Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تسببت الحرائق بأزمة غذائية في الجزائر؟

"عام فلاحي كارثي مع تراجع ملحوظ في الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية"

لا تزال النقاشات مستمرة حول أسباب الحرائق التي تشهدها الجزائر، وتأثيرها على الأمن الغذائي، بعد أن باتت تأتي على ملايين الهكتارات من الغطاء النباتي، وما لذلك من تهديد قد يضع البلاد أمام حتمية رفع فاتورة الاستيراد الغذائي.

مخاوف مبررة

 يعبر كثير من خبراء الفلاحة وممثلي الموالين والفلاحين، عن مخاوفهم من نتائج خطيرة للحرائق التي شبت في غابات الجزائر شرقاً وغرباً. ففي الوقت الذي يعرف فيه كثير من سدود المياه حالة جفاف، أتت النيران على كثير من أنواع النباتات والأشجار، وحتى بعض الطيور والحيوانات، ولا يستبعد هؤلاء عاماً فلاحياً كارثياً، مع تراجع ملحوظ في الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية.

وفي حين أكد رئيس مكتب الوقاية ومكافحة الحرائق في المديرية العامة للغابات، رشيد بن عبدالله، أن الغطاء الغابي في الجزائر لا تتعدى مساحته 4 ملايين و100 ألف هكتار، إلا أن سرعة لهب النيران تتسبب في كارثة بيئية، بفقدان أنواع من الأشجار المثمرة والنباتات والحيوانات، وإتلاف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية.

إفلاس غذائي؟

إلى ذلك، يبين مسؤول الدعم في الغرفة الفلاحية، عبد الكريم باشوش، أن الحرائق ستضع البلاد أمام خطر إفلاس غذائي جراء تراجع المساحات الفلاحية ومنه المحاصيل الزراعية، وقال إن حرائق الغابات والجفاف ستقلص مساحة الغطاء النباتي، في الوقت الذي تسعى فيه الجهات المعنية لرفع نسبته في المساحات الفلاحية، مشيراً إلى أن الحرائق أتلفت أشجاراً مثمرة بينها أشجار الزيتون، إضافة إلى خسائر في النباتات وبعض الحيوانات والمشاتل ومساحات تربية النحل، ما يعد تهديداً واضحاً للقطاع الفلاحي.

ويرى باشوش، أن حرق أنواع أخرى من الأشجار في بعض الغابات، بينها أشجار الصنوبر الحلبي، سوف يؤدي إلى ندرة في الأمطار، ما يسهم في تغيير مناخي يميل إلى الحرارة والجفاف، مبرزاً أن المواسم الفلاحية المقبلة قد لا تأتي بمحاصيل جيدة، مع ضعف في الثروة الحيوانية كالأبقار والمواشي.

حملات وقاية في الجنوب

وفي السياق ذاته، نظمت المديرية العامة للحماية المدنية، حملة للوقاية من حرائق المحاصيل الزراعية تهتم بمناطق الجنوب، وقالت إن هذه الحملة تستهدف فئة الفلاحين والمزارعين، بغية تحسيسهم وتوعيتهم بـ "ضرورة احترام التدابير الوقائية كاملة وتطبيقها من أجل تفادي اندلاع الحرائق، وما يجب القيام به أثناء وبعد الانتهاء من عملية الحصاد"، مضيفة أن الحملة التي تأتي تجسيداً للبرنامج السنوي للتحسيس والتوعية، ونظراً لعملية الحصاد المبكر في الولايات الجنوبية للوطن، تتضمن تنشيط دورات تدريبية حول تقنية تطبيق معايير السلامة واستعمال وسائل الإطفاء الأولية.

ووضعت المديرية لفائدة الفلاحين جهازاً أمنياً عملياً لمرافقتهم، من خلال تخصيص شاحنات إطفاء للسيطرة على الحرائق وإخمادها عند بداية اندلاعها، لتفادي حدوث خسائر في المحاصيل الزراعية، مشددة على أنه من بين الأهداف الأخرى التي ترمي إليها هذه الحملة الوقائية، الحد والتقليل من الخسائر الناجمة من حرائق المحاصيل الزراعية والآثار الاقتصادية المترتبة عنها، مع المحافظة على المنتوج الوطني وتدعيم الأمن الغذائي المحلي بالتعاون مع الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي. وختمت أنه خلال سنة 2020، سُجلت خسائر قدرت بـ 5955 هكتاراً من محاصيل القمح والشعير، وأكثر من 262 ألف شجرة مثمرة.

الأمم المتحدة تحذر

وحذر تقرير أصدرته هيئة تابعة للأمم المتحدة من خطورة التطورات المناخية التي ستشهدها دول منطقة المتوسط خلال السنوات القليلة المنظورة، ومن مخاطر قد تطال سكان المتوسط الذين تبلغ أعدادهم أكثر من نصف مليار نسمة، التي سماها بـ"مخاطر مناخية شديدة الترابط" ستظهر خلال العقود المقبلة بشكل متسارع، تعود إلى "أسباب القلق المرتبط بخطر ارتفاع مستوى سطح البحر، إلى جانب فقدان التنوع البيولوجي البري والبحري، وجميع المخاطر المتعلقة بالجفاف، وتحديداً الحرائق الهائلة، وتغيرات دورة المياه، وإنتاج الأغذية المهددة بالانقراض، والمخاطر الصحية في كل من المستوطنات الحضرية والريفية بسبب الحرارة، وتغير نواقل الأمراض".

وأشار التقرير إلى أن المنتوجات الزراعية البعلية في منطقة البحر المتوسط ستنخفض بنسبة 64 في المئة خلال السنوات المقبلة، نتيجة هذه الظاهرة، كذلك حدد 71 في المئة من الناتج المحلي لسكان هذه المنطقة، سيكون مهدداً بالفقدان نتيجة تراجع مستويات المياه العذبة، كما حدد نسبة 87 في المئة زيادة في مساحات الغابات التي ستتعرض للحرائق في هذه المنطقة، فيما لو ارتفعت درجة حرارة هذه المنطقة درجتين مئويتين خلال السنوات العشرين المقبلة.

إعداد سياسة زراعية ناجعة

من جانبه، يوضح المحلل الاقتصادي، رفيق سديرة، أن الجزائر تملك جميع الإمكانات التي تسمح لها بضمان أمنها الغذائي، وأهمها الأراضي الشاسعة، إضافة إلى المخزون الهائل من المياه الجوفية المقدر بـ 20 مليار متر مكعب، مشيراً إلى أن تحقيق الأمن الغذائي للسكان يتطلب إعداد سياسة زراعية ناجعة تمكن من الاستغلال الأمثل للإمكانات المادية والمالية والبشرية المتوفرة، وأضاف أن تحقيق الأمن الغذائي يتطلب إعادة نظر في السياسة الزراعية المنتهجة حالياً.

ويحذر سديرة من مخاطر استمرار اللجوء للأسواق العالمية لتلبية الاحتياجات الغذائية، لأن هذا الأمر يعيق تطور الصناعات الغذائية التي تعاني من التبعية للمواد الأولية المستوردة من الخارج، داعياً في هذا الشأن إلى اعتماد سياسة غذائية شاملة تهدف إلى تطوير المنتوج المحلي.

المزيد من متابعات