أعلن عضو بالمجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان، الأربعاء، أن المجلس اتفق مع تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض على أن تستمر الفترة الانتقالية في البلاد ثلاث سنوات، مضيفاً أنه سيجري التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن مرحلة الانتقال خلال 24 ساعة.
وذكر الفريق ياسر العطا أن قوى إعلان الحرية والتغيير ستحصل على ثلثي مقاعد المجلس التشريعي على أن تذهب البقية للأحزاب غير المنضوية تحت لواء ذلك التحالف المعارض.
وفي ما يتعلق بتشكيل مجلس سيادي جديد يقود البلاد إلى حين إجراء الانتخابات، قال العضو بقوى إعلان الحرية والتغيير ساطع الحاج "وجهات النظر قريبة وإن شاء الله الاتفاق قريب".
وقد حمل تحالف المعارضة المجلس العسكري، الثلثاء، المسؤولية عن تجدد العنف في الشوارع مما يعقد جهود التفاوض لتسليم السلطة للمدنيين بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير الشهر الماضي.
لكن مدني عباس مدني، وهو قيادي آخر بقوى إعلان الحرية والتغيير، قال الأربعاء إن "هنالك قوى ثورة مضادة، بطبيعة الحال لا يسرها أي تقدم في التفاوض يفضي في النهاية إلى بدء سلطة انتقالية تقود إلى عملية تحول ديمقراطي كامل في السودان".
وأضاف مدني، متحدثاً في مؤتمر صحافي بعد منتصف الليل إلى جانب العطا، أن المجلس العسكري شكل لجنة للتحقيق "في استهداف المعتصمين".
وكانت قوى المعارضة السودانية والمجلس العسكري الانتقالي عادا إلى طاولة المفاوضات الثلثاء، غداة مقتل ستة أشخاص بالرصاص في محيط الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم، ودفعت الأحداث الطرفين إلى تجاوز التوتر والتمسك بالحوار لتشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي، وتجنّب تدخل طرف ثالث يجرّ البلاد إلى فوضى ومغامرات عسكرية.
وفي وقت سابق، تسربت معلومات مفادها بأن المجلس العسكري الانتقالي و"قوى الحرية والتغيير" اتفقا على نظام مختلط "رئاسي برلماني" لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. وكشفت أن المجلس العسكري تراجع عن التمسك بدور تنفيذي، في مقابل تراجع المعارضة عن رفض مشاركة قوى أخرى في البرلمان الانتقالي. ويتجه الطرفان إلى تقاسم مقاعد "مجلس السيادة" على أن تكون صلاحياته محدودة، وتنحصر كل السلطات التنفيذية في مجلس الوزراء. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية لتحديد معايير مشاركة القوى الناشطة خارج تحالف المعارضة، في البرلمان الانتقالي تجنباً للإقصاء والعزل السياسي لأي قوى ما عدا "حزب المؤتمر الوطني" الحاكم سابقاً. ودخل طرفا التفاوض في مناقشة نسب تمثيل المدنيين والعسكريين في المجلس السيادي، واتُفِق على اختيار رئيس المجلس ونوابه في أول اجتماع للمجلس عقب تسمية أعضائه.
6 قتلى في مواجهات
من جهة أخرى، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية الثلثاء، أن عدد قتلى المواجهات في محيط منطقة الاعتصام في الخرطوم ارتفع إلى 6 أشخاص، بينهم ضابط و5 معتصمين مدنيين. وبدأت المواجهات في ساحة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش السوداني بعد نحو ساعة على إعلان "المجلس العسكري" و"قوى إعلان الحرية والتغيير" الاتفاق على هياكل ومهمات أجهزة الحكم خلال الفترة الانتقالية، بعدما حاولت القوات إزالة متاريس من شوارع أغلقها معتصمون قرب محيط الاعتصام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال "تجمع المهنيين السودانيين"، إن "ما حدث في التفاوض الاثنين من تقدُّمٍ سدَّد ضربة موجعة لبقايا النظام الساقط لا محالة، فدفعها إلى الخروج من أوكارها في محاولة بائسة أخيرة لجر الثوار إلى العنف وفض الاعتصام بالقوة".
واتهم الفريق حذيفة عبد الملك، رئيس هيئة استخبارات الجيش السوداني، من سماهم بـ "المندسين والمتفلتين في محيط اعتصام قيادة الجيش"، باستخدام الرصاص الحي ضد الجيش والمعتصمين. وأضاف في مؤتمر صحافي أن "قوة المندسين أطلقت الرصاص من جهات عدة أثناء محاولة القوات الأمنية إزالة متاريس من على شارع النيل وضعها معتصمون"، مشيراً إلى "استفزاز واسع تعرضت له القوات المسلحة وقوات الدعم السريع". وأكد الفريق أول هاشم عبد المطلب، رئيس هيئة أركان الجيش السوداني أن "القوات المسلحة لن ولم تطلق رصاصة واحدة باتجاه المعتصمين السلميين، لكنها لن تتردد في حسم الفوضى خارج محيط الاعتصام، وشن هجوم على قيام البعض بإغلاق طرق وجسور".
بدوره، نفى اللواء عثمان محمد حامد قائد العمليات في قوات الدعم السريع، أن تكون قواته أطلقت النار على المعتصمين، وأنها تقف إلى جانب الثورة وخيارات الشعب، لكنه ندد بوجود "مندسين وسط المعتصمين".
البرهان يدعو إلى ضبط النفس
إلى ذلك، اتهم رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان، جهات وصفها بـ"المندسة" بإطلاق النار على المعتصمين والقوات المسلحة في محيط مقر القيادة العامة للجيش، متعهداً بالقبض على الجناة وتقديمهم أمام المحاكم. وصرح البرهان، عقب صلاة الجنازة لأحد قتلى القوات المسلحة، أن هناك جهات لم يعجبها ما تم التوصل إليه بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في اجتماع يوم الاثنين. وتعهد بالقبض على الجهات المسؤولة عن قتل الثوار والقوات المسلحة ومحاسبتهم. وأضاف "لن يفلتوا من العدالة "، داعياً إلى عدم التصعيد وضبط النفس. وأشار إلى أن جهات لم يسمها تسعى إلى "خلق فتنة بين الثوار والمجلس العسكري".
المجلس العسكري يتحمل المسؤولية
في المقابل، حمّلت السفارة الأميركية في الخرطوم المجلس العسكري مسؤولية مقتل 6 أشخاص وإصابة حوالى 100 آخرين خلال المواجهات الأخيرة، التي ذكرت أنها نتجت من محاولة إزالة متاريس من محيط الاعتصام. وأضافت السفارة في بيان نشرته على صفحتها في "فيسبوك" أن "المجلس العسكري حاول فرض إرادته على المتظاهرين بمحاولته إزالة المتاريس"، مشيرةً إلى أن قرار القوات الأمنية أدى إلى التصعيد واستخدام القوة مباشرةً، بما في ذلك الاستخدام غير الضروري للغاز المسيل للدموع. وطالب بيان السفارة الأميركية "المجلس العسكري الانتقالي" و"قوى الحرية والتغيير" بعدم السماح للأحداث بمنعهما من البناء على التقدم الذي أُحرز الاثنين لإتمام مفاوضات تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية بسرعة.
هروب شقيق البشير
في سياق آخر، كشف الناطق باسم المجلس العسكري، الفريق شمس الدين كباشي للمرة الأولى كيفية هروب العباس البشير، شقيق الرئيس المعزول عمر البشير، والمشتبه في تورطه في قضايا فساد. وأقرّ الكباشي بعدم صحة حديث أدلى به عن اعتقال العباس، مشيراً إلى أن المعلومة التي أدلى بها خلال مؤتمر صحافي في وقت سابق ثبت عدم صحتها بعد أن تبيّن لهم في المجلس العسكري هروب العباس براً إلى دولة مجاورة لم يحددها ولكن يُرجح أن تكون إثيوبيا. وأوضح الكباشي أن الخرطوم اتصلت بالمسؤولين في تلك الدولة لتسليمه، لكنها تحفظت وطلبت التواصل معها عبر القنوات الرسمية، قبل ظهور العباس في تركيا.