استقال جيف بيزوس رسمياً من منصب الرئيس التنفيذي لشركة التجارة الإلكترونية الأميركية العملاقة "أمازون" بداية الشهر الحالي، وبإعلان النتائج الربعية للشركة تراجعت ثروته بــ 13.5 مليار دولار بنهاية الشهر نفسه، الذي رفضت فيه وكالة "ناسا" احتجاجاً قانونياً من شركته "بلو أوريجن" على اختيار "سبيس أكس" الفائز الوحيد في البرنامج الأميركي للعودة إلى سطح القمر، ليبدو أنه هذا الشهر ليس الأفضل في حياة أثرى رجل في العالم.
وتراجع صافي ثروة جيف بيزوس، مؤسس شركة "أمازون"، بمقدار 13.5 مليار دولار، بعد إعلان الشركة تحقيق إيرادات بـ 113.1 مليار دولار، ليتراجع سهم "أمازون"، الجمعة بـ 7.2 في المئة إلى 3339 دولاراً، وتنخفض ثروة بيزوس إلى 193 مليار دولار.
وفيما واصل سهم "أمازون" تراجعه، السبت، إلى 3327 دولاراً بتراجع قيمته 7.5 في المئة في تداولات ما بعد البيع، أزال تراجع قيمة السهم يوم الجمعة 80 في المئة من الزيادة في صافي ثروة بيزوس للعام الحالي.
ويعادل هذا الانخفاض 58 في المئة من ميزانية ناسا لعام 2021، إلا أن بيزوس لا يزال أغنى شخص في العالم، حسب مؤشر "بلومبيرغ" للمليارديرات، متقدماً بحوالى 5 مليارات دولار على إيلون ماسك، مؤسس ورئيس شركة صناعة السيارات الكهربائية "تيسلا".
مبيعات أقل من المتوقع
ولأن المبيعات جاءت أقل من توقعات "وول ستريت" لها، بتجاوز 115 مليار دولار، اعتبر محللون أنها بداية النهاية لطفرة المبيعات عبر الإنترنت، التي شهدتها "أمازون". وأشار المحللون إلى أن إيرادات "أمازون" ارتفعت في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو (حزيران) بـ 27 في المئة، ويعد هذا تراجعاً كبيراً عن 41 في المئة في الربع المقابل من العام السابق.
وأرجع المحللون تراجع الإيرادات لتباطؤ مبيعات "أمازون" إلى أن الناس أصبحوا أكثر قدرة على الحركة بعد التطعيم ضد كورونا، بينما في التوقيت نفسه قبل عام، كانت "أمازون" تحقق مكاسب مذهلة من المبيعات مع بقاء المستهلكين داخل منازلهم، ووصول الطلب عبر الإنترنت إلى مستويات غير مسبوقة.
وهو ما أكده بريان أولسافسكي، الرئيس المالي لشركة "أمازون"، بقوله، إن نمو المبيعات عبر الإنترنت تباطأ بعض الشيء، لأن مزيداً من الناس كانوا يتسوقون بأنفسهم أكثر، ويقضون وقتاً في الإجازات أو التواصل الاجتماعي.
وقال المحللون، إن "أمازون" افتقرت أيضاً إلى بعض الجاذبية مع استمرارها في الاستثمار في زيادة قدرتها التشغيلية وسعتها، وعلى التوظيف لدعم عمليات النمو. علاوة على ذلك، حددت الشركة أرباح التشغيل بقيمة مليار دولار، بسبب التكاليف المرتبطة بجائحة كورونا.
وأشار المحللون إلى أنه بالنسبة إلى الربع الثالث، يتوقع أن تحقق "أمازون" نمواً في المبيعات بنسبة 10 إلى 16 في المئة، وهو أبطأ من معدل الربع الثاني البالغ 27 في المئة، وستتراوح أرباح التشغيل بين 2.5 مليار دولار و6 مليارات دولار. وتقدر قيمة "أمازون" حالياً بنحو 1.8 تريليون دولار، أي أكثر من ضعف قيمتها قبل الوباء.
طموحات غزو الفضاء
لكن خسارة 13.5 مليار دولار، لم يكن الخبر السيئ الوحيد الذي واجهه بيزوس هذا الشهر، فقد اصطدمت طموحاته بغزو الفضاء أمس، برفض مكتب المحاسبة في الحكومة الأميركية احتجاجات من شركته "بلو أوريجن" وحليفتها "دينتكس" بحدوث خطأ فني من وكالة "ناسا" في عقد إرساء مركبة للهبوط على سطح القمر على شركة "سبيس أكس" بمفردها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المكتب، إن "ناسا" لم تنتهك القانون أو لائحة المشتريات، عندما قررت إرساء العقد على متنافس واحد فقط، فهذا يتوافق مع القانون، واللوائح، وشروط الإعلان. ولم تعلق "بلو أوريجن" على الرفض، بينما أعلنت "دينتكس" أنها ستسعى للمنافسة على العقود المقبلة.
وتسعى "بلو أوريجن" إلى تنفيذ جدول أعمال واسع للفضاء، ودخلت في شراكة في تصميم مركبتها الفضائية مع شركتي "لوكهيد مارتن" و"نورثروب جرومان". وكان الفوز حتى بجزء من عقد الهبوط على سطح القمر مهماً لطموحات الشركة.
وتضمن العقد الذي طرحته "ناسا" برنامجين، إلا أنه جرى تقليص الأهداف بنسبة 50 في المئة بسبب نقص التمويل. ولأهمية المشاركة، عرض بيزوس على "ناسا" التنازل عن ملياري دولار من المدفوعات على مدار عامين، وتمويل اختبارات "ناسا" لبناء البؤر الاستيطانية في الفضاء. وقال إن هذا العرض من شأنه أن يزيل عقبة التمويل، على أساس أن يسمح له بالمشاركة في البرنامج الحكومي.
استقالة بيزوس
وكان بيزوس استقال رسمياً من منصب الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون"، في الخامس من يوليو (تموز) 2021، بعد 27 عاماً من إدارتها، ليخلفه في منصبه آندي جاسي. وأعلن بيزوس أن هدفه الاهتمام بمشروعات ومبادرات حديثة أخرى، في تعليق كان من الواضح أنه يعني تركيز جهوده على "بلو أوريجن"، التي أسسها عام 2000، وحلق على متن أول رحلة لها للفضاء في وقت سابق من الشهر الحالي.
غير أنه في النهاية حصلت "سبيس أكس" على العقد الذي تبلغ قيمته المبدئية 2.9 مليار دولار في أبريل (نيسان)، ومن المتوقع أن تجري هذه المهمة عام 2024، لتكون الهبوط الأول للولايات المتحدة على سطح القمر منذ 50 عاماً.
ولم تكن هذه هي الهزيمة الأولى أمام "سبيس أكس"، فقد خسرت "بلو أوريجن" عقوداً لعمليات إطلاق للفضاء تابعة للحكومة الأميركية بمليارات الدولارات من قبل، ووقع الاختيار فيها على "سبيس أكس"، و"يونيتد لونس آلايانس"، وهو اتحاد يجمع بين "بوينج" و"لوكهيد مارتن".
اللافت أن غزو الفضاء هو الشغف الحقيقي لجيف بيزوس، حيث ظهر في أحد برامج التلفزيون الأميركية عندما كان خريجاً حديثاً، وقال إن حلمه أن يبني يوماً ما شركة تستطيع بناء مستعمرات في الفضاء، ونقل البشر للعمل والعيش فيها، لأن هذا هو الحل الوحيد لمواجهة التلوث، وعندما يتحقق هذا ستكون الأرض حديقة غناء. فهل يبدو ذلك ممكناً بعد أن باعت "بلو أوريجن" أكثر من 100 مليون دولار من تذاكر السفر إلى الفضاء في المستقبل؟
