Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف انقلب سباق السلحفاة الأوروبية والأرنب البريطاني في معركة التطعيم؟

الأجدى ببوريس جونسون التوقف عن التباهي بـ "الانتصار" في حملة التلقيح وإلا سيكون عليه مواجهة سخرية النواب بعد عودتهم من العطلة البرلمانية

معدل التطعيم اليومي في بريطانيا يقل بكثير على سبيل المثال عن المعدل الراهن في فرنسا (رويترز)

"دعونا نرى ما نكون قد توصلنا إليه في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل"، هذا ما قاله الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي كان فيه بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني يواصل التباهي بنجاح حملة التطعيم التي وضعها للمملكة المتحدة لمكافحة "كوفيد-19"، والتي جعلت سائر دول أوروبا تبدو مترنحة في اللحاق بركب السباق في تلقيح مواطنيها.

لم يتبق في الواقع سوى بضعة أسابيع على حلول شهر سبتمبر (أيلول)، لذا حان الوقت لاختبار التوقعات المطروحة، واستكشاف ما تنطوي عليه هذه المسألة التي تذكر بقصة السباق بين السلحفاة والأرنب.

في الربيع الفائت كانت تلك القصة بلا شك تسطر النجاحات التي سجلتها بريطانيا في هذا الإطار بعد تمكنها من تقديم 30 مليون جرعة لتطعيم السكان في المملكة المتحدة، مقارنة بـ 100 مليون جرعة فقط في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة.

رئيس الوزراء البريطاني تسرّع على نحو خاطئ في الادعاء بأن هذه الإنجاز المسلوب كان من بين المكاسب التي حققها الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، لكن العلاقات البريطانية - الأوروبية ما لبثت أن ازدادت تدهوراً منذ ذاك الحين، إلى درجة أن "حروب اللقاحات" أصبحت هي عنوان تلك المرحلة المعبرة عما آل إليه الوضع.

سفير الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة استنكر تحت وطأة هذا الضغط، تحويل المعركة ضد وباء "كوفيد-19" إلى ما يشبه "مسابقات ملكات الجمال" قائلاً، "دعونا ننتظر ونرى ما ستؤول إليه أمورنا في نهاية هذا السباق".

إذاً ماذا تظهر آخر الأرقام في حملات التطعيم؟ أولاً ومما لا شك فيه، هو التباطؤ الدراماتيكي في معركة اللقاحات الذي تشهده المملكة المتحدة، حيث يتم إعطاء أقل من 250 ألف جرعة في اليوم، فيما يتم تطعيم 40 ألفاً بالجرعة الأولى فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ترجمة لهذه الأرقام فإن ذلك يشكل ما نسبته 0.3 فقط لكل 100 شخص، وهو معدل يقل بكثير على سبيل المثال عن المعدل الراهن في فرنسا الذي هو في حدود (0.7) وفي إيطاليا (0.55) وفي بلجيكا (0.55)، وذلك بحسب الأرقام التي يراقبها عن كثب موقع "عالمنا في البيانات" Our World in Data (موقع إلكتروني يُعنى بتسليط الضوء من خلال البيانات على مشكلات المرض والفقر والجوع وتغير المناخ والحروب). 

ونتيجة لما سبق، فإن خمس دول في الاتحاد الأوروبي وهي الدنمارك والبرتغال وإسبانيا وبلجيكا وجمهورية إيرلندا تكاد تتجاوز نسبة الـ 70 في المئة للتطعيم في المملكة المتحدة بجرعتي اللقاح، فنسب التلقيح التي أصبحت في فرنسا في حدود (68 في المئة) وفي إيطاليا (67 في المئة) وفي ألمانيا (63 في المئة) كانت سريعة ومفاجئة بالنسبة إلينا، وهي بالتأكيد أقرب بكثير مما حققته في جدول الميداليات الأولمبية في طوكيو.

والأهم من ذلك أنه من المتوقع أيضاً لهذه الدول أن تتجاوز السباق مع البريطانيين خلال الأسابيع المقبلة، مع فرض متطلبات أكثر صرامة على السكان لجهة وجوب حيازتهم "جوازات اللقاح" شرطاً لارتياد بعض الأمكنة، بما فيها الحانات والمطاعم في فرنسا.

في بريطانيا، وعلى نقيض ذلك، فعلى الرغم من توجيه جونسون تهديداً مشابهاً للنوادي الليلية وحتى الهيئات المنظمة للمباريات الرياضية، يبدو مرجحاً ألا يلقى آذاناً صاغية مع احتمال نشوء تمرد داخل حزب "المحافظين"، وقد أفيد عن أن رئيس الوزراء البريطاني عندما لا يستشيط غضباً على تنامي شعبية وزير خزانته ريشي سوناك، في الوقت الذي ينقلب الجمهور عليه، يتملكه الغضب أيضاً من فشل المملكة المتحدة في استغلال التقدم الكبير الذي كانت قد أحرزته في وقتٍ مبكر في مجال التطعيم.

وسواء صحت تلك الادعاءات أم لا، ينبغي على رئيس الوزراء أن يتخلى، عندما يعود مجلس العموم إلى الانعقاد الشهر المقبل، عن مزاعمه السخيفة في شأن التلقيح التي كان قد أطلقها ما قبل العطلة البرلمانية، وإلا فسيكون موضع سخرية النواب خارج جدران القاعة.

تجدر الإشارة إلى أن جونسون كان قد قال لحزب "العمال" المعارض في يوليو (تموز) الفائت، "لقد طرحنا اللقاحات بوتيرة أسرع من أي بلد آخر في أوروبا"، وأصر على أن اختيار المملكة المتحدة إطلاق حملة اللقاحات على نحو منفرد، إنما حال من دون "عدم طرح اللقاح على الإطلاق"، ولقد حان الوقت سيد جونسون للإتيان بسيناريو جديد.

© The Independent

المزيد من تحلیل