هبطت أسعار النفط على نحو حاد، خلال الأسبوع الأول من أغسطس (آب) الحالي، مسجلة أكبر خسائرها الأسبوعية منذ أشهر، بفعل مخاوف بشأن تأثر نمو الطلب على الخام من ارتفاع الإصابات بمتحور "دلتا" لفيروس كورونا، وجاءت تلك الخسائر أيضاً مع بدء ضخ المزيد من الخام في السوق اعتباراً من الأول من أغسطس 2021، وبعد قفزة على نحو مفاجئ في المخزونات في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وقرر تحالف "أوبك+" المكون من 23 دولة بقيادة السعودية وروسيا، في 18 يوليو (تموز) الماضي زيادة حصص إنتاج أعضائه من النفط 400 ألف برميل يومياً على أساس شهري بدءاً من الشهر الحالي، وذلك حتى التخلص التدريجي من التعديل على الإنتاج بنحو 5.8 مليون برميل يومياً في سبتمبر (أيلول) 2022.
وهوى سعر عقود برنت القياسي، تسليم أكتوبر (تشرين الأول)، بأكبر وتيرة هبوط أسبوعي في أكثر من أربعة أشهر، وتحديداً منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، متراجعاً بنسبة 6.2 في المئة تعادل 4.71 دولار، ليغلق دون مستوى 71 دولاراً عند 70.70 دولار.
وتراجع سعر العقود الآجلة لخام "غرب تكساس الوسيط" الأميركي تسليم سبتمبر دون مستوى 69 دولاراً، بنسبة 7.7 في المئة خلال الأسبوع، في أكبر نزول أسبوعي له في تسعة أشهر منذ أواخر أكتوبر الماضي ليغلق عند 68.28 دولار للبرميل.
وبنهاية يوم الجمعة، السادس من أغسطس، آخر تعاملات الأسبوع، تراجعت أسعار النفط بأكثر من واحد في المئة، بعد أن وسع الدولار الأميركي مكاسبه أمام معظم العملات الرئيسة، مدعوماً ببيانات تقرير الوظائف الشهري القوية، التي تجاوزت توقعات المحللين. ويجعل ارتفاع الدولار النفط المقوم به أكثر تكلفة بالنسبة إلى المشترين من حائزي العملات الأخرى.
وهبطت العقود الآجلة لخام "برنت"، الجمعة، 0.8 في المئة، بعد أن صعد 1.3 في المئة، يوم الخميس، في وقت تراجع الخام الأميركي بنحو 1.2 في المئة بعد ارتفاع 1.4 في المئة في الجلسة السابقة.
متحور "دلتا"
وتكافح الولايات المتحدة والصين، أكبر دولتين مستهلكتين للنفط في العالم، تفشياً سريع الانتشار لسلالة "دلتا" الشديدة العدوى، ويخشى المحللون أن يقود ذلك إلى عودة بعض قيود الإغلاق في بعض المدن وإلغاء رحلات الطيران، ما قد يؤدي إلى خفض استهلاك الوقود في وقت عادة ما يشهد زيادة في البلدين مع ذروة موسم الرحلات الصيفية.
وقال جيم ريتربوش رئيس "ريتربوش آند أسوسيتس" في "غالينا" بولاية إلينوي، "أصبحت قيود السفر المتزايدة في الصين محط أنظار المتعاملين، ويمكن أن تصبح محركاً رئيساً لأسعار النفط مع المضي في هذا الشهر".
التوترات في الشرق الأوسط
واستفادت أسعار الخام، الخميس، من التوترات في منطقة الشرق الأوسط، بعد أنباء عن اختطاف سفينة نفط ترفع علم بنما بالقرب من ميناء الفجيرة الإماراتي من جانب قوات إيرانية، وهو ما نفته الأخيرة.
وكانت وكالة الأمن البحري البريطانية "يو كاي أم تي أو"، قد أعلنت أن الحادثة على متن سفينة قبالة شواطئ الإمارات العربية المتحدة التي اعتُبرت "عملية خطف محتملة"، انتهت "من دون أضرار"، وتأتي هذه الحادثة بعد خمسة أيام على هجوم استهدف ناقلة نفط قبالة سواحل سلطنة عُمان، أسفر عن سقوط قتيلين، وحمّلت عواصم غربية عدة إيران المسؤولية عنه.
إنتاج "أوبك+" يرتفع 680 ألف برميل يومياً
أضاف تحالف "أوبك+" 680 ألف برميل يومياً إلى إنتاجه من النفط الخام في يوليو الماضي عن الشهر السابق، مدعوماً بارتفاع الحصص وانتهاء الخفض الإضافي الطوعي السعودي، بحسب تقديرات وكالة "أرغوس ميديا" المعنيّة بالطاقة نشرتها، الجمعة، وبلغ إجمالي إنتاج التحالف من 35.82 مليون برميل يومياً من النفط الخام في الشهر الماضي، ارتفاعاً من 35.14 مليون برميل في يونيو (حزيران)، كما بلغ معدل الامتثال الجماعي 109 في المئة، إذ ارتفعت الحصة الجماعية للتحالف بمقدار 441 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي، ولكن لم تصل 14 دولة إلى هدفها.
كما زادت الدول الأعضاء في التحالف من خارج "أوبك" الإنتاج بمقدار 120 ألف برميل يومياً، الشهر الماضي، متجاوزة بذلك زيادة قدرها 80 ألف برميل يومياً في هدفها الجماعي، وفقاً لتقديرات "أرغوس".
وكانت زيادة الشهر الماضي مدفوعة من السعودية، التي أعادت 400 ألف برميل في اليوم من التخفيض أحادي الجانب بمقدار مليون برميل، الذي نُفذ في فبراير (شباط) وأبريل (نيسان). وزاد منتجو "أوبك" الآخرون في الشرق الأوسط الإنتاج أيضاً، وأضافت الإمارات والعراق مجتمتعين 80 ألف برميل يومياً، في حين عززت الكويت الإنتاج بمقدار 60 ألف برميل على خلفية زيادة ثبات الصادرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأدى انخفاض الإنتاج من أكبر المنتجين في غرب أفريقيا إلى تعويض هذه الزيادات جزئياً، وتراجع إنتاج نيجيريا بمقدار 20 ألف برميل يومياً بسبب انخفاض الإمدادات من تيار "بوني لايت" الرئيس، وانخفض الإنتاج الأنغولي، الذي يعاني من الاختناق بسبب قلة الاستثمار والانخفاض الطبيعي في الحقول الناضجة، بمقدار 90 ألف برميل إلى 1.05 مليون برميل في اليوم، وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2005.
وكان الإنتاج الروسي أعلى بمقدار 80 ألف برميل يومياً، ما جعله يتجاوز حصته البالغة 110 آلاف برميل يومياً، وارتفع إنتاج كازاخستان بمقدار 20 ألف برميل في اليوم، لكنه سيتقيد هذا الشهر ببرنامج صيانة مدته ستة أسابيع في حقل "تنغيز" العملاق الذي بدأ في الأول من أغسطس.
واستقر إنتاج دول "أوبك" الثلاث المعفاة من الحصص بشكل عام الشهر الماضي، إذ وصل الطلب على الخام الإيراني إلى الحد الأقصى وتضاءلت احتمالات عودة طهران إلى طاقتها الإنتاجية الكاملة على المدى القصير، وفقاً لبعض المحللين.
وتعثرت المحادثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات الأميركية، في وقت تعهد الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي بمواصلة الجهود لرفع القيود، لكن المناقشات ستستأنف على خلفية التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج العربي، التي أججها هجوم يشتبه في أنه بطائرة مسيرة على ناقلة منتجات نفطية قبالة سواحل عُمان ومحاولة خطف ناقلة قبالة سواحل الإمارات، وتنفي طهران المزاعم بأنها لعبت دوراً في كليهما.
وانخفض الإنتاج الفنزويلي للمرة الأولى منذ مارس، إذ انخفض بمقدار عشرة آلاف برميل يومياً على خلفية النقص في المادة المخففة لتندمج مع نفطها الخام. وارتفع الإنتاج الليبي بشكل طفيف لكنه لا يزال نحو 300 ألف برميل يومياً أقل من 1.45 مليون برميل يومياً في نهاية العام.
زيادة المخزونات الأميركية
وزادت المخزونات الأميركية من النفط، الأسبوع الماضي، بعكس توقعات المحللين خلال الأسبوع الماضي، في حين تراجعت مخزونات البنزين، وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الأربعاء، ارتفعت المخزونات التجارية في البلاد بنحو 3.6 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 31 يوليو، لتصل إلى 439.2 مليون برميل، في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى انخفاضها بين 2.9 مليون وأربعة ملايين برميل، ولم يشهد الاحتياطي الاستراتيجي لمخزونات النفط أي تغيير يذكر في الأسبوع الماضي، ليستقر عند 621.3 مليون برميل، للمرة الرابعة على التوالي، ما يعني أن عمليات السحب كانت من مخزونات النفط التجارية فقط .
وتراجعت صادرات الخام في الولايات المتحدة بنحو 585 ألف برميل يومياً، الأسبوع المنصرم، لتصل إلى مستوى 1.904 مليون برميل يومياً، في وقت هبطت الواردات بنحو 75 ألف برميل يومياً، الأسبوع الماضي، لتسجّل 6.432 مليون برميل يومياً.
ارتفاع أعداد حفارات النفط الأميركية
وارتفعت أعداد حفارات النفط في الولايات المتحدة، وهو مؤشر مبكر للإنتاج المستقبلي، الأسبوع الماضي، وذلك بعد تراجعها في الأسبوع السابق عليه، لأول مرة في خمسة أسابيع، بينما استقرت منصات الغاز الطبيعي من دون تغيير يذكر.
وتباطأ النمو في عدد الحفارات في الأشهر الأخيرة، إذ تواصل شركات الطاقة التركيز على ضبط رأس المال.
وأظهر التقرير الأسبوعي لشركة "بيكر هيوز" للاستشارات والخدمات النفطية، الجمعة، ارتفاع عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة بمعدل حفارين إلى 387 منصة في الأسبوع المنتهي في السادس من أغسطس 2021، كما استقرت أعداد حفارات الغاز الطبيعي خلال الأسبوع الماضي عند 103 حفارات، وبذلك يرتفع إجمالي حفارات الغاز الطبيعي والنفط معاً، اثنين في المئة على أساس أسبوعي إلى 490 حفارة.
تراجع منصات التنقيب عالمياً
عالمياً، أظهرت بيانات "بيكر هيوز"، تراجع منصات التنقيب عن النفط والغاز حول العالم باستثناء أميركا وكندا بنحو سبع منصات إلى 751 منصة على أساس شهري في يوليو 2021 مقابل 758 منصة في يونيو، ولكن على أساس سنوي زادت بنحو ثماني منصات.
وارتفع عدد منصات التنقيب في الشرق الأوسط بمقدار منصة واحدة فقط إلى 263 منصة خلال يوليو على أساس شهري، ولكن مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فقد تراجع العدد بمقدار 52 منصة من 315 منصة.
ووفق البيانات، زاد عدد المنصات على مستوى العالم أجمع بمقدار 55 منصة إلى 1380 منصة في يوليو، من 1325 منصة خلال يونيو.