Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصبح رفع سعر الخبز المدعم في مصر "ضرورة اقتصادية"؟

يرى مراقبون أن القرار سليم لكن المشكلة تكمن لدى بعض التجار الذين سيستغلون أي زيادة في تحريك أسعار سلع أخرى

رحبت شعبة المخابز في غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، بتحريك سعر الخبز المدعم (أ ف ب)

اشتعلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بالحديث عن الزيادة المرتقبة في أسعار الخبز المدعم. وفيما لم تعلن الحكومة المصرية عن قيمة أو نسبة الزيادة، لكن يُتوقع مضاعفة سعر الرغيف المدعم من 5 إلى 10 قروش فقط (0.0064 دولار).
وفي أول رد فعل سريع على حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن ضرورة رفع أسعار الخبز المدعم، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية، أنها تدرس حالياً توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن سعر رغيف الخبز المدعم. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد كمال في بيان، أنه سيتم عرض الدراسة فور الانتهاء منها على مجلس الوزراء، لاتخاذ اللازم حيالها.
من جهة أخرى، رأى باحثون اقتصاديون أنه "على الرغم من أهمية وضرورة اتخاذ هذا القرار، إلا أنه في المقابل، يجب على الحكومة المصرية أن تبذل جهوداً مضاعفة كي لا يتم استغلال الزيادة المرتقبة من قبل بعض التجار لرفع أسعار سلع أخرى، ما يقود في النهاية إلى عودة أزمة التضخم مثلما حدث خلال عام 2017، بعدما بدأت الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار ليرتفع التضخم مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق في منتصف عام 2017 حينما اقترب من مستوى 35 في المئة".

هل ستتأثر معدلات التضخم؟

ورحبت شعبة المخابز في غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، بتحريك سعر الخبز المدعم، بعد عقود طويلة من الدعم الذي يكلف ميزانية الدولة الكثير. وقالت إنها "خطوة جيدة وفي صالح المواطن لأنها سترفع جودة المنتج النهائي"، معتبرةً أن "القرار تأخر لسنوات طويلة"، إلا أن الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، نائب رئيس حزب التحالف الاشتراكي، رأى أن "قرار رفع أسعار الخبز المدعم سيؤدي إلى زيادة معدلات الفقر إلى 36 في المئة، كما سيؤدي إلى زيادة أمراض الفقر"، مؤكداً في بيان عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أن "رفع الدعم عن رغيف العيش جزء من التزامات مصر ببرنامج صندوق النقد الدولي".
لكن غرفة المخابز، قالت إنه يجري حالياً تشكيل لجنة للاجتماع مع وزارة التموين لدراسة السعر العادل للخبز المدعم. وأكدت أن عدد المواطنين المستحقين للخبز المدعّم ويحملون بطاقات تموين يبلغ نحو 71 مليون مواطن. وقالت غرفة المخابز إنه "لا داعي للقلق لأن الزيادة المتوقعة ليست كبيرة ولن تضر المستهلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورداً على ما قاله الميرغني حول إمكانية اتساع دائرة الفقر، قال الخبير الاقتصادي عماد كمال، إن "الأزمة ليست في الزيادة التي ستقررها الحكومة في رغيف الخبز المدعم، ولكن الأزمة الحقيقية تتمثل في التجار الذين يستغلون الأزمات برفع الأسعار، وفي هذه الحالة سترتفع معدلات التضخم، وسيتدخل البنك المركزي المصري عبر أسعار الفائدة، بالتالي ندخل في دوامة الانكماش وربما الركود التضخمي".

قاعدة بيانات حقيقية للمستفيدين

واعتبر كمال أن "قصة الدعم لا بد أن تنتهي، بخاصة أن عدد المستحقين الحقيقيين للخبز المدعم أقل بكثير من عدد الذين يحصلون عليه بالفعل. وفي حال استمر دعم الخبز، فإن ذلك يعني مزيداً من المكاسب لأصحاب الأفران والمخابز، يقابله استنزاف كبير لموارد الدولة يمكن استغلالها بشكل سليم في بنود أخرى". وأضاف "إذا نظرنا إلى سعر رغيف الخبز المدعّم نجده عند 65 قرشاً، لكن تكلفته الحقيقية على أصحاب الأفران لا تتجاوز نصف هذه التكلفة، بالتالي فإن الدعم الحكومي يحصل عليه أصحاب الأفران في صورة مكاسب يومية". وتابع "الحل الأمثل في قضية الخبز المدعم يتمثل في تحرير أسعاره بشكل كامل مع حصر المستحقين الحقيقيين وليس المسجلين في كشوف وزارة التموين، ويحصل هؤلاء المستحقين على دعم نقدي يوازي ما يكفيه لشراء ما يحتاجه من خبز ولكن بالأسعار المحررة".
وأوضح أن "حل كل المشكلات المتعلقة بهيكلة منظومة الدعم لن يتم إلا بوجود قاعدة بيانات حقيقية للمستفيدين من الدعم، بخاصة أنه وفق البيانات الرسمية فإن مَن يستحق الدعم لا تتجاوز نسبتهم 30 في المئة، في حين هناك حوالى 74 مليون مواطن مسجلون على كشوف الدعم، ما يعني أن 74 في المئة يحصلون على دعم، وهو رقم ضخم مقارنةً بعدد الفقراء المستحقين الفعليين للدعم".

أرقام مهمة عن منظومة الخبز المدعم

ووفق البيانات الرسمية، ففيما بلغت قيمة إنفاق الدولة المصرية على الدعم نحو 1.6 تريليون جنيه (102.432 مليار دولار) خلال 10 سنوات، قفز إجمالي دعم السلع التموينية إلى 420 مليار جنيه (26.888 مليار دولار) خلال السنوات الخمس الماضية، بواقع 84 مليار جنيه (5.377 مليار دولار) سنوياً.
وتتضمن موازنة العام الحالي تخصيص نحو 321 مليار جنيه (20.550 مليار دولار) للدعم، منها 87.2 مليار جنيه (5.582 مليار دولار) لدعم السلع التموينية بما يوازي 27 في المئة من إجمالي مخصصات بند الدعم. بينما يستحوذ الخبز المدعم على نحو 50.6 مليار جنيه (3.239 مليار دولار) توازي نحو 64 في المئة من إجمالي مخصصات دعم السلع التموينية.
وتتوزع الـ 50.6 مليار جنيه المخصصة لدعم الخبز على 3 فئات فقط، حيث يخصص نحو 45 مليار جنيه (2.880 مليار دولار) لدعم رغيف الخبز، و 2.5 مليار جنيه (0.160 مليار دولار) لدعم الدقيق. بينما يصل دعم استبدال الخبز بنقاط سلعية إلى نحو 3.1 مليار جنيه (0.198 مليار دولار).
وتشير البيانات الرسمية لوزارة التموين والتجارة الداخلية في مصر، إلى أنه يتم صرف 5 أرغفة لكل مواطن مسجّل على بطاقة التموين بإجمالي 150 رغيفاً شهرياً، فيما يبلغ حجم الإنتاج اليومي لعدد المخابز التي تقدم الخبز المدعّم والبالغ عددها 28 ألف مخبز، يصل إنتاجها إلى نحو 270 مليون رغيف يومياً.
ويدفع المواطن 5 قروش مقابل كل رغيف يحصل عليه مقابل تحمّل الدولة 55 قرشاً عن كل رغيف يتم صرفه للمواطن. كما يوجد في مصر نحو 23.179 مليون بطاقة خبز يستفيد منها نحو 71.479 مليون مستفيد. وفيما يبلغ وزن رغيف الخبز 90 غراماً بعد أن كان وزنه 110 غرامات حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، فإن شيكارة الدقيق زنة 50 كيلوغراماً تنتج نحو 725 رغيف خبز مدعماً.