، كما أنه لا يمكنه حل البرلمان دستورياً، أو تعليق العمل بالدستور".

وشدد أستاذ القانون الدستوري على أن "تونس في حالة غموض وتذبذب، وعليه فإن رئيس الجمهورية مدعو إلى توضيح الرؤية للمنظمات وللفاعلين السياسيين في الداخل، وأيضاً للجهات المانحة والدول الشقيقة والمنظمات الدولية في الخارج".

واعتبر بن مبارك، أن "الحل الأسلم لتونس اليوم، هو عودة البرلمان إلى نشاطه، ضماناً لدولة المؤسسات والقانون"، مؤكداً أن "قيس سعيد يمكن أن يحقق أهدافه في مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين فيه، من خلال التحرك في المؤسسات الدستورية"، ومشدداً على أن النواب الملاحَقين قضائياً، "يمكن تعويضهم بمَن يليهم في القائمات الانتخابية"، حسبما ينص على ذلك القانون الانتخابي للبرلمان.

طريق الشعب التونسي

وكان الرئيس التونسي أكد خلال اللقاء الذي جمعه بوزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، وسهام البوغديري نمصية، المكلفة تسيير وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، أنه سيتم إعلان تركيبة الحكومة الجديدة في الأيام القليلة القادمة.

وأضاف سعيد، "لمَن يتحدثون عن خريطة الطريق، أولاً الخرائط والمفاهيم التي تأتينا من الخارج يرددها البعض دون أن يعرف معناها، ومن يتحدث عن الخرائط فليذهب إلى كتب الجغرافيا لينظر في البحار والقارات، الطريق الوحيدة التي أسلكها هي الطريق التي خطها الشعب التونسي".

ويتخوف التونسيون من استمرار حالة الفراغ الذي تمر به البلاد اليوم، وهي مقبلة على تحديات اقتصادية واجتماعية وأمام التزامات مالية في علاقة بالجهات المانحة، وبخاصة صندوق النقد الدولي، وهو ما يتطلب حداً أدنى من الاستقرار السياسي والحكومي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير