Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاطر العنف تحيط بالنازحين السوريين في تركيا

مشاجرة أسفرت عن قتيل ومصاب وأدت إلى حرق محالهم وأصابع الاتهام توجّه إلى اليمين المتطرف

الشرطة التركية تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق مثيري الشغب الذين حطموا محال سوريين (أ ف ب)

في الوقت الذي شهدت تركيا أعتى الكوارث الطبيعية من فيضانات وحرائق في غاباتها بالآونة الأخيرة، اشتدت على الجانب الآخر حالة العنف تجاه السوريين اللاجئين المقيمين في العاصمة أنقرة، ونكأت هذه الأزمة جروح نازحين من نيران حروب بلادهم ليجدوا أنفسهم يواجهون عبثاً ومن دون طائل نار العنصرية تجاه اللاجئين بين الفينة والأخرى ويسعون إلى إطفاء جذوتها.

أحداث "ألتنداغ"

الثلاثاء الماضي، وقعت حادثة أجّجت دوافع المتطرفين للنيل من اللاجئين عبر ممارسات تخريبية تمثلت في تحطيم محالهم التجارية وإصابات متفرقة لأناس جلّ ما يبحثون عنه العيش بأمان.

وذكر سوريون يعيشون في "ألتنداغ" أحد أحياء أنقرة، عن وقوع مشاجرة بين شباب أتراك وسوريين أسفرت عن إصابة تركيين طعناً ومصرع أحدهما وهو شاب يبلغ 18 سنة بعد تلقّيه العلاج بالمستشفى، لتندلع على إثرها أحداث عنف طالت الجميع.

وتحدث أحد السوريين عن كيف تحوّل الحي إلى كومة نار بعد أن عاث مجهولون في أرجائه فساداً وحرقوا المحال التجارية، "هاجمونا حتى بعد رحيلنا من مسكننا، بل لاحقونا ونحن نستقل سياراتنا فراراً من أرجاء الحي". وشوهدت هذه المجموعات المتطرفة ترفع إصبعيها في إشارة تعتنقها حركة تُسمّى "أولكوتشو"، المعروفة باسم "الذئاب الرمادية"، وهي حركة يمينية متطرفة.

التعددية وقوة القانون

ويساور النازحين قلق متزايد حيال ما يعتري إقامتهم في تركيا لجهة مخاطر العنف المتصاعد. ويعتقد الخبير التركي في الشأن السياسي فراس رضوان أوغلو "توقف هذه الموجة من العنف وعدم امتدادها لمناطق أخرى لأن الشرطة ستفرض الأمن"، مشيراً إلى أن "نسبة كبيرة من الأتراك مع وجود السوريين على أراضيهم والعيش بينهم".

ويؤيد رضوان أوغلو السعي لإجراء تعديلات قانونية تحمي التعددية العرقية والأقلية، وأكد في الوقت ذاته وجود أتراك متعاطفين مع القضية السورية كما هم متعاطفون مع أي قضية أخرى، وأردف، "بعد 20 عاماً، سيحصل أبناء اللاجئين على الجنسية التركية، لا بد من أن يفهم الجميع أنه كلما تعددت الأعراق والشعوب في أي دولة تعطيها قوة وغنى، وليس كما يُصوّر على أنها تهدد قومية البلد، ويمكن النظر إلى كندا وأميركا وحتى بريطانيا وفرنسا، فهو تطور حضاري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

موقوفون في أعمال الشغب

في هذه الأثناء، وصل عدد المتورطين في أعمال الشغب، الذين أوقفتهم الشرطة التركية إلى 148 شخصاً على خلفية الأحداث الأخيرة في أنقرة، واللافت أن الشرطة تابعت بنفسها المتورطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال منشوراتهم التحريضية، كما احتجزت حوالى 70 شخصاً يشتبه في تشجيعهم على الهجمات الدامية ومشاركتهم فيها.

وإزاء ما يحدث، تواصلت "اندبندنت عربية" مع سوريين من مناطق وولايات تركية متعددة في الجنوب والشمال، بحيث أعرب المقيمون في إسطنبول عن استقرار وهدوء ينعم بهما اللاجئون، بينما قال الفنان المسرحي وليد الرشيد، المقيم في ولاية هاطاي، "شاهدنا عائلات وأتراكاً يتقدمون من السوريين اللاجئين ليعربوا عن أسفهم لما يحدث".

ويبدو جليّاً على الرغم من كل التحريض الحاصل أن صوت الحكمة تغلّب على الأصوات التي تعالت أخيراً بهدف طرد السوريين خارج البلاد وإبعادهم، إذ نشر مدير الهلال الأحمر التركي كريم كينيك على حسابه الشخصي في موقع "تويتر" مقطعاً مصوراً يحتوي على رمي أشخاص بالحجارة وقال في تغريدته، "الكثير من اللاجئين تواصلوا معنا وقالوا إنهم يخشون على حياة أطفالهم".

صور السوريين المتناقضة

ويقبع قرابة أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا نتيجة اشتعال الحرب في بلادهم، واستحوذت مع عدد من دول الجوار، بخاصة لبنان والأردن، على أعداد ضخمة من النازحين الذين انقسموا إلى مجموعات تعيش في خيام على الحدود الشمالية السورية، أو مجموعات انخرطت في المجتمع وأخذت تشق طريقها بالعمل والتعليم.

في المقابل، تختفي صورة مغايرة للسوري اللاجئ الذي يعيش على المساعدات والإغاثة، التي جلها تأتي من الدول الأوروبية وتُقدّر بمليارات الدولارات للحد من الهجرة غير الشرعية، التي تشكل تركيا معبراً أساسياً فيها، كما أن هناك رجال أعمال سوريين تحولت أعمالهم من مصانع ومعامل كبيرة إلى تركيا فأسهمت في دعم اقتصادها.

العيش تحت خطر التحريض

في غضون ذلك، يعيش الشارع التركي حالة استنكار لتصرفات العنصريين وانتشر وسم جديد "لا تلمس أخي" كان أطلق قبل عام في أحداث مشابهة وأعيد نشره مجدداً، مقابل وسم لمتطرفين ونشاط مكثف للاضطهاد والعنف ودعوات لطردهم.

اللغة التحريضية توّجها زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو الذي توعّد بترحيل اللاجئين السوريين خلال عامين في حال نجح حزبه في انتخابات عام 2023 وتسلّم الحكم.

وعلى الرغم من كل الأنباء التي أكدت السيطرة التامة على أعمال الشغب، إلا أن هدوءاً حذراً أخذ يسري بين سوريين وبدأت الأمور تتطور بالمغامرة والسفر نحو الجارة الأوروبية قبل حلول فصل الشتاء، عبر طرق التهريب المعتادة، التي ما زالت إلى اليوم ناشطة ومزدهرة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير