Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حظوظ قيادات "النهضة" في إبعاد الغنوشي؟

مجموعة من القياديين تتمسك به بينما تهدد النقمة الداخلية ضده بانقسام الحركة

بدأت قيادات في الحركة تطالب بالاعتذار إلى الشعب وتحمّل الغنوشي والمقربين منه مسؤولية خروج الشارع ضد "النهضة" (أ ف ب)

مرَّ أسبوع على إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد قراراته إقالة الحكومة، وتجميد نشاط مجلس النواب ورفع الحصانة عن أعضائه، وتطبيق الفصل 80 من الدستور، الذي يتيح له اتخاذ هذه الإجراءات لمواجهة ما يصفه النص الدستوري بـ"الخطر الداهم".

وشكلت حملة المساندة الشعبية لهذه القرارات مفاجأةً غير منتظَرة للكثيرين بخروج مئات آلاف المواطنين للتعبير عن دعمهم القرارات الرئاسية.

وبعد ساعات قليلة من إعلان القرارات الرئاسية، خرج رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، ليعلن أنها "انقلاب على الديمقراطية"، داعياً أنصاره ومؤيديه إلى الانضمام إليه أمام مقر مجلس النواب الذي يرأسه، للتعبير عن تأييدهم له ورفضهم قرارات سعيّد. لكن المفاجأة تمثلت في امتناعهم عن اللحاق به، وبقي الغنوشي لأكثر من 12 ساعة رفقة عشرات من أنصاره فقط أمام باب البرلمان، ثم غادر بعد أن ناشد أنصاره مساندته في هذه المحنة.

أيام عصيبة

في المقابل، شكّل اندفاع المواطنين في مختلف مدن وقرى تونس ترحيباً بقرارات الرئيس، ما يمكن وصفه بعودة الوعي إلى كُثر من قيادات حركة النهضة التي تنبهت إلى حجم الكراهية والغضب الشعبي عليها جراء ممارساتها، وبدأ عدد منهم يتحدثون عن ضرورة المراجعات والاعتذار عن الأخطاء التي ارتكبتها الحركة ومحاسبة مَن أسهم في ذلك.

قيادات تتبرأ

وبدأت قيادات في الحركة بشكل متسارع تطالب بالاعتذار إلى الشعب وتحمّل الغنوشي والمقربين منه مسؤولية خروج الشارع ضد "النهضة". وقال سمير ديلو، أحد أهم قيادات الحركة إن "ما جرى في تونس ليس انقلاباً، بل هو نقمة احتجاجية عارمة ضد الوضع السياسي المسدود". وطالب ديلو "النهضة" بـ"تفهم القرارات الاستثنائية الأخيرة والتفاعل الإيجابي معها للخروج بالبلاد من المحنة التي تتحمل حركته جانباً كبيراً من مسؤوليتها، بدلاً من الخروج إلى الشارع والتمرد على نظام الحكم".

استقالات بالجملة

وعبّر قياديون نهضويون آخرون عن موقف مشابه، إذ أعلن خليل البرعومي، عضو المكتب التنفيذي ومسؤول مكتب الإعلام في "النهضة"، استقالته من الحركة "لرفضها الاستماع إلى نبض الشارع" كما قال.

ونشر عضو مجلس شورى "النهضة"، أحمد السقا، تدوينة أعلن فيها استقالته، واتهم فيها الغنوشي والنائب في كتلة النهضة، نور الدين البحيري بـ"التلاعب بأبناء الحركة وتعطيل عمل مجلس الشورى، الذي يطالب بحل المكتب التنفيذي وتشكيل مكتب لا يكونان فيه"، معتبراً أنهما "ليسا ديمقراطيين ولن يكونا".

كما قدم العشرات من أعضاء المكاتب المحلية للحركة استقالاتهم منها، في خطوة اعتبرها مراقبون كُثر شبيهة بالانهيار الداخلي لتنظيمها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أوفياء للغنوشي

في المقابل، وفي ظل حراك كبير تشهده "النهضة" والسعي إلى عقد اجتماع مجلس الشورى، ما زال عدد من قادة الحركة يعلنون ولاءهم المطلق للغنوشي ويسعون إلى منع إبعاده عن قيادة الحركة.

وشكّل رئيس مجلس الشورى في الحركة عبد الكريم الهاروني ونور الدين البحيري والقيادي العجمي الوريمي، رفقة الحلقة العائلية الضيقة للغنوشي، جبهةً وحّدت مواقفها للدفاع عنه، واتهام مَن يطالبون برحيله بالتنكر لتاريخه ونضاله.

وقال البحيري صراحةً إن "مجلس نواب الشعب المنتخب مغلق من قبل قوات عسكرية، والقضاء مهدد بوضعه تحت وصاية رئاسة الجمهورية، وقيم الجمهورية مهددة بالانهيار، ونحن في حركة النهضة ومعها حلفاؤها ما زلنا نصرّ أن ما حصل مخالف للدستور ويجب التعجيل بالعودة إلى الشرعية الدستورية".

وأعلن العجمي الوريمي أن "التنديد والتحشيد اللذين بادر إليهما رئيس البرلمان ووقفته أمام باب مجلس نواب الشعب المقفل بالأقفال والسلاسل، جعلت رئيس الجمهورية قيس سعيّد بعدما عقد العزم على الإطاحة بالمنظومة يتراجع خطوة إلى الوراء، ليدفع عن نفسه تهمة الانقلاب وخرق الدستور". وأضاف الوريمي أن "تونس دخلت يوم 25 يوليو (تموز) مرحلة جديدة، إذ لأول مرة تُحسم معركة السلطة عبر القوة لا عبر صندوق الانتخاب أو الحوار والتوافق"، مضيفا أن "الهدف من ذلك كان إيقاف مسار حكومي ومؤسساتي وتدشين مسار خارج المسلك الدستوري".
 
تنازلات مشروطة

من جهة ثانية، أعلن محمد القوماني، عضو المكتب التنفيذي للحركة، عن الاستعداد لتقديم "تنازلات ضرورية" بما في ذلك "الدعوة إلى انتخابات مبكرة لضمان عودة المسار الديمقراطي"، داعياً إلى "رفع التجميد عن عمل مجلس النواب وتكليف شخصية وطنية لتشكيل الحكومة التي لا ترغب الحركة بالمشاركة بها، والاستعداد لحوار يفضي إلى نقاش حول القانون الانتخابي الجديد".

وتعليقاً على ذلك، قال الباحث السياسي نبيل بلفقيه إن "الاستعدادات التي قدمتها النهضة تعبّر عن رغبة في استمرار المماطلة ومحاولة تحقيق مكاسب سياسية فشلت في تحقيقها على أرض الواقع. الأزمة داخل النهضة ستتفاعل بشكل كبير في الفترة المقبلة مع تصاعد عجز رئيسها عن إدارة المشهد ومواجهة المعارضة المطالبة برحيله".

في انتظار الحسم

بين المد والجزر وتصاعد الخلافات داخل الحركة تنتظر الساحة السياسية في تونس عقد مجلس شورى "النهضة"، الذي طالب 80 من أعضائه بعقد جلسة طارئة، بحسب ما يمليه القانون الداخلي للحركة لمناقشة التطورات في البلاد ومسؤولية رئيس الحركة عما وصلت إليه الأوضاع من تردٍّ.

إلا أن الغنوشي عطّل عقد الاجتماع بحجة المرض وامتنع عن حضوره يوم السبت 31 يوليو الماضي، ونُقل مساء الأحد 1 أغسطس (آب) الحالي، إلى المستشفى العسكري للعلاج من تداعيات إصابته بجائحة كورونا.
وقال الباحث السياسي، البحري العرفاوي، القريب من "النهضة" إن "الحركة مهددة بالانقسام في حال فشل مجلس الشورى في الوصول إلى حل يبعد الغنوشي عن المشهد"، موضحاً أن "عدم القيام بذلك سيقود إلى انقسام الحركة وما يحمله ذلك من نتائج سيئة عليها".

المزيد من العالم العربي