Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خروقات تشهدها الحملات الدعائية والإعلانات الانتخابية في العراق

وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة صراع بين الموالين والمعادين للأحزاب واتهامات بسبب إزالة "البوسترات" في عدد من المحافظات

من المقرر إجراء الانتخابات العراقية في 10 أكتوبر بمشاركة 3249 مرشحاً (اندبندنت عربية - محمود رؤوف)

الانتخابات في العراق هي خلاصة عملية معقدة يسبقها تمهيد ولقاءات وتحضيرات ودعوات لمشاركة الفرقاء والمعنيين من الأحزاب والكتل السياسية، وكنتيجة حتمية لمثل هذا السباق فهناك رابحون وخاسرون في كل عملية انتخابية، وقد تكون أدوات الربح أو الخسارة حروباً غير معلنة تجري خلف الكواليس بين الفرقاء السياسيين.

الانتخابات والوضع الأمني

 ومن المقرر إجراء الانتخابات العراقية في 10 أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام، ويشارك فيها 3249 مرشحاً من أجل الظفر بـ 329 مقعداً في البرلمان، بينما الأوضاع الأمنية التي يشهدها الشارع العراقي مرتبكة وغير مستقرة، فالعديد من البيانات والتصريحات والمواقف سبقت موعد الاستحقاق، وعلى خلفية ذلك أعلن عدد من الأحزاب والكتل الانسحاب أو المقاطعة في حين تحمس آخرون للمشاركة وراهنوا على الفوز.

وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الانتخابات في العراق منذ العام 2003 مقاطعة عدد من القوى والأحزاب، ولذلك فإن موسم الانتخابات يحظى باهتمام خاص على مختلف الجوانب، إذ تتصاعد معه الإغراءات ويلجأ بعضها إلى ممارسات غير قانونية مثل محاولة التلاعب بالنتائج والتزوير، الأمر الذي قد يشكك بصدقية العملية الانتخابية برمتها، ويقوض الأهداف التي جاءت من أجلها.

تمويل الحملات الانتخابية

ولا يخفى على أي من المتابعين للشأن السياسي العام والانتخابات بخاصة أن الدعاية الانتخابية ستتسبب بصراعات بين المرشحين، ذلك أن المنافسة شديدة لما توفره نتائج الانتخابات من مكتسبات مادية ومعنوية للفائز بالمقعد.

وتتعدد مصادر الدعم والتمويل للحملات الدعائية لبعض المرشحين من قبل الأحزاب والتيارات والشخصيات المستقلة من أصحاب رؤوس الأموال على أمل الفوز بالمقعد النيابي، واستثمار الفائز في أعمال ومقاولات تجارية تتجاوز مكتسباتها كلفة ما صرف على الحملة عشرات المرات، كما أن المال السياسي سيكون حاضراً بقوة خلال فترة الدعاية الانتخابية، وبالذات من خلال الأحزاب التي استثمرت وجودها الحزبي وتمثيلها في المؤسسات الحكومية بعد 2003، وسيؤثر ذلك سلباً في المرشحين المستقلين أو الأحزاب التي تفتقر للمال.

وفي تصريح لمستشار رئيس الوزراء العراقي لوكالة "رويترز"، قال إن "الانتخابات ستجري في أجواء هادئة"، إذ يُعد توفير الأمن من أهم العوامل التي يتعين على الحكومة وقوى الدولة إرساؤها في أي بلد من أجل تهيئة بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات، للوصول إلى عملية انتخابية تفضي إلى نتائج شفافة وسليمة ومطمئنة لجميع الأطراف.

إلا أن التجربة في العراق تشهد عكس ذلك تماماً بسبب الضغوط الممارسة على الحكومة الحالية وانتشار الميليشيات إضافة إلى العصابات المتفلتة التي تهدد العملية الانتخابية برمتها، حيث شهدت العديد من المحافظات الغربية أعمال تجاوز على الإعلانات المنتشرة على طول الطرقات العامة والفرعية، كما وصلت أعمال التخريب إلى محافظات الوسط والجنوب ليشعر كل المرشحين والناخبين بحال من التهديد من أي تصعيد مقبل قد يصل إلى حد تخريب مراكز الانتخابات أو القيام بحرقها.

السباق الإعلاني

إن حمى السباق الانتخابي بين المرشحين بدأت في أول ساعات الإعلان عن موعد المباشرة بالحملات الانتخابية في الطرق والساحات في بغداد والمحافظات العراقية، مما جعل الحصول على أماكن مميزة لتعليق دعاياتهم أمراً عسيراً.

ويقول عمار عبدالرزاق (37 عاماً) "إن فرق تعليق الإعلان تجاوزت على لوحات صور الضحايا، وعلقت بدلاً منها صور المرشحين الجدد من دون مراعاة لما قدم هؤلاء الضحايا من أجل هذا البلد"، معتبراً أن ذلك "إهانة بحق شهداء العراق".

أما أعمدة الكهرباء فلم تسلم من التعديات والدخول في المنافسة مع أن التركيب عليها يتطلب سيارات رافعة ومعدات ثقيلة وأوقات محددة للعمل، إضافة الى موافقات من الدوائر البلدية في المناطق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شروط الحملات الإعلانية بحسب المفوضية

وفي السياق نفسه، أعلنت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي أن "المفوضية نسقت عملها مع أمانة بغداد، وهناك مذكرة تفاهم بخصوص الحملات الانتخابية من حيث المكان المخصص".

ومن ناحية شروط الحملات، شددت على أهمية عدم الاعتداء على حملات الآخرين، ولا على الملصقات الانتخابية على الجدران، وألا تقترب الحملة الانتخابية مسافة 100 متر من أي مركز اقتراع".

كما تنص الشروط على خلو هذه الحملات من الدعوة إلى النعرات الطائفية والقومية التي تسهم في زرع الكراهية والانقسام في نفوس الآخرين، كاشفة أن المخالفين لهذه الشروط ستُطبق عليهم العقوبات المقررة، والتي تتضمن "عقوبة مالية بقيمة 5 ملايين دينار عراقي (3433) دولاراً أميركياً، فضلاً عن عقوبة الحبس وغيرها، بحسب نوع المخالفة".

الصراع بين المرشحين

وعلى خلفية تظاهرات احتجاجية بين أبناء محافظة الأنبار ومحافظات أخرى، أصدر مجلس شيوخ وجماهير الأنبار بياناً خلال مؤتمر صحافي جاء فيه، "الأنبار خرجت للتو من أتون حرب طاحنة شنتها عصابات إرهابية كادت أن تودي إلى تمزيق البلاد، جعلت محافظتنا منكوبة وأهلها مشردين مهجرين". وأضاف، "حرصاً منا على إدامة الأمن والاستقرار فإننا نرحب بمن يأتي ضيفاً، ومضايفنا مفتوحة لهم بعيداً من التظاهرات أو التجمعات ولغتها السياسية ورسائلها التي جعلتنا ندفع ثمناً باهضاً من الدماء".

في الوقت ذاته، تشهد محافظة الأنبار مواجهات واتهامات كلامية عبر وسائل الإعلام وصلت حد الإساءات الشخصية والتهديد بكشف الملفات، ففي برنامج تلفزيوني على قناة فضائية عراقية، نشب عراك بين مرشحين تبادلا خلاله الصراخ والشتائم، بسبب خلاف في وجهات النظر حول طبيعة الخدمات المقدمة، تصاعد في ما بعد إلى عراك وشتائم لفظية بين عضو مجلس النواب يحيى المحمدي عن "حزب تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والنائب السابق فراس الفارس عن "تحالف عزم" بزعامة رئيس المشروع العربي خميس الخنجر.

وفي محافظة نينوى، وجه نجم الجبوري محافظ بلدية الموصل برفع جميع الدعايات التي تخالف الضوابط المفروضة، ونشرت وسائل التواصل مقاطع فيديو لإزالة عدد من الدعايات الانتخابية من الشارع لعدد من المرشحين السنّة، وقد صرح المحافظ أن "العملية خالية من التمييز بين أي مرشح وآخر أو أي جهة سياسية وأخرى".

كما طلب من المرشحين الاطلاع على المواقع التي يسمح باستخدامها لأغراض الدعاية الانتخابية، مؤكداً الالتزام بالقوانين لئلا تتعرض للإزالة، وأبدت جهات اعتراضها على إزالة تلك الدعايات مما دفع الجبوري إلى تقديم توضيح في هذا الشأن.

إجراءات احترازية

ويقول رئيس النقابة الوطنية للصحافيين ياسر سالم، إن "مرشحي الكتل السياسية والأحزاب مترددون في المباشرة بحملاتهم الدعائية، وقد يتعمد بعضهم تأجيل الحملات وتكثيفها حتى الأيام الـ 10 الأخيرة من إجراء الانتخابات، لاعتقادهم أن الحملة ستكون أكثر تأثيراً وتبقى في ذاكرة الجمهور لغاية يوم الانتخابات".

كما يضيف سالم أن "أغلب المرشحين يتعمدون التأخير بإطلاق دعاياتهم الانتخابية خوفاً عليها من التلف والتخريب بسبب قلة الوعي الشعبي".

ويؤكد أن عدم مباشرة الكتل الكبيرة بحملاتها يأتي للتردد الحاصل في شأن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وذلك بسبب الانسحابات التي حصلت.

خسائر الشركات المعلنة

وحول هذا الموضوع أبدى المدير المفوض لإحدى الشركات الدعائية غسان خيري سولو استغرابه قائلاً، "لاحظنا أثناء تعليق إعلانات المرشحين على اللوحات في بعض المحافظات مثل تكريت والرمادي وبعقوبة أن الأجواء متشنجة وتختلف عن فترة انتخابات الدورات السابقة، بسبب تعدي جهات منافسة غير معلومة على اللوحات، وتختلف أشكال التجاوز إذ يكتفي البعض بإزالة الفلكس والبعض الآخر يرميه على الأرض، وآخر يلصق إعلان مرشح منافس، ومنهم من يشوه الإعلان والهيكل بالطلاء وهو ما يكلفنا خسائر مادية كبيرة".

ويضيف سولو "كان هناك أكثر من مرشح يود نشر الإعلانات الطرقية، إلا أنهم تراجعوا بسبب هذه الأفعال وتوجهوا إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارها أكثر أمناً ومن الصعب العبث بها مقارنة بما يحصل في إعلان الشارع خصوصاً بعد إجراءات فيسبوك الخاصة بالانتخابات".

أما فاطمة جهاد مسؤولة الحملات الدعائية في إحدى شركات الدعاية والإعلان، فتطرقت إلى جملة من المعوقات التي تواجه تنفيذ الحملات الدعائية للانتخابات، وبيّنت "أن عدداً كبيراً من العقود المبرمة مع المرشحين تم التراجع عنها بسبب تبني بعض الشخصيات كلفة الحملات بالكامل، وبالتالي فالتعاقد يكون من قبل الممول للحملة ومع شركات هو يتفق معها، كما أن هناك بعض الشركات والمؤسسات الإعلامية والإعلانية تبرعت بلوحاتها وشاشاتها وقنواتها التلفزيونية لمصلحة مرشحين من دون مقابل، أو على الأقل في مقابل وعود تبرم بين الطرفين تنفذ بعد ضمان الحصول على المقعد".

وتشير جهاد أيضاً إلى "أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة صراع بين الموالين والمعادين للأحزاب أو المرشحين للانتخابات". وتضيف، "لا ننسى دور الجيوش الإلكترونية التي تعمل ليلاً ونهاراً على خلق صفحات للأحزاب وروابط لمشجعيها وداعميها أو بالعكس، وتسميتها بصفحات كارهي المرشح الفلاني أو الحزب الفلاني، واعتمادها كمنصات لنشر الدعايات السلبية والإيجابية منها، وشراء الصفحات المشهورة وتغير أسمائها".

وعلى صعيد متصل، نشرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نفيها وجود سقف مالي للحملات الدعائية لمرشحي الانتخابات المقبلة، كما صرح مدير دائرة الإعلام والاتصال الجماهيري في المفوضية حسن سليمان أن مسألة الإنفاق الانتخابي يحددها المرشح أو الحزب، وبذلك لن تكون هناك عدالة في الدعاية للمرشحين.

ومن المقرر أن تتوقف الحملة قبل 24 ساعة من بدء التصويت بحسب قرار المفوضية.

المزيد من تقارير