إحدى أضخم محاولات إيران للالتفاف على العقوبات الاقتصادية تدخل منعطفاً قضائياً مهماً، فلمف الجرائم المالية المنسوبة لمسؤولي بنك المستقبل في البحرين وبنوك إيرانية أخرى حول ما وقع في الفترة ما بين 2008 وحتى 2012، بات تحت الحكم القضائي بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الكبرى في المنامة حكمها فيه.
إذ تؤكد التهم الموجهة لأطراف داخل البحرين وخارجها ربطتهم علاقة بالبنك المركزي الإيراني، أن المذكورين أسسوا "نظام تحويلات بديل غير معتمد، لغرض إخفاء مصدر وحركة الأموال المحولة من خلاله ولصالح البنوك الإيرانية بالتعاون مع بنك المستقبل في البحرين"، كما جاء في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء البحرينية.
السجن 10 سنوات
وقال النائب العام البحريني علي بن فضل البوعينين، إن المحكمة الكبرى الجنائية أصدرت حكماً حضورياً على المتهم السادس، وحضورياً اعتبارياً على باقي المتهمين، بإدانة البنك المركزي الإيراني بالاشتراك مع عدد من البنوك الإيرانية وبنك المستقبل وستة من مسؤوليه.
وقضت المحكمة بإدانة المتهمين جميعاً، وذلك بمعاقبة مسؤولي بنك المستقبل بالسجن لمدة عشر سنوات للمتهمين جميعاً ما عدا المتهم السادس، فقد حُكم عليه بالسجن خمس سنوات، وكذلك تغريم كل منهم مليون دينار بحريني (2.5 مليون دولار أميركي)، وكذلك تغريم البنك المركزي في طهران وغيره من البنوك المتورطة بغرامة مماثلة لكل منهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف البوعينين "فضلاً عن ذلك ستُصادر مبالغ التحويلات المقدرة بأكثر من 148 مليون دولار أميركي، ومبلغ 967 مليون يورو (قرابة المليار دولار)، و53 مليون درهم إماراتي (14 مليون دولار أميركي)، ومبلغ 253 مليار ريال إيراني (60 مليون دولار أميركي)".
تفاصيل الشبكة
بدورها، نشرت النيابة العامة في المملكة الخليجية تفاصيل الجريمة، ووصفاً للشبكة المتورطة فيها قالت إنه "مخطط ضخم لغسل مليارات الدولارات".
وقالت "تم العمل قبل أكثر من عقد من الآن على مخطط ضخم لغسل مليارات الدولارات عبر بنك المستقبل الذي تم تأسيسه في مملكة البحرين، والتحكم فيه من قبل بنكين إيرانيين مملوكين لجمهورية إيران، وهما البنك الوطني الإيراني "ملي"، وبنك صادرات إيران، وذلك لتمرير المعاملات المالية المشبوهة لصالح الكيانات الإيرانية وعلى رأسها البنك المركزي الإيراني بالمخالفة للقوانين واللوائح".
وأضافت "وكشفت التحقيقات المكثفة التي تجريها النيابة العامة عن ممارسات مصرفية أجريت على خلاف أحكام القانون، حيث ثبت قيام البنك المركزي الإيراني بإصدار تعليماته إلى بنك المستقبل بشأن استخدام نظام تحويلات بديل غير معتمد لإتمام العمليات المصرفية؛ وذلك بغرض إخفاء مصدر وحركة الأموال المحولة من خلاله ولصالح البنوك الإيرانية، والتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على الكيانات الإيرانية في مجال المعاملات المصرفية لضرورات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مستغلاً في ذلك سيطرة بنكي ملي إيران وصادرات إيران التشغيلية على بنك المستقبل وتوجيه سياساته، فضلاً عن تبعيتهما في ذات الوقت للحكومة الإيرانية والبنك المركزي الإيراني".
وأكدت النيابة أن "المستقبل" استقبل تلك التعليمات وقام بالاشتراك مع آخرين من مسؤولي البنوك الإيرانية والبنك المركزي الإيراني بتنفيذ عمليات إرسال وتحويل وتلقي أكثر من مليار وثلاثمئة مليون دولار أميركي عبر استخدام ذلك النظام البديل، وذلك ضمن مخطط ضخم لغسل الأموال.
ورغم ما كُشف عنه، لم يستبعد النائب العام الإعلان عن إجراءات وأسماء إضافية مستقبلاً، إذ أكد أن "التحقيقات ما زالت مستمرة في شأن بقية الوقائع التي تضمنت قيام بنك المستقبل والبنوك الإيرانية ولذات الأغراض، بتنفيذ المعاملات الدولية بالمخالفة لقانون حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والقوانين والأنظمة المصرفية، حيث إنه من المتوقع الكشف عن متورطين أكثر في المخطط، وذلك تمهيداً لإحالة تلك القضايا إلى المحاكمة الجنائية".
"إدانة تفتقر للشرعية"
ومنذ اليوم الأول لاتخاذ المنامة موقفاً قضائياً في القضية، رفضت طهران القرار بوصفه يفتقر إلى "الشرعية القضائية".
وقال مرتضى اعتباري، مدير إدارة التحقيقات القانونية في البنك المركزي الإيراني، إنه لا يوجد أي إخطار قانوني من البحرين لبنوك بلاده.
وذكر أنه إذا صدر قرار أو حكم بإدانة البنوك الإيرانية، فإن ذلك يدل على أن القرار "كان منظماً وسياسياً، وفاقد للشرعية وبلا شرعية قضائية".
وشدد اعتباري قبل أشهر منذ الحكم الأولي، أنه إذا ما تم إصدار حكم المحكمة بشكل نهائي، فسيتم تقديم الرد القانوني اللازم، وهو ما لم يحدث حتى الآن.