Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واشنطن تراجع خياراتها بشأن مفاوضات فيينا

استعداد أميركي للنظر في بدائل بما في ذلك تخفيف محدود للعقوبات

تدرس إدارة بايدن خيارات أخرى بعد تعثر المفاوضات النووية (أ ف ب)

بينما ينتظر المفاوضون الدوليون في فيينا الجولة السابعة من المحادثات النووية، التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، يبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو تغيير مسارها حيال المفاوضات المتوقفة منذ آخر جولة عُقدت في يونيو (حزيران) الماضي، إذ يراجع المسؤولون الأميركيون خيارات بديلة، بعد نحو أربعة أشهر من المحادثات.

وفي حين لا تزال الولايات المتحدة تدعو إلى العودة إلى الاتفاقية التي تهدف إلى منع طهران من الحصول على سلاح نووي، وتسعى لتقويض برنامج الأسلحة البالستية، أفاد أشخاص مطلعون لشبكة "بلومبيرغ"، الأميركية، أن الولايات المتحدة مستعدة للنظر في بدائل، بما في ذلك خطوة مؤقتة لتخفيف محدود للعقوبات مقابل تجميد إيران أعمالها الأكثر استفزازاً على صعيد الأنشطة النووية، على حد تعبيرهم.
وقال الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، في خطاب تنصيبه الأسبوع الماضي، "يجب رفع العقوبات المفروضة على الشعب الإيراني، وسندعم أي جهد دبلوماسي لتحقيق هذا الهدف".
كما أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حضَّ واشنطن على رفع أو استثناء كل العقوبات المفروضة على إيران، وفقاً لاتفاق عام 2015 بهدف منع طهران من تطوير سلاح نووي. وفي تقرير لمجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي، طلب غوتيريش من الولايات المتحدة "تمديد الاستثناءات المرتبطة بتجارة النفط مع إيران، وتجديد الاستثناءات كاملةً لمشروعات منع الانتشار النووي".


الاتفاق النووي ربما لم يعد مجدياً

وتقول "بلومبيرغ" إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تواجه الحقيقة المُرة المتمثلة في أن الاتفاق النووي، الذي يعرف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، قد لا يكون مجدياً، إذ تجد طهران طرقاً للتعامل مع العقوبات الأميركية، وربما بناء قنبلة ذرية. ويشعر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون بالقلق من أن الوقت يمر بسرعة بينما تزداد إيران معرفة نووية، إذ سيتطلب الأمر ليس مجرد العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بل اتفاق جديد تماماً.

وأحرزت إيران خلال الأشهر الماضية تقدماً تكنولوجياً على صعيد الملف النووي، بما في ذلك تخصيبها اليورانيوم إلى درجة نقاء أكثر من 60 في المئة، وإنتاجها معدن اليورانيوم المستخدم في الرؤوس الحربية النووية، بحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما تواصل فرض قيود جزئية على وصول مفتشي الوكالة إلى المواقع النووية. ووفقاً لتقرير أممي صادر في مطلع يوليو (تموز) الماضي، فإن إيران تواصل تركيب وتشغيل أجهزة طرد مركزي بأعداد وأنواع تتجاوز الحدود التي وضعها الاتفاق النووي، فتُنتج كميات ومستويات تخصيب من اليورانيوم تتجاوز بكثير ما يحدده الاتفاق.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية الشهر الماضي، بأن "الحكومة الإسرائيلية حذرت واشنطن من أن إيران تقترب من العتبة النووية". وقال دبلوماسي بارز إن "طهران قد تستغل فترة الهدوء في المحادثات لدفع برنامجها النووي"، منبهاً إلى أن "شيئاً ما يجب أن يحدث في المفاوضات مع إيران. هذا التجاهل لا يجب أن يكون فرصةً تتقدم فيها إيران بسرعة نحو أن تصبح دولة ذات عتبة نووية (تمتلك تكنولوجيا إنتاج الأسلحة النووية)".
وتستهدف المفاوضات الدولية غير المباشرة، التي تستضيفها فيينا، بوساطة مجموعة خمسة زائد واحد (5+1) التي تضم الأطراف الأوروبية وروسيا والصين، عودة إيران إلى التزام الاتفاق النووي الذي عُقد في عام 2015. فرداً على انسحاب الإدارة الأميركية السابقة من الاتفاق الدولي في مايو (أيار) 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية، أعلنت إيران التخلي عن التزاماتها النووية، وهو ما تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى استعادته، مع توسيع الاتفاق النووي ليشمل برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية.

نيات إيران

لكن الأمر الأكثر إحباطًا لإدارة بايدن هو أنها بعيدة إلى حد كبير عن نيات إيران الحالية. فبناءً على التأكيدات التي قدمتها الحكومة الإيرانية السابقة، كان يُعتقد أن الجانبين يمكن أن يتوصلا إلى اتفاق قبل تنصيب رئيسي، لكن ذلك لم يحدث، بانتظار تشكيل الحكومة الإيرانية.
ويثير بطء المحادثات بعض الافتراضات حول ما سيحدث لاحقاً، وفق دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، تحدث إلى "بلومبيرغ" شريطة عدم ذكر اسمه. ويتضمن ذلك آمالاً ضبابية في التوصل إلى اتفاق شامل ينطوي أيضاً على التعامل مع برنامج إيران للصواريخ البالستية، ودعمها الجماعات التي تعتبرها الولايات المتحدة وحلفاؤها إرهابية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وتشهد المنطقة تصعيداً في الأنشطة العدائية منذ تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، الذي ينتمي إلى التيار المتشدد، الأسبوع الماضي، حيث وقعت سلسلة أحداث استفزازية بما في ذلك الهجمات الصاروخية على إسرائيل من قبل "حزب الله" اللبناني، المدعوم من إيران، والهجوم على سفينة قبالة سواحل عمان وهجوم آخر استهدف الناقلة "ميرسر ستريت" في خليج عُمان، ما أسفر عن مقتل روماني وبريطاني وأثار حالة من القلق في أسواق النفط. في حين نفت طهران قطعياً مسؤوليتها عن تلك الهجمات.

واشنطن تحث حلفاءها

ووسط تزايد الأجواء المشحونة في المنطقة، ذكرت مجلة "نيوزويك" الأميركية، الاثنين، أن وزارة الخارجية الأميركية حثت حلفاءها على الاعتماد على الدبلوماسية، وعدم اللجوء إلى عمل عسكري أو إطلاق التهديدات، لوقف برنامج إيران النووي.
وأطلق وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الأسبوع الماضي، تصريحات أثارت القلق من حدوث تصعيد عسكري، إذ قال إن "العالم بحاجة إلى التصدي لإيران، والمنطقة بحاجة إلى التصدي لإيران، كما أن إسرائيل بحاجة إلى القيام بدورها في هذا الوضع". وأضاف "الآن هو وقت الأفعال، الكلام لا يكفي. حان وقت الأعمال الدبلوماسية والاقتصادية وحتى العسكرية، وإلا فإن الهجمات ستستمر".
ولطالما انتقدت إسرائيل ودول المنطقة الاتفاق النووي، الذي عقده الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، باعتباره لم يقض بنهاية البرنامج النووي الإيراني بل حدد المدة، ما يعني استئناف إيران أنشطتها النووية بعد انقضاء فترة الاتفاق، إضافة إلى عدم تناوله قضية الصواريخ البالستية واستخدام وكلاء إقليميين لإثارة التوترات في دول المنطقة، وهي الأمور التي يرغب بايدن في معالجتها عبر اتفاق نووي جديد أوسع وأكثر شمولاً. لكن يصر المنتقدون أنه لا يمكن الوثوق بالحكومة في طهران للالتزام بأي اتفاق.
ولجأت إسرائيل والولايات المتحدة في السابق، إلى عمليات سرية وضربات عسكرية لعرقلة برنامج إيران النووي. وتعتقد إدارة بايدن أن الدبلوماسية هي الحارس الوحيد على المدى الطويل ضد إيران النووية، لكنَّ الجمهوريين في أميركا والإسرائيليين يعتقدون إلى حد كبير باتخاذ مزيد من الإجراءات المباشرة.
ورداً على تعليقات غانتس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لمجلة "نيوزويك" "نعمل عن كثب مع حلفائنا وشركائنا للنظر في خطواتنا التالية، والتشاور مع الحكومات داخل المنطقة وخارجها بشأن الرد المناسب. نحن نأخذ أمن إسرائيل وجميع شركائنا وحلفائنا الآخرين على محمل الجد".
وأضاف بشأن محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة "نظل على اتصال وثيق مع نظرائنا الإسرائيليين، ونطلعهم على كل جديد قبل وبعد كل جولة من المفاوضات. لقد أجرينا مناقشات مع العديد من الشركاء حول نهج الولايات المتحدة، بما في ذلك شركاؤنا في إسرائيل وبين دول الخليج العربي. سنواصل التشاور عن كثب مع هؤلاء الشركاء الرئيسيين أثناء استمرار هذه العملية".

المزيد من تحلیل