Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعلومات المضللة العدوانية تخيّم على نشر اللقاح الجديد في تنزانيا

بينما يشرع البلد في حملة التطعيم، يواجه مسؤولو الصحة العامة موجة من المعلومات المضللة التي روج لها الرئيس السابق، بحسب المراسل سامي عوامي في دار السلام

الرئيسة التنزانية سامية صولحو حسن تتلقى جرعة من لقاح "جونسون أند جونسون" في مقرّ الرئاسة في دار السلام (أ ف ب/غيتي)

مع شروع تنزانيا في تطبيق برنامج التطعيم الشامل الثلاثاء الماضي، تسود البلاد موجة من التردد. في الأسبوع الماضي، كانت الرئيسة سامية صولحو حسن أول من أخذ الجرعة في مقرّ الرئاسة في  مدينة دار السلام التجارية، حيث أطلقت حملة للتلقيح في حدث تمّ بثّه مباشرة على مستوى البلاد.

اتخذت الرئيسة هذه الخطوة لمناشدة التنزانيين تلقيح أنفسهم، مؤكدة لهم فعالية التطعيم وسلامته.

وقالت بالمناسبة: "أنا أم لأربعة أولاد وجدّة لعدّة أحفاد يحبونني كثيراً بقدر ما أحبّهم. وأنا زوجة أيضاً وعلاوة على ذلك فأنا رئيسة الدولة والقائدة العليا للقوات المسلحة. من المستحيل أن أضحّي بنفسي وأتسبّب بموتي وأنا أعلم أن لدي كل هذه المسؤوليات".

يأتي برنامج التطعيم هذا، في الوقت الذي تحذر فيه الحكومة من احتمال ظهور موجة ثالثة ستجتاح أجزاء من البلاد. ومع ذلك، ليس من الواضح مدى انتشار الإصابات لأنّ الحكومة لا تصدر أرقاماً إلا بشكل متقطع.

ومع غياب أي تطبيق إلزامي للتدابير الوقائية، فإن حملة التطعيم تعتبر أكبر تحول في السياسة التي اعتمدتها الإدارة السابقة، التي اشتهرت بتبني مواقف مثيرة للجدل في ما يتعلق بطرق مكافحة المرض ومحاربة اللقاح.

ويقول الدكتور إليشا أوساتي، اختصاصي في الطب الباطني في مستشفى الإحالة الوطني موهمبيلي: "هذا تغيير مهم في الاتجاه الذي تسلكه بلادنا".

ويضيف أوساتي، الذي كان الرئيس السابق للجمعية الطبية في تنزانيا: "منذ بضعة أشهر لا غير، لم نتمكن حتى من تسمية هذا المرض باسمه، كورونا، والآن لدينا حملات في جميع وسائل الإعلام وغيرها من المنصات تحث الناس على أخذ اللقاحات واتخاذ الاحتياطات ضد الوباء".

للتذكير فإن الرئيس السابق جون ماغوفولي، وهو عالم حاصل على دكتوراه في الكيمياء، استخفّ بخطورة المرض وجادل بأنّ التذكير بأخذ الاحتياطات، وفرض قيود لمكافحة كورونا، يغرسان الخوف بين الناس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عرّف نفسه بأنه من أتباع الوحدة الأفريقية، وشجع التنزانيين على استخدام الأدوية العشبية التقليدية واللجوء إلى الصلاة لمحاربة كورونا. ماغوفولي، وهو كاثوليكي متدين، ادّعى في وقت لاحق أن الله استجاب للصلوات فشفيت الأمة من الوباء. دافع عن نظريات المؤامرة التي تعتبر المرض خدعة وحذر الجمهور من التسرع في الحصول على اللقاح، الذي اعتبره غير آمن.

وقد أدى هذا الأمر إلى حملة قمع واسعة النطاق ضد وسائل الإعلام والأفراد الذين عارضوا سياسة الحكومة. فتم إغلاق محطة تلفزيونية محلية تبث على الإنترنت لمدة 11 شهراً، بسبب نقلها بياناً لإحدى السفارات حول حالة المرض، في حين تم تغريم ثلاث قنوات وطنية أخرى مع الأمر بالاعتذار عن نشرها المزعوم لمعلومات "كاذبة ومضللة" حول تعامل الحكومة مع جائحة كورونا.

جاء التحول في الحكومة الجديدة نتيجةً للجنة رئاسية شكلتها الرئيسة سامية صولحو حسن بعد فترة وجيزة من توليها السلطة. وأوصت اللجنة بضرورة تبني نهج علمي، والتأكيد على التدابير الوقائية وإطلاق حملة اللقاح.

ويعتقد بعض المراقبين أن تشكيل اللجنة كان خطوة لحماية الرئيسة من أي لوم محتمل من قبل أنصار ماغوفولي.

ولكن، على رغم تغيير الحكومة لرأيها، بقي الجمهور منقسماً على نطاق واسع حول ما إذا كان يجب أخذ اللقاح أم لا. فالمعلومات المضللة التي أصدرتها الإدارة السابقة بشأن التطعيم لا تزال منتشرة ويتم الترويج لها علناً من قبل الأفراد المؤثرين، في طليعتهم جوزيفات غواجيما الذي نصب نفسه أسقفاً للكنيسة الخمسينية في دار السلام، وهو عضو في البرلمان عن الحزب الحاكم، ولديه الآلاف من الأتباع في جميع أنحاء البلاد.

وعلى الرغم من أنه يتلقّى توبيخاً من حزبه، "تشاما تشا مابيندوزي" (CCM)، بسبب تقويضه جهود الحكومة للحفاظ على أمن البلاد، فقد استخدم غواجيما مراراً وتكراراً تجمعاته، وبثها على الهواء مباشرة، للتشكيك في سلامة اللقاحات وتحذير جمهوره من أنّ التطعيم يعرّض حياتهم للخطر.

وعلى رغم الجهود المستمرة لطمأنة الجمهور حول سلامة اللقاح، فإنّ عدداً كبيراً غير مقتنع بذلك.

وهكذا صرّحت بائعة أغذية في شاطئ مبيزي، في ضواحي دار السلام، أنها ما زالت تصدّق ما قاله الرئيس السابق: اللقاحات يمكن أن تكون سامة. ولفتت إلى أنها لن تغير رأيها الآن بمجرّد أن الإدارة الجديدة تقول إن التطعيم آمن.

وتابعت هذه المرأة البالغة منتصف العقد الرابع من العمر، والتي رفضت الإفصاح عن اسمها: "لدي جسد واحد فقط ولا يمكنني المخاطرة بحقنه بأشياء مشكوك في فعاليتها. في حال انتشار المرض بشكل خارج عن السيطرة، أفضل الركض إلى قرية صغيرة ونائية والاختباء هناك بعيداً من مدينة كبيرة مثل دار السلام، بدلاً من تجربة شيء لا يثق به بعض خبراء الصحة".

وعبّر صاحب متجر في نفس الضاحية عن قلقه من الفترة الزمنية القصيرة المستخدمة للحصول على اللقاحات. وأضاف أنه يتذكر أنّ الرئيس السابق قد أوضح أنّ عملية الحصول على لقاح واحد موثوق به تستغرق عادة وقتاً طويلاً وتتطلب عدة مراحل، وهو غير مقتنع بأن اللقاحات مرّت بجميع الإجراءات اللازمة.

وقال كريستوفر كيبكي: "إنني قلق بشكل خاص من حقيقة أنه سيتعين علي التوقيع على استمارة تنص على إعفاء المستشفى أو الطبيب أو الحكومة من أي مسؤولية في حال عانيت أعراضاً جانبية من هذا اللقاح. لماذا التوقيع على هذا النموذج إذا كان اللقاح آمناً؟ لهذا السبب، لن أتلقى التطعيم.

يقر الدكتور أوساتي بأنّهم سيواجهون صعوبة في تلقيح العديد من الأشخاص، لكنه مع ذلك يقدر تغيير الحكومة لمسار مكافحة الوباء. ويوضح قائلاً: "سيكون إقناع الكثير من الناس تحدياً كبيراً، لكننا في النهاية سننجح. تحتاج الحكومة فقط إلى الاستعداد لاستخدام أكبر عدد ممكن من التكتيكات في تثقيف الجمهور حول اللقاح".

© The Independent

المزيد من صحة