Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المقاومة بالهرب... هكذا يتعامل العرب مع الإسرائيليين في الأولمبياد

شهدت المسابقة الدولية انسحاب عدد من اللاعبين لأسباب سياسية والاتحاد الدولي للجودو يواجهها بالإيقاف

اعتادت المسابقات الأولمبية على انسحاب العرب أمام اللاعبين الإسرائيليين (غيتي)

ألِف الإسرائيليون سيناريو يتكرر على مدى السنوات، رياضي إسرائيلي يصل إلى مرحلة حاسمة من منافسة دولية، وتشاء صدفة القرعة أن يواجه رياضياً لا ترتبط بلاده بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل لأسباب سياسية، ما يدفع هذا المنافس إلى التغيب عن موعد المواجهة، مما يساعد الإسرائيلي تلقائياً على الفوز.

هذا السيناريو الذي يعمد فيه الرياضي العربي إلى إقصاء نفسه وبالتالي الإقصاء عمداً أو التظاهر بإصابته، حتى لا يضطر إلى التنافس ضد خصم من الدولة العبرية.

مقاطعة إسرائيل في الألعاب الرياضية هي ظاهرة متكررة ومرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي، وربطت الأزمة السياسية بالألعاب الرياضية المختلفة، إذ يُحرم اللاعبون الذين ينتمون للدول العربية وبعض الدول الإسلامية من اللعب ومنافسة الرياضيين الإسرائيليين، من قبل الاتحادات الرياضية العربية، وينظر الإعلام العربي والاتحادات الرياضية العربية إلى المنافسة مع الرياضيين الإسرائيليين، كنوع من تطوير العلاقات مع إسرائيل والاعتراف بهم كممثلين لدولة اسمها إسرائيل، وهو ما يجعلهم يعتبرون الانسحاب انتصاراً لهم.

تهاني القحطاني تحت ضغوط الانسحاب

ومنذ أن بدأت النسخة الـ32 لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية طوكيو 2020، انسحب لاعب الجودو الجزائري فتحي نورين، بعدما وضعته القرعة في مواجهة مع مصارع إسرائيلي، وانسحب اللاعب السوداني محمد عبد الرسول من منافسات الجودو في أولمبياد طوكيو، لتجنب مواجهة اللاعب الإسرائيلي طوهر بوطبول.

وما إن أعلنت القرعة مواجهة بطلة الجودو السعودية تهاني القحطاني، غداً الجمعة 30 يوليو (تموز) 2021، اللاعبة الإسرائيلية راز هيرشوكو في دور الـ32 من هذه البطولة، التي تشهد للمرة الأولى لاعبة الجودو السعودية في منافسة بهذا الحجم، حتى بدأت الضغوط عليها ليس على المستوى المحلي فقط بل العربي أيضاً، بين مطالب ومعارض لانسحابها من هذه الجولة.

وبعيداً عن الفوز والخسارة في هذه المباراة، فإن اللاعبة القحطاني التي بدأت بدايتها فعلياً في عام 2018، إلا أنها تطورت بشكل لافت في السنوات الثلاث الماضية لتحقق بطولة بلادها 2020، وتحرز الذهبية، بعد أن كانت قد حلّت وصيفة قبلها بعام، اعتبر اتحاد الجودو مشاركتها في المباراة لمجرد كسب الثقة.

وأعطى الوفد السعودي للقحطاني الضوء الأخضر في مواجهة نظيرتها الإسرائيلية، إذ شدد نائب رئيس الاتحاد السعودي للجودو، نبيل الحسن، على أهمية خفض الضغوط على البطلة القحطاني، بعد أن أوقعتها القرعة مع لاعبة إسرائيلية، مشيراً إلى أن القحطاني لا تزال في بداية مشوارها، ومن الصعوبة أن تتحمل هذا النوع من الضغوط، بل المهم تشجيعها والثقة بها في كل الأحوال.

وقال إن تهاني ليست مطالبة بتحقيق منجَز كبير في مشاركتها الأولى، بل إن وجودها في هذا المحفل العالمي الكبير يمثل فرصة من أجل التطور للأفضل، وتكون من البطلات اللواتي يُشار لهنّ بالبنان خلال السنوات المقبلة.

وتعد لعبة الجودو هي الأنجح والأكثر حصداً للميداليات في إسرائيل، إذ كانت أول ميدالية أولمبية فازت بها إسرائيل فضية في الجودو، وفاز بها يائيل أراد في ألعاب 1992 ببرشلونة، فيما فاز ياردن جيربي ببطولة العالم للجودو عام 2013، وفاز أيضاً ببرونزية الألعاب الأولمبية عام 2016 في ريو دي جانيرو.

تسييس الرياضة

وقال الكاتب الرياضي السعودي، خالد البدر، تعليقاً على حوادث الأولمبياد الحالي، "أعتقد أن تسييس الرياضة أمر خاطئ، فالتمسك بموقف صارم تجاه القضية الفلسطينية لا يعني أن يُحرم اللاعبون من المشاركة في الأولمبياد، وبالتالي تترتب عليها عقوبة الانسحاب والحرمان من منافسات أخرى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف البدر، "هذه فرصة لمشاركة تهاني القحطاني وغيرها من العرب للاحتكاك بلاعبين أكثر خبرة ومحترفين لاكتساب الفائدة، وقد وضعتها القرعة في مواجهة مع لاعبة إسرائيلية، فالأفضل أن تستمر في المنافسة ولا تهدي خصمها فوزاً سهلاً".

وتتزايد لهجة اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الرياضية تجاه خطوات المقاطعة، ما يهدد فرص مشاركة اللاعبين العرب في هذه التجمعات الدولية.

الإيقاف مصير اللاعبين

وأعلن الاتحاد الدولي للجودو إيقاف اللاعب الجزائري نورين ومدربه عمار بني خليف، مؤقتاً، لارتكاب سلوك غير رياضي، تبعه قرار من اللجنة الأولمبية الجزائرية بسحب اعتماد اللاعب والمدرب وإعادتهما إلى البلاد، بسبب انسحابه قبل نزاله مع اللاعب إسرائيلي في طوكيو.

أما اللاعب السوداني عبد الرسول، على رغم انسحابه من مواجهة اللاعب الإسرائيلي، إلا أن اللجنة الأولمبية الدولية لم تُعلن سبباً لعدم خوضه النزال، وكذلك لم يُعلق اللاعب أو اللجنة الأولمبية السودانية. وفي خضم أزمة إيقاف اللاعب الجزائري ومدربه، ذكرت تقارير أن السبب المُعلن لانسحاب عبد الرسول هو إصابته في الكتف قبل المباراة بدقائق، على رغم صعوده الميزان استعداداً للقاء.

وخلال الساعات التالية أعربت اللجنة الأولمبية الدولية عن قلقها إزاء الانسحاب من المنافسات لأسباب ذات خلفيات سياسية، وهو ما يُعد انتهاكاً للميثاق الأولمبي الحاكم للمنافسات.

وتسعى لوائح البطولات الأولمبية للتركيز بشكل كامل على التنافس الرياضي ونبذ أي جوانب أخرى وعلى رأسها السياسة، وهو ما يظهر بشكل واضح في عدم السماح لأي مسؤول حكومي بالإدلاء بأي تعليق أو خطاب بشأن أي مناسبة خلال الألعاب الأولمبية، ولا يُسمح للسياسيين بالظهور في لحظات تسليم الميداليات، احتراماً للرياضيين ولحظات مجدهم وعدم صرف الانتباه عنهم بأي شكل من الأشكال.

وتبرر اللجنة الأولمبية الدولية موقفها بأن التظاهرات أو السلوكيات المتعلقة بخلفيات سياسية، على أرض الملعب أو في القرية الأولمبية أو أثناء الاحتفالات الرسمية، تُدمر كرامة المسابقة، في حين أن الهدف الأساسي من المنافسات الرياضية هي الوحدة والانسجام وكذلك الاحتفال بالرياضة والإنجاز الإنساني.

وتحظر المادة 50 من الميثاق الأولمبي على الرياضيين اتخاذ موقف سياسي في مجال اللعب - مثل القبضات المرفوعة من قبل العدائين الأميركيين تومي سميث وجون كارلوس في ألعاب مكسيكو سيتي عام 1968، وقد حذرت اللجنة الأولمبية واللجنة المُنظمة لأولمبياد طوكيو كافة اللاعبين والمدربين قبل بدء المنافسات من إدخال السياسة في الرياضة، وأطلقت قبل البطولة وثيقة من ثلاث ورقات لتحذير الرياضيين من الإجراءات التأديبية في طوكيو.

وقالت كيرستي كوفنتري، رئيسة لجنة الرياضيين باللجنة الأولمبية الدولية، التي أشرفت على الوثيقة الجديدة، "كنا بحاجة إلى الوضوح وأرادوا توضيح القواعد، حيث يشعر غالبية الرياضيين أنه من المهم للغاية أن نحترم بعضنا البعض كرياضيين".

المقاومين بالهرب كُثر

ولمقاطعة مواجهة اللاعبين الرياضيين الإسرائيليين تاريخ طويل في عدد كبير من البطولات العالمية، إلا أن الأمر يتخذ مستوى أكثر جذباً فيما يتعلق برياضة الجودو التي تهتم بها إسرائيل وتشارك فيها بعدد كبير من اللاعبين.

وتُعد واقعة انسحاب لاعب الجودو الإيراني سعيد مولاي من نصف نهائي بطولة العالم عام 2019، هي الواقعة الأشهر، حيث أجبرته بلاده على عدم مواجهة الإسرائيلي ساغي موكي، فقرر لاحقاً الهروب من إيران رفضاً لسياستها وبات يلعب باسم دولة منغوليا.

المزيد من تقارير