Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قبيلة السنوسي بين الإفراج عنه أو تعطيش طرابلس

تهديد بإيقاف منظومة النهر الصناعي التي تغذي العاصمة بالمياه

عبدالله السنوسي أثناء محاكمته في 2014 (رويترز)

عاد الرجل الثاني في نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، عبدالله السنوسي، إلى دائرة الضوء مجدداً، بعد سنوات من التواري عن الأنظار، وتسرب أنباء عن حالته الصحية السيئة في أحد سجون طرابلس، ما أشعل غضب أبناء قبيلته "المقارحة" في الجنوب، وجعلهم يهددون بإيقاف منظومة النهر الصناعي التي تغذي العاصمة بالمياه، إذا لم يتم الإفراج عنه في أسرع وقت.

في المقابل، أخذت إدارة النهر الصناعي هذه التهديدات على محمل الجد، ما جعلها توقف ضخ المياه خوفاً من تضرر المنظومة في حال التعدي عليها، وصعوبة تشغيلها بسرعة بعد ذلك لأسباب فنية، كما فتحت هذه التطورات مجدداً النقاش حول ملف سجن رموز النظام السابق، بينهم ابن القذافي، الساعدي، والظروف التي يسجنون فيها، ومصير محاكماتهم التي تأخرت عشر سنوات.

قطع إمدادات المياه

أعلن جهاز تنفيذ وإدارة مشروع "النهر الصناعي" في ليبيا، "إيقاف ضخ المياه بدايةً من يوم السبت الماضي، على جميع المدن والقرى الواقعة في مسارات منظومة الحساونة - سهل الجفارة، استجابة لضغوط تطالب بالإفراج عن المسؤول الأمني السابق، عبدالله السنوسي".

وأوضحت إدارة المشروع، في بيان لها، أن "مجموعة مسلحة اقتحمت، موقع محطة التحكم بتدفق المياه بالشويرف ومحطة ضخ المياه بالحقل الجنوبي بالحساونة، مطالبين بإيقاف ضخ المياه من منظومة الحساونة - سهل الجفارة، وبعد مفاوضات مضنية مع المسلحين تم التوصل لاتفاق بتأجيل إيقاف ضخ المياه بالمنظومة، وإعطاء مهلة 72 ساعة، للتواصل مع الجهات المعنية بالدولة، للنظر في تنفيذ مطلبهم بالإفراج عن السنوسي".

وتابع البيان، "ونظراً لعدم استجابة الجهات المختصة بالدولة، طالبت هذه المجموعة بإيقاف ضخ المياه فوراً، وفي حالة عدم الاستجابة لمطالبهم سيتم إيقاف الضخ بالقوة".

وأشار إلى أنه "من أجل تأمين الإمداد المائي لأكثر من 70 في المئة من المدن الليبية، في ظل الظروف القاهرة التي تعيشها البلاد، والحفاظ على مكونات المنظومة من التخريب، اضطرت إدارة الجهاز إلى إيقاف ضخ المياه، على جميع المدن والقرى الواقعة في مسارات المنظومة".

قبيلة السنوسي تطالب بعلاجه

وكان أهالي قبيلة المقارحة قد ناشدوا المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والهلال الأحمر في شأن الوضع الصحي السيئ لعبدالله السنوسي داخل السجن، حيث يعاني مرض السرطان ولم يتلقَ العلاج، ومنعت عنه الزيارات العائلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب أهالي القبيلة، في بيان، "المسؤولين بالتدخل الفوري والعمل على عرض السنوسي على الأطباء، والسماح له بالزيارات، ولن نهدأ حتى نعرف ما المانع الحقيقي وراء ذلك، ومن يقف خلف تلك القرارات الاستفزازية".

وحذر البيان من أنه "في حالة عدم الإفراج عن اللواء السنوسي خلال 72ساعة، سيتم قطع مياه النهر الصناعي وإغلاق حقول النفط الجنوبية".

دعم لمطالب قبيلة السنوسي

من جهته، دعا رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب، علي مصباح بوسبيحة، إلى "الاستجابة للمناشدات الإنسانية التي تطالب بإطلاق سراح المسؤول الأمني السابق عبدالله السنوسي نظراً لسوء حالته الصحية".

وقال بوسبيحة، في تدوينة له على مواقع التواصل، "العنود ابنة اللواء السنوسي، المعتقل لدى قوة الردع برئاسة عبدالرؤوف كاره قسراً، تصرخ وتناشد الجميع إطلاق سراحه لسوء حالته الصحية".

وأضاف، "في الوقت الذي نقف فيه معها ونشد من أزرها ونلح على إخراجه والسماح لأهله بزيارته وتقديم الرعاية الصحية له، نستهجن ونستنكر صمت جمهور السلفيين من هذا التصرف من قبل كاره المحسوب عليهم، وأين هم من أحاديث الرسول وأعمال السلف الصالح في معاملة الأسرى".

أما عضو مجلس النواب، مصباح دومة، فذهب أبعد من ذلك، في دعم مطالب قبيلة رئيس المخابرات السابق عبدالله السنوسي، مطالباً بالإفراج عنه مراعاة للتطورات الخطيرة لحالته الصحية، قائلاً إن "السنوسي مواطن ليبي يستحق المعاملة الحسنة، والقانون الليبي يضمن له العلاج وحتى الإفراج الصحي بعرضه على اللجنة الطبية بوزارة العدل، وعليه نحمّل المسؤولية الأخلاقية والقانونية للنائب العام ووزارة العدل في حال تردي حالته الصحية".

مساندة حقوقية

في المقابل، طالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الليبية، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد دبيبة، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بسرعة التدخل من أجل السماح بمنح السنوسي الدواء الخاص به، وفتح الزيارات الطبية الدورية له بشكل عاجل، بعد تدهور حالته الصحية.

وأكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في بيان لها، أنها "تتابع بقلق بالغ المعلومات الأولية المتداولة عبر وسائل الإعلام والمناشدات الإنسانية التي أطلقتها عائلة السنوسي، في شأن تدهور حالته الصحية ومنع الدواء عنه".

وبينت اللجنة أن "التقارير والمعلومات الأولية تفيد بأن الحالة الصحية للسنوسي، المحتجز بمؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس الرئيسة التابعة لجهاز الشرطة القضائية بوزارة العدل، تدهورت بشكل كبير جراء حرمانه من الحصول على علاجه، وهو ما يتسبب في مزيد من التدهور لحالته الصحية الحرجة".

من هو عبدالله السنوسي؟

آخر منصب شغله عبدالله السنوسي، قبل سقوط نظام القذافي، عقب الثورة الشعبية على نظام حكمه عام 2011، هو رئيس المخابرات الليبية، كما اعتبر خلال الـ20 سنة الأخيرة في عمر النظام السابق، الرجل الثاني في الدولة والذراع اليمنى لمعمر القذافي ومن القلائل الذين يثق بهم ثقةً كاملةً.

غادر السنوسي ليبيا بعد سقوط القذافي، وألقي القبض عليه عام 2012، بعد وصوله من المغرب إلى موريتانا آنذاك، حاملاً جواز سفر مزوراً، وقامت السلطات الموريتانية وقتها بتسليمه إلى السلطات الليبية، في صفقة ما زالت تثير الجدل حتى يومنا هذا.

ويرجع السنوسي إلى أصول متواضعة، قبل زواجه من شقيقة زوجة القذافي في سبعينيات القرن الماضي، ما قربه من دوائر الحكم ومراكز السلطة، ليتقلد عدداً من الوظائف كلها ذات طبيعة أمنية، وذات صلة مباشرة بأمن النظام، واشتهر بتوليه ملاحقة المعارضين السياسيين للنظام في الداخل والخارج، والإشراف على التحقيق معهم وسجنهم وتصفية الكثيرين منهم.

واتهم السنوسي بارتكاب سلسلة من الجرائم السياسية داخل ليبيا وخارجها، أبرزها تهم بالتورط في مذبحة سجن "أبو سليم" عام 1996، والتي راح ضحيتها نحو 1200 سجين في طرابلس.

ويعد مطلوباً أيضاً في عدد من القضايا خارج ليبيا، لدى السلطات الفرنسية والبريطانية والمحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت قراراً بإلقاء القبض على السنوسي والقذافي وسيف الإسلام عام 2011، لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية بحق المتظاهرين في مدينة بنغازي، مع بداية الثورة الليبية في فبراير (شباط) 2011.

وعلى الرغم من الإلحاح في الملاحقة الخارجية لعبدالله السنوسي، تصر الحكومات الليبية المتعاقبة على محاكمته داخل البلاد، وجرت بالفعل محاكمته مع 36 آخرين من رموز نظام القذافي، وحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص في يوليو (تموز) 2015، لكن هذا الحكم لم ينفذ حتى اليوم.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي