Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"طالبان" تواصل تقدمها وتسيطر على عواصم ست ولايات

باكستان تسأل المجتمع الدولي عن سبب انهيار القوات الحكومية في أفغانستان والجيش الأفغاني يقول إنه حقق نجاحات في الجنوب

تواصل حركة "طالبان" ضغطها وتقدمها في شمال أفغانستان، حيث سيطرت الإثنين، 9 أغسطس (آب)، على سادس عاصمة لولاية، بينما يؤكد الجيش الأفغاني أنه حقق نجاحات في الجنوب.

وأعلن نائب حاكم سمنغان، صفة الله سمنغاني، أن عناصر "طالبان" سيطروا الإثنين على أيبك عاصمة الولاية الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب غربي قندوز.

وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن "طالبان استولت على مدينة أيبك وتسيطر عليها بشكل كامل"، وأوضح أن وجهاء طلبوا الإثنين من حاكم الولاية سحب قوات الحكومة من المدينة لتجنيبها القتال، وأنه وافق على ذلك.

مزار الشريف

ويبدو أن الحركة لا تفكر في إبطاء الوتيرة المحمومة لتقدمها في الشمال، فقد أعلن المتمردون أنهم هاجموا مزار الشريف، كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ، لكن السكان والمسؤولين قالوا إنهم لم يصلوا إليها بعد.

وقالت الشرطة في ولاية بلخ إن أقرب موقع شهد معارك يبعد 30 كيلومتراً على الأقل منها، متهمة "طالبان" باستخدام "الدعاية لترويع السكان".

وقال مرويس ستانيكزاي، المتحدث باسم وزارة الداخلية في رسالة إلى وسائل الإعلام، إن "العدو يتحرك الآن باتجاه مزار الشريف، لكن لحسن الحظ أحزمة الأمان حول المدينة قوية وتم صد العدو".

ومزار الشريف مدينة تاريخية ومفترق طرق تجاري، وهي من الدعائم التي استندت إليها الحكومة للسيطرة على شمال البلاد، وسيشكل سقوطها ضربة قاسية جداً للسلطات.

وتعهد محمد عطا نور، الحاكم السابق لولاية بلخ والرجل القوي في مزار الشريف والشمال، بالمقاومة "حتى آخر قطرة دم"، وكتب على "تويتر"، "أفضل أن أموت بكرامة على أن أموت في حال من اليأس".

وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" إنه لم يتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار مع الحكومة الأفغانية، وأضاف محمد نعيم في تصريح له أن الحكومة الأفغانية "اختارت إعلان الحرب"، محذراً من زيادة التدخل الأميركي في أفغانستان، وفقاً لوكالة "رويترز".

السيطرة على قندوز

واستولى المتمردون بفارق بضع ساعات الأحد، وبعد قتال عنيف على قندوز التي كانوا يحاصرونها منذ بضعة أسابيع، ثم على ساري بول وطالقان عاصمتي الولايتين الواقعتين في جنوب قندوز وشرقها.

وباتت "طالبان" تسيطر على ست من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34 بعد أن استولت السبت على شبرغان، معقل زعيم الحرب عبدالرشيد دوستم على بعد حوالى 50 كيومتراً شمال ساري بول، والجمعة على زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غربي البلاد على الحدود مع إيران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في قندوز إلى أن "طالبان" سيطرت على جميع المباني الرئيسة في المدينة البالغ عدد سكانها حوالى 300 ألف نسمة، واحتلها المتمردون مرتين خلال السنوات الأخيرة في عامي 2015 و2016.

وقال رحمة الله (28 عاماً) الذي فر مع زوجته وأطفاله من قندوز، "هربنا جميعاً من المدينة (الأحد). فرّ معظم الناس من منازلهم سيراً على الأقدام أو بالسيارة أو على دراجة ثلاثية العجلات إلى المناطق المجاورة أو إلى كابول ومزار الشريف". وأضاف أن "الوضع الأمني ليس جيداً. هربنا لإنقاذ حياتنا. إنه أشبه بفيلم رعب. من علق في المدينة لا يجرؤ على مغادرة منزله".

وقال مسؤولون في قطاع الصحة في قندوز، "إن 14 جثة بعضها لنساء وأطفال نُقلت إلى المستشفى، كما نقل أكثر من 30 مصاباً". وفي ساري بول أكد رحماني "استولت طالبان على المقار الحكومية ودار الحاكم وقيادة الشرطة ومجمع الإدارة الوطنية للأمن".

وتشكل السيطرة على قندوز، مفترق الطرق الاستراتيجي في شمال أفغانستان بين كابول وطاجيكستان، أكبر نجاح عسكري لـ "طالبان" منذ بدء الهجوم الذي شنته في مايو (أيار) مع بدء انسحاب القوات الدولية الذي يُتوقع أن ينتهي بحلول 31 أغسطس.

من جانبها، أكدت وزارة الدفاع أن القوات الحكومية تقاتل لاستعادة المنشآت الرئيسة في قندوز، وذكرت في بيان أن "قوات خاصة أطلقت عملية تطهير لبعض المناطق بما في ذلك مباني الإذاعة والتلفزيون الوطنيين من عناصر طالبان الإرهابيين".

وأفاد المتحدث باسم الوزارة ميرويس ستانكزاي في وقت لاحق أنه تم نشر تعزيزات تشمل قوات خاصة في ساري بول وشبرغان. وأضاف، "ستتحول هذه المدن التي تريد طالبان السيطرة عليها إلى مقابرها".

باكستان تتساءل

في سياق متصل، أعلنت باكستان الاثنين 9 أغسطس (آب)، أن المجتمع الدولي في حاجة لبحث سبب "انهيار" قوات الأمن الأفغانية أمام هجمات حركة "طالبان" في أنحاء أفغانستان، بدلاً من توجيه اللوم لإسلام آباد على الوضع الذي يتدهور بسرعة هناك.
وتساءل وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي في مؤتمر صحافي "أين بناء القدرات والتدريب والمعدات؟"، في إشارة إلى الموارد التي أنفقتها الدول الأخرى، لا سيما الولايات المتحدة، على تعزيز القوات الوطنية الأفغانية. وأضاف "لا بد من النظر في قضايا الحكم وانهيار قوات الدفاع الوطني الأفغانية".
وتابع أنه لا يمكن تحميل باكستان مسؤولية فشل الآخرين.
وتقول كابول والعديد من الحكومات الغربية إن دعم باكستان لـ"طالبان" سمح لها بالصمود في حرب استمرت 20 عاماً بعد طردها من السلطة عام 2001.
وقال قرشي إن إسلام آباد غير منحازة لأي طرف في أفغانستان. وأضاف أن "عدم وجود إرادة للقتال والاستسلام الذي نراه في أفغانستان... هل يمكن أن نتحمل مسؤولية ذلك؟ لا، لا يمكننا". وأكد أن باكستان تدعم حلاً سياسياً من أجل أن يسود السلام أفغانستان.
وأوضح قرشي أن إسلام آباد قلقة من أعمال العنف وعدم إحراز تقدم في المحادثات الأفغانية، قائلاً إن باكستان ستخسر أكثر نتيجة عدم استقرار الأوضاع في أفغانستان باعتبارها دولة جوار مباشر.
ورداً على سؤال حول انسحاب القوات الأميركية، قال قرشي إن باكستان كانت تعتقد أن الانسحاب سيرتبط بالتقدم في محادثات السلام.

تحسن جنوب البلاد

وقد يكون عجز السلطات في كابول عن السيطرة على شمال البلاد أمراً حاسماً لفرص الحكومة في البقاء، ولطالما اعتُبر شمال أفغانستان معقلاً للمعارضة في وجه "طالبان"، فهناك واجه عناصر الحركة أقوى مقاومة عندما وصلوا إلى السلطة في التسعينيات، وحكمت "طالبان" البلاد بين عامي 1996 و2001 قبل أن يطيحها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.

وتتعرض قندهار (جنوب) وهرات (غرب)، ثاني وثالث مدن البلاد، لهجمات المتمردين منذ أيام عدة على غرار ما يحصل في لشكركاه (جنوب) عاصمة ولاية هلمند، وأحد معاقل المتمردين.

وقال ستانيكزاي إنه "لحسن الحظ تحسن الوضع الأمني في ولايتي قندهار ولشكركاه وهرات"، مؤكداً أنه "تم تحييد خطة العدو للاستيلاء عليها".

ففي لشكركاه التي دخلتها "طالبان" مطلع الأسبوع الماضي، شن الجيش هجوماً مضاداً الأربعاء بعد أن طلب من 200 ألف من السكان المتضررين بشدة من القتال الفرار.

وقال فؤاد أمان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، في تغريدة على "تويتر"، "تم تطهير مناطق واسعة في شرق وشمال شرقي المدينة"، مؤكداً أن "عملية التطهير مستمرة بنجاح لكنها بطيئة، لأن طالبان تمركزت في منازل المدنيين".

وفاجأت سرعة تقدم "طالبان" المراقبين وكذلك قوات الأمن الأفغانية على الرغم من المساعدة التي تلقتها من القوات الجوية الأميركية.

الحركة تقتل مدير محطة إذاعية وتخطف صحافيا

وفي أحدث حلقة من سلسلة طويلة في الهجمات التي تستهدف العاملين في حقل الإعلام، قال مسؤولون بأجهزة الحكم المحلي، إن مسلحين يشتبه في أنهم من مقاتلي حركة "طالبان" قتلوا مدير محطة إذاعية أفغانية في كابول، واختطفوا صحافياً في إقليم هلمند الجنوبي، وأطلق المسلحون النار على توفان عمر، مدير محطة "باكتيا غاج"، وأحد العاملين في منظمة "أن أي آي" الحقوقية التي تدعم استقلال وسائل الإعلام في أفغانستان، في العاصمة، يوم الأحد.

وقال رئيس المنظمة الحقوقية، مجيب خلوتجار، إن عمر كان ليبرالياً، وذكر مسؤولون في كابول أنهم يشتبهون في أن "طالبان" وراء الهجوم.

جماعات متشددة

والشهر الماضي، قال تقرير للمنظمة الحقوقية، إن ما لا يقل عن 30 صحافياً وإعلامياً قتلوا أو جرحوا أو تعرضوا للخطف على أيدي جماعات متشددة في أفغانستان هذا العام.

وفي إقليم هلمند الجنوبي، قال مسؤولون إن مسلحين من "طالبان" خطفوا الصحافي المحلي نعمة الله همت من بيته في لشكركاه عاصمة الإقليم يوم الأحد. ولفت متحدث باسم "طالبان" لـ"رويترز" إلى أنه ليست لديه معلومات عن أي من الحادثتين.

وكان ائتلاف من المؤسسات الإخبارية الأفغانية قد بعث برسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن وقيادات مجلس النواب يحثهم فيها على منح تأشيرات هجرة خاصة للصحافيين الأفغان ومساعديهم.

سقوط أولى العواصم

وسيطرت الحركة، الجمعة، على أول عاصمة ولاية في أفغانستان هي زرنج في نيمروز عند الحدود مع إيران، وانتزعت في اليوم التالي شبرغان في ولاية جوزجان الشمالية. وأفادت تقارير عن وقوع معارك على أطراف هرات (غرب) ولشكركاه وقندهار (جنوب).

وشكلت وتيرة التقدم الذي حققته "طالبان" مفاجأة للقوات الحكومية لكن عناصرها تلقوا جرعة دعم في وقت متأخر، السبت، بعدما قصفت مقاتلات أميركية مواقع "طالبان" في شبرغان.

وصرحت المتحدثة باسم القيادة المركزية ماجور نيكول فيرارا في واشنطن "نفذت القوات الأميركية عدة ضربات جوية دفاعاً عن شركائنا الأفغان في الأيام الأخيرة".

وتعد شبرغان معقلاً لأمير الحرب السابق عبد الرشيد دوستم الذي أشارت تقارير إلى أن عناصر ميليشياته انسحبوا إلى جانب القوات الحكومية باتجاه المطار.

وأَشرف دوستم على إحدى أكبر الميليشيات في الشمال واكتسب سمعة كشخصية يهابها كثيرون عندما قاتل "طالبان" في تسعينيات القرن الماضي، فيما اتهمت قواته بارتكاب مجازر بحق آلاف سجناء الحرب المنتمين إلى "طالبان".

ومن شأن أي تراجع لمقاتلين أن يقلّص آمال الحكومة أخيراً في قدرة الميليشيات على مساندة جيش البلاد الذي يعاني ضغطاً شديداً. ولم تدل الحكومة بكثير من التصريحات بشأن سقوط عواصم الولايات، باستثناء تعهدها باستعادتها. وكان هذا رد فعلها المعهود على معظم المكاسب التي حققتها "طالبان" في الأسابيع الأخيرة، على رغم أن القوات الحكومية فشلت بدرجة كبيرة في الإيفاء بتعهداتها لجهة استعادة عشرات المناطق والمراكز الحدودية.

ونزح مئات آلاف الأفغان جراء المعارك الأخيرة فيما قتل 12 شخصاً، السبت، عندما أصابت قنبلة زرعت في جانب الطريق حافلتهم أثناء محاولتهم الهرب من غارديز في ولاية باكتيا. ومن المقرر أن تستكمل القوات الأجنبية انسحابها بحلول نهاية الشهر الحالي، قبيل الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة التي أدت إلى الاجتياح الذي أطاح "طالبان".

حرب أهلية

وقال سفير واشنطن السابق في كابول الأحد إن وقوع حرب أهلية طويلة في أفغانستان هو أكثر ترجيحاً من استيلاء سريع لـ"طالبان" على السلطة مع اقتراب انتهاء الانسحاب العسكري للولايات المتحدة من هذا البلد.

وأوضح سفير الولايات المتحدة السابق لدى أفغانستان راين كروكر لبرنامج "ذيس ويك" على قناة "إي بي سي" أن "حرباً أهلية طويلة هي نتيجة أكثر احتمالاً من استيلاء سريع لطالبان على البلاد بكاملها. إنهم يتصرفون بذكاء كبير في هذا الصدد. هم لا يشنون ضربات كبيرة على كابول".

وأضاف كروكر أن مقاتلي طالبان "يفعلون ما يفعلونه بشكل جزئي من أجل إشاعة مناخ من الخوف والذعر. وهم ينجحون في ذلك بشكل رائع".

وقال كروكر إنه لا يرى أي ظرف يستدعي من الولايات المتحدة إعادة نشر قواتها في أفغانستان. وأضاف "أوضح الرئيس (جو) بايدن ذلك. سنخرج وسنبقى خارجاً".

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار