Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هو إسماعيل صبري رئيس وزراء ماليزيا التاسع؟

يتوقع مراقبون أنه سيكون فاقداً الاستقلالية الكاملة وهذه أبرز التحديات التي ستواجهه

تنفست ماليزيا الصعداء بعد أن ضاق الشعب ذرعاً من حالة انعدام الاستقرار السياسي الممتدة لأشهر، تضمنت تغيير أربع حكومات متتالية خلال أربع سنوات واستقالتين لرئيسي وزراء خلال أقل من عامين، فيما أرجع الأمر برمته إلى القصر الملكي، لما يقتضيه الدستور الماليزي لبت خلاف سياسي محتدم لم يشهده تاريخ ماليزيا.

وبعد خروج أومنو من سدة الحكم الذي اعتلاه ستة عقود على يد تحالف الأمل بقيادة مهاتير محمد، مخلفاً بذلك فراغاً سياسياً لم يملأه بعد استقالته في فبراير (شباط) الماضي، ومع تصديق القصر الملكي لإسماعيل صبري رئيساً تاسعاً لوزراء ماليزيا، يعود حزب الملايو إلى الحكم مجدداً. فيما سيحكم صبري لأقل من عامين على أقصى تقدير، منشغلاً بالشأن الداخلي ومحاربة الوباء وإنعاش الاقتصاد المتهالك.

مهمة القصر الملكي

يسعى القصر الوطني الماليزي لاحتواء الأزمات والحرص الشديد للفصل في المناوشات السياسية. فالنظام السياسي الماليزي ملكي دستوري تمثله فيدرالية اتحادية، فسلطان ماليزيا هو رأس الدولة، كما أن رئيس وزرائها هو رئيس الحكومة التي تمارس السلطة التنفيذية من قبل الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات الثلاثة عشرة.

وتقوم السلطة التشريعية تحت قبة البرلمان الاتحادي والمجالس التشريعية للولايات الثلاثة عشرة، وتستقل السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما أن دستور ماليزيا مستند إلى نموذج وستمنستر البريطاني الذي ينص على التسلسل الهرمي للسلطة، ووفقاً للدستور الفيدرالي فسلطة الملك يشغلها سلاطين الولايات الثلاثة عشرة كل خمس سنوات بالتناوب، فيما يتوجب على ملك ماليزيا المصادقة على تعيين رئيس الوزراء بعد التأكد من حصوله على الأغلبية اللازمة التي تقضي بحصوله على تأكيد أكثر من نصف النواب البرلمانيين.

كما أن القصر الملكي الوطني كان له دور فعال في احتواء الأوضاع السياسية المشحونة في ماليزيا خلال الفترات السابقة، فعند استقالة رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد بشكل مفاجئ، عيّن ملك ماليزيا السلطان عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه، محيي الدين رئيساً للوزراء، بعدما استقر له ترشيح الأغلبية لزعيم حزب برساتو. كما استوعب مزاعم المعارض أنور إبراهيم بأحقيته برئاسة الحكومة، والتقى به في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، وسمع له، لكن رفض طلبه بتشكيل حكومة جديدة.

مرة أخرى كان للقصر الوطني دور في الحفاظ على استقرار البلاد من خلال اختيار رئيس الوزراء التاسع للبلاد، حيث دعا الملك يوم الخميس الماضي 114 نائباً من أصل 220 للقائه، وهي الكتلة التي تضم التحالف الوطني والجبهة الوطنية بقيادة أومنو ونواب الحزب الإسلامي، للتأكد من صحة الترشيحات التي أرسلها كل نائب بشكل شخصي في خطوة تهدف إلى تجنب تكرار مشهد فبراير (شباط)، حين زعم كل من مهاتير محمد وأنور إبراهيم ومحيي الدين حصولهم على الأغلبية في فبراير الماضي، ولضمان موثوقية الخطابات المرسلة سلفاً عبر البريد الإلكتروني والـ"واتساب" للقصر مباشرة، وللتأكد من أن ترشيح البرلمانيين لرئيس الوزراء القادم قد جرى طواعية.

أومنو في سدة الحكم

كانت خسارة حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة "أومنو" لانتخابات عام 2018 المفاجئة لكل التوقعات، هي الأولى منذ استقلال ماليزيا عام 1957، فالحزب الذي حكم البلاد ما يقرب من ستين عاماً لم ينجح في الحصول على أغلبية في آخر انتخابات عامة أُجريت في ماليزيا، التي فاز فيها تحالف الأمل، وأعاد رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد مجدداً للسلطة. وترجع خسارة الحزب الملاوي الانتخابات لأسباب عدة، على رأسها فضيحة الفساد التي طالت رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق المرتبطة بصندوق التنمية السيادي الماليزي، إلى جانب التهم التي تلاحق رئيس الحزب الحالي، أحمد زاهد حميدي، بالتكسب والرشوة، وما زال ينظر القضاء الماليزي فيها.

وفي أعقاب استقالة رئيس وزراء ماليزيا الثامن محيي الدين ياسين، أٌعيدت القيادة مجدداً إلى حزب أومنو الذي ينوب قيادته إسماعيل صبري يعقوب، ليعود الحزب مجدداً إلى مقعد الحكم بعد غياب استمر ما يقرب من ثلاثة أعوام.

ويُنظر إلى هذه العودة بترقب من جانب المعارضة، التي كانت تُفضل مرشحها رئيس حزب عدالة الشعب أنور إبراهيم ليكون رئيس الوزراء التاسع، لكنها لم تفلح في حشد الدعم وعدد النواب الكافيَين.

ويشير مراقبون إلى أن اختيار أومنو لإسماعيل صبري جاء لكونه من بين كبار قادة الحزب، ونائب رئيس حزب أومنو، إلى جانب صعوبة ترشيح رئيس حزب أومنو أحمد زاهد حميدي، وهو ما زال يواجه محاكمات في قضايا رشوة، وتكسّب من منصبه في حكومة رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق.

رئيس وزراء ماليزيا التاسع

وُلِد إسماعيل صبري في عام 1960 في تيمرلوه بولاية باهانج، ثالث أكبر الولايات الماليزية. ودرس القانون في كلية الحقوق في جامعة ماليزيا، وبدأ مساره المهني في المحاماة عام 1985، وقبل الانخراط في دوائر الحكم شغل إسماعيل صبري منصب الأمين العام السياسي لوزارة الثقافة والفنون والسياحة في عام 1995، كما عُين في مجلس إدارة باهانج تينجارا في نفس العام ومجلس ترويج السياحة الماليزية. وقبل دخوله البرلمان كان إسماعيل صبري رئيساً لمجلس إدارة المجمع الرياضي الوطني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دخل رئيس الوزراء التاسع عالم السياسة، وتدرج فيها، فمنذ عام 1987 حين عُين عضواً في لجنة تيمرلوه بحزب أومنو، لكنه لم يدخل إلى البرلمان إلا في عام 2004 مع انتخابه نائباً عن منطقة بيرا، وشغل منصب وزير الشباب والرياضة في حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله بدوي في الفترة بين عامي 2008 و2009.

ومن المناصب السياسية الأخرى التي تولاها، وزير التجارة الداخلية في حكومة رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق بين عام 2009 و2013، ومنصب وزير الزراعة في الفترة بين 2013 و2015، والوزير الاتحادي للتنمية الريفية والإقليمية بين عامي 2015 و2018. وعين وزيراً للدفاع عام 2020، وترفع في منصبة ليكون نائباً لرئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين.

سقطات صبري

أثار صبري بعض الجدل في عدد من المناسبات في قضايا حساسة، ففي عام 2015 أثار جدلاً بعد منشور له في صفحته على "فيسبوك" يدعو فيه المستهلكين من ذوي عرق الملايو إلى مقاطعة الشركات الصينية المحتكرة والمتربحة، التي تنحاز لرواد الأعمال ذوي العرق الصيني عن غيرهم، مطالباً بضرورة ممارسة الملايو لسلطة المستهلك لمنع التربح من قبل الصينيين الماليزيين الذين يسيطرون على أكثر من 90 في المئة من الاقتصاد الماليزي، لكنه حذف ذلك المنشور بعد ضغوط.

وفي العام نفسه أعاد الكرة من خلال اقتراحه تشكيل "لو يات"، وهو المركز التجاري الرقمي المسيطر عليه من قِبل التجار الصينيين الماليزيين، مطالباً باستحداث مركز رقمي للتجار الملايو منافس، ما تسبب في انتقاد الرابطة الماليزية الصينية، وهي من الأحزاب الرئيسة المكونة للجبهة الوطنية (باريسان ناسيونال)، فيما وصف رئيس الرابطة الصينية الماليزية صبري بالوزير الرجعي بسبب مقترحه المناهض للوحدة الوطنية.

كما تسببت تعليقات انتخابية له عام 2018 بحالة من الجدل في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بقوله إن الأصوات الموجهة لحزب العمل الديمقراطي ستمنح القوة لتحالف الأمل للقضاء على "الحقوق الخاصة" بالملايو و"تفرد الإسلام".

ملفات شائكة

ملفات عديدة على طاولة رئيس الوزراء الجديد، وكثير من التحديات والقضايا الشائكة التي ينبغي على صبري التعامل معها ومواجهتها خلال فترة حكمه كرئيس وزراء تاسع لماليزيا، التي لن تتجاوز العامين. فتشكيل الحكومة الجديدة هو التحدي الأول الذي سيواجه إسماعيل صبري، إلى جانب الحفاظ على الائتلاف المتقلب للأحزاب الداعمة له حتى إجراء الانتخابات العامة الخامسة عشرة في 2023.

فيما سيدين صبري كسلفه محيي الدين بالفضل لحلفائه الذين لهم الفضل في وصوله إلى المنصب، فيما سيلعب محيي الدين وحزبه برساتو دوراً بارزاً في الحكومة الجديدة، حيث أكد أن رئيس الوزراء الحالي سيكمل ما بدأه خلال 17 شهراً، إلى جانب الحزب الإسلامي الماليزي، فالتوازن سيد الموقف بين ممارسة منصبه كرئيس وزراء والتأكد من التزامه قواعد حزبه أومنو.

الاقتصاد الماليزي أيضاً من بين أكبر المشكلات التي تواجه البلاد في الوقت الحالي، حيث يعاني نتيجة إجراءات الإغلاق التي فرضتها أزمة كورونا، التي تعصف بالبلاد. كما خفضت منظمة فيتش من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لماليزيا إلى صفر في المئة، مؤكدة أن ماليزيا لن تحقق مناعة القطيع الناتجة عن التلقيح قبل نهاية 2021. فيما يتوجب على رئيس الوزراء الجديد وحكومته الجديدة اتخاذ قرارات سريعة بشأن خطة حكومة محيي الدين وفتح الاقتصاد بنهاية العام الجاري وفقاً لخطة التعافي الوطنية المكونة من أربع مراحل.

ويقابل فتح البلاد على مصراعيها للسياح والمستثمرين لإنعاش الاقتصاد المتأزم بعد إغلاق كلي دام عامين على رأس أولويات حكومته وخططها. مع مراعاة الوضع الصحي الذي يشهد ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات بفيروس كورونا، وتسجيل حالات يومية جاوزت عشرين ألف حالة، ما يجعل الحكومة الجديدة مطالبة بحل أزمة تزايد الحالات بطريقة مختلفة عن الحكومة السابقة التي تعرضت لهجوم مستمر في هذا الملف.

كما سيواجه صبري صراعاً مع المعارضة لتمرير الميزانية الماليزية في أكتوبر المقبل، إضافة إلى الاستعداد للانتخابات العامة الخامسة عشرة في العام المقبل بعد السيطرة على كورونا في البلاد، لضمان أمن الانتخابات وإجرائها دون التسبب في حدوث ارتفاع متنام للحالات.

اضطراب مستمر

في ظل الملفات الشائكة الكثيرة التي سيتعامل معها صبري، ومع غياب الأغلبية المريحة للرئيس الجديد، قد لا تتسم الحكومة الجديدة بالاستقرار الكامل، فمن المرجح أن الحل الجذري والأمثل للخروج من حالة الاضطراب السياسي التي قد تحصل مجدداً هو إجراء الانتخابات العامة الخامسة عشرة التي تتطلع لها معظم الأحزاب.

فيما يتوقع مراقبون أن رئيس الوزراء الجديد سيكون فاقداً الاستقلالية الكاملة، نظراً لدعم حزب أومنو آخرين، إلى جانب كونه نائب رئيس الحزب لا الرئيس، التي قد تشعر رئيس حزب أومنو أحمد زاهد حميدي، بالخطر من زيادة نفوذ صاحب المنصب الجديد إسماعيل صبري يعقوب.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات