Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرية قد لا تساعد الاقتصاد بل تضره وعلينا احترام المخاطر من حولنا

حالات التغيب الواسعة النطاق في صفوف القوة العاملة شائكة إلى حد كبير. مع تسجيل معدلات مرتفعة من العدوى، فيما خلا في اسكتلندا، لم يحن أوان المناداة بالحرية ورفع القيود في وقت الحذر الفردي واجب

رغم إنهاء القيود سيواصل البعض ممارسة درجة من التباعد الاجتماعي كلما رأوا ضرورة في ذلك (غيتي)

تتميز علوم الاقتصاد بآليات طريفة في الخلط بين الحدس والملاحظة التطبيقية. وفي الغالب، يجعلها ذلك مثيرة للغضب والإعجاب بالمقدار نفسه. وإذ حل الآن "يوم الحرية"، فقد نعتقد أن الأمر يتعلق بإحدى الحالات التي تتفوق فيها الآليات الاقتصادية على المخاوف المتصلة بصحتنا. وفي الواقع، لا مفاضلة بين الأمرين، بل إن السياسة الصحية السيئة قد تكون أيضاً سياسة اقتصادية سيئة، والعكس بالعكس.

لقد مر 18 شهراً من الإغلاق والفتح، لكن قد يُقَال إن طرح اللقاحات متقدم إلى الآن إلى درجة أننا بنينا جداراً في مواجهة كورونا سيسمح لنا بفتح الاقتصاد وإطلاق عجلاته مجدداً. في المقابل، إن المحاججة لمصلحة الحرص والحذر خلال فتح سريع، تبدو أكثر إقناعاً.

سطحياً، على الأقل، بدا أن نظام الإغلاق الذي دخلناه في مارس (آذار) 2020، قد أضر مباشرة بالاقتصاد. ففور دخولنا في إغلاق، توقف الاقتصاد فجأة عن العمل. وتراجع النشاط الاقتصادي بطرق لم يستطع خبراؤنا الإحصائيون حقاً وضعها في سياق حديث. إذ أثبتت القطاعات التي تعتمد على التفاعلات الاجتماعية، وهي مهمة في اقتصادنا، أنها ضعيفة في شكل خاص.

واستطراداً، اعتقد كثر أن الحفاظ على الخدمات الصحية أهم من المخاوف الفورية بشأن الأعمال، والدعم المالي العام سيوفر، في أي حال، ضماناً للشركات المتضررة أكثر من غيرها. ووفق ذلك، حين خففنا القيود الاجتماعية، انتعش الاقتصاد بسرعة. ويلي ذلك أن الأداء الاقتصادي سيكون جيداً فوراً بمجرد انتقالنا إلى تخفيف القيود الاجتماعية بالكامل.

واستكمالاً، فإن الحقيقة أكثر دقة بقليل. أولاً، لقد أصبح الاقتصاد أكثر مرونة في مواجهة الإغلاقات المتكررة مع تعلم المؤسسات كيف تواصل أعمالها باستخدام تكنولوجيات رقمية والاعتماد على إخلاص موظفيها. ثانياً، بصورة واقعية، قد يضر إنهاء الإغلاق في الإنتاج، إذا زادت حالات العدوى بمعدل يمنع الناس من دخول مكان العمل و/ أو أدى إلى غيابات متكررة في صفوف القوة العاملة.

ونشهد بالفعل زيادة مضاعفة في حالات العزل الذاتي تُهدد بحصول نواقص حادة بين صفوف موظفي التصنيع والبيع بالتجزئة. وفي شكل غير متوقع، قد تضر الحرية بالاقتصاد أكثر مما قد يتضرر من الحفاظ على شكل ما من التباعد الاجتماعي والقيود في أماكن العمل. وأخيراً، لا يعي الناس الآن مخاطر العدوى المحلية، على صعيد تأثيرها المباشر، والتداعيات الصحية المحتملة المتعلقة بضربات كورونا التي قد تصيب أفراداً من عائلتهم المباشرة أو جيرانهم أو زملائهم في العمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، سيختار كثيرون سلوكاً مستقلاً عن أي شيء تقوله الحكومة. وسيواصل البعض ممارسة درجة خاصة بهم من التباعد الاجتماعي اعتماداً على ما يرونه من مخاطر. ومع تسجيل معدل في انتشار العدوى بأكثر من إصابة واحدة في كل منطقة، باستثناء اسكتلندا، فإن الوقت ليس مناسباً للمفاخرة بالحرية بل لتبني الحذر، لا سيما حول أولئك الذين قد لا يفهمون تماماً المخاطر.

إذاً، ثمة حسابات معقدة. والمسألة ليست مسألة ميكانيكية تتعلق بالإغلاق في مقابل الحرية، وما يلي من ركود أو نمو، بل إنها مسألة تتناول كيف نقرر نشر الضوابط الاجتماعية في ظل غموض كبير يتعلق بتأثيراتها.

إذ يُظهر المتحور "دلتا" الذي يعتبر الأكثر قدرة على العدوى، إشارات إلى تكاثر سريع. وفي حين أن معدل الوفيات في المستشفى أقل بكثير مما شهدناه في 2020، فإن الأرقام مثار قلق متزايد. ومثلاً، تشكل الحالات الجديدة في "ويلز" درساً عن ذلك. وعلى الرغم من أن حالات العدوى الجديدة قليلة، فإن هنالك معدل عدوى يتجاوز الواحد في كل منطقة. ووفق توقعاتنا، يعني ذلك أن المخاطر تميل بقوة إلى معدل متزايد بسرعة.

لا أحد يستطيع أن يتوقع بثقة ما سيحصل هذا الصيف، لكن السياسة يجب أن توجهها المخاطر التي نستطيع تقديرها إلى جانب الغموض الناجم عن السياسة المتغيرة. وعموماً، يتمثل مبدأ جيد في احترام المخاطر، والنظر في أسوأ السيناريوهات، مع تقبل أننا لا نفهم تماماً نتيجة تدخل السياسة التي تمثلها في هذه الحالة، العودة إلى فتح الاقتصاد. وهذا يعني أن علينا التحرك في شكل تدريجي ومحافظ. لكن كثراً منا قرروا، في ما يبدو، عدم فعل ذلك.

وكخلاصة، فإن الحرية فكرة معقدة. ويخفف منها دوماً مفهوم الواجب المتبادل، فتكون دائماً خاضعة لحدود مفهومة على نطاق عريض. وبعض هذه الحدود منصوص عليه في القانون، وبعضها يسري ببساطة استناداً إلى سوابق ثقافية.

في الأوقات المحيرة، يحتاج القادة إلى التنبه إلى ما يسدونه من نصيحة، وعلى كل فرد الأخذ في الاعتبار بعض التحذيرات التي توجه إليهم حين يتعلق الأمر بالتفاعل الاجتماعي. وفي هذا الصيف، يتمثل التحذير الذي سآخذه في الاعتبار بوجوب السير بحذر لأن الأرض تحتنا ضعيفة جداً.

 

* جاغجيت أس تشادا، مدير "المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية"

© The Independent

المزيد من آراء