أعلن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الثلاثاء 3 أغسطس (آب) تنصيب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران بعد فوزه بانتخابات يونيو (حزيران)، ليبدأ عهداً سيواجه فيه تحديات أزمة اقتصادية وتجاذباً مع الغرب، لا سيما بشأن العقوبات الأميركية والمحادثات النووية.
وفي خطاب تلاه في مجمع الهيئات المرتبطة بمكتب المرشد وسط طهران، حيث تقام مراسم التنصيب، قال رئيسي إن حكومته ستتخذ خطوات لرفع العقوبات "الغاشمة" التي فرضتها الولايات المتحدة على بلاده.
"إرادة الأجانب"
وأضاف أنه سيسعى إلى تحسين الاقتصاد الذي قوضته العقوبات الأمريكية المفروضة على البلاد منذ 2018 بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران في 2015 مع ست قوى عالمية.
وشدد على أن تحسين الظروف الاقتصادية لبلاده لن يرتبط "بإرادة الأجانب". وقال "نسعى بالطبع إلى رفع الحظر الجائر، لكننا لن نربط ظروف حياة الأمة بإرادة الأجانب"، وسيلي كلمة رئيسي خطاب لخامنئي.
ويخلف رئيسي المعتدل حسن روحاني الذي شغل ولايتين متتاليتين في منصب الرئاسة منذ 2013، وشهد عهده سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز محطاتها إبرام اتفاق فيينا 2015 بشأن البرنامج النووي مع ست قوى كبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا).
وشهدت انتخابات يونيو نسبة مشاركة كانت الأدنى في اقتراع رئاسي منذ تأسيس إيران عام 1979.
"تخطي الصعاب"
والخميس، سيؤدي رئيسي (60 عاماً) اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) الذي يهمين عليه المحافظون، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية من أجل نيل ثقة النواب على تسميتهم.
ونال رئيسي 62 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي بعد استبعاد ترشيحات شخصيات بارزة.
ومن المتوقع أن يتيح توليه رئاسة الجمهورية، وتالياً السلطة التنفيذية، للتيار السياسي المحافظ بتعزيز نفوذه في هيئات الحكم، بعد الفوز الذي حققه في الانتخابات التشريعية لعام 2020.
وأبدى رئيسي في تصريحات أوردها مكتبه قبل أيام، "أملاً كبيراً بمستقبل البلاد"، مشدداً على أنه "من الممكن والمتاح تخطي الصعوبات والقيود الحالية".
وستكون معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العائدة بشكل أساسي للعقوبات، والتي زادت من تبعاتها جائحة "كوفيد-19" المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع خلال انتخابات 2021، كما في 2017 حين خسر أمام روحاني، شعاري الدفاع عن الطبقات المهمشة ومكافحة الفساد.
تحسين الوضع الاقتصادي
ويقول الباحث في المعهد الجامعي الأوروبي في إيطاليا كليمان تيرم لوكالة الصحافة الفرنسية، إن هدف رئيسي الأساسي "سيكون تحسين الوضع الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بين طهران والدول المجاورة" عبر "تأسيس نظام اقتصادي يحمي النمو الاقتصادي لإيران، من الخيارات السياسية الأميركية"، ويعزز تبادلاتها مع الجوار وروسيا والصين.
وأبرمت إيران عام 2015 اتفاقاً مع القوى الكبرى بشأن ملفها النووي أتاح رفع عقوبات عنها، مقابل الحد من أنشطتها وضمان سلمية برنامجها، لكن مفاعيله باتت شبه لاغية مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده أحادياً منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات على طهران انعكست سلباً على اقتصادها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهدت إيران خلال الأعوام الماضية، لا سيما شتاء 2017-2018 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، احتجاجات على خلفية اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.
كما شهدت محافظة خوزستان (جنوب غرب) احتجاجات خلال يوليو (تموز) على خلفية شح المياه، وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء في طهران ومدن كبرى، تعزوها السلطات لأسباب منها زيادة الطلب ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.
العلاقات مع دول الجوار
وغالباً ما وجه المحافظون المتشددون الذين ينظرون بعين الريبة إلى الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، انتقادات لروحاني على خلفية إفراطه في التعويل على نتائج الاتفاق النووي، وطالبوا مراراً بالتركيز على الجهود المحلية للحد من آثار العقوبات.
وفي كلمة خلال الاجتماع الأخير لحكومته الأحد، دافع روحاني عن سجل حكومته، معتبراً أن "ما قمنا به أتى في ظل وضع صعب نتيجة الحرب الاقتصادية وفيروس كورونا، وهذا العام أضيف إليهما الجفاف".
ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، أن روحاني كان "مثالياً" في علاقته مع الغرب، واعتقد أنها ستتيح "حل كل مشكلات البلاد سريعاً في الأمد القريب"، مرجحاً أن يعتمد رئيسي مساراً مختلفاً.
وأكد رئيسي بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية هي العلاقات مع دول الجوار.
وهو سيتولى منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى، وبمشاركة أميركية غير مباشرة، محادثات لإحياء الاتفاق النووي من خلال تسوية ترفع العقوبات الأميركية وتعيد واشنطن إليه، في مقابل عودة إيران لالتزام تعهدات نووية تراجعت عن تنفيذها بعد انسحاب واشنطن.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تولى مهماته خلفاً لترمب مطلع 2021 أبدى استعداده للعودة إلى الاتفاق.
هل تستكمل المفاوضات؟
وأجريت ست جولات محادثات في فيينا بين أبريل (نيسان) ويونيو. وأكد مسؤولون إيرانيون أن التفاوض لن يستكمل قبل تولي رئيسي منصبه. وأكد خامنئي الذي تعود إليه الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد الأسبوع الماضي، أن تجربة حكومة روحاني أثبتت أن "الثقة بالغرب لا تنفع".
وسبق لرئيسي الذي يعد مقرباً من خامنئي، التأكيد أنه سيدعم المحادثات التي تحقق "نتائج" للشعب، لكنه لن يسمح بـ "مفاوضات لمجرد التفاوض".
وفي توتر إضافي مع الغرب، تواجه إيران اتهامات من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل بالوقوف خلف هجوم طال ناقلة نفط يشغلها رجل أعمال إسرائيلي في بحر العرب الخميس الماضي، أدى إلى مقتل اثنين من طاقمها.
وبينما أكدت واشنطن أنها "تنسق مع دول المنطقة وخارجها للتوصل إلى رد مناسب ووشيك"، نفت طهران الاتهامات محذرة من أنها سترد على أي "مغامرة" بحقها على خلفية هذه المسألة.
ويتسلّم رئيسي مهماته خلال مراسم يصادق فيها المرشد الأعلى علي خامنئي على "حكم رئاسة الجمهورية"، وتقام المراسم في مجمع الهيئات المرتبطة بمكتب المرشد وسط طهران اعتباراً من الساعة 10:30 صباحاً (06:30 ت غ)، وفق وسائل الإعلام الإيرانية. وتتخللها كلمة للرئيس الجديد يليها خطاب لخامنئي.
احتجاجات الأهواز
وشهدت إيران خلال الأعوام الماضية، لا سيما شتاء 2017-2018 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019، احتجاجات على خلفية اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.
كما تشهد محافظة الأهواز (جنوب غربي البلاد) احتجاجات منذ يوليو (تموز) الماضي أدت إلى تظاهرات في مدن إيرانية عدة منها العاصمة طهران دعماً للأهواز. وترافق ذلك مع انقطاع الكهرباء في طهران ومدن كبرى، تعزوها السلطات إلى أسباب منها زيادة الطلب ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.
ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز، المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، أن روحاني كان "مثالياً" في علاقته مع الغرب، معرباً عن اعتقاده بأنها ستتيح "حل كل مشكلات البلاد سريعاً في الأمد القريب"، ومرجحاً أن يعتمد رئيسي مساراً مختلفاً.
وأكد رئيسي بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية هي العلاقات مع دول الجوار.