Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روتين "بريكست" يضرب التصنيع البريطاني من السيارات إلى البرادات

مهلة يناير تفسد سلاسل الإمداد في المملكة المتحدة أثناء معاناتها الجائحة

علمت "اندبندنت" أن أجزاءً حيوية في منتجات بريطانية كالسيارات والبرادات ربما تواجه وضعاً قانونياً غامضاً، في ظل عرقلة سلاسل إمداداتها بتأثير من الروتين الإداري الذي تسبب به "بريكست".

وكذلك يواجه التصنيع خطر تعطل جدّي لأن الحكومة فشلت في تصميم بديل من نظام معايير السلامة الخاص بالاتحاد الأوروبي.

واستطراداً، تحذّر شخصيات بارزة من أن يؤدي ذلك إلى عدم نيل المكونات اللازمة للاستخدام في بريطانيا "علامة تصديق" مناسبة كمؤشر إلى سلامة المنتج، الأمر الذي من الممكن أن يجبر المصنّعين ومورديهم على التوقف عن العمل أو نقل أعمالهم إلى بلد آخر. وفي غياب التأكيد على تلبية معايير متعلقة بالسلامة والبيئة، لا يمكن بيع المنتجات والأجزاء في سوق المملكة المتحدة.

ويمثّل هذا التطور أحدث نكسة للصناعة البريطانية في وقت تعاني من صدمات في سلاسل الإمداد ونواقص في العمالة تسببت بها جائحة كورونا.

وخلال مفاوضات "بريكست"، فشلت لندن في ضمان اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يقرّ فيه كل طرف بمعايير السلامة المعتمدة لدى الطرف الآخر، أو ما يُعرف بتقييمات المطابقة.

والآن ثمة علامات على المنتجات الموجودة في المنازل والمكاتب ببريطانيا وأوروبا. ويمكن ملاحظتها من خلال ختم "المطابقة الأوروبية" ("CE") الذي يعني أن المنتجات تلبّي المعايير الأوروبية في مجال الصحة والسلامة والبيئة.

ويجب أن تخضع علامات التصديق هذه إلى مراقبة هيئة فاحصة موافق عليها من قبل الحكومة، وبداية من 1 يناير (كانون الثاني) 2022 يجب أن يحظى معظم المنتجات بموافقة منفصلة من قبل نظام بريطاني.

في المقابل، أدّى الفشل في ضمان الاعتراف لمصلحة هيئات تقييم المطابقة البريطاني، إلى إضعاف مزايا المملكة المتحدة في التجارة الدولية. ويفيد التوجيه الحكومي ذاته بأن "ذلك لا يمثّل النتيجة المنشودة" للمحادثات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكذلك نقلت هيئات قطاعية ومصانع وجهات تقييم المطابقة، إلى "اندبندنت" أن القدرة على فحص بعض المنتجات قبل مهلة الامتثال بشأن تقييم المطابقة البريطاني، المقررة في 1 يناير 2022، ربما لا تكفي أو إنها غير متوافرة على الإطلاق. ويهدد الأمر بخلاف كبير بين القطاع الصناعي والحكومة، في حال تسببه في عرقلة سلاسل الإمداد البريطانية، ما يُخشى على نطاق واسع. وربما يعرقل الأمر ذاته أيضاً جهود القطاع في التعافي بعد الجائحة.

ومثلاً، يُحتمل أن تتوقف مشاريع تجديد المواقع التجارية أو بناء المنازل لأن المطلوب من المتعاقدين تركيب منتجات كالبرادات ومكوناتها، تلبّي التشريعات البريطانية.

في المقابل، لا تستطيع تلك المنتجات أن تُعتبر ممتثلة لذلك الواجب التعاقدي إلا إذا جاء تأكيد بذلك من قبل النظام الجديد في تقييم المطابقة البريطاني. وحاضراً، تعاني بعض المنتجات من تأخيرات عدة.

وفي ذلك الإطار، أبلغ ثلاثة أشخاص من المطّلعين على مشاركة الحكومة في المسألة، إن هذه المشاركة وصلت إلى ذروتها خلال اجتماع فريق عمل "بريكست" للأعمال الشهر الماضي. ويشمل ذلك الفريق ما يُعرف بالجهات البريطانية الخمس ("بي 5" B5) وهي "غرف التجارة البريطانية" و"الاتحاد البريطاني للصناعات" و"اتحاد الأعمال الصغيرة" و"معهد المديرين" و"التصنيع البريطاني".

ووفق الأشخاص ومراسلات اطّلعت عليها "اندبندنت"، أُبلغ ديفيد فروست، كبير المفاوضين السابقين في شأن "بريكست" وكبير المسؤولين الحكوميين عن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، قبل الاجتماع وأثناءه، أن ضوابط المطابقة مسألة ملحّة.

وعلى نحوٍ مماثل، ذكرت مصادر عدة أن الحكومة تتردد حتى الآن في تمديد المهلة الخاصة بالإصرار على تطبيق ضوابط بريطانية حصراً، معتبرة أن الأمر يندرج ضمن سيادة المملكة المتحدة، ومشيرة إلى أن الشركات تستخدم تكتيكات تأخير بهدف تجنّب التغيرات.

وفي ذلك الصدد، أشار بن فليتشر، رئيس العمليات في "التصنيع البريطاني"، وهي هيئة قطاعية، إلى أن "تقييمات المطابقة باتت تتحول بسرعة إلى عرقلة رئيسة للشركات التي تصطف الآن كي تحصل على الموافقة على منتجاتها مع اقتراب مهلة نهاية العام. وثمة شركات كثيرة أخرى لا تعي بعد أن هذا التغيّر سيحصل قريباً".

وأضاف، "ثمة إجراءات بيروقراطية ضخمة في مراكز الفحوص من أجل الموافقة، وعلى الحكومة أن تسرّع قبولها في شكل طارئ كي يغدو ممكناً التخلص من التأخيرات في التصديق على المنتجات لمصلحة الشركات البريطانية".

وأخيراً، نبّه السيد فليتشر إلى خطر وقوع تأثير "غير مباشر" من اصطدام الشركات الأوروبية بهذه التأخيرات واختيارها وقف الإمدادات إلى سوق المملكة المتحدة. ويعود السبب في ذلك إلى أن الشركات ستضطر إلى إخضاع منتجاتها لفحوص تخدم مصلحة السوقين الأوروبية والبريطانية، ما يضاعف الروتين الإداري والتكاليف. ومع ملاحظة أن السوق البريطانية أصغر بكثير من نظيرتها الأوروبية، ستبدو تلك التكاليف الإضافية منفّرة بالنسبة إلى كثير من المورّدين.

وفي ملمح متصل، يأتي الاهتمام بذلك الأمر بعدما تراجعت في يونيو (حزيران) الماضي أعداد السيارات المنتجة في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوى منذ عام 1953، وفق "جمعية مصنعي السيارات وتجارها". وتستثني تلك الأعداد النشاط الحاصل في يونيو 2020 الذي أعاقه أول إغلاق بسبب الجائحة.

ووفق الجمعية، شكّل النقص العالمي في أشباه الموصلات والعمالة عاملين رئيسين.

وبرز الملمح ذاته في بيانات جديدة صدرت عن "آي إتش إس ماركت" الاثنين المنصرم، ظهر فيها أن سلاسل الإمداد تعاني ضغوطاً تعرقل إنتاجية المصنّعين.

واستكمالاً، تعني تلك النواقص في الإمداد أن مديري المشتريات في المصانع مضطرون إلى مقاومة المنافسة لدى محاولتهم الحصول على أجزاء مهمة تسخدمها تلك المصانع.

وكذلك يرى مديرو سلاسل الإمداد في مصانع بريطانية رئيسة أن العرقلة الإضافية للروتين الإداري الزائد بسبب "بريكست"، تجعل هذه المناقشات أكثر صعوبة، وتزيد في نهاية المطاف تكاليف شراء الإمدادات.

وبالنتيجة، حوّل "بريكست" المملكة المتحدة من بلد رائد عالمياً في تقييمات المطابقة إلى طرف فاعل إقليمي معزول نسبياً. وفي زمن ما قبل مغادرة المملكة المتحدة الكتلة الأوروبية، تولّت مختبرات الفحوص في بريطانيا 80 في المئة من هذا النشاط القطاعي في سوق الاتحاد كلها.

والآن تعاني البلاد في خضم عملها على تأسيس نظام التقييم المستقل الخاص بها. ولا يعترف الاتحاد الأوروبي بالجهات الفاحصة البريطانية، والعكس بالعكس بدءاً من العام المقبل.

بالتالي، فمن دون جهة مزوّدة لخدمات تقييم المطابقة معترف بها من المملكة المتحدة، لا يعرف المصنعون كيف سيلبّون المعايير بدءاً من 1 يناير 2022، ويثيرون تلك المشكلة مع الحكومة منذ أشهر.

وعلى نحوٍ مماثل، نقل شخصان مطّلعان على عمليات شركات تصنيع السيارات ذات الحضور البارز في المملكة المتحدة، إلى صحيفة "اندبندنت" أن هذه الشركات بحاجة إلى مهلة تتراوح بين ستة و10 أشهر كي تبدّل ضوابط المطابقة بهدف التأكد من أن المركبات التي تنتجها تلبّي المعايير الصحيحة.

واتصالاً بذلك، يعني غياب الوضوح من طرف الحكومة البريطانية عدم إمكانية ضمان الامتثال القانوني في الوقت المناسب، بالنسبة إلى مدخلات حرجة كتلك الخاصة بالأكياس الهوائية التي يجب أن تلبّي معايير تقييم المطابقة البريطاني في شأن تقنيات النيران. وعند كتابة هذه السطور، لا تتوافر أي وسيلة لتلبية متطلبات تقييم المطابقة البريطاني عن الأكياس الهوائية بدءاً من 22 يناير.

من جهة أخرى، يتجاوز تأثير تلك المشكلة في القطاع الصناعي مسألة الأكياس الهوائية بكثير، إذ تشكّل الأجزاء الحساسة مجالاً واسعاً جداً من المنتجات التي تتطلب فحوصاً جديدة لمصلحة نظام تقييم المطابقة البريطاني. ويمثّل ذلك مشكلة بالنسبة إلى المستوردين والمصدرين، وفق "غرف التجارة البريطانية"، وهي هيئة ضغط قطاعية.

ومن تلك الزاوية، ذكر رئيس السياسة التجارية في "غرف التجارة البريطانية" ويليام باين، "لدينا مخاوف جدية حول مدى تأثر القطاع الصناعي بالمهلة التي تلوح في الأفق والمتعلقة بدخول المنتجات التي تحمل ختم المطابقة الأوروبية إلى السوق في بريطانيا العظمى".

وأضاف، "من دون حل بعيد الأجل، أو على الأقل تمديد فترة التسهيل إلى ما بعد يناير 2022، ربما تواجه سلاسل إمداد التصنيع تعطلاً جدّياً إذا لم يتمكن الموردون في الاتحاد الأوروبي من تقييم المكونات [التي يصدّرونها إلى المملكة المتحدة] وفق نظام المعايير البريطاني".

وأشار أيضاً إلى أن الهيئة "متفائلة" بأن الحكومة ستتمكن من توفير حل للمسألة، لكن "مع حوالى 150 يوماً أمامنا، فإن الوقت يداهمنا".

وفي نفسٍ مماثل، قال الرئيس التنفيذي لـ"جمعية مصنعي السيارات وتجارها" مايك هاويس إن منظمته "تعمل عن كثب" مع مسؤولين حكوميين على تطبيق عمليات مصادقة بريطانية جديدة.

وأضاف أن الجمعية تدعم "تقصّي الحكومة الخيارات كلها، بما في ذلك تمديد فترة السماح، بهدف إعطاء الشركات اليقين والضمانات في أسرع وقت ممكن".

ومن المقرر أن يقدّم فريق اللورد فروست، يساعده مسؤولون حكوميون آخرون، حلاً للقطاع الصناعي في الخريف، لكن بعض الهيئات يخشى من أن الخطوة لن تأتي في الوقت المناسب في شكل كافٍ. وأشارت الهيئات إلى أن الغموض أضرّ بالعلاقات مع الموردين الأوروبيين، ويشكّل الفشل في ضمان اعتراف متبادل بتقييمات المطابقة بين لندن وبروكسل، ضربة كبرى للتنافسية البريطانية.

في سياق متصل، أوضح ناطق باسم وزارة الأعمال أنه "يتوجّب على الشركات تولّي مسؤولية ضمان تلبية منتجاتها متطلبات التشريعات [في بريطانيا والاتحاد الأوروبي]. ولا نزال نعمل مع القطاع على هذه المسألة بهدف ضمان أن تفهم الشركات واجباتها".

© The Independent